الثورة /
مدينة القدس: هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بعد مكة والمدينة، مسرح النبوات وزهرة المدائن، ومحط أنظار البشر منذ أقدم العصور. الموقع:تقع مدينة القدس في وسط فلسطين تقريبا إلى الشرق من البحر المتوسط على سلسلة جبال ذات سفوح تميل إلى الغرب والى الشرق. وترتفع عن سطح البحر المتوسط نحو 750 م وعن سطح البحر الميت نحو 1150 م، وتقع على خط طول 35 درجة و13 دقيقة شرقاً، وخط عرض 31 درجة و52 دقيقة شمالا. تبعد المدينة مسافة 52 كم عن البحر المتوسط في خط مستقيم و22 كم عن البحر الميت و250 كم عن البحر الأحمر، وتبعد عن عمان 88 كم، وعن بيروت 388 كم، وعن دمشق 290 كم. التأسيـس: إن أقدم جذر تاريخي في بناء القدس يعود إلى اسم بانيها وهو إيلياء بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام -إيلياء أحد أسماء القدس- وقيل إن “مليك صادق” أحد ملوك اليبوسيين -وهم أشهر قبائل الكنعانيين- أول من اختط وبنى مدينة القدس وذلك سنة (3000 ق.م) والتي سميت بـ “يبوس” وقد عرف “مليك صادق” بالتقوى وحب السلام حتى أُطلق عليه “ملك السلام”، ومن هنا جاء اسم مدينة سالم أو شالم أو “أور شالم” بمعنى دع شالم يؤسس، أو مدينة سالم وبالتالي فان أورشليم كان اسماً معروفاً وموجوداً قبل أن يغتصب الإسرائيليون هذه المدينة من أيدي أصحابها اليبوسيين ، وقد غلب على المدينة اسم “القدس” الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى، وسميت كذلك بـ “بيت المقدس” الذي هو بيت الله.
الاحتلال الإسرائيلي
لقد احتلت القوات الإسرائيلية 84% من مساحة القدس في أعقاب حرب 1948م واستكملت احتلال الجزء الباقي بعد حرب عام 1967م، ومنذ عام 1948م وحتى الآن تعرضت المدينة المقدسة لعمليات تصفية حضارية وتهويد وكانت أولى التصيفات الحضارية والتهويد، هو العمل على زيادة عدد اليهود في المدينة بعد حرب عام 1948م حتى اصبح اليهود يشكلون 84.2% من سكان المدينة، أما العرب فقد شكلوا ما نسبته 15.8% وعلى منحدرات القرى كانت تتواجد 12 مستعمرة عام 1948م أصبح عددها 64 مستعمرة في عام 1967م وقد رافق ذلك تدمير 29 قرية عربية من أصل 33 قرية من القرن التابع لمدينة القدس، وبهذا المخطط إرادت إسرائيل تغيير معالم المشهد الحضاري والطبيعي لمدينة القدس، وقد راعت الصهيونية في جميع مراحل التصفية نشر الدعايات الصهيونية الباطلة والبحوث الزائفة التي تدعي أن فلسطين “أرض بلاشعب” يجب أن تعطى إلى شعب بلا أرض. وبعد احتلال المدينة عام 1967م سارعت إسرائيل إلى إصدار قرار ضم المدينة إلى إسرائيل، كما قامت بتوسيع حدود بلديتها تبتلع المزيد من أراضي المواطنين الفلسطينيين ولتقم عليها سلسلة من المستوطنات التي تشمل عدداً من الاحزمة والأطواق لتعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني كما قامت بمحاولات لإعادة تخطيط المدينة لتغيير معالمها وتهويدها ومازالت المدينة المقدسة تئن تحت وطأة هذه الإجراءات والممارسات.
تهويد المدينة:
هناك العديد من القوانين والأنظمة التى اتبعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهويد مدينة القدس، وفيما يلي قائمة ببعض طرق التهويد المستخدمة من قبل سلطات الاحتلال في القدس:
مصادرة الأراضي:
استخدمت السلطات الإسرائيلية قوانين المصادرة للمصلحة العامة من اجل إقامة المستوطنات عليها.
