الاسرة / زهور عبدالله
بعد اقل من شهر يبدأ العام الدراسي الجديد لملايين الطلبة الذين يواجهون تحديات حقيقية تقف عائقاً أمام استمرار تعليمهم في ظل استمرار العدوان الذي أثر على كل مناحي الحياة التعليمية والصحية والمعيشية واصبح مستقبل هؤلاء الطلبة مجهولا ومحفوفا بالمخاطر، حسبما أشارت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي أكدت أن واقع التعليم بات مأساويا أكثر من أي وقت مضى.. بينما تنتظر الأسر اليمنية توفير أجواء آمنة ومناسبة لتلقي أبنائها التعليم وإعادتهم إلى المدارس والى الوضع الطبيعي مثل بقية أطفال العالم وخاصة بعد أن تسبب العدوان في حرمانهم من التعليم ومن أغلب مقومات الحياة.
وبالنظر إلى الواقع المأساوي الذي خلفه العدوان فقد تخلف خلال الفترة الماضية البعض من الأطفال عن المدراس منهم الذين اجبروا على النزوح من مناطقهم كصعدة وحجة والحديدة وغيرها من المناطق التي تتعرض لقصف عنيف ودائم من قبل طائرات العدوان، حتى وإن وجدت المنشآت التعليمية إلا أن الهاجس الأمني يدفع الأسر إلى عدم إرسال أبنائها إلى المدارس في تلك المناطق المحفوفة بالمخاطر.
وحتى إن وجدت منشآت تعليمية في المناطق التي نزحت إليها بعض الأسر إلا أن فقرها الشديد يجبرها على عدم إلحاق أبنائها بالمدارس وتجد الكثير من الأطفال يتوجهون لممارسة الأعمال الشاقة لتوفير أدنى متطلبات العيش لدعم أسرهم .
وبحسب تقرير لمنظمة “يونيسف” عن وضع التعليم صدر مطلع العام 2020م فإن عدد المدارس التي توقفت عن العمل أكثر من 2500 مدرسة خلال الأعوام المنصرمة من العدوان من أداء واجباتها جراء تدميرها كليا أو جزئيا بفعل غارات العدوان المتواصلة وان هناك انتهاكات كبيرة بحق التعليم في اليمن وبحق مستقبل الملايين من أبنائه.
ووثق تقرير مشترك لمنظمة “مواطنة” و”سيزفاير” ما لا يقل عن 153 هجمة جوية نفذها العدوان على المدارس او بالقرب منها وكانت أغلب الهجمات الجوية التي شنت على المدارس “عشوائية” .
ووفقا للتقرير، لم تجد فرق البحث الميدانية للمنظمة أو شهود العيان الذين قابلتهم أيَّ أهداف عسكرية بالقرب أو بداخل 140 مدرسة مدمرة أو متضررة .
أرقام مخيفة
وتشير التقارير الدولية إلى أن هناك أعداداً مخيفة للأطفال اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم محرومين من حق التعليم بسبب العدوان وتداعياته الكارثية على هذا القطاع الحيوي وما نجم عن ذلك من انقطاع مرتبات العاملين فيه.. ويقول مسؤولو وزارة التربية والتعليم إن “نسبة التسرب من التعليم جراء العدوان قد وصلت إلى حوالي ثلاثة ملايين طالب وطالبة.. فيما تقدر منظمة الطفولة والأمومة الأممية “يونيسف” أعداد الأطفال الذين اصبحوا خارج المدارس بسبب ما اسمته “الصراع” قرابة 3.7 مليون طالب وطالبة في اليمن وانهم يواجهون مستقبلاً مجهولاً في التعليم وباتوا على المحك بسبب سوء الوضع وعدم صرف مرتبات مدرسيهم.
في حين تتوقع منظمات حقوقية أن يصل أعداد الذين قد يتعثر التحاقهم بالمدارس إلى نحو خمسة ملايين طفل يمني إذا لم يتوقف العدوان وتصرف مرتبات المعلمين
وقالت سارة بيسلو نيانتي، الممثل المقيم لليونيسف في اليمن: “ليس من الممكن المبالغة في وصف حجم هذه الحالة الطارئة حيث أن الأطفال الذين يواجهون في الأساس أسوأ أزمة إنسانية في العالم يكافحون اليوم من أجل البقاء أحياء “.
الدفع بالأطفال إلى العمل
ويقول التربوي سليمان الأهدل إن كثيراً من الأسر قد دفعت بأبنائها إلى العمل بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها بسبب العدوان والحصار على اليمن وتسبب الغياب عن المدرسة لأسابيع أو لأشهر في انخراط الطلبة بسوق العمل والابتعاد عن الدراسة ونسيانها أو كرهها .
