مآل السير على خط الثورة الحسينية النصر

 

د/ هشام محمد الجنيد

كان عدد جيش سبط رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم الإمام الحسين سلام الله عليه في معركة كربلاء في العام الهجري (61) في حدود (117) مائة وسبعة عشر مقاتل، ونسبة اليمنيين منهم (57%) لمواجهة عدو الله الطاغية يزيد وأتباعه المجرمين وعددهم عشرات الألاف. وقد ضحى الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء بنفسه وبفلذة كبده الرضيع ومن أقاربه وأصحابه الأحرار لأجل نصرة الدين المحمدي، ولإصلاح أحوال الناس على ضوء المنهج الإسلامي.. قدم الحسين وأتباعه عليهم السلام نموذجا لشواهد إسلامية واقعية لشرعية ووجوب عدم طاعة الفاسدين في الأرض، ثورة الإمام الحسين هي نموذج حقيقي لتطبيق الآيات القرآنية التي تحث على عدم موالاة الأنظمة الاستكبارية، وتحث على رفض إعطاء شرعية النظام للفاسدين المستكبرين الذين يشكلون بمختلف انتماءاتهم حزب الشيطان.
والحكمة التي تشدنا للوقوف عليها من تهاوي عشرات الملايين الأحرار سنويا إلى أرض كربلاء المقدسة بمختلف اللغات والطوائف والألوان ومن مختلف بقاع العالم ودون تدخل دولة أو أكثر إنما ذلك يدل أن هناك مدبراً حكيماً هو الله وحده الذي جعل الحسين عليه السلام جاذب الأرواح عن عشق حقيقي. هذا العشق الذي يدفع بزوار عشاق المدرسة الحسينية سنويا إلى كربلاء إنما هو تعبير عن الإخلاص بالسير على خطى ومبادئ الثورة الحسينية، وهو رسالة عن عشق الثأر لدم الحسين الطاهر الثائر ضد الأنظمة الطاغية المتجبرة وأدواتها الإرهابية والإجرامية .. وعشق الثأر لمظلومية كربلاء اليمن يقتضي منا – كشيعة الإمام علي عليه السلام – أن نقف صفا واحدا في وجه هذا العدوان الخارجي والداخلي على حد سواء، يقتضي منا أن نتحرك بحركة الإمام الحسين عليه السلام في مواجهة الباطل والظلم.
وبالتضحية والدماء الطاهرة والأهداف الإسلامية لكربلاء تكون ثورة الحسين قد أسست طريق النصر الذي يشدو إليه عشقا كل إنسان صالح حر يرجو لقاء ربه. الحسين عليه السلام وليد الهدى كريم القرآن ضحى بماله ونفسه ووقف أمام الظلم والفساد والباطل. وانطلاقتنا في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي قائمة على هذا الأساس في مواجهة الظلم والاستكبار العالمي. ولن نألو جهدا في التصدي للعدوان مهما كان مستوى وحجم التضحيات. فإذا لم ننطلق في مواجهة الباطل والشر أو تخلينا عن مواجهته أو استسلمنا لأئمة الباطل في زماننا هذا ، فسيسلط الله علينا أئمة أنظمة الشر الأمريكية الإسرائيلية وسنساق جنودا لها في مواجهة الحق أذلاء ضعفاء فقراء.
لقد فاز المريدون للحياة الأخرة شهداء كربلاء رضوان الله عليهم بمنحهم الله تعالى الشهادة، ونالوا المنزلة الرفيعة المجيدة أحياء عند ربهم يرزقون. ومنزلتهم أيضا كبيرة ورفيعة في الدنيا لدى المؤمنين والزعماء الأحرار والمفكرين والشعراء والأدباء والفلاسفة ومن مختلف اللغات والألوان والطوائف. بينما عدو الله يزيد وأتباعه الأعداء المنافقين وباسم الإسلام فلم يسطروا في التاريخ إلا مجرمين ظالمين خونة .. فهل لهم من ذكر أو مكانة ؟. ونظائرهم في العداء للدين المحمدي والإنسانية هم الدواعش والمنافقين المرتزقة أعداء الحق والمسيرة القرآنية، فهم امتداد ليزيد وعبدالله بن زياد وجميع أتباع يزيد. هؤلاء المريدون للدنيا الموالون الطائعون للأنظمة الشيطانية الأمريكية السعودية الصهيونية، وأئمة هذه الأنظمة هم امتداد لمستشاري يزيد اليهود والنصارى الظالمين.
رغم أن يوم عاشوراء هو يوم الحزن، لكنه أيضا يوم مندمج معه روح العشق الحسيني الذي يزهو بالأنوف الأبية روح الثورة ضد أعداء الحق لنصرة كلمة الحق. وبذلك تكون مظلومية كربلاء قد أسست مبادئ ثورية خالدة وسامية يقتدي بها الثائرون في مواجهة الغزاة والظالمين أعداء الإنسانية لتحرير بلدانهم ولنيل الحرية والاستقلال ولنصرة الحق. فالنهج الحسيني هو الخيار الذي سيحقق للأمة الاستقلال، وهو الخيار الذي نسير عليه في معركة التحرير والاستقلال في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي وحلفائه وأدواته الرخيصة في الداخل.
