حسن زيد.. رجل السياسة وعنوان للمدنية

 

محمد العزيزي

عملية اغتيال وزير الشباب والرياضة حسن زيد جريمة مدانة ومثلت فاجعة للوسط الشبابي والسياسي أيضا، باعتباره من السياسيين المخضرمين وأحد رجالات الحراك السياسي خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي والسنوات المنصرمة من القرن الحالي.
المنفذون للجريمة التي هزت المجتمع والشباب وأهل السياسة وكل اليمنيين سقطوا مرتين، الأولى أنه ارتكبوا جريمة القتل بفعل عدواني فاضح لشخص لم يرتكب جرماً وهو أعزل ويمشي في الطريق العام وفي أمان الله بدون مرافقين مدججين بالسلاح لحمايته.
والثانية أنهم سقطوا سقوطا أخلاقيا وقبليا وعرفيا ومخالفا لكل العادات والتقاليد اليمنية أن يعتدي يمنيا على شخص وبجانبه نساء أو عائلة وأطفال باعتبار أن هذا الفعل مشين ويندرج تحت العيب الأسود وترفضه كل القبل اليمنية وقبل كل ذلك الدين الإسلامي الحنيف والأخلاق والمبادئ والقيم للمجتمع الإسلامي واليمني على وجه الخصوص.
نعم الوزير الشهيد حسن زيد كانت جريمة اغتياله تحمل الكثير من التساؤلات ولعل أهمها: من المستفيد من جريمة اغتياله، كونه رجلا سياسيا مدنيا لا يحمل أمام خصومه سوى القلم والخطاب السياسي والانتقاد بنكهة المعارضة السياسية وكما هو حال الكثير من رجال السياسة، وبالمفهوم البلدي “ما معه إلا لقفه..”.
الوزير حسن زيد رجل سلم ومسالم، ظريف؛ لطيف الطبع يتقبل النقد ويقبل الرأي والرأي الآخر، نختلف معه فيما يطرحه ويخالفنا أيضا الرأي لما نطرحه، لا ينزعج من تباينات الأفكار والآراء والمعارضين له في الفكر والرؤية، وهذه سمة لا يتحلى بها إلا رجل سياسي، مدني، متبصر، ذو فكر حضاري متقدم، وعلاوة على ذلك أنه شخصية تربوية ومن أسرة علم وفقه، أما لأنه لا يحبذ الفشخرة والمظاهر الزناطة ولا يخطوا خطوة من أمام منزله إلا وبجواره عشرات المسلحين والمهنجمين.. فلماذا قتل ومن المستفيد من قتله؟
لأنه كذلك وبذلك الطبع المدني البسيط والقريب من الناس ويتمتع بروح الفكاهة والديمقراطية وحرية الرأي فقد أنهال عليه كثيرون من المرتادين على وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من النكات والزبج عند تعيينه وزيرا للشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ وكان الوزير حسن زيد ينقل البعض من تلك السخريات عليه إلى صفحته ويعلق ويساهم في النكتة، ولم يتحسس أو تأخذه العزة بالإثم ويرد بالانتقام أو بالسفاهة والشتم أو التهديد والوعيد ردا على مستهدفيه، بل كان جزءا من تلك السخرية على نفسه رحمه الله.
النكتة السياسية كانت حاضرة أيضا في حياته وتؤكد جمال وسعة صدر الأستاذ حسن زيد والتي من ضمنها وأشهرها ما قاله الأستاذ عبده محمد الجندي نائب رئيس مجلس الشورى وهو سياسي كبير ومعروف حين قال “حسن زيد مثل صاحب متور يحمل راكب ويزعج حارة” وكان يقصد الجندي أن حزب الحق لا يوجد فيه سوى حسن زيد ومع ذلك أزعج السلطة وكل الأحزاب بما كان يطرحه، وتقبلها الأستاذ زيد بصدر رحب.
الوزير الشهيد حسن زيد كان يتمتع بروح رياضية، شبابية منقطعة النظير ولا يوجد رجل سياسي بتلك الشخصية المتواضعة والمحبوبة في الوسط السياسي والشعبي وبرحيله خسرت اليمن والحياة السياسية رجل الحوار وسياسيا محنكا وتربويا ورياضياً.. في الأخير لا يسعنا في هذا المقام إلا القول رحمك الله وأحسن مثواك وغفر لك وأسكنك الجنة بين الشهداء والصديقين والأنبياء، ولا نامت أعين الجبناء.

قد يعجبك ايضا