وبموجب قانون الأراضي لسنة 1953م ومن خلال وزارة المالية وتحت غطاء (الاستملاك للمصلحة العامة تمت مصادرة 24كم، وما يعادل 35 % من مساحة القدس الشرقية فأنشأت (15) مستعمرة إسرائيلية وقامت ببناء 47 ألف وحدة سكنية. وكان قانون المصادرة للمصلحة العامة من أهم القوانين التي استخدمتها إسرائيل في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي كانت تعتبر المجال الحيوي للتطور العمراني الفلسطيني. قوانين التنظيم والبناء:استخدمت السلطات الإسرائيلية قوانين التنظيم والبناء، من اجل الحد من النمو العمراني والسيطرة على النمو السكاني عن طريق التنظيم والتخطيط، فبدأت إسرائيل ومنذ الأيام الأولى للاحتلال بإغلاق مناطق حول البلدة القديمة بإعلانها مناطق خضراء يمنع البناء عليها. مما جعل 40 % من مساحة القدس الشرقية مناطق خضراء يمنع البناء الفلسطيني عليها، ولكنها تعتبر مناطق احتياط استراتيجي لبناء مستوطنات عليها كما حدث في (جبل أبو غنيم ) منطقة (الرأس في قرية شعفاط ) عندما تم تحويلها من مناطق خضراء الى مناطق بناء استيطاني (هارحوماة، ريخس شعفاط).كذلك تم تحديد مستوى البناء، فالنسبة إلى الفلسطيني لا يسمح له بالبناء بأكثر من 75 % من مساحة الأرض وهو الحد الأقصى بينما يسمح لليهود بالبناء نسبة تصل إلى 300 % من مساحة الأرض.كما تم وضع العراقيل الكبيرة أمام رخص البناء والتكاليف الباهظة التي تصل إلى 30 ألف دولار للرخصة الواحدة، بالإضافة إلى الفترة التي تأخذها إصدار الرخصة البناء مما دفع بالسكان إلى البناء بدون ترخيص أو الهجرة باتجاه المناطق المحاذية لبلدية القدس حيث أسعار الأراضي وسهولة الحصول على رخصة أسهل واقل تكلفة مما هو موجود داخل حدود البلدية. قانون الغائبين: مصادرة الأراضي بموجب قانون أملاك الغائبين لسنة 1950م استخدمت إسرائيل هذا القانون الذي يسن من اجل تهويد المدينة وهذا القانون ينص على أن كل شخص كان خارج دولة إسرائيل أثناء عملية الإحصاء التي أجرتها إسرائيل عام 1967م. فإن أملاكه تنقل الى القيم على أملاك الغائبين. ويحق للقيم البيع والتأجير، وهذا ما حصل في العقارات التي تم الاستيلاء عليها من قبل الجمعيات الاستيطانية بالبلدة القديمة. الأسرلة:استكمالاً للمشروع الإسرائيلي في القدس يعمل الإسرائيليون على أسرلة الأقلية التي بقيت في المدينة من الفلسطينيين، والتي لا تزيد عن 27 %، وتسعى إسرائيل لربط القطاعات الصحية والتعليمية والتجارية والصناعية والخدماتية بإسرائيل وتحويل ضم المدينة من ضم الأرض الى ضم الأقلية المحدودة لسكان القدس وتقوم البلدية بما يلزم من إجراءات جنباً الى جنب مع باقي المؤسسات الإسرائيلية لأسرلة من تبقى من المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية وذلك من خلال تطور الخدمات المقدمة للأقلية التي تريد أسرلتها لذلك تعمل على رفع مستوى استيعاب المدارس الإسرائيلية الحكومية لتقضي على المدارس العربية حكومية وخاصة، حيث يدرس الآن 27 ألف طالب عربي في المدارس الإسرائيلية في القدس بينما يدرس 18 ألفاً في المدارس العربية الخاصة والحكومية، إضافة الى محاصرة مشروع الصحة الفلسطيني في القدس وبتقديم خدمات صحة في الأحياء في القدس الشرقية كادت تصل الى كل حي من خلال صناديق المرضى الإسرائيلية التي يصرف عليها طبقاً لنظام التأمين الوطني والصحي.