وقد أجمع عظماء التاريخ الأحرار وعظماء المفكرين والكتاب في العالم على عظمة مكانة الإمام الحسين عليه السلام وعلى عظمة النهج الحسيني. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الفرنسي فيكتور هوجو: (أصبحت مبادئ الثورة الحسينية منهاجا لكل ثائر يريد أن ينتزع حقه من ظالميه). والزعيم الهندي المهاتاما غاندي قال عن الحسين عليه السلام ( تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر) . وقال: (لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين). وعلى إثر إيمان قائد الثورة الهندية غاندي بمنهجية ثورة الإمام الحسين عليه السلام التحررية استقلت الهند من الاحتلال البريطاني.
ونجاح الثورة الإسلامية الإيرانية المستلهمة من مبادئ الثورة الحسينية أوصل إيران إلى مستوى الاكتفاء الذاتي إلى مستوى القوة الشاملة على المستوى الإقليمي والعالمي. وثورة اليمن السبتمبرية العظمى 2014م مستلهمة أيضا من مبادئ الثورة الحسينية، وإعلان الاستقلال في القرار السياسي هو تجسيد للنهج الحسيني الرافض لفرض الأعداء الوصايا على الشعب اليمني. ومن ثمرات الاقتداء بالنهج الحسيني تحقيق الانتصارات المتتالية على العدوان السعودي اليهودي وإرباكه، وسيصل عما قريب بإذن الله إلى واقع ذروة الذل والإساءة ليعود إلى قدره المحكوم عليه في الكتاب وهو التيه في الأرض (حياة الشتات – لبني إسرائيل الذين في الرياض وفي فلسطين المحتلة – لبني إسرائيل في الأرض دون أن يكون لهم كيان سياسي ودولة).
ومن هذا المنطلق، تتبين لنا الأهداف الخبيثة للأعداء من تغييب وتحريف حقائق التاريخ الإسلامي. إذ حرصوا كل الحرص على عدم معرفتنا بالرموز التاريخية الإسلامية، حتى لا نقتدي بهم. ومن أهم الرموز التاريخية المغيبة عمدا الإمام الحسين عليه السلام. ومظلومية الثورة الحسينية ومشروع الحق الذي حمله الإمام الحسين عليه السلام لم يكن إلا في سبيل الله وصلاح الأمة ودينها وإسلامها.
لماذا لم تقتد الأنظمة العربية بمشروع الإمام الحسين ؟ . (بمعزل عن المؤمنين حقا من العرب / الأعراب المهمشين المحاربين المقصيين) .. فهل عدم الاقتداء لأنهم أشد كفرا ونفاقا أم لأنهم الأجدر جهلا. أي أنهم لا يطبقون ولا يعلمون مضمون الكتاب الذي أنزله الله، ومن هذا المضمون غياب العمل بالمعتقدات الدينية والأوامر والنواهي والحلال والحرام. وغياب العلم والمعرفة بالكتاب إنما يؤكد غياب الإيمان العملي بالله، وبالتالي يؤكد غياب الاتصال الحقيقي بمبادئ وتعليمات الدين. فتجليات الاتصال الحقيقي للذين تولوا شأن الشعوب العربية انحصرت في معظم فترات التاريخ بخدمة مصالحهم الشخصية على حساب إصلاح الشأن العام للشعوب العربية، بمعنى أن هذه الأنظمة لم تسخر نفسها لخدمة الأمة بناء على الضوابط والتعليمات الدينية التي يحرص عليها أعلام الهدى. وهذا ما يؤكد أن الاتصال الحقيقي لهم ليس مع الله، وإنما مع أعداء الحق باتخاذهم أولياء دون أن يتولوا الله ورسوله، دون أن يتولوا ويقتدوا بعترة رسول الله الأخيار عليهم السلام. لا بل حرصوا كل الحرص على طمس وتغييب معرفة الحقائق والرموز التاريخية المجيدة. وسيطرة هذه النماذج أحفاد بني أمية على أنظمة الحكم ومن سار على نهجهم، أدى إلى رداءة واعوجاج المناهج التعليمية التاريخية وغيرها من المسئوليات.
لذلك كان الهدف من تركيز الأعداء على إقصاء وتصفية الأئمة وأعلام الهدى عن المسئوليات التي يفترض أن تناط بهم يتمحور في تفرقة الأمة الإسلامية وذلها وضعفها وتقهقرها في مختلف الأصعدة. وهو ما يتوجب توعية الطلاب وعامة الناس بأهمية العترة وأعلام الهدى من خلال إعادة النظر في تصحيح المناهج التاريخية الإسلامية وغيرها .. اللهم إنا نرغب إليك بدولة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله .. يحفظ الله وينصر مولانا وسيدنا القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي.

قد يعجبك ايضا