أمين العاصمة يعجز عن حماية المقبرة المجاورة لمنزله.. وشيخ يوقف الاعتداء

>البناء..المجاري.. ارتكاب جرائم أبرز الاعتداءات.. والإهمال واللامبالاة رد الجهات المعنية

>10 آلاف اعتداء على مقابر العاصمة خلال الخمسة الأعوام الماضية

كانت رائحة المجاري تلوث أجواء مقبرة دارس القادمة من المنازل والفنادق والمحلات التجارية التي تم بناؤها على نهاية أرض المقبرة من جانب الخط الرئيسي للمطار الحصبة حاولنا أن نسد أنوفنا لكننا لم نقاوم رائحة ومخلفات المجاري المتدفقة على ساكني المقبرة.. الاعتداء لا يقتصر هنا على المجاري فقط فقد تم بناء منازل ومحلات تجارية وفنادق وسوق لبيع القات أيضاٍ في أرض خاصة بالمقابر.. الجهات المعنية لم تضع حدا حتى الآن لكل هذه المشاكل.. بل عملت على شق خط “مدخل وادي أحمد” من وسط المقبرة ليتم فصلها إلى جزئياٍ..
فخلال نزولنا الميداني واستكمالا للتحقيق السابق الذي تم نشره في العدد الماضي زرنا بعض مقابر العاصمة صنعاء وتحديداٍ مديرية بني الحارث شمال الأمانة برفقة مسؤول المقابر بأوقاف الأمانة يحيى السني فوجدنا ما لا يسر الناظر ولا يخطر على بال أحد.. وخرجنا بالحصيلة التالية:

