الثورة /اسكندر المريسي
بعد أقل من شهر على بدء العدوان على اليمن في (أبريل 2015) أعلنت السعودية وحلفاؤها انتهاء العملية وتدشين عملية “إعادة الأمل” التي كان البعض يتوقع أنها ستحمل طابعاً إغاثياً وإنسانياً.
وكان وزير الخارجية السعودي السابق، “عادل الجبير”، أثناء زيارة لبريطانيا – في أغسطس 2015م – التزام بلاده ستقوم بإعادة إعمار اليمن ليس ذلك فحسب، بل أضاف أن السعودية وشركاءها سيعملون أيضاً على تطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ثم سمعنا بـ”البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن” ..
فما هو هذا البرنامج .. وما الذي قدمه في المحافظات الجنوبية حيث نسمع كثيراً عن نشاطه؟!
وفق التعريف الرسمي للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن أو برنامج إعادة إعمار اليمن فهو برنامج تم الإعلان عنه في مايو 2018م كمرحلة ثالثة بعد العمليتين العسكريتين “عملية عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل”، ويهدف البرنامج وفق تعريفه إلى ( إعادة بناء وتطوير البنية التحتية التي تأثرت وإعادة بناء وتأهيل القدرات في مجالات الصناعة والزراعة والاتصالات والنقل والقطاعات الصحية والتعليم وخلق فرص وظيفية من خلال مشاريع تنموية عاجلة وأخرى طويلة الأجل في مختلف المحافظات اليمنية..
من هذا التعريف الوارد في موقع (البرنامج السعودي) وبمقارنته بما يجري على أرض الواقع بكل شواهده يتضح أن البرنامج لا يعمل على التنمية والإعمار وإنما كل عمله يقتصر على (دور طارئ وإغاثي) وليس مثلما يحمله أسم البرنامج.
وهنا دعونا نتعرف على اهم أنشطة البرنامج الذي يغذي المشرف وسائل الإعلام الصفراء بالأموال لتلميع أنشطة البرنامج تحت (تنمية وإعمار اليمن).
عدن كعاصمة مؤقتة وأكذوبة التنمية والإعمار
وصل عدن وفد من البرنامج السعودي لما يسمى تنمية وإعمار اليمن وفق ما هو منشور في موقع البرنامج على الانترنت. وذلك ضمن مهمة عمل رسمية تمتد لستة أيام، وذلك بهدف تحديد أولويات مشاريع التنمية والإعمار التي تخدم المحافظة وما جاورها، بما يحقق رؤية الجانب التنموي السعودي – وفق وصف موقع البرنامج – الوفد أكد في تصريحاته الإعلامية أن الزيارة ستشمل إنجاز مشاريع في القطاعات العامة كال تعليم والصحة والمياه والكهرباء وكل ما يلزم من خدمات عاجلة لمدينة عدن، وفي الوقت نفسه يهدف إلى وقوف وفد البرنامج على الاحتياجات الهندسية والفنية لمطار عدن.
وبين وصول الوفد ومغادرته عدن، وما تلى ذلك من أنشطة للبرنامج لم تجد عدن أي منجز ولم تلمس أي جديد، فالكهرباء تتوفر في عدن إلا من 4 – 6 ساعات في اليوم في ظل حر الصيف الذي تشتهر به عدن. إضافة إلى انقطاعات المياه وانهيار بقية الخدمات كالصحة والتعليم وغيرها، فضلاً عن عدم وجود أي إعمار ولا تنمية. ومن حيث الكهرباء والمياه فهي خدمات أساسية يفترض أن تكون منجزة وجاهزة لخدمة الناس كواجب أخلاقي على التحالف قبل أن يكون واجباً قانونياً.. فاذا كان البرنامج ينظر لعدن وهي بهذه الحالة، ويكتفي بتوزيع التمور ووايتات المياه البيضاء “البلاستيك”. فأين هو إعمار البنية التحتية من طرقات وجسور ومبان والتي لا تزال مدمرة بفعل بعض من إنجازات البرنامج السعودي يكتفي البرنامج السعودي ووسط سرور مشرفيه وأعضائه بنشر الاخبار عن إنجازات عملاقة، ولعل المتابع والقارئ يتفاجأ بتلك الإنجازات التي لا تتجاوز عملاً اغاثياً محدوداً جداً غالبيته توزيع كراتين من التمر. في 16 يونيو 2020 قال البرنامج السعودي انه أطلق مشروع تأهيل ورصف الطرق في العاصمة عدن، بطول 10 كم تقريباً.. لكن والناظر إلى وضع الطرقات في عدن سيعرف أن أكذوبة هذه المشاريع لا تتعدى نشر الأخبار في وسائل الإعلام ومواقع التواصل وخاصة على حساب البرنامج السعودي في تويتر الذي يعشق مشرف البرنامج (السفير آل جابر) إعادة تغريدات حساب البرنامج في أسلوب استغباء واستغفال قبيح للناس وللرأي العام، أما الذين يدركون حقيقة تلك الأكاذيب فهم يدركون أن البرنامج مبني على الوهم وأنه مجرد مصدر دخل للفساد ونهب الأموال السعودية وتقاسمها بين حكومة المرتزقة مشرفي البرنامج.
