عندما يبحث العار عن المجد

 

حمدي دوبلة

من وسط براثن الخزي والعار والفضيحة يحاول حكام الإمارات استخلاص بطولة واستنباط مجد والتأكيد بأن التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني كان من تلك الأعمال العظيمة التي تنطوي على إنجازات لافتة ومكاسب جليلة للقدس ولفلسطين وللأمة ولأمن واستقرار المنطقة والعالم.
ثرثر محمد بن زايد مطولا كما فعل العديد من حكام إماراته البائسة ومعهم طابور طويل من أبواق الإعلام ووسائل الزيف والتضليل عن ما أسموه الإنجاز التاريخي وكيف انه تمكن من اقناع نتنياهو في الكف عن المضي قدما في ممارسة هواياته المفضلة بضم المزيد من أراضي الفلسطينيين لدولته المحتلة وإن من شأن هذا التطبيع أن ينعكس برداً وسلاماً على امن وسكينة شعوب أمتنا وسلامة مقدساتها ولم يلامسهم أي شعور بخجل وهم يصورون مهندسي هذا الاتفاق “العار” وكأنهم صنَاع تاريخ مشرّف وفرسان سلام حقيقيون.
لسنا بحاجة إلى تبيان فظائع وجرائم ما اقترفه ويقترفه “فرسان السلام” الإماراتيين بحق أشقائهم في اليمن وما ارتكبوه من مجازر يندى لها جبين الإنسانية طوال السنوات الست الماضية في هذا البلد العربي المسلم وكذلك في سوريا وليبيا وغيرها من بلاد أمة الإسلام وما يمارسونه من أنشطة تخريبية وإرهابية لتقسيم هذه البلدان ونشر الاقتتال والصراعات بين أبنائها وتجنيد كل إمكانياتها وثرواتها لخدمة أعداء الأمة وتنفيذ مخططاتهم وأجندتهم، كما لن نعرِّج على الجزئية التي تغنى بها الإماراتيون كثيرا والخاصة بمزاعم موافقة رئيس حكومة العدو الصهيوني التخلي عن خططه لضم أراضي الفلسطينيين، فنتنياهو نفسه استكثر على “المطبعين” الجدد التباهي ولو كذبا وسارع إلى نفي صحة ما لاكته ألسنتهم خلال ساعات وأيام ما بعد إعلان الاتفاق.
حسناً فعلت الإمارات بمجاهرتها بالتطبيع بعد أن ظلت لعقود تنخر كيان الأمة سراً وستحسن مملكة بن سلمان صنعاً كذلك بانظمامها المرتقب إلى ركب “التطبيع” العلني، وأتوقع شخصيا ألاّ يطول الأمر كثيرا على ذلك ولربما سيكون خلال الأسابيع القليلة المقبلة وقبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ..فمملكة سلمان ونجله هي التي فتحت بالفعل أبوابها علنا للكيان الصهيوني من خلال بناء مشروع نيوم، وتوسيع استثمارات رأس المال السعودي في الشركات والأفراد الإسرائيليين والانتقال بعلاقات التعاون مع هذا الكيان من مرحلة السرية التي استمرت لعقود، إلى مرحلة العلنية والمجاهرة.
أستغرب من التحليلات التي تبحث في سر توقيت إعلان التطبيع الإماراتي الصهيوني وخاصة تلك التي تحاول الحفاظ على شيء من ماء وجه حكام أبوظبي من خلال القول بأنه يأتي في سياق استعداد الأمارات وحلفائها لمواجهة مرتقبة مع تركيا في البحر المتوسط وليبيا. وإن هذا الاستعداد يتطلب تعاوناً شاملاً بين كل أطرافه وإن مثل هذا التعاون لا يتحقق إلا بتطبيع علني.. إلى آخر مثل هذه التخرصات التي تسعى لإخفاء حقيقة أن مثل هذه الأنظمة المنبطحة لا تملك من أمرها شيئا وأنها ليست أكثر من مجرد مطايا ركوب وأدوات رخيصة بيد الأعداء يستخدمونها متى شاءوا ولأتفه الأغراض.

قد يعجبك ايضا