الاغتيالات والانفلات الأمني وصراعات المرتزقة.. مشاهد يومية في المناطق المحتلة

تحالف العدوان ومرتزقته يدمّرون وجه عدن الحضاري

 

الإمارات وراء جرائم التصفيات ومنحت دحلان دور الوسيط للتعاقد مع شركة متخصصة في الاغتيالات

جرائم الاغتيالات التي تشهدها المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي ومنها عدن تكشف حجم الفوضى التي وصلت إليها تلك المحافظات مع تصاعد وتيرة الصراعات بين أدوات الاحتلال وأدى ذلك إلى انتشار الخوف والرعب في أوساط المواطنين.
وتشهد المحافظات المحتلة حالة شديدة من الانفلات الأمني والفوضى والاغتيالات تعيشها دون توقف، حيث انتشر الرعب والخوف وإقلاق السكينة العامة وانتهاك الحقوق والحرمات وقتل النفس المحرمة واعتقال المدنيين العزل بعد مداهمة منازلهم وغيرها من الجرائم مع انهيار الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء، بينما يقابل ذلك إنجازات أمنية وطمأنينة وإنجازات خدمية في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني.

الثورة /أحمد السعيدي

احتجاجات في عدن
وشهدت مدينة عدن المحتلة مؤخراً وقفات احتجاجية تنديداً بتردي الخدمات العامة منذ أشهر، حيث توافد المئات من أبناء المحا فظة إلى ساحة العروض في قلب مدينة خور مكسر استنكاراً لفشل السلطات المحلية في تقديم حلول جذرية لتردي الأوضاع مع انهيار الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء، وحمَّل المحتجون تحالف العدوان الذي تقوده السعودية وحكومة الفار هادي وما يسمى المجلس الانتقالي، المسؤولية الكاملة إزاء انهيار المنظومة الكهربائية في المدينة.
واتهم المشاركون ما يسمى المجلس الانتقالي بالوقوف خلف عمليات الفساد والتلاعب بالوقود المخصّص لمحطات الكهرباء في مدينة عدن.. داعين إلى تحييد عدن وأهلها عن الصراع السياسي الدائر في البلاد، والذي أثّر بشكل كبير على مستوى الخدمات العامة.
مؤكدين أن أبناء مدينة عدن أصبحوا تحت رحمة تحالف العدوان الذي يبحث عن مواقع استراتيجية في المدينة، غير عابئ بما خلّفته سياساته من نتائج كارثية أسهمت في زيادة معاناة المواطنين.
وطالب المشاركون في الوقفة برحيل تحالف العدوان وحكومة الفار هادي والمجلس الانتقالي، متوعدين بتصعيد احتجاجاتهم مع بداية الأسبوع القادم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم وكشف حقيقة استغلال تحالف الاحتلال وأدواته للقرارات وتوجيهها لخدمة مصالحه الخاصة وفضحه أمام العالم.
وتأتي التظاهرة غداة قمع قوات ما يسمى الانتقالي -المدعوم إماراتياً- المحتجين الذين قاموا بإغلاق الطرق الرئيسية وأحرقوا عدداً من الإطارات في خور مكسر، ما أدى إلى توقف حركة السير بشكل شبه كلي، تنديداً بتردي الخدمات وانقطاع الكهرباء عن منازلهم.
تزايد الاختطافات وغياب الأمن
وتعيش مناطق الاحتلال في ظل تزايد الاختطافات حيث أقدم مسلحون مجهولون قبل أيام في محافظة عدن المحتلة على اختطاف موظف حكومي من أبناء مديرية المنصورة منذ أيام.
وأفادت مصادر محلية بأن الشاب عهد عبدالله صالح الذي يسكن في حي المسبح، ويعمل في بريد القاهرة، اختفى الجمعة الماضية في ظروف غامضة، مشيرة إلى أن عهد خرج في أحد الأيام ليلاً من منزله بسيارة صاحبه، ولم يعد.
