عن الأخ والصديق والأستاذ محمد المنصور: النموذج الإنساني والأدبي والسياسي
كما ذكر كثيرون فقد مثَّل رحيل القامة الثقافية والإعلامية والسياسية الأستاذ / محمد يحيى المنصور- رحمة الله عليه وسلامه – فقداناَ كبيراً وفادحاً وقع بتلك مجالات وجبهات كان من أهم وأبرز مجاهديها وأعلامها على مدى أكثر من نصف عمره الخمسيني ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي حيث تصدر الكثير من مجايليه وفاق العديد ممن سبقوه في معترك النضال والأدب والصحافة وكذا السياسة التي كانت في بواكير حالاتها التعددية المعلنة مع قيام الوحدة اليمنية بين الشطرين…
محمد العابد
ومع مضامين نصت على تشريع التعددية السياسية والحزبية التي برزت معها وخلال أول عام تشكيلات سياسية معلنة وإنشاء وتأسيس لأحزاب وصحف بلغت العشرات وقد كانت الحرية الصحفية في أوج حالاتها وفرضت نفسها حتى على مجلات وصحف رسمية إضافة للحزبية والخاصة ولم يكن كل ذلك سوى ميادين خصبة لدى الشاب الشاعر والأديب والسياسي الذي لم يضيع فيها فرصة الكتابة والقصيدة مع الخطابة في تلك المجالات وبشكل قوي وإبداعي ومميز فرض نفسه ومثَّل حضوراً لافتاً لأستاذ قادم ومفكر وطني وعربي وكذا إسلامي بشكل أكثر وضوحا تبدّى على صلات وأسلوبية جسدها أيضا من خلال انتمائه لحزب الحق الذي كان ضمن أحزاب عديدة تأسست وظهرت بشكل تنظيمي من مختلف تيارات سياسية وفكرية كان معظمها يمارس نشاطاته بعيدا عن العلن أو ضمن اتجاهات سياسية أخرى وبصور متباينة وتضم قوى حزبية كانت كياناتها الرئيسية قد تأسست في الخارج خلال فترات وعقود مضت.. وقد تميز حزب الحق الذي كان محمد المنصور ممن سارعوا للانضمام إليه بقيادته العلمائية ومضامينه وبرامجه الفكرية والمفصحة عن هوية وطنية إيمانية ومعبرة عن الموروث الثقافي لبلد الإيمان والحكمة , وهكذا كانت تكتمل الجوانب الايدلوجية والفكرية جدا مع تصاعد قدرات ومواهب السياسة والصحافة والحصافة لدى / محمد المنصور الذي صار في الوسط الإعلامي والأدبي والمنتديات الثقافية والحزبية اسماً يقف له المتابعون والمختصون والنقاد احتراماً وتقديراً ويعمل له الخصوم والمنافسون الف حساب ويستمع لقراءاته وتحليلاته وأبحاثه الكثيرون..،كما فرض نفسه ضمن كوكبة مهنيين وأكاديميين بارزين وكبار النقاد في مجالات الأدب والنص الشعري والنص الموازي وهو النقد الذي تصدر مدارسه الحداثية في اليمن ووصل مستويات متقدمة في ذلك بما يفوق العديد من مختصين بلغ منافستهم خلال زمن قياسي ولم يكن في كل ذلك الإنتاج شخصية فريدة ومميزة وملمة الماما يفصح عن كم معرفي هائل من الإطلاع والمثابرة واستمرارية المتابعة والقراءة اليومية خلال سنوات عمره المبكرة والثانوية وكذا الجامعية التي لفتت أنظار مدرسيه الذين كان أغلبهم من كبار أكاديميي دول عربية كمصر والعراق وقد تعاملوا معه صديقا ومبدعاً في أبحاثة ودراساته وزخم مراجعه التي أضافوا لها الكثير والكثير ودلوه على ما يفوق غيره لما عرفوا أنه يهتم ويريد المزيد علماً وفهماً.