ولتحقيق كل ذلك قامت البلدية بتشكيل لجنة من كبار موظفيها، لتطوير تصور يساهم في رفع مستوى القدس الشرقية وتحقيق الدمج الكامل بينهما وبين القدس الغربية.
مصادرة الهويات:
تنظر إسرائيل إلى المواطنين الفلسطينيين في القدس على أنهم مواطنون أردنيون يعيشون في دولة إسرائيل وذلك طبقاً للقوانين التي فرضتها على مدينة القدس، حيث أعلنت في الأيام الأولى للاحتلال سنة 1967 منع التجول وأجرت إحصاء للفلسطينيين هناك بتاريخ 26 /6 /1967م واعتبرت أن جداول هذا الإحصاء هي الحكم الأساس لإعطاء بطاقة الإقامة للفلسطينيين في القدس، ومن تواجد من المقدسيين لأسباب خارج القدس سواء خارج فلسطين أو خارج المدينة ( لا يحق له العودة إلى القدس) وطبقت إسرائيل على الفلسطينيين قانون الإقامة لسنة 1952م وتعديلاته لسنة 1974م، بما فيها الأمر رقم (11) لأنظمة الدخول والذي يقضي بشروط وتعليمات خاصة متعلقة بالإقامة لكل من يدخل إلى إسرائيل وبذلك اعتبرت جميع الفلسطينيين المقيمين في القدس قد دخلوا إلى إسرائيل بطريقة غير شرعية في الخامس من حزيران، ثم سمح لهم بالإقامة في القدس كلفته إنسانية من دولة إسرائيل، وبذلك فهم ليسوا مواطنين، وإنما أجانب يقيمون إقامة دائمة داخل إسرائيل، هذا هو الوضع القانوني للفلسطينيين في القدس من وجهة نظر الاحتلال.
وبموجب الأمر رقم (11) من تعليمات وأنظمة الدخول إلى إسرائيل فكل من يغير مكان الإقامة يفقد حق العودة إلى القدس، وتغيير مكان الإقامة ليس إلى خارج فلسطين (إسرائيل) فقط وإنما خارج حدود البلدية، وبالتالي يتم سحب حق الإقامة وإخراجه خارج البلاد، كل ذلك من اجل إعادة التوازن الديموغرافي لصالح الإسرائيليين وجعل السكان العرب أقلية في المدينة.
القدس الكبرى بالمفهوم الإسرائيلي:
شكلت الزيادة السكانية العربية ، مفصلاً أساسيًا في رسم خطوط القدس الكبرى?. ففي العام 1993 بدأ التخطيط “للقدس الكبرى” والتي كان يحمل لواءها “بنيامين اليعازر” وزير الإسكان آنذاك ، مدعوماً بتعليمات مباشرة من اسحق رابين، لتنفيذ المخطط الذي كان من أهم أهدافه: (خلق تواصل واضح للسكان اليهود وتقليص التقارب والاحتكاك مع العرب، والحفاظ على تعزيز مكانة القدس الخاصة كعاصمة لإسرائيل وكمدينة عالمية)، بالإضافة إلى ربط المستعمرات خارج حدود البلدية مع داخلها بواسطة (ممرات ) وهدفاً نهائياً بتحقيق أغلبية يهودية.
وهذه الخطة تهدف بالأساس إلى جلب مائة ألف يهودي علماني في كل عام ، الأمر الذي يعني أن “500” ألف مستوطن سيتم استيعابهم للعيش بالقدس عام”2005م” وإعادة التوازن الطائفي الذي يطبع طابع بالمدينة بطابع ديني، وفصل المناطق الفلسطينية بعضها عن بعض وتقسيم الضفة الى ثلاثة كانتونات ، وإحكام السيطرة على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ومنع أي جهد فلسطيني لإيجاد وحدة الولاية الجغرافية عليها أو الانتقال لممارسة السيادة الفلسطينية على الأرض، وتدمير أي نمط اقتصادي مستقل خاصة بالضفة الغربية ومنع قيام عاصمة فلسطينية بالقدس.
