التطعيم ضد فيروس الشلل.. وكسر التهديدات


يا لها من كارثة إذا صارت بعض العقول محط تجاذبات تعبث بها الخرافات والترهات!
موصدة منافذ التفكير بحكمة وتدبر بما يقصي العقول عن فهم واستشعار حقيقة ما يجلب للأسرة والمجتمع من نفع وحماية دائمة وأعني هنا تحديداٍ من يزدري التحصين الصحي ويمنعه عن أطفالهº مع أنه يقي من أمراض معدية خطيرة وقاتلةº في بلدُ اشتهر أهلها بالحكمة ورجاحة العقل.
حاشا أن أقصد الإساءة أو الانتقاص بل التحذير بسبب شناعة فيروس شلل الأطفالº ترفقاٍ بأطفالُ لا حول لهم ولا قوةº حتى لا يقعوا أسيري إعاقة حركية تلازمهم مدى الحياة.
وليت هذا فحسب فقد يؤدي بهم المرض- بسبب حدته وعنفوانه- إلى الوفاة.
في حين تتصاعد المخاوف من تمكن فيروس شلل الأطفال من دخول اليمن مجدداٍ- مع أنها بفضل الله ثم بالتحصين خالية منه تماماٍ- وذلك بسبب تدفق لاجئي القرن الأفريقي وتسلل البعض منهم من بلدانُ عالية الوبائية بفيروس الشلل كالصومال بطريقة غير رسمية إلى عمق الأراضي اليمنيةº ليتواروا عن أعين السلطات متجاوزين بذلك إجراءات السلامة المتبعة على المنافذ الحدودية للبلاد من قبل وزارة الصحة والتي من بينها التحصين ضد شلل الأطفال.
وإلى جانب ما استجد في المنطقة العربية وتحديداٍ في سوريا من ظهور فيروس الشلل باعث القلق الشديد في بلدان الجوار ومن ضمنها اليمن والتي باتت تشهد- بسبب المواجهات الدامية- تدنياٍ متفاوتاٍ في التغطية بكامل لقاحات التحصين الروتيني للأطفال دون العام والنصف من العمر.

لاشك إن الحارمين أطفالهم من التحصين مهما قل عددهم يضعون بإعراضهم عن تطعيم صغارهم عراقيل وصعوبات يمكن أن تقوض الجهود الرامية إلى الاستمرار في منع فيروس شلل الأطفال من التسلل والدخول إلى اليمن مجدداٍ مْشكلين دروباٍ شائكة أمام تأمين الصحة والسلامة للأجيالº تْضعف مساعي الحفاظ بقوة على نقاء وصفاء بيئة البلد من دنس فيروس الشلل ودرأ أخطاره المروعة وكأنما يِسْرهم بقاءه في موقع يتيح له فرصة العودة من جديد إلى اليمن ثم التمكن من الانتشار إذا ما تهيأت له الظروف وواتت.
لا بد أن يكون الجميع- آباء وأمهات وأسراٍ وكل العناصر والمؤسسات الفاعلة في المجتمع اليمني- مستشعراٍ للمسؤولية التي تقع على عاتقه فيحرص على تلقي الأطفال الذين لم يتجاوزوا العام والنصف من العمر جرعات التحصين الروتيني كاملةٍ مع الالتزام بمواعيدها المدونة في كرت أو بطاقة التطعيم إلى جانب تحصين من هم دون سن الخامسة في جميع محافظات الجمهورية خلال الحملة الوطنية للتحصين ضد فيروس شلل الأطفال اعتباراٍ من(16 وحتى 18 ديسمبر2013م) حتى من سبق تحصينه إذ يْخشى على الصغار على طول البلاد وعرضها من معاودة عبثية فيروس الشلل وسطوته المخيفةº طالما أنه مستمر بالظهور في بعض بلدان القرن الأفريقي القريبة من اليمن وطالما ظهر وانتشر مؤخراٍ في أحد البلدان العربية القريبة بعدما كان قد انحسر عنها لسنوات طويلة مثل سوريا لدرجة أنه أدى إلى ظهوره في بيئات مجاورة أو قريبة دون تسجيل أي إصابات جديدة مؤكدة بالفيروس كالأراضي الفلسطينية وجمهورية مصر العربية.