وهكذا لم يكن بعد ذلك , وفي النصف الأول من التسعينات إلا وقد صار كاتباً وشاعراً بارزاً ومتخرجاً للحياة العملية والنضالية مع جاهزية وطموح يلحظه الجميع مميز وظل في تواصله واتصالاته التي تتسع بما في ذلك مع مدرسيه حتى بعد عودتهم إلى دولهم.. وكانوا مع أصدقاء له خارج الوطن يمدونه بما يطلب من عناوين وأمهات كتب ومراجع في مشارب مختلفة وظل يطلع وينهل ويقرأ ويتابع في أي أمكنة داخل البلاد تمتلك أي الكتابات والكتب والمجلدات والدوريات والمطبوعات بأنواعها وظل راغباً في طلب المعرفة والفكر والحداث والجديد والأجد ولا يبخل بما لديه وطرحه مع جلسائه وأصدقائه وفي التجمعات والجلسات والندوات وكذا في العديد من منتديات الأدب والسياسة وبعضها كان من مؤسسيها في أوقات سابقة واستمرت في نشاطها الذي كان يتابع ضمن فعاليات ولقاءات خلال فترات كثيرة من ذلك العقد التسعيني وبعده حيث كانت له أدوار في الألفية الجديدة وعمل على تأسيس ومشاركات مع منظمات مجتمع مدني وجماعات شعرية وفكرية إضافة لأدواره السياسية والإعلامية المتواصلة من خلال حزب الحق وكذا ضمن اللقاء المشترك الذي كان ضمن من يمثل فيه الحزب مع زملاء وقيادات عدة والذين كان يعد أبرزهم وأقربهم إليه خلال ذلك الأستاذ / عبدالكريم الخيواني (رحمه الله وعليه سلامه) وظل يشكل معه ثنائية إعلامية وسياسية بدت بشكل لافت جداً بين بقية زملائهما الذين كانوا معاً يشكلون جماعة عمل وجهاد يتجاوز بقية الأحزاب وحالات إصداراتها الصحفية نتيجة الاستهدافض الممنهج من قبل قوى النظام للحزب الذي تعرض كثيرا لترهيب وممارسات تهديد وضغوط تفوق الاحتمال وبشكل مستمر مع حصار مادي واجهه الحزب وصحيفته وكادرها الذي يضم كل أولئك المجاهدين مع الأستاذين في الصحيفة وقيادة الحزب بشجاعة واصرار وعمل سياسي وفكري ومع أقل إمكانات يمكن تصورها في أعمالهم وفي الإصدار الذي كان يتم غالبا في ظروف صعبة وتعاون في توفير ما يمكن ومواصلة سهر قد يصل ليومين وجهود مثابرة حتى ينتهي إخراج الإصدار ليبدأ هم الطباعة في كثير من الحالات التي كان يشرحها الأستاذان عندما يتم ذكرها مع حزن وضحك وسخرية من نظام وقوى نفوذ وفرقة وإمكانات هائلة تحاربهم في كل شيء حتى خلال فترات انتخابات كانت تسخِّر كل قدراتها ونفوذها في محاصرة الحزب ومرشحية وتهديدهم وضخ أموال لمنافستهم وازاحتهم بكل الطرق السلبية والبعيدة عن القيم والقوانين.. وعموما كل ذلك لم يكن ليعيق تلك الكوكبة الصحفية والسياسية التي تضم العديد والعديد من مناضلين مع المنصور والخيواني كرئيس دائرة إعلامية ودائرة سياسية وبروح جماعية كثيرا ما كانا يذكراها مع استعداد لما هو أشد حسبما يسمع عنهم وزملائهم كافة وفي أوقات مختلفة مع مواصلة مهام وأعمال بكل حب وإخلاص وتفاني داخل الحزب وخارجه حيث كان يردد المرحوم المنصور يوميا تلك الروح المعبرة عما هم عليه في الجلسات التي كانت تستبق ذهابه للصحيفة ويكشف ممارسات النظام وأساليبه التي يصفها بالرخيصة وبأكثر من ذلك ضمن جلسات ولقاءات وكذا فعاليات ومشاركات وعلى كل المستويات.. مع مواصلة وتواصل حزبي وثقافي كان يجيده ولا يتوقف عنه مع كل التوجهات بروح معبرة عن استيعاب وسعة أفق كبيرة وضمن العوامل المشتركة والقبول بالآخر كممارسة عملية وحقيقة واقعة وليس شعارا ومن ذلك فقد كان يتم نشر مواد ثقافية وسياسية مختلفة في اعداد صحفية الأمة الناطقة باسم الحزب والتي كان مقرها أيضاً مجلساَ يضم شخصيات من كل التيارات وتنشر لهم مقالات وقصائد وكافة مواد صحفية بما فيها أخبار ومواد مختلفة تجد لها مساحة كافية بالصحيفة.