فيما يقول مرغم الصوفي- مدير عام مركز الإيواء المؤقت التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل : إن توقف الطلبة عن الذهاب إلى المدارس قد يجعل منهم فريسة سهلة للجماعات الإرهابية لاستقطابهم، وهنا نشدد على الجميع الأسرة والمدرسة والمعلم التعاون وإكساب الأطفال المعارف والمهارات التربوية والنفسية والحياتية التي تمكنهم من الالتحاق مجددا بالتعليم وتشجيع الطلبة على المنافسة والإبداع في مختلف الأنشطة التعليمية، وتلبية كافة الاحتياجات الصحية والغذائية والتعليمية والنفسية والاجتماعية للأطفال واحترام رغباتهم وآرائهم وخصوصيتهم مع تقديم المساندة والتوجيه والمشورة لإكسابهم سلوكيات إيجابية ومقبولة في المجتمع، وتهيئة المحيط الاجتماعي والمناخ الأسري المناسب الذي يضمن حصول هؤلاء الأطفال على حقوقهم المشروعة والتي تكفلها لهم الدولة تحقيقا للبعد والتوازن الاجتماعي، وأيضاً توفير أساليب حماية الأطفال من المخاطر التي قد يتعرضون لها ودعم السلوك السوي لديهم وتوفير الأمان الاجتماعي لهم وتعزيز الثقة بالذات لدى الأطفال من أجل بناء نظرة إيجابية تجاه أنفسهم، ومساعدتهم للاعتماد على أنفسهم، بما يجعلهم فاعلين في المجتمع وتهيئة الأطفال نفسيا واجتماعيا وتهيئة المحيط الاجتماعي والمناخ الأسري المناسب الذي يضمن للأطفال حياة جيدة وتعليماً مناسباً.
يصابون بالتبلد
من جابنها ترى الأخصائية النفسية والتربوية آيات القربي أن انقطاع التعليم أو عدم الذهاب إلى المدرسة يعد بمثابة كارثة تهدد جيلا كاملا بالضياع وترمي بالملايين من فلذات الأكباد إلى قارعة الطرقات وربما إلى يد جماعات متطرفة لا شك ستجد في مأساتهم فرصا ملائمة لاستقطابهم وجعلهم وقوداً لتنفيذ أجندتها ومخططاتها الإجرامية الأمر الذي يجعل مستقبل البلد برمته أمام تحديات ومخاطر قد لا يحمد عقباها.
وأمام هذا الواقع الكارثي الذي يعيشه أطفال اليمن في ظل العدوان لابد من التأكيد بأن على الجميع والمجتمع الدولي بأسره أن يستشعر مدى وحجم مستوى الخطر الذي يتربص بجيل كامل من اليمنيين في حال استمرت الحرب وتواصل العدوان وبالتالي تكاتف الجهود ومضاعفة المساعي لإيجاد حلول سلمية للمشكلة اليمنية وما سيترتب على توقف الدراسة من كوارث قد تأتي بتداعياتها المدمرة ليس على جيل فحسب وإنما على أجيال كثيرة قادمة.
وتضيف القربي : إن الأطفال بحاجة ماسة إلى تعاون المدرسة والأسرة جميعا لتوفير الدعم النفسي لهم فقد عاشوا الحرب رغم صغر سنهم وقد شوَّه العدوان داخلهم وأصبح الكثير منهم مصابين باضطرابات نفسية شديدة تؤثر على مستواهم الدراسي وتحصيلهم العلمي وسيطرة السلوك العدواني على حياتهم، فوضع الأطفال إذا لم تتم معالجته قد تتخطى آثاره البعد الإنساني وسينتهي بعدم قدرتهم على الحصول على التعليم وعدم قدرة أسرهم على مساعدتهم .
ويؤكد المختصون التربويون أن توقف الطالب عن الدراسة لفترة طويلة يخلق لديه رغبة بعدم الذهاب إلى المدرسة أو الالتزام بالواجبات وحفظ الدروس ويصبح دماغ الطفل خارج اطار التعلم والالتزام ويصابون بالتبلّد وعدم التركيز وتتوقف خلاياهم الذهنية عن النشاط
ويضيف المختصون : في حال استمرار غياب الطالب أو عدم التزامه بالدراسة يصبح اشد كرها للتعليم ويتأثر نفسيا ويشعر بأن الدراسة لا فائدة منها ولا مستقبل لها وقد يندفع لأي عمل حتى إن كان لا يتناسب مع عمره وسنه
ويشدد المختصون على ضرورة أن يكون للأهل دور في تحفيز الأطفال وتغيير فكرتهم السلبية عن التعليم وأن يوعوهم بأن التعليم هو الطريق الصحيح والأساسي للوصول إلى مستقبل جيد.