لإصلاح ما أفسدته الأنظمة الفاسدة
تواصل العمل على استقبال تظلمات المواطنين وضبط المنتحلين لصفة الأمناء
التحركات الرسمية تلقى ارتياحاً شعبياً والأمن يلقي القبض على عدد من المتهمين
نائب وزير الأوقاف: نحن أمام عصابة كبيرة جداً وتشتغل على وتيرة عالية
لعشرات السنين ظلت قضايا الأراضي هما مؤرقا للمجتمع، خلقت الشقاقات بين الناس، وسالت في بعضها الدماء مع غياب موقف حازم للدولة يبحث في أسباب النزاع ويضع حدا لتفاقمها.
اليوم وقد تنبهت قيادة الدولة لهذا الأمر، ها هو الأمر يسير في اتجاه تصحيحي، فمع إدراك أن الأمناء غير الشرعيين هم من يقف خلف الكثير من هذه الإشكالات تحركت الدولة لإعادة الأمور إلى نصابها، وأعلن عضو المجلس السياسي الأعلى – رئيس اللجنة العليا للمنظومة العدلية محمد علي الحوثي -عن التحرك في هذا الجانب بتشكيل لجنة لاستقبال شكاوى المتضررين والبت فيها، والقبض على المنتحلين لصفة الأمناء الشرعيين، داعيا “أي مواطن في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء لديه أدلة ثابتة بتزوير أحد الأمناء، عليه تقديمها للبحث الجنائي بالأمانة”، مشيراً إلى أنه “لن تقبل أي شكوى بدون أدلة.”.الثورة /إدارة التحقيقات
وكان عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، حذر في وقت سابق جميع المواطنين من الإقدام على شراء أي عقار، وذلك مع بدء حملة أمنية للقبض على المشتبهين والمتهمين في قضايا التعدي على ملك الغير.
وقال الحوثي في تغريدة له على تويتر، “مع بدء الحملة الأمنية بالقبض على المشتبهين نحذر المواطنين بالجمهورية اليمنية من الإقدام على شراء أي عقار أو توقيعها من أمناء العقود أو غيرهم”.
وأضاف: “وعلى الأمناء مراجعة وزارة العدل لتجديد اعتماد التراخيص واستصدار بطائق آلية بالبصمة وتحديد نطاق الاختصاص ونحمل المخالف المسؤولية قبل إعلان الكشوفات الرسمية”.
تزوير واستنساخ
تسارعت وتيرة العمل وعُقد اجتماع طارئ ضم قيادات من وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الأوقاف والإرشاد لاستقبال شكاوى المواطنين بشأن تزوير المحررات من قبل الأمناء والمنتحلين وشُكلت لجنة مشتركة.
وخلال الاجتماع قال نائب وزير الأوقاف والإرشاد فؤاد ناجي إن اللجنة أمام عصابة كبيرة جدا وتشتغل على وتيرة عالية وليسوا بأشخاص عاديين وضبطهم وإحالتهم سيخفف من المشاكل في أقسام الشرطة والنيابات والمحاكم.
وشدد ناجي على ضرورة العمل بروح الفريق الواحد لمواجهة هذه العصابات والتنسيق المشترك مع الاتصال الدائم بين الجهات المختصة في وزارات الداخلية والعدل والأوقاف والإرشاد.
وأكد أن عصابات تزوير تقوم باستنساخ الوثائق والبيع والشراء في أراضي الأوقاف لأكثر من مرة، لافتا إلى أن عصابات التزوير واحدة في كل المحافظات وهي التي تشغل المحاكم والنيابات وتثير النزاعات.
وأضاف أن من ينتحل صفة الأمناء الشرعيين هم الثغرة التي يأتي منها الكثير من المشاكل ونحتاج مزيدا من الضبط، مؤكدا أن أكثر من أضاع أموال الأوقاف هم من ينتحلون صفة الأمناء الشرعيين ممن يكاتبون بدون الرجوع لوزارة الأوقاف.
وتابع “هناك وثائق هامة لأملاك الأوقاف لا تزال لدى أسر كان أجدادها قائمين عليها ولا بد أن تكون مع الدولة”، قائلا “رفعنا شكاوى بالأسماء والمواصفات لأشخاص يقومون بالمضاربة بأموال الأوقاف ويشترون الأراضي بمئات الملايين ولا يوقفهم أحد”.
ودعا نائب وزير الأوقاف الأجهزة الأمنية القيام بواجبها أمام هؤلاء المزورين والمضاربين بأموال الأوقاف وإيقافهم عند حدهم.
بدوره قال المفتش العام بوزارة الداخلية اللواء إبراهيم المؤيد، إن اللجنة العليا للمنظومة العدلية، وبموجب توجيهات رئيس اللجنة محمد علي الحوثي ستبدأ بضبط ما يسمى بالأمناء غير الشرعيين وغير المعتمدين من وزارة العدل.