وكان الأستاذ / محمد المنصور يحرص على ذلك وكافة ممارسات منفتحة على كل القوى السياسية تحت إشراف الأمانة العامة التي منحت دوائرها صلاحيات وثقة كبيرة كما يصفها المنصور الذي يعبر عن ذلك وعن شخصية جامعة تلتقي مع كافة أشكال السياسة الوطنية وحالات الكتابة والإبداع وبما يخلق أجواء معبِّرة عن عقلية واسعة ومنفتحة وطنيا على الجميع ومن ذلك حالات النشر السياسي والأدبي وجوانبه الشعرية التي كانت في صدارة ما ينشر في الصحافة الرسمية وبضوابط فكرية -قد تصل لتغيير مفردة حاكم إلى حالم وكأنه خطأ مطبعي- وفي الصحافة الحزبية المقتصرة على أتباعها والمنتمين لتنظيماتها بينما كانت الأمة مجلسا وصحيفة منبرا من منابر نادرة تكون متاحة لكافة ألوان الطيف السياسي والفكري والأدبي كالتي كان يتصدر حضورها وتناولاتها الأستاذ محمد المنصور بصورة دائمة وأكثر من غيره من أصدقاء وزملاء كانوا يتواجدون بصور متباعدة ثم صارت متقاربة ثم تواصلت وظلت لأعوام وصاحب ذلك تنامي الحالات الالكترونية والمواقع التي صارت تنشر أولا بأول وتتواصل بين المحافظات ومع المشهد الثقافي العربي الذي كان يعتمل أكثر بالمشهد الأدبي والشعري ويضم مشهد الحداثة في القصيدة والنقد اللذين كان من متصدريهما الأستاذ محمد المنصور ونشرت له الكثير من نصوص ودراسات نقدية في دوريات ومجلات عربية اعترفت به كأستاذ في ذينك المجالين.. ومن المعروف القول إنه لو تفرغ لهما لبلغ مستويات عربية وآسيوافريقية تفوق الكثير من متخصصين وأكاديميين.. كما كان لديه تميز ويلم بكافة حالات النص والأسلوبية وحرفية الكتابة ومدارسها ويهتم بالمعنى والبلاغة والجزالة ويقدم قراءاته للإصدارات والكتابات التي كان يعتز أصحابها بآرائه التي قد تكون أحياناً قبل نشرها حيث يعرضون عليه إبداعاتهم ومنها بغرض التصحيح اللغوي بما في ذلك رسائل دراسات عليا كان ينصح حول بعض من حالاتها ويتقبل مقدميها ما يدلهم عليه أحيانا مع تقدير لجهوده وقد كان يتزايد في مجلسه ومنتداه حضور شعراء ومثقفين وسياسيين وغالباً ما يتم تناول الكثير من مواضيع ومستجدات ومنشورات الصحافة في تلك اجتماعات ولقاءات بدأت أسبوعية ثم شبه يومية في المنزل البسيط الذي كان يسكنه جوار ميدان القاع وفي مكان صغير يتسع لبضع أشخاص ويرتاده بضعة عشر يتزاحمون ليجمعهم هناك ما لا يجمعهم لدى غيره ويتداولون أحاديث الفكر والوطن