سقوط الأذرع الإرهابية للتحالف العدواني في اليمن

عشرات الغارات شنها الطيران السعودي الأمريكي دون جدوى
بعد أعوام من القتال في جبهات العدوان بقيادة أمريكا.. داعش والقاعدة نمور من ورق
مصدر أمني:
الضربات الأمريكية للقاعدة خلال سنين العدوان كانت فقط لتحييد قادة في التنظيم يرفضون التعايش مع داعش

 

الثورة / إبراهيم الوادعي

سقطت بالأمس معاقل القاعدة وداعش في جنوب الجزيرة العربية ، وأنجز الجيش واللجان الشعبية مهمة اجتثاث التنظيمين في البيضاء ، وتحييد أداة فعالة قاتلت إلى جانب تحالف السعودية في مختلف جبهات القتال ، وفي يد الولايات المتحدة في إطار حروبها المفتوحة في المنطقة.
في أغسطس من العام 2018م انتهى تحقيق مطول أجرته وكالة “اسوشيتد برس” الأمريكية إلى خلاصة مفادها (أن تنظيم القاعدة في اليمن هو حليف وثيق وفعال للولايات المتحدة ويقاتل في صفوف تحالف السعودية والإمارات ضد “الحوثيين”).
وقال معدو التقرير الذي اعتمد مقابلات مع أكثر من 50شخصية يمنية: أن تنظيم القاعدة هو إدارة فعالة في الحرب على خصوم السعودية ، ويتلقى السلاح الأمريكي والغربي ليواصل القتال في صفوف التحالف .
وأضاف هؤلاء عندما تقف في صف تحال السعودية فأنت حتما تقف في صف الولايات المتحدة الأمريكية .
بعد انهيار ألوية الإصلاح في نهم ، جرى الاعتماد بكثافة على عناصر القاعدة للدفاع عن معقل التحالف الأخير في شمال شرق اليمن ومعقل المرتزقة في مارب ، وأفادت تقارير إعلامية وعسكرية عن استقدام المئات من عناصر القاعدة جرى نقلهم من مناطق قيفه ويكلا معقل القاعدة الأساسي والرئيس في اليمن قبل أن تخسره نهائيا في الأيام الماضية وفي وقت قياسي ، وأخرين من مسلحي التنظيم جرى نقلهم تحت عناية التحالف إلى مارب على عجل .
كشفت عمليتي “البنيان المرصوص” و”فأمكن منهم” وبشكل واضح مدى اعتماد تحالف السعودية والإمارات وأمريكا على تنظيم القاعدة في المواجهة مع قوات الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات على مدى ست سنين من القتال.
يحفظ تنظيم القاعدة للتحالف إنقاذه في الرمق الأخير في مارس 2015م بعد أن استطاعت قوات الجيش واللجان الشعبية اجتياح معاقله في الوضيع بأبين ، وكانت على وشك اجتثاثه من معاقله بقيفة ، حيث وصل الجيش واللجان الشعبية آنذاك إلى منطقة يكلا وفر عناصر القاعدة إلى سائلة يكلا ، قبل أن يفاجئ الجميع الحرب العدوانية في 26 مارس 2015م ، ويمنح التحالف تنظيم القاعدة قبلة الحياة .
يشير تقرير “اشوتيد برس” في حينها إلى أن العدوان على اليمن منح تنظيم القاعدة فرصة الحياة ، بل وسمح له بالتقوي ، حيث تدفقت عليه الأموال السعودية والأسلحة وبكميات كبيرة ، وفي مقابل ذلك قاتل مع التحالف في اكثر من جبهة وتحت عناوين ما يسمى الجيش الوطني والمقاومة ، منعا لإحراج التحالف السعودي الذي كان يرفع شعار مواجهة “الإرهاب”
في عام 2015م خرج خالد باطرفي زعيم القاعدة في اليمن آنذاك بتصريح مفاجئ مفاده أن تنظيمه يشارك في 11 جبهة ضد الجيش واللجان الشعبية، وفي 2016م بثت بي بي سي أول وثائقي يظهر مجموعات القاعدة وهم في معسكرات ما يسمى ” الشرعية ” في تعز .
وعبر جندي لبي بي سي عن كراهية الجنود في المعسكر لمجموعات القاعدة وداعش لكنهم يقاتلون سويا في الجبهة ، كما أظهرت مقاطع فيديو في 2017م مقاتلون للقاعدة يرفعون أعلامهم في المخا ضمن قوات ما يسمى الشرعية ، وبث التنظيم بنفسه مقاطع فيديو في سنوات لاحقه من القتال ضد الجيش واللجان الشعبية ، وقال قاسم الريمي في عام 2019م إن مسلحيه يقاتلون في 15 جبهة ضد ” الحوثيين ”
وبالرغم من أن ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية عادت ضد تنظيم القاعدة في 2016م بواقع 40 غارة جوية ، وتوسعت في عام 2017م وبلغت 120 غارة جوية ، و35 غارة جوية في 2018م .
يقول مايكل هورتون -وهو كاتب في مؤسسة جيمس تاون، وهي مجموعة تحليلات أمريكية تتعقب الإرهاب- لوكالة أشوسيتد:
“جزء كبير من الحرب على تنظيم القاعدة من قبل الإمارات والميليشيات المتحالفة معها هو تمثيلية، من شبه المستحيل الآن التمييز وفك الارتباط بين من هو من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومن ليس كذلك منذ أن عقد العديد من الصفقات والتحالفات”.