في 23 يونيو 2020م نشر (البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن) نشاطه المتمثل في القيام بــ(حملة تعقيم شملت الأسواق في حضرموت وأماكن التجمعات بمادة الكلور المخفف وبمعدات عالية الجودة كإجراء احترازي من فيروس كورونا المستجد)، وهذا لا دخل له بالتنمية والإعمار كما هو اسم البرنامج!!
أما في 5 يوليو 2020 فقد اعتبر البرنامج ان تزويد المهرة بـ 4800 طن مشتقات نفطية تنمية وإعماراً، ولاقى الترويج الإعلامي سخرية واسعة من الناشطين. الذين تساءلوا: أين التنمية والإعمار في ذلك؟ وأين البنية التحتية التي يزعم البرنامج انه يقوم بإعادة إعمارها؟!
وبمبرر إعادة الإعمار منحت السعودية نفسها مشروعية البقاء والتواجد في محافظة المهرة وأعلنت هناك حزمة مشاريع لتنفيذها بعد أن تلقت المباركة الكاملة من الفار هادي، الذي زار المهرة بمعية السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر في أغسطس من العام 2018م.
وأعلنت السعودية عبر برنامجها المخصص لإعادة الإعمار جملة من المشاريع، لكن ذلك كان فقط على مستوى الإعلام، أما على المستوى الميداني الفعلي، فالوضع مختلف تماما، فإضافة للعديد من مظاهر السلوك الذي تنتهجها السعودية في المهرة لتضخيم مشاريعها، هناك أيضا أغراضا أخرى لعملية الإعمار تمثل دثارا وستارا لأجندة مختلفة.
لقد كان وصول القوات السعودية إيذانا ببدء مرحلة جديدة في محافظة المهرة التي تعد بوابة اليمن الشرقية، وتجمع في تضاريسها العديد من الخصائص الجغرافية والسياحية، والمميزات التي تؤهلها لتصبح أهم محافظة يمنية، لما تتمتع به من مقومات.
تبريرات واهية
عندما وصلت طلائع القوات السعودية إلى المهرة قدمت تبريرات للسكان بأنها تنوي تزويد المحافظة بالإغاثة، إسهاما منها في مساعدتهم، وتقديم العون لهم، واتخذت من مطار الغيضة عاصمة المحافظة مقرا لها بمبرر تسهيل وصول الإمدادات الإغاثية عبر الجو، بدلا من مشقة النقل والسفر عبر البر، ومع تمكنها من التجذر داخل محافظة المهرة بشكل أكبر، خصوصا مع إقالة المحافظ السابق، وتعيين راجح باكريت الموالي لها محافظا جديدا ابتدعت السعودية مبررا جديدا وأطلقت عليه “إعادة الإعمار” وهو المشروع الذي يرأسه سفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر، وبات يتولى مختلف عمليات الإغاثة في اليمن.
وبشكل تدريجي بدأت السعودية عبر ما يسمى مشروع إعادة الإعمار في التوسع والعمل في محافظة المهرة، لكن كل مشروع نفذته السعودية في المحافظة، قابله تمدد عسكري على الأرض.
وكشفت مصادر عن مخطط تقوم به القوات السعودية عبر برنامج ما يسمى بإعادة الإعمار لإنشاء مبانٍ عسكرية في محافظة المهرة، وقالت المصادر إن البرنامج ينفذ مشروعاً جديداً في منفذ “شحن” بمزاعم إعادة الإعمار، وأضافت أن إعادة الإعمار في المنفذ كان وسيلة من أجل التمكن من إنشاء مساكن خاصة للقوات السعودية بعيداً عن قبائل المهرة وأبنائها الذين ينفذون اعتصامات وفعاليات جماهيرية كبيرة تندد بالوجود السعودي في المحافظة.. وقالت المصادر إن المشروع الوهمي الذي سوقت له السعودية لتنفيذ مشروعها القديم والجديد المتمثل بتمرير أنبوب النفط من جنوب السعودية عبر المهرة وصولا إلى البحر العربي والمحيط الهندي ضمن مخططات السيطرة السعودية على المنافذ اليمنية، ومنذُ أواخر العام 2017م أرسلت السعودية قواتها إلى محافظة المهرة بمزاعم مكافحة التهريب، لكن سرعان ما تحولت إلى مخطط الهدف منه السيطرة على سواحل ومنافذ اليمن، وتفرض القوات السعودية حصارا خانقا على منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان بالإضافة إلى جمارك منفذ شحن.
وكشف مصدر يمني مسؤول عن تفاصيل خطيرة حول اتفاقية وقعها وزير يمني مع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في مايو من العام الماضي، وما تمثله من تعد واضح على سيادة اليمن، وتكرس الهيمنة على السياسات والبرامج والخطط الحكومية.
وقال المصدر إنه ورد في الاتفاقية – التي تتألف من 14 مادة – أن الحكومة السعودية قد أسست البرنامج السعودي لتنمية وإعادة إعمار اليمن بناء على طلب حكومة المرتزقة.
وتشير الاتفاقية إلى أن أحكامها تطبق على جميع المشاريع أو المساعدات التي ينفذها الطرف الأول (البرنامج السعودي) في الجمهورية اليمنية أو يساعد في تنفيذها.