والحداثة والسياسة ضمن جلسات يغلب عليها تداول موضوعات النشاط والنتاج الثقافي وحالات النشر وقضايا الأحزاب وفلسطين والنصوص والمقالات المواجهة للطغيان والاحتلال وإبداء الآراء بتنوعاتها، وهكذا فقد كان الأستاذ / محمد المنصور شخصا بارزا ومؤثراً في مجالاته وتسير اليه خُطى أولئك الذين كانوا يهفون إليه ويسارعون من أماكن مختلفة وتيارات مختلفة للاجتماع به وببعضهم عنده وبما عنده ولديه مما يستحق أن يجدوا ويسمعوا ويناقشوا وقد ترتفع حدة النقاشات ومستوياتها عالياً ليتدخل ويحسم بعقلية متمكنة ومرنة ومنصفة مع الجميع ولا تبخل بالفكرة والمعرفة والدراية الأيديولوجية والأدبية التي صارت تتطور وتتسع لتسع كل تيارات وشخصيات ظل يبادلها شعور الإعزاز بكل أخوة وصدق ومشاعر إنسانية وكان أكثر حالات الحضور والمواقف للأستاذ الخيواني والأستاذ عبدالحفيظ الخزان ضمن بعض أخوة أعزاء يتصدرون مجلسه غالباً وبعضهم أحياناً وكان معظم الحضور من أرباب مجالاتهم الأدبية والسياسية النقدية ولو ذكرنا أسماء لما اتسع لها مجال هذا الموضوع ولنسينا بعض من قد يلومون أيضاً وسأكتفي هنا بذكر الأستاذين اللذين لا تستطيع الحديث عن الأستاذ / محمد المنصور إلا ويكونا في المقدمة كما كانا من ابرز الحاضرين معه وكما هو حاضر معهما في النضال والجهاد والحزب والصحيفة ليشكلوا تكاملاً علميا وعمليا وكما أن للشهيد الخيواني رحمه الله- موسوعيته الشهيرة فقد كان ومازال للأستاذ عبدالحفيظ – حفظه الله – موسوعيته المعروفة التي تملأ الأجواء ندية ونقداً وقوة وفهماً في مجالات النقد والأدب واللغة وفي مشاركة معترك أجواء الفكر والسياسة إضافة لجوانب علمية يتميز بها في دراسته الأكاديمية للرياضيات والفيزياء حيث كان الأول في جامعته بالعراق وعمل مدرساً بها في مجال التربية والتعليم والذي عمل فيه أيضا الأستاذ / محمد المنصور كمدرس لسنوات وسنوات طويلة بدءًا من المحابشة حيث كان يقوم بذلك تطوعاً ومن ثم في صنعاء كمتطوع ثم موظف إلى أن صار موجها ثم في مكتب التربية بأمانة العاصمة وقد كان خلال مراحله التربوية أيضا يتعرض لمضايقات واستفزازات بلغت التدخل في منعه من أداء واجبه التعليمي بحجج تأثيراته الفكرية على الطلاب وكان يتم نقله أو إيقافه من قبل اتجاهات مؤدلجة لم تخف أنه لا يعجبها الدور السياسي والصحفي الذي يمارسه خارج الوظيفة العامة.