ولعل ما يبعث كثيراٍ على تزايد المخاوف غياب الثقافة الصحية عن الكثيرين في أوساط المجتمع اليمني ومما يترجمه غياب التحصين الروتيني عن اهتمام البعض حيث لا يرقى إلى التغطية المرضية بجميع لقاحاته ليشمل مع اللقاح المضاد لفيروس الشلل المستهدفين من الأطفال دون العام والنصف من العمر بنسبة لا تقل عن(95%) وهذا الإحجام يزداد أكثر في الأوساط الأقل تعليماٍ أو ثقافة والتي تحمل أفكاراٍ أو معتقدات خاطئة تعادي التحصين دون وجه حق.
ويعمق المشكلة أكثر وأكثر شيوع وتزايد المعاناة من سوء التغذية في البلاد بما تحمله من أضرار تضعف المناعة الجسدية للأطفال مما شكل ويشكل عقبة كأداء تجعل من اليسير جداٍ انتشار أي مرض أو وباء- أياٍ كان- متى بدأ بالظهور – لا سمح الله- ليأخذ بالانتشار متجاوزاٍ الحدود فيبلغ محافظات ثم أخرى ويتسع انتشاره أكثر ليعم- بمرور الوقت- كافة المحافظات.
إن أكثر من يرزح تحت طائلة هذا التهديد عموماٍ هم الأطفال دون سن الخامسة ضعفي المناعة الذين منعوا تماماٍ من التحصين وكذا من لم يحصلوا على جرعات متعددة من لقاح شلل الأطفال ومن يعانون من سوء التغذية.
على الآباء والأمهات- من موقع مسؤوليتهم تجاه أطفالهم- تفهم المرحلة الراهنة والوضع الذي تعيشه البلاد وما استجد فيه من تعقيدات على الواقعº طالما أن فيروس الشلل تأكد وجوده وانتشاره في الصومال وما جاورها وفي سوريا أيضاٍ وأن خطر عودة ظهوره في اليمن مجدداٍ وارد وليس مستبعداٍ على الإطلاق.. تفهم يفرض على الأبوين تحصين أطفالهم بكامل جرعات التطعيم الروتينية في المرافق الصحية وكذلك في حملات التطعيم .
فليس من حلُ يغني عن تطعيم جميع الأطفال دون سن الخامسة بجرعات متعددة من اللقاح المضاد لهذا المرض كلما تجددت الدعوة إلى تحصينهم بمعية استكمال الأطفال دون العام والنصف من العمر كافة جرعات التحصين الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية حتى يكتسبون مناعة كاملة ضد فيروس الشلل.
وما تزايد عدد حملات التحصين التي تنفذها وزارة الصحة ضد شلل الأطفال إلا انعكاس لحرصها على ديمومة وقاية فلذات الأكباد دون ترك أي فرصة لعودة ظهور الفيروس المسبب للمرض إلى اليمن قادماٍ من بلدان في أفريقيا أو آسيا موبوءة أو ينتشر فيها الفيروس.
وحري بالجميع الإصغاء لمنطق العقل والعلم والدين الحنيف وتعاليمه الكريمة الحاثة للمسلمين على التداوي طلباٍ للاستشفاء والتي تدعو – أيضاٍ- إلى ضرورة تجنب الأمراض والعلل ما أمكن الأمر الذي يعني الوثوق من أن التطعيم ضد شلل الأطفال السبيل الوحيد لحماية وصون جميع الأطفال من ويلات هذا الداءº لما يسببه من تشويه لبدن الإنسان يبقيه منالاٍ للعجز والإعاقة أو بوحشية يْسلمه للموت.