وأضاف أنه سيكون هناك حصر شامل لجميع الأمناء غير الشرعيين وسيتولى مدراء المناطق الأمنية مسؤولية ضبطهم وإحالتهم إلى الجهات المختصة وسيتم فتح مكتب لاستقبال الشكاوى بالمحررات غير الشرعية.
ولفت إلى أن الوضع لا يحتمل المزيد من المشاكل وعلى مدراء المناطق الأمنية القيام بدورهم في تنفيذ التوجيهات والحد من التلاعب في ممتلكات الدولة وأملاك المواطنين.
من جهته, قال وكيل وزارة العدل القاضي أحمد الجرافي إن منتحلي صفة الأمين الشرعي والمزورين تسببوا في إثقال كاهل وزارة الداخلية والقضاء وأغلب القضايا الواردة إلى النيابات والمحاكم تتعلق بالأراضي والقتل والنصب والاحتيال.
وأشار الجرافي إلى أن هناك توجها جادا من القيادة السياسية العليا بضبط المزورين وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة.
من جانبه كشف مدير أمن أمانة العاصمة العميد معمر هراش أن قضايا الأراضي والقضايا المالية تعمل على ضياع أعمالنا الأساسية المتمثلة في منع الجريمة قبل وقوعها وضبطها بعد وقوعها والمتعلقة بالجرائم التي تمس الأمن العام وحماية المواطنين.
وفيما يتعلق بالأمناء غير الشرعيين، قال هراش: سنقوم باستكمال ضبط من لم يضبطوا وإحالتهم إلى البحث الجنائي لاستكمال إجراءاته ومن ثم إحالتهم إلى النيابة العامة ليكونوا عبرة للآخرين.
آلية استقبال الشكاوى
وبدأت لجنة استقبال شكاوى المحررات العقارية المزورة من الأمناء غير الشرعيين، صباح الأحد الماضي، باستقبال شكاوى المواطنين المتضررين مع أدلتهم وإثباتاتهم بمقر اللجنة بإدارة البحث الجنائي في شارع العدل بأمانة العاصمة صنعاء.
وقال رئيس قسم حماية الأموال في مباحث العاصمة المقدم سعيد القرشي، “بدأنا استقبال المواطنين واستلام الشكاوى المقدمة منهم مع الأدلة الخاصة بالمحررات المزورة من الأمناء غير الشرعيين وغير المعتمدين”.
وأوضح أن آلية استقبال الشكاوى تتم من خلال تقدم المواطن بالشكوى ونقوم بالنظر في أدلته المرفقة ومن ثم يتم تقييد الشكوى والأدلة لدينا لاستكمال الإجراءات.
وأضاف: سنقوم بعد هذه الإجراءات بالتواصل مع المواطنين الذين اتضح لنا أن شكاويهم وأدلتهم صحيحة وحقيقية وسيتم ضبط المزورين والمنتحلين لصفة الأمناء غير الشرعيين.
ولفت القرشي إلى أنه يتم التعامل مع الشكوى في إدارة مباحث أمانة العاصمة من أي مواطن من خلال إثبات بلاغه بمحضر من ضابط البحث إذا أرفق الأدلة.
الشكاوى الخاصة
عضو اللجنة المشتركة لاستقبال شكاوى التزوير محمد الشامي الذي أشار إلى أن الشكاوى المتضمنة والمتعلقة بالتزوير من قبل الأمناء أو المنتحلين يتم قبولها وتسجيلها، أما الشكاوى الخاصة بالقضايا المنظورة فيتم إحالتهم إلى المحاكم.
إنجاز أمني
على الصعيد الأمني وفي إطار أعمال اللجنة الخاصة باستقبال شكاوى المواطنين بالمحررات العقارية المزورة نفذ أمن العاصمة صنعاء حملات أمنية لضبط المنتحلين لصفات الأمناء الشرعيين في عدد من المديريات، وعلى إثر ذلك تم ضبط ثمانية متهمين بانتحال صفة الأمناء الشرعيين، زوروا محررات عقارية، وحرروا عقودا ومستندات بدون ترخيص.
وفي ذات السياق، أعلنت وزارة الداخلية، الأحد، أن أمن مديرية همدان في محافظة صنعاء مركز شرطة السياغي في مديرية السبعين بالعاصمة صنعاء، ضبطوا في عمليتين منفصلتين شخصين لقيامهما بانتحال صفة أمين شرعي.
فيما خصص مكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة أرقاما للإبلاغ عن منتحلين صفة الأمناء الشرعيين وعصابات تزوير وثائق بيع وشراء أراضي الأوقاف، أو أي وقف مجهول أو اعتداءات على عين من أعيان الأوقاف بأمانة العاصمة.
سرعة البت
لقي هذا التوجه الرسمي لمعالجة مشكلة الأراضي والعقارات ارتياحا شعبيا واسعاً، لكونه سينهي الكثير من القضايا والمشاكل العالقة بسبب هذا الأمر.
ويأمل الكثير بسرعة البت في القضايا المرفوعة إلى اللجنة المشكلة وإنصاف المتضررين وإعادة الحقوق لأهلها، وردع ومعاقبة اللصوص ومنتحلي صفة الأمناء.