كان الأستاذ / محمد المنصور خلال الكثير من مراحله العلمية والعملية والإعلامية يمثل نموذجاً إنسانياً وأدبياً ولم يتوان في أي الفترات واللحظات والتي قد تكون صعبة كثيراً عن تبني صوت الوطن والمواطن والحق الإنساني ومن خلال ثقافة واطلاع واسعين في مقدمة ذلك ثقافة القرآن والدين وما تشربه من علوم في تلك مجالات وفي الكثير من جوانب الآراء الفقهية والموروث الثقافي وأعراف القبيلة والتحكيم ومبادئ وثوابت الوطنية اليمنية إضافة إلى منهجية البحث والمعرفة ومدارس الثقافة القومية العروبية والإسلامية.. كما كان مطلعا على كثير من خلفيات ايديولوجية وفكر حضاري وإنساني ويهتم بالمشترك بين معظم حضارات وبلدان والعديد من مناهج الفلسفة والدراسات التي كان يطلع عليها ويناقش حولها ويقدم رؤيته في مضامين منها خلال الكتابة والمناقشة والنقد والقصيدة وضمن الكثير من ملكاته التي مكنته من الإمساك بناصية الحوار والخطاب السياسي والايديولوجي وفي الأعلام ووسائله التي كثيرا ما كان يتحدث عن تطوراته بينما صار يواكبها في التعامل مع مستجدات اشكالها وأنواعها وما صارت تمثل في ايصال المعلومة والخبر والتواصل حيث كان يحرص كثيرا على الاطلاع والمتابعة الإعلامية ومنذ مراحلها التي كانت عليها قبل ربع قرن وخلال ذلك فيما بعد وضمن أبرز متابعي وسائلها المعروفة حينها وهي الصحافة المتوفرة والراديو الذي كان يستمع من خلاله لكل إذاعات العالم المعروفة التي باللغة العربية ويصل بثها القوي إلى حيث تمر به المرحلة العمرية في القرية والمدينة والمحافظة , ثم في العاصمة حيث غدا يهتم أكثر بما تبرزه وتتناوله من مواضيع ويجعلها ضمن خلاصات الأخبار والقراءات والتحليلات الصحفية في كافة قضايا الأمة.
وقد ظل الأستاذ محمد المنصور يشكل مزيدا من رؤى ومن حالات إعلامية ضمن مربعات تحمل بصمات عالم في مجالاته التي يعبر من خلالها عن المواطن البسيط في أي مناطق الوطن اليمني وكذا الوطن الفلسطيني وعلى مستويات عربية عديدة ويتبنى كل جوانب الدفاع عن قضايا وحقوق الإنسان وحرياته المكفولة شرعاً وقانوناً وعلى كل مستويات القيم والمنطلقات الأخلاقية وهوية الأمة ويرفع وتيرة صوته ونثره وشعره وتعبيره عن هموم وآمال وأحلام وتطلعات وحالات واعتمادات الفرد والمجتمع ولم يتوقف عن مناهضة الظلم والطغيان والفساد ولم يتوان عن قول كلمة الحق في مواجهة الطغيان وحالات النظام السابق على كافة مستويات وشكل وعياً متناميا سياسيا وإعلامياً وثقافياً في آليات وأشكال التعبير والإبداع وتناول الخبر والصيغة المكتملة والملمة بالموضوع ضمن إلمام بوصول الفكرة والمضمون لدى اتجاهات مختلفة بما فيها الخصوم الذين لم يتوانى في الطرح والمناقشة معهم وبشكل مباشر وغير مباشر وضمن لقاءات حزبية وسياسية ومشاركات عديدة كما كان ضمن أبرز مواجهي الأفكار المعادية والدخيلة والسلبية جدا التي كان الأستاذ / محمد المنصور من بواكير المنتبهين لخطورتها والمحرضين على عدم الاستسلام لها أو قبول حالاتها الغازية وكل ايديولوجيات التكفير والتفجير والعدوان الثقافي الذي كان يتم برعاية نظام وأقطابه ومعياته ضمن تعددية في العمالة لأنظمة خارجية بدلاً عن تعددية سياسية وطنية كما يفترض..، ولكم كان الأستاذ المنصور في صدارة مواجهة ذلك وبقية حالات الغزو الأخرى ومنها حالات استعمارية وبلفورية تهدف لتسويق وتغلغل أفكار كارثية وضمنها ما يسمى التطبيع الذي واجهه المنصور مع كافة حالات الوطن وفي مجالاته وكان مع شخصيات حزبية وسياسية في وقت مبكر عملوا على تأسيس منظمة مناهضته في اليمن ومواجهته التي شارك ضمن معظم فعاليات ومواقف بارزة وأوراق عمل ومخرجات وطنية وعربية في مجالات التصدي لأي حالات ما يسمى بالتطبيع والتي ظلت ضمن برامج الحزب وصحافاته وتصريحات قياداته وقواعده بكل قواها ومستوياتها المختلفة.