المشروع الاستيطاني E1:
تم الإعلان عن هذا المشروع عام 1994م على مساحة تبلغ 12443 دونماً من أراضي قرى (الطور، عناتا، العيزرية، أبو ديس)، ويهدف المخطط الذي تم المصادقة عليه عام 1997م من قبل وزير الدفاع آنذاك اسحق مردخاي إلى إقامة منطقة صناعية على مساحة 1كم2، إقامة 2500 وحده سكنية، إقامة 5 فنادق.ويعتبر المخطط من اخطر المخططات الإسرائيلية في حالة تنفيذه للأسباب التالية:
– إغلاق المنطقة الشرقية من منطقة القدس بشكل كامل وتطويق المناطق (عناتا، الطور، حزما) وليس هنالك أي إمكانية للتوسع المستقبلي باتجاه الشرق.- منع إقامة القدس الشرقية (كعاصمة لفلسطين) وإمكانية تطورها باتجاه الشرق.
– ربط جميع المستوطنات الواقعة في المنطقة الشرقية وخارج حدود بلدية القدس مع المستوطنات داخل حدود بلدية القدس وبالتالي تحويل القرى العربية إلى معازل محاصرة بالمستوطنات.
– إقامة القدس الكبرى بالمفهوم الإسرائيلي التي تبلغ مساحتها 800 كم2 أو ما يعادل 10 % من مساحة الضفة الغربية.
– إقامة أحزمة من الشوارع السريعة والأنفاق لربط هذه المستوطنات مع المستوطنات داخل حدود البلدية والقرى الغربية مثل (شارع الطوق المقترح) وشارع رقم (70 ) الجاري تنفيذه وشارع الأنفاق (16) الذي سيتم افتتاحه قريباً عند جبل المشارف (سكوبس).
– الزيادة السكانية اليهودية الكبيرة في حدود بلدية القدس من اجل التغلب على الزيادة السكانية العربية والتي بلغت 35% من المجموع العام للسكان في حدود بلدية القدس، والمرغوب فيه أن يكونوا 22 % حسب قرار اللجنة الوزارية لشؤون القدس الإسرائيلية.
– ربط هذا المخطط مع المشروع قيد التخطيط والمطلق عليه اسم البوابة الشرقية.
البوابة الشرقية: تقع شمال شرق القدس وتمتد على فوق المدخل الشرقي الرئيسي للمدينة من اتجاه غور الأردن، مساحة المنطقة حوالي 2700 دونم، ويهدف المشروع إلى إقامة مراكز تجارية بمساحة تقدر ما بين 15 ألف – 20 ألف م2 كذلك إقامة مشاريع إنتاجية (هاي تك)، مؤسسات بلدية وإقامة مواقف باصات وفي عام 1996م، قررت البلدية تخصيص مبلغ (1.2 ) مليون شيكل لتخطيط البوابة وبتاريخ 20 /11 /1996م أعدت بلدية القدس خطه لبناء 2200 وحده سكنية وكان وزير الإسكان مائير بورش قد أعلن عن موافقته المبدئية على المشروع.
شارع الطوق:
تم إيداع مشروع رقم 4585 للاعتراض في بلدية القدس لفتح شارع الطوق (الشرقي) ويشمل هذا الإيداع المخططات التفصيلية لشارع الطوق والذي يهدف إلى ربط مستعمرات الجنوبية الشرقية من مدينة القدس بالمستعمرات الشمالية الشرقية ويشمل المشروع إقامة اكبر جسر في إسرائيل (400م) والأعلى (115م) فوق وادي النار بالإضافة إلى فتح نفقين الأول بطول 500م والثاني بطول 1.5كم وسيتم مصادرة 1070 دونماً من أراضي القرى الفلسطينية (أبوديس، العيزرية، الطور، عناتا) وقد تم فعلاً مصادرة 556 دونماً كمرحلة أولى في المناطق الواقعة داخل نفوذ بلدية القدس (صور باهر السواحرة، ابو ديس) وتبلغ تكلفة المشروع 400 مليون دولار.
ويهدف المشروع إلى إطباق السيطرة الإسرائيلية المحيطة بالقدس، أحياء خارجيه تتبع المدينة وقد يجري ضمها إلى حدود البلدية، كما سيتم فصل جميع الأحياء والقرى العربية شرق المدينة عن قلب المدينة.