اليمن وجهود مكافحة الفساد

3 آلاف و500 مليار دولار حجم الفساد في العالم خلال عام

د. يحيى السقاف

تُعتبر الجمهورية اليمنية من الدول النامية التي تسعى وتدعو إلى الإصلاح المالي والإداري، وذلك ضمن كافة برامجها التنموية، وتعد السلطة التنفيذية أهم سلطات الدولة وأعظمها باعتبارها المختصة بوضع البرنامج الحكومي والخطط الاستراتيجية التي تهدف إلى تنفيذ أعمال الدولة المؤسسية بكافة اختصاصاتها، وذلك وفقا لما جاء به مشروع الشهيد الرئيس الصماد ” يد تبني ويد تحمي ” لبناء الدولة اليمنية الحديثة ويمكن تعريف تحسين وتطوير الأداء المؤسسي للدولة على انه جميع السياسات والإجراءات والتوجيهات والآليات التي تتبناها مؤسسات الدولة في الارتقاء بأدائها بشكل عام وذلك من خلال توفير الدعم الفني في مجال التخطيط الاستراتيجي ووضع سياسات وإجراءات للوزارات والهيئات الحكومية وتطوير الخدمات التي تقدمها ومتابعة تنفيذ خططها وبرامجها وتقديم الحلول الممكنة لمعالجة الاختلالات والانحرافات في مؤسسات الدولة ولضمان تحقق ذلك يلزم استحداث وحدات تنفيذية في معظم مؤسسات الدولة ويناط بها مهمة تبني نهج التطوير المؤسسي \في عمل مؤسسات الدولة ومراجعة لعدد من كبير هياكلها التنظيمية وتنمية الموارد المالية والبشرية وبالرغم من أن الإدارة العامة في كل مكان تقوم بالإصلاحات الإدارية وتسعى باستمرار لتحسين الأداء المالي والإداري فان الحكومات وبفعل الثورة التقنية الحديثة دفعت إلى التفاعل وتبني مفهوم الحكومة الإلكترونية والأفكار الإدارية الجديدة كذلك فان النجاح المستمر الذي يحققه القطاع الخاص بابتكار مفاهيم وتقنيات إدارية جديدة حفز المختصين بالقطاع العام إلى إمكانية تطبيقها في الإدارات العامة في كثير من دول العالم
ومن أهم المشاكل التي تواجه الإدارة العامة هي وجود إدارة عامة مثقلة بالمهام والمسؤوليات الإجرائية والضعف في التخطيط ووضع السياسات العامة والقوانين القديمة وعدم وجود إدارة فعالة للموارد البشرية والتي تتضمن تخطيط واستقطاب وتعين وتطوير الموارد البشرية وانعدام المساءلة بسبب ضعف أنظمة الرقابة ومكافحة الفساد وعدم وضع آلية لتحسين الأداء خلال تنفيذ الخطة الاستراتيجية ومن هنا يجب العمل على تنفيذ عدد من الأهداف الاستراتيجية تتمثل في دعم عمليات رسم السياسات العامة للدولة وصنع القرار والوصول بمؤسسات الدولة لتقديم خدمات اكثر كفاءة وفاعلية وقادرة على تحقيق الأهداف الوطنية وإعادة بناء الهيكل التنظيمي لمؤسسات الدولة وجعله يتسم بالرشاقة والشفافية ويعمل بكفاءة عالية وتعزيز القدرات المؤسسية للوزارات وتكريس ثقافة الإبداع والتميز في القطاع العام والوصول إلى موارد بشرية مؤهلة وكفؤة ونزيهة تلبي الاحتياجات الفعلية لوظائف الجهاز الإداري للدولة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
والعالم يحتفل بالتاسع من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد حيث بلغت تقديرات حجم أو قيم الفساد للعام 2018م حوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة مليار دولار بحيث أن هذا المبلغ كفيل بحل مشكلات الفقر والجوع في العالم قاطبة والفساد فعل إجرامي لا أخلاقي وخيانة للأمانة المستودعة من الشعب وضرره يكون أشد جسامة في أوقات الأزمات والحروب ويعتبر الفساد أيضاً ظاهرة خطيرة جدا إذ انه يمكن أن يُقيض التنمية الاقتصادية حيث