لقد كانت تناولات المنصور في هذا الشأن وحول كل حالات الدفاع عن فلسطين أرضاً وإنساناً وقضية تفوق كثيرا معظم اهتماماته وضمن مئات كتاباته التي لا نبالغ في قول إن له آلافاً من مقالات وكتابات ومواضيع وعنواين بارزة كانت تنشر بشكل يومي وأسبوعي على مدى سنوات وسنوات تقارب الـ30عاما وفي أكثر من صحيفة محلية كما نشر في الصحافة العربية الكثير والكثير من المقالات والقصائد..
ولقد ظلت جوانب وتناولات أعماله الصحفية تتسع في فترات لم يتوقف فيها عن النشر عبر الجرائد والإصدارات الورقية وكذا الالكترونية وتتضمن الكثير من مواقف عبر عنها بكل مسؤولية وشجاعة وتحد ومنها مواقع معارضة ومناهضة للحروب الست التي شنها النظام السابق ضد أبناء صعدة وحركة أنصار الله تنفيذاً لأجندات ومشاريع سعودية أمريكية وكانت صحيفة الأمة مع بقية زميلاتها وقيادات بارزة في مقدمة مواجهي تلك الحروب وتلقوا التهديدات والضغوط والتوقيف ومنع الخروج والحركة في فترات عديدة وتواصلت مواقف المنصور ضد كل حالات وتصرفات النظام المرتهن بأشكاله وسلوكياته المتواصلة في خدمة الخارج وعمالاته ومن ذلك أيضاً مواجهة حالات المبادرة الخليجية التي أسست التدخلات الأجنبية والارتهان والتبعية لها وأتت بنتائج كارثية مازالت آثارها تشكل كل الأخطار والبلاوي على البلاد والعباد بما فيها حالات العدوان والحصار المستمر منذ حوالي ست سنوات تحت مسميات ودعاوى مبادرية وتنصلات عن الدستور ومذكرات التفاهم الوطني وعن حقيقة مخرجات الحوار ونصوصه التي للأستاذ المنصور بعض سطور شارك في صياغتها وكان حتى شهر مضى ممن يستشار في قضايا هامة ضمن مجالات الوعي الجمعي الذي يمثله وضمن ما كان للأستاذ / المنصور من أدوار قوية لم يتوان عنها في مجالاته.
وبفضل الله كان الأستاذ المنصور يواصل أدواره الوطنية والجهادية خلال السنوات الأخيرة من خلال منابر إعلامية وثقافية وسياسية عديدة وضمن ذلك وصدارته جهات عمله التي ترأسها استاذا وصحفيا بارزا بصحيفة الثورة ثم وكالة الأنباء اليمنية سبأ وكذلك مشاركات لا تتوقف وبزخم قوي ومعبر جدا من خلال القنوات الفضائية والبرامج الوثائقية والبحوث والدراسات والنشرات اليومية والأسبوعية التي كان يشرف عليها مع زملاء العمل والقضية الوطنية في مواجهة تحالف العدوان الأمريكي السعودي وأشكاله المختلفة التي لم يتوقف الفقيد يوما في القيام بكل ما يستطيعه وسخَّر لذلك ملكاته ومواهبه وقدراته ضد حالاتها ومعياتها حتى مرحلة مرضه الخطير خلال العام الأخير وتفاقمه والى آخر لحظات حياته التي فقدها جسداً وماتزال حاضرة روحاً تمثل مثالاً إنسانياً في القيم والمبادئ التي اخلص لها وساهم في احداث معالم فارقة على مستوى الوعي السياسي والفكري والأدبي ومنذ مراحل مبكرة في المشهد الشعري وعديد من جوانب المقالة والفكرة واشكال الكتابة الجديدة والقصيدة.
