موقف مسلمي الهند من القدس

 

د. معراج أحمد معراج الندوي

إن قضية فلسطين من أهم القضايا التي ظلت تشغل المسلمين حول العالم على مدار العصور المختلفة.
لقد حظيت القضية الفلسطينية باهتمام كبير لدى مسلمي الهند، واليوم تشكل محور اهتمامهم الأساسي بكونها أرضاً للرسل والأنبياء الذين حملوا راية التوحيد ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها.
تعود العلاقات التاريخية بين مسلمي الهند وفلسطين لأكثر من أربعة قرون، عندما قدم رجل هندي صالح بابا فريد مسعود شكر كنج إلى مدينة القدس لزيارة المسجد الأقصى، فأسكنه الفلسطينيون في غرفة شمال المسجد الأقصى، هي التي تعرف حتى الآن بالزاوية الهندية.
لقد ارتبط مسلمو الهند على وجه هذه البسيطة بهذه الأرض دينياً وروحياً، وهم كانوا يقصدون بين  الحين والآخر أفواجاً أفواجاً لزيارة الأرض المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى، فإن قضية فلسطين بميراثها الديني والتاريخي والواقعي لَتُمَثِل إحدى أهم القضايا التي اهتمَّ بها مسلمو الهند.
تتعاقب الأيام وتتوالى السنين ويرتبط مسلمو الهند بفلسطين أكثر فأكثر، وشهد العقدان الثاني والثالث من القرن العشرين ارتباطاً وثيقاً بين رجال الثورة والحكم في فلسطين والهند، حيث بذل الزعيم الهندي محمد علي جوهر جهداً واسعاً وتضحية عالية من أجل تخليص فلسطين من الاحتلال.
لقد اهتم هذا القائد الهندي وجعل القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين في العالم كله، فلم يبخل بالمال والجهد أو الكلمة الحقة حتى لقي إلى ربه وهو ينافح عن هذه القضية في عقر دار الاستعمار بلندن، ولتفتخر أرض فلسطين والشعب الفلسطيني بوجود جثمان هذا القائد الهندي في باحة المسجد الأقصى.
إن التجربة الفلسطينية والهندية في التحرر الوطني وأمل التخلص من الاحتلال متقاربتان في الفكر السياسي والسياسة الخارجية، وفي توثيق أواصر العلاقات المختلفة بين الجانبين، وقد تجلى ذلك في رفض الهند القرار الدولي الذي نص على تقسيم  فلسطين.
وكان للمهاتما غاندي موقف واضح لمساندة القضية الفلسطينية، حيث أدان بريطانيا لقيامها بتبني مشروع تقسيم فلسطين، لقد عبر المهاتما غاندي عن تعاطفه مع العرب والفلسطينيين في صراعهم ضد الاستعمار وقال كلمته الشهيرة: إن الدعوة لإنشاء وطن لليهود لا تعني الكثير بالنسبة لي، ففلسطين تنتمي للعرب تماماً كما تنتمي انجلترا للإنجليز أو فرنسا للفرنسيين، ومن الخطأ فرض اليهود على العرب، وما يجري اليوم في فلسطين، لا علاقة له بأية منظومة أخلاقية.
إن القضية الفلسطينية قضية إسلامية أولاً وأخيراً، والقدس لها مكانة خاصة في نفوس المسلمين الذين يشكلون ربع سكان الكرة الأرضية: فهي قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم ومعراجه إلى السماوات العلى، وفيها الأقصى الذي بارك الله من حوله، فأرض فلسطين وجوهرها القدس هي أرض طيبة بالنسبة للمسلمين حول العالم وتظل قضية القدس من القضايا الجوهرية مرتبطة بحق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إن موقف مسلمي الهند هو الموقف الواضح بأن القدس، روح المسلمين حول العالم ولن يقبل مسلمو الهند دولة للفلسطينيين بدون القدس، فالحل الوحيد لإحلال السلام في المنطقة هو تأسيس دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967م.
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها- جامعة عالية ،كولكاتا – الهند

قد يعجبك ايضا