أنه امع مرور الوقت يؤدي إلى ضعف الثقة بالدولة ومؤسساتها المختلفة ويشكل الفساد جريمة في كل دول العالم وهو شكل من أشكال الجريمة المنظمة التي يشترك بها القطاع العام والقطاع الخاص معا ولا بد لنا من معرفة النزاهة لأنها والفساد كضفتي نهر لا تلتقيان أبدا فعندما تنتشر النزاهة يغيب الفساد ولهذا لا بد من تعزيز قيم النزاهة من أجل نشر ثقافة مكافحة الفساد وترسيخ أخلاق النزاهة كذلك فإن مكافحة الفساد تحتاج إلى التعاون والتنسيق لكشفه ومحاصرته وقطع خطوط التعاون بين مرتكبيه والرشوة هي مفتاح كل الآفات وكل الانعكاسات المدمرة لكيان المجتمع العربي بفضل ما تقدمه من تسهيلات لخرق القانون والتحايل عليه وتعتبر الرشوة اتجار الموظف العام بوظيفته واستغلالها لفائدته.
إن معوقات القضاء على الفساد لا تنحصر في مكان أو موقع معين ولا علاقة لها بإصدار تشريعات أو عدم تطبيق القوانين بل بنظام ونموذج سمح للفساد بأن يكون له رٌعاة داخليون وخارجيون غير معنيين بأي إجراءات وهم فوق أي قوانين وللحد من مكافحة الفساد ومحاربته والسيطرة علية برزت الحاجة إلى وضع وتطبيق سياسات وإجراءات فاعلة بمكافحة والفساد والوقاية منه تهدف إلى رفع الوعي المجتمعي بمخاطره وملاحقة مرتكبيه ومحاسبتهم.
وفي ظل الإرادة الحقيقية للشعب اليمني والإرادة الثورية والسياسية لمكافحة الفساد التي عبر عنها الدستور بأن تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها وارساء لمبادئ الشفافية والنزاهة وسيادة القانون وانطلاقا من أن الفساد هو العقبة الرئيسية التي تعوق الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وعلى الصعيد الوطني فقد شهدت اليمن اهتماماً متزايداً بمكافحة الفساد وتطويراً ملحوظاً للجهود المبذولة في هذا الشأن كان ابرزها إنشاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة واللجنة العليا لمكافحة الفساد واللجنة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات كان آخرها اللجنة الاقتصادية العليا واللجنة الرقابية العليا بعد قيام ثورة 21سبتمبر والدور الرقابي الكبير لوزارة المالية وكذلك تدشين البرامج التنفيذية لإنعاش الاقتصاد الوطني في بداية العام وفق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية وغير ذلك من إجراءات، وبغض النظر عن كل هذه الأجهزة والآليات، إلا أن هناك انطباعا شائعا في المجتمع بأن هذه الجهود غير كافية في مكافحة الفساد لذلك قد يكون هناك ضرورة للتفكير بآلية إضافية تكون أكثر صرامة وجرأة والعمل وفق استراتيجية وطنية تنفيذية لمكافحة الفساد في اليمن تتضمن العديد من الإجراءات والخطوات والسياسات التي يمكن من خلالها مكافحة الفساد ومن أهم هذه الإجراءات وضع عقوبة قاسية لمرتكبي الفساد بأشكاله المختلفة حتى يكون هناك رادع أمام باقي المفسدين وتخفيض عدد القوانين واللوائح وتبسيط الإجراءات في كافة الوحدات الإدارية واللجوء إلى الشفافية في كل الجهات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور حتى لا يكون هناك مجال للرشوة وإعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الفساد وتطوير نظم اختيار وتعيين وترقيه الموظفين والتوصيف الدقيق والعلمي للوظائف والتركيز على الجانب الأخلاقي وتفعيل القيم الدينية والروحية المرتبطة باستقامة الأفراد والاتجاه نحو إعداد ميثاق أخلاقي لكل مهنة.

قد يعجبك ايضا