يأتي ذلك ضمن عمليات الاختطاف التي تشهدها المحافظة المحتلة منذ أكثر من 5 سنوات، نتيجة الانفلات الأمني، والتي طالت الكثير من أبناء عدن ومنهم الأطفال والفتيات، حيث اختطفت عصابة مسلحة، في منتصف مارس الماضي فتاة عشرينية تدعى ولاء أحمد سعيد من منزلها في مديرية البريقة، وطلبت العصابة من أسرتها مليوني ريال مقابل إطلاق سراحها، علاوة على اختطاف أخريات تم اغتصابهن وقتلهن، وسط اتهامات للقوات الإماراتية بالوقوف وراء تلك العمليات.
الاغتيالات والتصفيات
وكانت الاغتيالات واحدة من أسوأ جرائم الاحتلال الإماراتي في مدينة عدن المحتلة، والتي كان آخرها اغتيال إمام جامع يدعى رامي أحمد فضل في إبريل الماضي بعملية دهس طقم مسلح يتبع قائداً عسكرياً محسوباً على الإمارات في منطقة بئر أحمد، لينضم إلى قائمة تضم أكثر من 28 إماماً وخطيباً قتلوا منذ منتصف عام 2016م حتى أغسطس 2018م، وكشفت محاضر تحقيق للنيابة العامة في عدن، سرَّبها القيادي الجنوبي عادل الحسني، أن نائب رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، رجل الإمارات المدعوم من قبل أبوظبي، هو المسؤول عن تصفية 30 داعية سلفيا وآخرين من حزب الإصلاح.
وحسب اعترافات الجناة المثبتة في محاضر التحقيقات، فإن رجل الدين السلفي هاني بن بريك كلّف بتشكيل فريق اغتيالات بهدف تصفية قائمة حوت 25 اسماً من دعاة وأئمة مساجد بعدن، على رأسهم الشيخ سمحان العريقي المعروف بالشيخ «الراوي»، الذي عرف بمعارضته للأنشطة الإماراتية في عدن.
ووفقا للجناة، في محضر التحقيق، فإن «بن بريك كان يلتقي بهم في معسكر يتبع الاحتلال الإماراتي في منطقة البريقة بعدن، وذلك للتخطيط لعمليات الاغتيال، وأنهم كانوا ضمن فريق يتبعون الحزام الأمني، الذي قامت الإمارات بتشكيله في وقت سابق».
تدمير عدن
وكان عدد من الناشطين والحقوقيين والأكاديميين، قد شنوا حملة واسعة ضد ميليشيات المجلس الانتقالي وحكومة الفار هادي والصليب الأحمر الدولي، على خلفية اعتزام الأخير إقامة مستشفى ميداني على أحد أهم السواحل السياحية في مدينة عدن المحتلة، داعين إلى الخروج في مظاهرات لإيقافه.
وعبّر الناشطون والأكاديميون، في مقالات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استيائهم واستنكارهم لهذا المشروع، وسخريتهم من اختيار أهم المتنفسات المكتظة بالسكان، وأهم وأجمل المزارات السياحية في عدن، لإقامته.
وتساءل العديد من الناشطين، على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، عن السرّ وراء اختيار ساحل أبين دون غيره، رغم عدم ملاءمته طبياً ولا جغرافياً لإقامة المشفى الميداني عليه؟! ولماذا لا يتم دعم المستشفيات الحكومية، كمستشفى عدن، وإقامة مثل هذه المراكز فيها بدلاً من الأماكن السياحية والمتنفسات؟!
مشيرين إلى أن الهدف من المشروع ليس المستشفى الميداني، بل نهب المساعدات الدولية للمواطنين في عدن، والاستيلاء على مساحة من ساحل أبين، وبناء مشاريع خاصة بالفاسدين ولصوص الأراضي، بتلك الأموال.
خصخصة الحروب
وفي وقت سابق ذكر موقع بزفيد أن الإمارات منحت دور الوساطة لدحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي للتعاقد مع شركة الأمن الأمريكية الخاصة «سبير أوبريشن» المكونة من عسكريين سابقين بالقوات الخاصة بهدف تشكيل فرقة مرتزقة مهمتها اغتيال شخصيات سياسية ودينية مقربة من حزب الإصلاح.
كما يكشف الموقع عن خصخصة الحروب، ومزيداً من الاعتماد من قبل الدول على شركات خاصة، حيث أدت الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان إلى إنشاء العديد منها بعد عودة الآلاف من عناصر القوات الخاصة من أرض المعركة، وتأسيسهم لها بدلا من التقاعد عن العمل العسكري لما لهم فيه من باع طويل.