وسأصل هنا وضمن هذه النقاط المتباعدة من محطات حول الفقيد للحديث حول أن الأستاذ / محمد المنصور لم يكن وفق كل ذلك التاريخ والعطاء والنضال والمشاركة المجتمعية والمتنوعة في مجالات موسوعية إلا في مقدمة ووجاهات ومجاهدي ثورة التغيير في فبراير 2011م والثورة الكبرى في سبتمبر 2014م وذلك من خلال جهود وأعمال وتصورات وإبداعات في المقال والسياسة والنقد والحداثة التي نؤكد أنه يظل من أبزر شخصياتها اليمنية شعراً ونثراً ومن رواد العمل الإعلامي والسياسي وضمن كافة الآليات والأشكال المهنية والمضامين الثقافية والأدبية التي ظلت تصاحبه وما يزال كثير منها على أهبة النشر الذي لم يجد وقتاً لتضمينها في إصدارات خلال السنوات الأخيرة رغم اكتمال الكثير منها.
ومن المعروف عن الأستاذ محمد المنصور أنه يعد من ارباب المهنية والمنهجية وفي مجالات فائقة عديدة وقدرات في العمل والمثابرة وكمسؤول تميَّز بإدارة واعية وجديرة باحترام زملائه مع علاقات واسعة ولائقة في تعامله وتواصله بمرؤوسيه ومجايليه في أي من حالات ومجالات متنوعة وقد مثل الإدارة النوعية والفاعلة رغم كل ظروف المرحلة والصعوبات التي واجهتها تلك المؤسسات كغيرها من جهات نضال ومواجهة عدوان وحصار أراد من خلال ذلك إعاقة ومنع تواصل الأعمال المؤسساتية التي صمدت واستمرت وقامت بواجباتها في كثير من جهات العمل وضمنها جهات الصحافة والإعلام والأدب والثقافة والوعي وهي من أهم المجالات التي كثيرا ما يتحدث عنها ويحث على سيرها والاهتمام اللازم المتعلق بها.. السيد القائد / عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه ورضوانه- ويظل يوجه بمزيد من العطاء والعمل فيها وبما يواكب جهود رجال الله في ميادين المواجهة للعدوان والحصار وتحقيقهم انتصارات عظيمة وإعجازية، ولكم كان للأستاذ / محمد المنصور من تناولات حولها وحول خطابات السيد القائد ومضامينها التي كان من ابرز من تناولوا عناوينها وحيثياتها.
وتشتمل تناولات الأستاذ / محمد المنصور وصياغاته على أساليب التحليل والتوثيق والاختزال والجزالة حسب مواضيع الفكرة والقضية والموضوعية لديه وفي محددات وحيثيات ملمة مع قدرة مميزة جعلت له تداولات حول عبارات وتصورات وتصريحات صار يتردد بعضها عل ألسنة كثير من تلامذته وأقرانه ومتابعيه ومعاصريه بطرق مختلفة ويعترف له الكثيرون ومنهم متخصصون وأكاديميون ومبدعون بأنه كان سياسيا بارعا وناقدا كبيراً ومعلماً وشاعراً ومفكراً نادراً ومن رواد المدرسة الوطنية الحديثة ويمتلك الكثير من خبرات قوية ومؤثرة وفاعلة ولديه تجربة واسعة وملهمة وإبداعية وقدرات خلاقة.
ولن أنسى هنا التطرق إلى انه كان خبيراً حتى في مجالات الرياضة التي له دراية كاملة بجوانبها ومنها التحليل الرياضي المتعلق بكرة القدم والدوريات العالمية التي كان يتابعها خلال فترات ما قبل العدوان وضمنها كأس العالم مع دراية يستغرب لها من يعرفون ذلك المجال الذي لم يكونوا يتوقعون أن الأستاذ / محمد المنصور يفوقهم حتى فيه.
وضمن نقاط هذا المقال لكم استذكر من حالات ومجالات وجوانب وحياة الأستاذ الأستاذ / محمد المنصور -رحمه الله وعليه سلامه- وماهي الصفحات التي تتسع لموسوعية ذلك وفي مجالاته ومراحله وجوانب حياته على مدى يقارب ثلاثة عقود كنت صديقه ورفيقه خلالها وفي أكثر من مكان ومجال وضمن عوالم رحبة وقوية من كل الأشياء التي لم يغفل أن يجعل بعضها في ديوان شعره (سيرة الأشياء) فكيف بمن يعرف ويدرك الأشياء في كل حالاته الكثيرة جدا التي يعد الشعر والديوان جانباً منها رغم تميزه وضمن فضاءات عديدة ومداءات مفعمة بتألق وإبداع ونضال وجهاد ومجاهدة وقوة فكرية لم تتوقف ولم يتوان عن عطاءاتها في موقعه وأمكنته ومكاتبه وطرقه ولقاءاته والمنتدى والمجلس الذي كان يجمعنا مع العشرات من رواد تلك المجالات المتنوعة ويومياً ولما يقارب عقدين زمنيين وبدءًا من المكان الذي في منزله وامتداداً لذلك وشساعته التي لم تستطع أن تحد من الجدران ومن شساعة صاحبه خلال مستويات عديدة وهامة وشاملة واستراتيجية ومع كل أصدقاء وأخوة كنت واحداً منهم ثم كنت كثيرا منهم كما كان يقول ويتحدث، وكما ها أنذا أحاول أن اتحدث عنه بعد رحيله ولا استطيع أن اجاريه.. وعموما بعدما كنت أتحدث عنه حياً مازلت اتحدث عنه حياً وقد صار مع الشهداء والصديقين الذين التحق بهم كشهيد حصار ملتحقاً بعشرات الآلاف ممن تعرضوا للخطر ثم للوفاة جراء ذلك وقد كان يتحدث ويكتب عنهم وعن معاناتهم وينشر ويؤكد ويوضح ويدين الحصار وإغلاق المطار حتى كان احد ضحايا ذلك أيضا.
وها هو وقد صارت صورته ضمن صور راحلين ممن يحتفظ الكثيرون بملامحهم الرائعة في قلوبهم ولكم هو الأستاذ / محمد المنصور من أبرز وأوضح الصور الحية الباقية في القلوب والعقول.
ثم ها أنذا قد مررت على تلك نقاط وبقدر ما أنني لم أستطع إلا أن أجعله هنا والبقية تتضمن هُناءات أخرى كما أن هناك ما يفوق.. عن الراحل الموسوعي الذي انتقل للرفيق الأعلى سبحانه وتعالى والذي نسأله أن يرحمه رحمة أبراره الذي يحب ويرحم بكريم العزاء والمواساة عائلته الكريمة.. أمه وزوجته وابنيه وبناته واخوته وكل أهله وذويه ومحبيه ورفاق حياته التي كانت وما زالت وستظل تلهم الكثيرين وستكون بعون الله ضمن بعض تجارب وبحث ودراسات ومحل اهتمام في مجالاتها المتعددة والجديرة بالاحترام والتقدير والتحية والسلام
فالسلام عليه في عليين مع الشهداء والصديقين وعباد الله المؤمنين الذين بلغ ذروة حالاتهم وأكثر في مواجهة المرض الخطير وإشعاره بقرب الرحيل فما كان إلا قويا ومحتسبا ومنتظرا أمر الله بالانتقال إلى سعة رحماته وملتحقا بمن سبقوه من المجاهدين ومع شهداء الحصار والعدوان الأمريكي الصهيوني ومطبعيه..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. وإنا لله وإنا إليه راجعون