محمد يحيى الضلعي
بحلول ذكرى ثورة 26 سبتمبر فُتح جدل واسع للمتقولين ليس حبا في الثورة، ولم يكن كلامهم ثوريا بامتياز لكنهم خدشوها دون علمهم وشككوا في الثورة التي قام بها غيرهم، ولم يحققوا أهداف الثورة التي تغنوا بها عقودا من الزمن وخطوا بها إلى غير الصواب وجعلوها شماعة الارتكاز والكذب والدجل والضحك على أبناء الشعب اليمني الطيب لينهبوا ثرواته ويبيعوا كل جميل فيه بثمن بخس وبشعارات الثورة، وفوق كل هذا قالوا إن ذلك تحقيقا لأهداف ثورة 26سبتمبر، بل لقد بالغوا في سرد الأقاويل وجسمت الصور للنافذين واعتلوا منابر الخطابات كأبطال وقادة عصرهم ليتغنوا بالثورة وأهدافها..
26سبتمبر ثورة في زمن مبالغ فيه الإنجاز، ولكي نصف الحقيقة عنها وعن تحقيق أهدافها دعونا نتذكر إنجازات المنفذين لهذه الأهداف وذلك واضح للعيان، فالجيش الوطني كان عائلياً والأمن الوطني كان كذلك عائلياً فلا الإمام كان له جيش عائلي ولم يجلب الغزاة أو ينبطح للطغاة..
وحين كان الموعد كنا معاً، ولا عيب في الثورة أن تنفجر ولا خطأ أن يكون هناك طموح للأفضل، فمن يزايد اليوم على ثورة 21سبتمبر بقوله إن ثورة اليوم مضادة للثورة الأم فهو كاذب، وليعلم هو وأتباعه أن ثورة 21 سبتمبر الوليدة جاءت لتنفيذ أهداف ثورة 26سبتمبر التي لم تر النور في تحقيق أهدافها، جاءت لتصحح المسار وتعجِّل مرور القطار المترهل وتعيد للوطن عافيته وتنعش فيه كرامته ومجده ، فثورة سبتمبر الأولى لم يكن من أهدافها دعوة المحتل للبلاد التي نهب خيراتها وغيَّر نسيجها الاجتماعي وترجم المعاني بغير حروفها، فالتراث نهب حتى الخيول الأصيلة أصبحت مصرية والتحف والآثار تعرض في غير متاحفنا ونسبت لغيرنا، فأي تحقيق لأهداف ثورة قدمت خيرة الرجال؟.
لقد باعوا كل شيء ولم يقفوا هنا فحسب فقد باعوا أيضاً خيرات البلاد وحرموا أبناءها منها، وحين كنا نشتري أسطوانة الغاز من حقولنا كان المواطن الكوري يأخذها بربع ثمن ما يدفعه المواطن اليمني، فأين كانت الثورة من هذه التفاصيل؟
دعونا نتوقف قليلا لنقرأ بعض أهدافها الستة وما تحقق منها، فأين الجيش الوطني القوي؟ وأين أتى بند رفع مستوى الشعب اقتصاديا وغيره ؟ أليست هذه هي الأهداف ؟! ، لكنها ظلت مكتوبة غير قابلة للتنفيذ لتأتي سبتمبر الحديثة تنتزعها من الورق إلى الأرض ومن المواقع إلى الواقع، فشكرا سبتمبر الجديد، وعفوا سبتمبر القديم..
فأين الأهداف التي تحققت إذا كان هذا الشعب الذي لديه امتداد خط ساحلى لا يستهان به ولديه ثروات نفطية وغازية وثروات بشرية وزراعية وحيوانية يعاني من الفقر على مدى عقود ويعاني أبناؤه مجاعة رغم امتلاكه ثورة قبل ستين عاماً قامت لتحارب الفقر والجهل، ولكن من ركبوا موجتها انحرفوا بمسار سفينة اليمن إلى الطريق الخاطئ..
فعلا الثورة كانت والأهداف رسمت لكن الأنذال حادوا بالأهداف إلى غير محلها ليحققوا أهدافهم ويتركوا أهداف ثورة شعب عانى الكثير والكثير ..
وحين كانت الذكرى وقفنا أمام العالم في الميدان نقاتل عدوا معتدياً غاشماً ونبني وطناً دمره المرتزقة والعملاء والمحتلون، فليست شعارات تقال فحسب بل “يد تحمي ويد تبني” وترجمة واضحة على الأرض، فرحم الله الشهيد الرئيس صالح الصماد الذي أطلق هذه المقولة ونحن على علم أنها بيان جهاد وعمل وليست شعاراً للاستعراض في المنابر واللقاءات..
رسالة طمأنة للجميع أن الوطن باق ببقاء الأرض، وكل نظام له نظريات وقوانين يلزم بها شعبه في كيفية الإدارة وهي بمثابة نظام حكم لكن لا يمكن لأي نظام أن يتنازل عن الوطن بائعا كل مقوماته من أجل دراهم معدودة، فهاهم اليوم باعوا الجزيرة والميناء وقبل ذلك باعوا كرامتهم وصودرت قراراتهم ودنس المحتلون الأرض وقتلوا أبناء شعبهم من أطفال ونساء وشيوخ ودمروا المصالح الحكومية والطرقات والمعسكرات والمطارات وأحرقوا كل جميل في بلد الإيمان، ومع ذلك وبأقبح وجوه سيظهرون في قنوات الإعلام يتحدثون عن الثورة وأهدافها وعن الوطن والوطنية، فما أقبح وجوههم وما أسوأ ألسن يمكن أن تهذي بأعذارهم..
خلاصة الحديث أن الثورة ثورة بما تعنيه الكلمة وبدون مزايدات وسبتمبر الجديد ستحقق أهداف سبمتبر المجد العظيم، والأهازيج الوطنية لأيوب طارش ستذاع، وزوامل الليث ستدوي في المعمورة، وسنكمل المشوار لأجل الكرامة وتحقيق كل أهداف الثورة الأولى والحديثة، وليس لأجل فئة نعمل ولا لجهة ننطق فالوطن أغلى وأسمى من كل المسميات، ومن أتى من نافذة العدو يخبرنا عن الوطن ويتغنى بأهداف ثورة سبتمبر فالوطن في غنى عنه وعن أمثاله، وحين نسرد أهداف الثورة سنظيف هدفا كي لا تنحرف المسارات مستقبلا وهو محاكمة كل من راهن على الخارج وساند في خراب الوطن وكل من باع وقبض، وأخبروهم أننا اشترينا وأخبروهم أيضا أننا دفعنا الثمن باهضاً جدا من خيرة شبابنا ورجالنا، واليوم نحن أقوى وأعتى مما كنا عليه، وسيعلم هو وغيره أن سبتمبر المجد العظيم سيخلد اسمه جيدا وسيرتقي قولا وعملا، والأهداف التي كتبت في الستينات سنحققها اليوم، والذي لا يملك من الثورات إلا الكلام عليه أن يتنحى جانبا فالمرحلة مرحلة عمل مرحلة بناء ومرحلة إنجاز.. لقد ولى عصر الكلام الفارغ والشعارات الكاذبة والبطولات الوهمية وحضر عصر التضحيات الحقيقية والبطولات التي يشهد بها الأعداء قبل الأصدقاء ، نعم إنه عصر الواقع عصر التحقيق الملموس ،فمعذرة سبتمبر القديم فلقد حمل شارتك من كانت أهدافهم لا تناسب طريقك حتى انحرفوا بك ، ليأخذوا سبتمبر القديم شماعة لوطنيتهم الوهمية وخيانتهم المكشوفة.