كيف تكون جمعتنا مباركة ؟!!!

 

عبدالفتاح علي البنوس

جمعتكم مباركة وأسعد الله صباحكم وطيب الله أوقاتكم، استجابة لنداء الملك الجليل والأمر الإلهي الصريح (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) يتوجه ملايين اليمنيين خاصة والمسلمين في عموم أرجاء العالم اليوم لأداء صلاة الجمعة، عيد المسلمين الأسبوعي، والمحطة الإيمانية الأسبوعية التي جعلها الخالق عز وجل كفارة لذنوب الأسبوع لكل من قصد بابه تائبا مقرا معترفا بالتقصير عازما على عدم العودة لمعصيته، لذا من المنطقي أن تكون خطبتا الجمعة معززتين لذلك، من خلال اشتمالهما على ما يعيد الفرد المسلم إلى ربه، ويجدد الصلة والتواصل به وينتشله من واقع البؤس وحالة التيه والغفلة التي تسيطر عليه، وتعيده إلى المسار الصحيح، المسار الإيماني المحمدي الذي يقود من سلكه وسار على دربه نحو طريق الفلاح والرشاد والتوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة.
ولا بأس في تسليط الضوء على المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد بلادنا، والمظلومية العالمية الكبرى التي يتعرض لها أبناء شعبنا اليمني منذ ما يقارب الست سنوات، وتنوير وتبصير المجتمع بما يدور حوله من تحركات ومواقف تستهدف حاضره ومستقبله، وتستهدف قبل ذلك دينه وثوابته وقيمه وأخلاقه، وخصوصا في ظل ما يتعرض له الوطن من عدوان وحصار غير مسبوق في التاريخ، فمن غير المنطقي أن يغفل خطباء المساجد التطرق لمثل هذا الموضوع الهام الذي يعد من صميم مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا أرى بأن هناك في عصرنا الراهن من منكر أشنع وأفظع من منكر العدوان والحصار على اليمن، ووالله إني لأخشى على أولئك الخطباء والمرشدين والوعاظ الذين يغفلون الحديث عن العدوان والحصار والمظلومية اليمنية التي وصلت للعالم قاطبة، ويعمدون إلى تجنب الحديث أو الإشارة إلى ذلك وكأنها جريمة، وهم يقرأون حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (من لم يهتم بأمر من أمور المسلمين فليس منهم)وقوله عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم (المؤمن للمؤمن كالبنان أو البنيان إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
إذاً المطلوب أن تكون خطبتا الجمعة شاملة لكافة الجوانب الإيمانية والتنويرية التي تربطنا بالواقع الذي يعيشه وطننا وشعبنا، المهم الحرص على أن تكون الرسائل هادفة وموجزة، بحيث تحقق الأهداف المرجوة منها، ومن أجل ذلك ينبغي مراعاة الاختصار والابتعاد عن التطويل الممل الذي يصيب الكثير من المصلين بالنعاس، ويفسد عليهم جمعتهم، خير الكلام ما قل ودل، وينبغي على وزارة الأوقاف والإرشاد التنبيه والحرص على ذلك، لضمان وصول رسالة الجمعة لأكبر شريحة ممكنة، وخصوصا أن الكثير من الناس ما يزالون في غفلة وسبات عميق، يغردون خارج السرب الوطني، غير مدركين ما يدور حولهم وما يتهددهم من أخطار وخطوب، يظنون أنهم بمنأى عنها وعن تبعاتها وتداعياتها، في حين يجدوا أول من يدفع ثمنها وفي مقدمة من يكتوي بنيرانها.
بالمختصر المفيد، من أجل أن تكون كل جمعنا وأيامنا مباركة، علينا أن نكون أكثر قربا من الله، وأكثر إلحاحا على طلب مغفرته ورضاه ورضوانه، وأن نجعل من يوم الجمعة كفارة لذنوبنا ومكفرة لسيئاتنا، وأن نعي وندرك جيدا أن الإيمان ليس مجرد اعتكاف في المساجد، ولزوم للطاعات والعبادات، بدون الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الله غني عن طاعاتنا وعباداتنا، لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه، ولكنه يريد منا أن نعبده حق عبادته، العبادة الحقيقية التي ترفع من موازيننا وأرصدتنا بين يديه، العبادة الخالصة لوجهه الكريم، الخالية من الرياء والسمعة والمظاهر، العبادة التي نلمس أثرها في سلوكياتنا وتعاملاتنا وأخلاقنا ومواقفنا.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا