القطاع الزراعي.. بوابة اليمن لنهضته الشاملة

العدوان جعل القطاع الزراعي في سُلَّم أهدافه وتسبَّب في خسائر بلغت أكثر من 10 تريليونات ريال
الزراعة التعاقدية خطوة لدعم المزارع وخفض فاتورة الاستيراد
المشاريع السابقة بقيت رهينة التدخلات الخارجية في القرار الاقتصادي

عندما يدعو قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى إحياء الجانب الزراعي ضمن موجهاته لمنظومة الرؤية الهادفة إلى تحقيق تنمية شاملة على هدى الله، يعني ذلك أن الارتباط الوثيق بالله هو الكافي والكفيل للتغلب على المشاكل الزراعية وتجاوز التحديات التي فرضها العدوان والحصار على طول السلسلة الزراعية.. ولكي يستعيد اليمني حضوره الزراعي لا بد من تعزيز الوعي المجتمعي وتضافر كل الجهود وتكريس الجهد الرسمي والشعبي لإحداث ثورة زراعية تؤسس لنهضة اليمن من بوابته الزراعية.. وهو ما تؤكده السياسات العامة للمجلس السياسي الأعلى ممثلاً برئيس المجلس فخامة المشير الركن مهدي المشاط وما تتضمنه مصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
الثورة / ماجد السياغي

لا يختلف اثنان على أن الزراعة هي العماد الأول والداعم الأكبر للسيادة الوطنية واستقلال القرار نظراً لارتباطها الوثيق بمواطن الأمن الغذائي وتتصدَّر أهميتها مراتب متقدمة في الاقتصاد الوطني سواء من خلال مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، أو تشغيل اليد العاملة، وخلق القيمة المضافة وتأمين الاكتفاء الذاتي.
وتتعاظم أهمية هذا القطاع الحيوي في زمن نضوج العولمة والتطور التكنولوجي أفرزت بدورها تغيّرات هيكلية في النشاط الزراعي والصناعي والخدمي إضافة إلى ما تشهده المنطقة العربية من تغيّرات جوهرية في المناخ السياسي والاقتصادي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، عوامل مجتمعة أو منفردة قادت إلى ظهور عدد من التحديات على النشاط الزراعي كماً وكيفاً وطريقة.
المرتبة الأولى
وكما هو معلوم إن الزراعة في اليمن تتسم بتفاوت الخصائص المناخية ساعدت بدورها على تنوع في الإنتاج وتبلغ المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية (1539006) هكتارات، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي (1241387) هكتاراً، أي بنسبة (81%) ويبلغ متوسط مساهمة القطاع الزراعي حوالي (13.7%) من إجمالي الناتج المحلي، وبلغ متوسط مساهمته في الدخل القومي (16.5%) للجمهورية اليمنية، كما يأتي في المرتبة الأولى في تشغيل واستيعاب العمالة، ويشكل مصدر دخل لـ54% من القوى العاملة في البلاد ويعتمد عليه اكثر من 70% من إجمالي السكان في حياتهم ومعيشتهم .
تحديات
أشارت الاستراتيجيات الزراعية السابقة إلى أن التحديات والمشاكل التي تواجه القطاع الزراعي تتمثل في تراجع مساحة الأراضي الزراعية بفعل الهجرة الداخلية والنمو العمراني والإقبال والتوسع المستمر في زراعة القات وكذلك الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية وضعف التسويق والاستخدام غير المقنن للمبيدات وشحة الإمكانيات المالية للمكنة الزراعية وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج وتلاشي العديد من الخبرات الزراعية بفعل التنمية الحضرية. ووضعت الحكومات السابقة مشاريع وخطط للنهوض بالقطاع الزراعي لكنها بقيت رهينة التدخلات الخارجية في القرار السياسي والاقتصادي إلى جانب غياب الأفكار والحلول الإبداعية.
وهو ما أكدته المؤشرات والأرقام عن وجود تعثر واضح في القطاع الزراعي.
خسائر
وضاعف من حجم التحديات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن والذي جعل القطاع الزراعي في سلَّم بنك أهدافه، حيث أشارت إحصائيات وزارة الزراعة والري إلى أن الخسائر والإضرار التي تكبدها القطاع الزراعي المباشرة وغير المباشرة منذ بداية العدوان تجاوزت 10 تريليونات و701 مليار و867 مليون ريال ناهيك عن آثار وتداعيات الحصار التي انعكست سلبا على مجمل النشاط الزراعي وتضرر منها المزارع بالدرجة الأولى وضاعفت من حجم خسائره في الحصاد والتسويق وأشياء كثيرة ذات ارتباط.
من أعمدة الصمود
اليوم ونحن في العام السادس من العدوان يدرك الجميع أهمية الزراعة باعتبارها أحد أهم أعمدة الصمود، وهو ما أكدته موجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي المتضمنة حزمة من التدخلات لإحياء الجانب الزراعي بما يخدم تحقيق أهداف التنمية الزراعية وكذلك توجيهات المجلس السياسي الأعلى ممثلاً برئيس المجلس فخامة المشير الركن مهدي المشاط ضمن منظومة الأهداف المسطرة الرامية إلى تحقيق تنمية شاملة مستدامة، وتنفذ اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ الوطني رزمة من التدخلات لمعاجلة المشاكل والتحديات الزراعية واستثمار كافة الموارد المتاحة بما يخدم تحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة لتعزيز مواطن الأمن الغذائي في ظل استمرار العدوان والحصار المتلازمين.
غاية التنمية
وفي سياق تنفيذ التوجيهات الحكيمة للقيادة الثورية والسياسية الرامية إلى تعزيز مواطن الأمن الغذائي، تم عقد عدد من ورش العمل التي تنفذها مؤسسة بنيان التنموية في مختلف المحافظات والتي تستهدف العاملين في القطاع الزراعي والجهات ذات العلاقة على مستوى المحافظة والمديريات وتهدف إلى تعريف المشاركين بماهية التنمية التي يعتبر الإنسان غايتها وأداتها وصانعها، وكيفية تكوين المواطن القادر على الإسهام بجدارة ووعي في مسيرة النماء والبناء الشامل، وذلك من خلال تطوير قدراته الفنية والمهنية، وحفز طاقاته الإبداعية والعلمية، بالشكل الذي يُمكن أنَّ يُهيئ له حريته واستقلاله وامتلاك قراره الاقتصادي، والتي قال عنها الشهيد القائد “نريد التنمية التي تحفظ لنا كرامتنا، نريد نمو الإنسان المسلم في نفسه، وهو الذي سيبني الحياة، هو الذي سيعرف كيف يعمل، هو الذي سيعرف كيف يبني اقتصاده بالشكل الذي يراه اقتصاداً يمكن أن يهيئ له حريته واستقلاله، فيملك قراره الاقتصادي، يستطيع أن يقف الموقف اللائق به، يستطيع أن يعمل العمل المسئول أمام الله عنه“.
العمل التشاركي
ومن ضمن ما تلقاه المشاركون في هذه الورش تفعيل العمل التشاركي وأهمية توسيع نطاق المشاركة المجتمعية سيما الزراعية من خلال تبني مبادرات متنوعة على مستوى القرى والعزل والمديريات تؤسس لخلق روابط أمامية وخليفة تعمل على نشر الوعي الزراعي وتدفع المزارعين للسعي نحو توسعة الرقعة الخضراء وفق نهج تشاركي مجتمعي شامل لاحداث ثورة زراعية، يكرَّس فيها الجهد الشعبي والرسمي للنهوض بالاقتصاد الوطني من بوابة القطاع الزراعي بعيداً عن أية ضغوط خارجية.
التفكير خارج الصندوق
وأثريت ورش العمل بمناقشة المشاكل التي تواجه الزراعة اليمنية والتحديات التي فرضها العدوان والحصار الجائر على طول السلسلة الزراعية، كما استعرضت الاستراتيجيات الزراعية السابقة وأسباب إخفاقها، وأكدت على ضرورة التفكير بطريقة مختلفة لاحداث التغيير نحو الأفضل على صعيد الفرد والمؤسسة والمجتمع بعيدا عن الخطط التقليدية والحلول غير الواقعية من خلال التفكير خارج الصندوق بطريقة إبداعية وخلاقة.
ويرى المشاركون أن اليمنيين من بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر يعيشون اليوم وهجها الثوري على وقع الانتصارات المتتالية والإنجازات والعمليات العسكرية والأمنية ومن أهدافها الرافضة للهيمنة والوصاية الخارجية، يمضون بخطى واثقة نحو امتلاك القرار السياسي والاقتصادي لبناء الدولة اليمنية الحديثة مجمعين على أهمية ابتكار أساليب جديدة وحديثة مبنية على أسس علمية وأفكار إبداعية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع تؤمن بالنهج التشاركي وبتفعيل دور المجتمع، لما فيه خدمة الأهالي والنفع العام وتضع المزارع اليمني في سلم الأولويات باعتباره حجر الزاوية في مجمل النشاط الزراعي.
الزراعة التعاقدية
ومن بين المحاور التي أخذت حيزاً من الاهتمام في ورش العمل محور الزراعة التعاقدية الذي تعرف من خلاله مسؤولو الجهات الحكومية الزراعية والجهات ذات العلاقة على مستوى المحافظة والمديريات على مفهوم وآلية تنفيذ الزراعة التعاقدية.
ويأتي تدشين الزراعة التعاقدية من قبل اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري لخفض فاتورة الاستيراد وتحويل المبلغ المدفوع لتغطية فاتورة الاستيراد للمنتجات الزراعية المقدرة بخمسة مليارات دولار سنوياً إلى المزارع في الداخل.
وتعرف الزراعة التعاقدية بأنها عقد بين المزارع والتاجر ومؤسسات الدولة كالزراعة والصناعة والتجارة لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي ولضمان تسويق المحصول للمزارعين، ضمن أطر مؤسسية وتشريعية وتنظيمية الأمر الذي سيسهم في حرص المزارع على زيادة الإنتاجية، خاصة من المحاصيل الاستراتيجية، مما يؤدى إلي تحقيق الأمن الغذائي وتقليص الفجوة من الغذاء.
علاقة وثيقة
غني عن البيان أن هناك علاقة جد وثيقة بين السياسات العامة والقائمين على التنفيذ والمجتمع بكافة مكوناته ومشاربه للنهوض بالقطاع الزراعي خاصة عندما نتكلم على الأمن الغذائي، تتمثل في المنهج التعاوني التشاركي المجتمعي الذي يتَّصف بالشمولية والترابط انطلاقاً من الاعتماد على الموارد الطبيعية ورأس المال البشري واستثماره بكفاءة وفعالية عالية لتحقيق اقصى درجات المردود الإيجابي للاقتصاد الوطني من بوابة الزراعة.
ومهما يكن من أمر، بإصرار وإرادة الشعب اليمني وصموده سيبحر مهما كانت الأمواج من دون أن ينكسر له صاري، وسيمضي قدماً يزرع الأرض بعزيمة أمضى وإرادة لا تلين وصولاً إلى الاكتفاء المنشود.
العناوين العريضة
تشكِّل الزراعة مصدر دخل لـ54% من القوى العاملة في البلاد ويعتمد عليه أكثر من 70% من إجمالي السكان في حياتهم ومعيشتهم.
الإنسان غاية التنمية وأداتها وصانعها.
المبادرات المجتمعية تؤسس لخلق روابط أمامية وخلفية تعمل على نشر الوعي الزراعي وتدفع المزارعين للسعي نحو توسعة الرقعة الخضراء.
تهدف الزراعة التعاقدية إلى خفض فاتورة الاستيراد المقدرة بخمسة مليارات دولار سنوياً.
الزراعة التعاقدية تضمن استمرارية الإنتاج الزراعي وتسويق المحصول للمزارعين وزيادة الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية.

قد يعجبك ايضا