إن الفرصة سانحة- تماماٍ- لتلافي مخاوف من هذا القبيل مادامت حملات التطعيم ضد شلل الأطفال قائمة كهذه الحملة الوطنية التي تشمل سائر محافظات الجمهورية في الفترة من(16-18ديسمبر2013م) وتستهدف جميع الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم وما دام التحصين الروتيني مستمراٍ في المرافق الصحية على الدوام في جميع أنحاء البلاد لتطعيم من هم دون العام والنصف من العمر.
وليس ما يمنع التطعيم من الموانع المعتادة مثل الحمى العادية أو الإسهال أو المرض الطفيف أو نزلة البرد أو الزكام أو حتى اتضحت إصابته بالحصبة.
كما أنه لا يقتضي الـتأجيل بأي حالُ مما ذكرت إذ ليس فيه إلحاق لأي ضررُ أو مشكلة بصحة الطفل.
غير أن الطفل إذا كان يعاني من الإسهال خلال الحملة – ولو كان متزايداٍ- يْحصن ضد شلل الأطفال دون مشكلة ثم يْعاود تحصينه مرة أخرى بعد توقف الإسهال مباشرة تعويضاٍ له عن الجرعة السابقة التي ربما لم يستفد منهاº وحتى تؤدي الجرعة الجديدة دورها الوقائي المطلوب.
وفي حال أن ظهرت أعراض سلبية على الطفل المحصن فلا تعتبر بسبب اللقاح لأنه آمن للغاية وإنما يعود سببها-على الأرجح- لمرضُ غير متوقع لا علاقة له بالتطعيم.
لعل أسوأ ما تواجهه فرق التطعيم في الميدان من صعوبات تعيق كثيراٍ خط سيرها أثناء قيامها بتحصين الأطفال خلال الحملات ما يبديه قلة من الناس من مخاوف – لا أساس لها- من اللقاح إذ قد يلجأ البعض إلى الكذب أو التضليل أو يعمد إلى إخفاء أطفاله.
وهذا- في واقع الأمر- يسبب إرباكاٍ للمطعمين ويؤخرهم عن تأدية عملهم بالوتيرة المطلوبة وبِدل أن يسير المطعمون في خط سير معين يضطرون- بسبب هذا الإرباك- إلى الـتأخر أو تعديل خط السير.
فمن فاته أو لم يفته الحصول على جرعات التحصين الروتيني بالمرفق الصحي وكذلك جرعات اللقاح ضد شلل الأطفال خلال حملات التحصين السابقة إلى جانب المواليد حديثاٍ الذين لم يحصلوا مسبقاٍ على جرعات تقيهم هذا المرض الخطير بل وكل طفل لم يتجاوز بعد سن الخامسة في سائر محافظات الجمهورية لزم على والديهم أو ذويهم انتظار قدوم المطعمين المتنقلين إلى المنزل خلال حملة التحصين الوطنية أو التوجه بفلذات أكبادهم المستهدفين إلى أقرب مركز أو وحدة صحية أو مستشفى يقدم خدمات التطعيم أو إلى أي مرفق أو مكان تتواجد فيه فرق التطعيم ابتداءٍ من (16وحتى 18ديسمبرالجاري) وعلى مدى ثلاثة أيام.
فالحكمة تتجلى في تحصين فلذات الأكباد وليس لامرئ نصيب منها مع أنه ينتمي لأرضُ وصف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أهلها بأنهم ذوو إيمان وحكمة فكيف لعاقل أن يصير نقيضاٍ عن هذه الميزة الربانية التي ميٍز الله بها أهل اليمن¿! ويرتضي بالجهالة والعمى مصغياٍ للخرافات والخزعبلات التافهة والعارية من الصحة.

قد يعجبك ايضا