وأفاد موقع بزفيد بأن ضابطا إماراتيا قدم للمرتزقة قائمة اغتيالات بها 23 شخصاً لأعضاء في حزب الإخوان وعلماء دين، مقابل امتيازات مالية كبيرة تصل إلى 5 ملايين دولار شهريا مع مكافآت خاصة عن كل عملية اغتيال ناجحة.
كما أكد أن الصفقة التي جلبت المرتزقة الأمريكيين إلى عدن تم الاتفاق عليها خلال وجبة غداء في مطعم إيطالي بنادي الضباط في قاعدة عسكرية إماراتية في أبو ظبي، وكان مضيفهم فيها دحلان.
شركة اغتيالات
كما كشف تحقيق استقصائي أجرته وكالة باز فيد نيوز الأمريكية عن تورط أبوظبي وأذرعها في عمليات الاغتيال.
وجاء في التحقيق الذي نشرته الوكالة في أكتوبر 2017م: إن شركة تعهدات أمنية خاصة تدعى (مجموعة عمليات الرمح) أسسها الهنغاري الإسرائيلي أبراهام غولان في ولاية ديلاوار الأمريكية، وقعت عقدا من الحكومة الإماراتية للقيام بأجندة تتضمن عمليات اغتيال لأعضاء من حزب الإصلاح وغيرهم في مدينة عدن، واستخدمت الشركة مقاتلين سابقين في القوات الخاصة الأمريكية لتنفيذ عمليات الاغتيال.
ونقلت وكالة باز فيد عن أبراهام غولان قائد الفريق الذي نفذ العملية قوله: «كان هناك برنامج اغتيالات في اليمن، كنت أديره وقمنا به، ووافقت عليه الإمارات ضمن التحالف».
كما نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول أمني كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، لأسباب أمنية، إن الإمارات هي من تقف وراء عمليات الاغتيال التي تطال رجال دين وضباطاً أمنيين بعدن، وشملت المعلومات اعترافات خطيرة للمرتزقة وتفاصيل بشأن بعض الشخصيات المستهدفة، تصبّ في مجملها في تأكيد مسؤولية الإماراتيين المباشرة عن جرائم وحوادث دامية شهدتها عدن ومدن أخرى جنوبي البلاد منذ سنوات.
تمتلك »أدلة«
طالبت شركة «ستوك وايت» الدولية للمحاماة، بمنح ولاية قضائية دولية للولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا، لتوقيف مسؤولين إماراتيين متهمين بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
وقالت الشركة (مقرها العاصمة البريطانية لندن)، إنها تمتلك «أدلة على ارتكاب الإمارات جرائم حرب في اليمن، بينها ممارسة التعذيب والقتل خارج نطاق القانون، واستخدام مرتزقة».
كما نوهت الشركة في بيان صحفي بأنها قدمت أدلة ارتكاب الإمارات جرائم حرب وتعذيب في اليمن إلى دائرة شرطة العاصمة البريطانية ووزارة العدل الأمريكية ووزارة العدل التركية.
دور محمد دحلان
وفي أكتوبر 2018م كشف موقع «بازفيد» الأمريكي منح الإمارات دور الوساطة لمحمد دحلان للتعاقد مع شركة الأمن الأمريكية الخاصة «سباير أوبريشن»، مكونة من عسكريين سابقين بالقوات الخاصة الأمريكية بهدف تشكيل فرقة مرتزقة مهمتها اغتيال شخصيات سياسية ودينية مقربة من حزب الإصلاح.
ويسلط لجوء الإمارات إلى شركات عسكرية خاصة أمريكية «مرتزقة» الضوء على تطورات عدة تشهدها الحروب والصراعات الحديثة، ومن أبرزها تحول الحروب من النمط التقليدي الذي كان يركز على تدمير القواعد الجوية أو ترسانات الأسلحة، إلى اغتيال أشخاص معينين بشكل مشابه لأسلوب الجرائم العالمية المنظمة، بحسب موقع «بازفيد».
ويظل ملف الخدمات الأساسية في عدن المحتلة مفتوحاً على فصول من العذاب، نتيجة إهمال السلطات المحلية والمجلس الانتقالي لمعاناة المواطنين، والاهتمام بالمصالح الضيقة والصراعات الداخلية.

قد يعجبك ايضا