كلام هورتون صحيح فالكثير من الانسحابات التي نفذها تنظيم القاعدة في الجنوب ليست سوى مجرد صفقات مالية ضمنت للتنظيم أموالا طائلة ، وإدماج عناصره في الجيش مقابل الانسحاب من المدن إلى الجبال فقط ، حدث ذلك في أبين وشبوة والمكلا التي سيطر عليها التنظيم وانسحب لقاء أموال طائله ومعه كل المسروقات من البنوك والأسلحة التي استولى عليها من معسكرات الجيش هناك .
ويشير تقرير أمني يتصل بهذه الحقيقة إلى أن الضربات الأمريكية بطائرات بدون طيار خلال سنوات العدوان طالت قياديين في القاعدة يرفضون وجود داعش ويرون أن نشره ودعمه من قبل التحالف سيأتي حتما على حساب القاعدة .
وخلال العامين الماضيين شهدت مناطق قيفة في البيضاء قتالاً مستعراً ومتقطعاً أودى بحياة 300 عنصر من الطرفين , 50 منهم في السنة الأولى، ومئات الجرحى ، وفشلت جميع الوساطات التي دعمها التحالف وما تسمى الشرعية للتوفيق بين التنظيمين “الإرهابيين ” وتركيز القتال والجهود في مواجهة الجيش واللجان الشعبية.
تنظيم داعش أعلن عن نفسه في اليمن العام 2015م ، وأقام معاقله في منطقة الظهرة بقيفة إلى جوار التنظيم الذي تركزت معاقله في يكلا ، وتلقى كما القاعدة أموالا وذخائر غربية لقتال الجيش واللجان الشعبية ـ وإن كان بوتيرة أقل من القاعدة التي تملك انتشاراً وأسعاراً وعلاقات واسعة مع الشرعية وصلت حد تعيين قيادي قاعدي مسجل على لائحة ممولي التنظيمات الإرهابية عبدالوهاب الحميقاني مستشارا لهادي ، ومثله كثر توزعوا في مناصب سياسية وعسكرية ضمن قوام المرتزقة .
دور محلي وإقليمي
منذ ثلاثين عاما وتنظيم القاعد متواجد في مناطق يكلا وقيفه وتحولت فيما بعد إلى معقل أساسي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعد اندماج فرعي التنظيم في السعودية واليمن، وطالما استخدم التنظيم في الصراع السياسي الذي انتهجه النظام السابق ضد خصومه أو فيما بين أطرافه بعد الانشقاق الذي وقع في أعقاب الثورة الشبابية عام 2011م.
مفاعيل محلية وإقليمية
داعش خسرت أول مواجهة مباشرة مع الجيش واللجان الشعبية والذي أحكم الطوق على تنظيم داعش في معقله الرئيسي في غيل أم شريه حيث يتواجد منزل زعيم داعش أبو وليد العناني والقائد العسكري للتنظيم يوسف الحجي ومقرات قيادة التنظيم الإجرامي في اليمن .
العملية العسكرية النوعية والمفاجئة ، ستعيد خلط الأوراق في الميدان وظهرت تجلياتها سريعا على جبهات مارب التي استقدمت العشرات من مسلحي التنظيمين للقتال، و ظهرت تأثيراتها كذلك في حالة الارتباك التي سادت غرفة قيادة التحالف في الرياض ، قبل أن يضطر للتدخل علانية رغم الحرج الدولي ويشن الغارات دعما لتنظيمي القاعدة وداعش بصورة فاضحة ، تفيد المعلومات بأن الإعلام الحربي وثق الغارات الأمريكية وغارات التحالف المساندة لمقاتلي القاعدة الذين لم يخفوا إعلامهم وشعاراتهم عن مواقعهم ، بالإضافة إلى توثيق معامل صناعة الأحزمة الناسفة وورشات التفخيخ والسجون السرية .
ومن المؤكد أن مفاعيل العملية العسكرية في البيضاء وهي في خواتيمها ضد معاقل تنظيمي داعش والقاعدة ، لن يبقى مقتصرا على الداخل اليمني وإن كان انعطافه مهمة في الحرب ، ظهرت تجلياتها السريعة في الانهيار الذي تعيشه جبهات المرتزقة في مارب ، فإنها ستمتد بتأثيراتها إلى الإقليم فالقاعدة خسرت عاصمتها المنيعة في شبه الجزيرة العربية والعشرات من قياديها، وتنظيم داعش فقد عاصمته في اليمن بعد سوريا والعراق وتلقى خسارة ثقيلة على مستوى القيادات في أول مواجهة مباشرة مع الجيش واللجان الشعبية .
ومن شأن هذه الخسار المزدوجة لتنظيمات حليفة للولايات المتحدة في دول مناهضة لسياساتها الإجرامية، إن تعجل بقرار خروج أمريكا من المنطقة وترك عملائها المطبعين مكشوفين يواجهون مصيرهم المخزي.
وقبل ذلك.. يمكن اليوم لضحايا التنظيمين الإجراميين خلال سنوات العدوان وعقود من حكم النظام السابق العميل قبيل ثورة ال21 من سبتمبر أن يرقدوا بسلام ولذويهم أن يبتسموا أخيرا ، ولليمنيين أن يتنفسوا الصعداء ، وللشعوب التي ذاقت جحيم هذه العناصر الإجرامية أن تهنأ بالإنجاز اليمني الأخير والكبير.

قد يعجبك ايضا