ماذا تعلمنا من العدوان الأمريكي السعودي؟
حسن حمود شرف الدين
جاء العدوان الأمريكي السعودي على اليمن على أسس متينة بالنسبة لأمريكا؛ إذ كانت واضعة في حساباتها السياسية والعسكرية والثقافية أنها ستتمكن من اليمن وإخضاعه خلال فترة وجيزة مستعينة بحلفائها السياسيين وقوتها العسكرية ،وبما زرعت من عملاء في الداخل وبالثقافات المغلوطة التي تستهدف الثوابت والقيم الوطنية والإسلامية.
لكن ما استندت إليه أمريكا سرعان ما اكتشفت أنه جدار لا يقوى على الصمود أمام قوة الشعب اليمني واعتماده على الله سبحانه وتعالى واعتزازه بهويته الوطنية والإسلامية، إضافة إلى حكمة وصبر قيادته الحكيمة.
من هذا العدوان الغاشم ومحطاته المختلفة من عدوان وحصار وشائعات إعلامية.. إلخ، تعلم أو استفاد الشعب اليمني الكثير والكثير، وهنا نذكر أبرز النقاط عن ذلك:
أولاً: عرف اليمنيون مدى قدرة الله سبحانه وتعالى في نصرة المستضعفين على أكبر قوة عالمية تحالفت معها أكبر القوى الدولية والإقليمية.
ثانياً: تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة الخطر الخارجي وترتيب الصف الداخلي بشكل لا يستطيع العدو اختراقه لا من الخارج ولا من الداخل.
ثالثاً: عرف الشعب اليمني من هو عدوه الحقيقي والمتمثل في قوى الاستكبار العالمي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، ومن هو مرتهن وعميل لهذه القوى في المنطقة مثل السعودية والإمارات والدول المتحالفة معهما في العدوان علينا نحن الشعب اليمني.. أمريكا تقتل الشعب اليمني، أمريكا تحاصر الشعب اليمني.
رابعاً: تأكد لنا نحن كشعب يمني أن المنظمات الدولية ومساعداتها ومبادراتها ما هي إلا ظاهرة صوتية ولوجستية تخدم أهداف ومصالح قوى الاستكبار التخريبية الاستعمارية لنهب الثروات واحتلال الأرض واستعباد الإنسان اليمني.
خامساً: زاد يقين اليمنيين بأن قوى الاستكبار العالمية يمكن مواجهتها بأبسط الإمكانيات المتاحة ،وما هم إلا كالكلاب الضالة إن تحمل عليها تلهث وإن تتركها تلهث.
سادساً: تعلَّم الشعب اليمني ضرورة الاستعداد النفسي والعسكري والجهوزية الكاملة في كل وقت وأوان لمواجهة أي خطر قد يحدق ببلادنا، فالقوة هي الرادع الوحيد لإيقاف الأطماع الخارجية التي تستهدف اليمن.
سابعاً: استفدنا من الآلام التي تعرضنا لها -ولا زلنا- أن نشعر بآلام الآخرين، وأن نسعى للتخفيف عنهم حتى ولو كنا نعاني الأمرين.. فالشعور بمساعدة الآخرين وأنت في قمة الألم يزرع الأمل والقوة لمواجهة الأعداء.
ثامناً: تعلمنا من العدوان وحصاره ضرورة السعي للاكتفاء الذاتي وزراعة الأرض واستخراج الثروات الوطنية والاستفادة من الكادر البشري في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية الإنتاجية كي لا نكون عُرضة لأي ابتزاز خارجي.
تاسعا: تعلمَّنا من قطع الرواتب أن الرزق ليس بيد الإنسان مهما كانت قوته وإمكانياته، وأن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى.
عاشرا: تعلمنا أن نعالج أنفسنا بأنفسنا، وأن ننقذ أنفسنا بأنفسنا، وأن يساعد بعضنا بعضاً وألاَّ نطلب مساعدة من أحد، فقد جربناها سابقا، فكانت وسيلة للضغط ومحاولة لكسب انتصارات على حساب عزة وكرامة الشعب اليمني.
أحد عشر: تعزز مبدأ التكافل الاجتماعي في المجتمع، وأصبح المجتمع هو الرافد الرئيسي لدعم جبهات القتال بالمال والرجال.. كما أنه الداعم الرئيسي للمؤسسات الوطنية المعنية بأسر الشهداء والجرحى والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
اثنا عشر: ذابت الحواجز الاجتماعية التي صنعتها الثقافات المغلوطة وأصبح الجميع سواسية، مجتمعاً واحداً، لا فرق بينهم إلا بالجهاد في سبيل الله والإحسان والتقوى.
لذلك نحن معنيون اليوم بمواجهة مشاكلنا وكل ما يحيط بنا من عدوان وحصار وقطع رواتب وأمطار وسيول وتهدم منازل تاريخية وشعبية وانهيار سدود وتشقق شبكة الطرق وجرف الأراضي الزراعية.. فنحن فقط من نستطيع مساعدة أنفسنا.. نحن فقط من يواجه العدوان، ونحن فقط من سيعيد بناء السدود وفق خطط هندسية مدروسة، ونحن فقط من سيعيد إعمار المنازل التي تهدمت وترميم المدن التاريخية، ونحن فقط من سيستصلح الأراضي الزراعية التي جرفتها السيول.
وهذا كله وغيره لن نستطيع مواجهته وإصلاحه وإنجازه إلا بتكاتف الجميع، حكومة، ومنظمات مجتمع مدني، والمجتمع نفسه، بمختلف مكوناته وتخصصاته.. فالشعب اليمني لا زالت خياراته الاستراتيجية مفتوحة ومفاجآته التي أبهرت العالم تتوالى يوما بعد يوم.. والقادم أعظم وأشد تنكيلا بالأعداء.