مقبرة (الصلبي) كانت بداية طريقنا بعد مقبرة دارس وهذه المقبرة مجاورة لبيت أمين العاصمة عبدالقادر هلال الكائن بالروضة.. مساحتها تقارب الـ ( ) متراٍ تم الاعتداء عليها خلال أيام عيد الأضحى الماضي من قبل بعض المتنفذين وتم حفرها وتخطيطها في ذلك الوقت وشرع بعضهم بحفر الأساس للبناء فيها.. ورغم أنها جوار أمين العاصمة لكنه لم يوقف الاعتداء الذي وضع له حداٍ أحد المشايخ في المنطقة في الوقت الذي كان يفترض أن تضع أمانة العاصمة حدا للاعتداءات المتكرر لوقف الله ووضع إجراءات صارمة ورادعة للمعتدين بأن لا مجال للاعتداء على المقابر.
معرض فوق القبور
اتجهنا بعد ذلك إلى مقبرة بيت عاطف المجاورة لخط المطار الجديد وليتنا ما اتجهنا إليها لما استكشفنا من مأساة وربما جريمة لا تغفر لمرتكبها… هناك حيث تحولت أرض المقبرة إلى معرض لبيع السيارات وممارسة البيع والشراء.. أربعة أو خمسة قبور هي كل ما تبقى من تلك المقبرة لتكون شاهدة.. هذه القبور على الجريمة التي تعرضت لها القبور التي دكت وطمست من على الواقع.. المعتدي على المقبرة ترك هذه القبور ما بين الشارع الرئيسي وبين شباك وباب المعرض المغلق حالياٍ.
منزل في المقبرة
مقبرة (العذراء) لها نصيبها من الاعتداء.. فقد أقدم أحد المواطنين على بناء منزل داخل أرض المقبرة التي لم يتبقِ فيها إلا جزء بسيط من مساحتها نظراٍ لعدد القبور فيها.. ذلك المواطن يملك الوثائق التي تؤكد صحة امتلاكه للأرض.. ومكتب أوقاف الأمانة لم يستكمل إجراءات التعويض بحسب إفادته لنا.
10 آلاف اعتداء
هذا جزء بسيط من الاعتداءات التي تتعرض لها مقابر العاصمة والتي لم يتبق منها 148 مقبرة من أصل 338 مقبرة والتي حدد المختصون الوقت المحدد لاكتمالها عاما إلى عامين.. فرغم قلتها ورغم مطالبة أوقاف العاصمة بإيجاد مقابر جديدة لما ستواجهه العاصمة بعد العامين القادمين من أزمة انعدام مقابر لدفن موتاهم.. لازال هناك من يعتدي على أراضي المقابر دون مبالاة أو الشعور بالمسؤولية الوطنية.
على صعيد ذلك كشف لنا مسؤول المقابر بأوقاف الأمانة يحيى السني إجمالي الاعتداءات التي شهدتها مقابر العاصمة خلال الخمسة الأعوام الماضية أي من عام 2008م وحتى نهاية الشهر الفائت والتي بلغت أكثر من (10) آلاف اعتداء 600 اعتداء كانت من نصيب مقبرة “ماجل الدمة” الكائنة بمديرية الصافية ويقول السني: تنوعت هذه الاعتداءات ما بين البناء تحديد مصبات ومخارج المجاري إلى داخل المقابر وارتكاب المحرمات في المقابر كشرب الخمور والزنا.. مشيرا إلى أنهم ضبطوا الكثير من الاعتداءات وهدموا بعض المنازل المبنية داخل المقابر وكذا أحالت بعض القضايا إلى النيابات المتخصصة التي فصلت في بعضها وبعضها لازالت منظورة أمامهم.
تسوير المقابر
وأرجع السني عدم قيام أمانة العاصمة بواجبها الملقى على عاتقها والمتعلق بتسوير المقابر أهم العوامل والأسباب التي أتاحت للمواطنين وسمحت لهم بالتعدي وانتهاك حرمة المقابر سواء بالبناء أو العبث فيها إضافة إلى ذلك تساهل أوقاف الأمانة مع المعتدين خاصة عند احتجازهم في إدارة الأمن.. إذ يتم الإفراج عنهم بصلح قبلي أو وساطة مما يؤدي ذلك بحسب السني إلى ضياع أموال الأوقاف منها المقابر.
وعن دور الأمن في هذا الجانب يقول السني “نقوم بتحرير مذكرات لمدراء المناطق الأمنية التي وقع الاعتداء في نطاق عملها وهم متجاوبون معنا ويساندون طقومات أمن مكتب أوقاف الأمانة إلا أنهم أي من المناطق يستاؤون عندما يقوم المكتب بالإفراج على المعتدين بدون اتخاذ أي إجراءات قانونية ضدهم لأن بعض عمليات الضبط تشهد إطلاق نار من المعتدي على رجال الأمن”.
وحمل السني مدير عام أوقاف الأمانة ووزير الأوقاف ضياع أموال الأوقاف منها المقابر كونهم لم يفعلوا دورهم الرقابي والإشرافي على أراضي الوقف مكتفيا حد تعبيره بالتواجد في مكاتبهم والتوقيع على حافظات الدوام.. مناشدا قيادة وزارة الأوقاف ومكتب الأمانة الاهتمام بالمقابر والحفاظ عليها وأن يستشعروا المسؤولية الملقاة على عاتقهم أمام الله والوطن.
وشدد السني على ضرورة دفع رواتب حراس المقابر من قبل الأوقاف والتي تتراوح ما بين (5-8) آلاف ريال كونها لا تغطي شيء من احتياجاتهم المعيشة.. مطالبا وزارة الأوقاف والداخلية وخطباء المساجد وعقال الحارات ومدراء المدارس بالوقوف إلى جانب مكاتب الأوقاف للحفاظ على المقابر بالإضافة إلى تعليم أبنائهم ومنعهم من الاعتداء على حرمة القبور أو حراسها.. وذلك لما شهدته بعض المقابر وحراسها من اعتداءات نفذها بعض طلاب المدارس عند هروبهم من المدارس.
وقال السني إن البرنامج الذي أعده للعمل لم ينفذ في ظل إهمال التعمد من قبل الجهات المعنية.
المجالس المحلية
من جانبه أكد مدير عام أوقاف الأمانة المهندس قايد محمد قايد أن المكتب يقوم بكافة الأعمال المناطة به كالإشراف والرقابة على المقابر ووقف الاعتداءات التي تطالها واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.. مشيرا إلى أن المكتب تواصل مع المجالس المحلية بالمديريات الفترة الماضية من أجل تسوير المقابر التي لم تكن مسورة والذين قاموا بدورهم في عملية التسوير وبذلوا جهدا رائعا في ذلك يستحقون عليه الشكر.
عوامل شجعت
الأزمة التي شهدها الوطن -ولا زال- شجعت المواطنين على ممارسات سلوكيات وبسط بالقوة على الأوقاف وارتفعت نسبة الاعتداءات على أراضي المقابر خاصة في ظل الوضع الأمني الذي مرت به بلادنا بحسب المهندس قايد.. منوها بأن انعدام الوعي الإسلامي لدى بعض المواطنين بأهمية الحفاظ على حرمة الأموات وصيانة قبورهم أهم الأسباب التي دفعت بهم للاعتداءات على المقابر.
ضعف الوازع الديني
وفي السياق ذاته أرجع مدير عام أوقاف محافظة صنعاء صالح خميس أسباب الاعتداء على موقع المقبرة نفسها والتي تتواجد بعضها على شوارع المدن الرئيسة مما يعرض واجهتها “المقبرة” للاعتداء والبناء فيها من قبل بعض الأشخاص الذين لم يعتبروا من الموت إضافة إلى ذلك عدم تسوير الدولة والجهات ذات العلاقة للمقابر مما يتيح للمواطنين المجاورين لها توسيع منازلهم وبناء ملاحق لها في أرض المقبرة وكذلك ضعف الوازع الديني عند بعض المواطنين.
الحكومة وواجبها
وطالب خميس الدولة والجهات المختصة بتسوير المقابر والوقوف بجانب مكاتب الأوقاف من أجل الحفاظ على ممتلكاتها إضافة إلى إيجاد مقابر وإدراجها ضمن ميزانية المجالس المحلية مقارنة بالمدارس والمرافق الصحية وغيرها من المرافق العامة التي تسعى الدولة جاهدة لإيجادها في كل حي.. مناشدا المواطنين عدم الاعتداء على المقابر والحفاظ على كرامة وحرمة الأموات حتى لا ينزل بهم عذاب الله كون الإسلام حرم الاعتداء عليها وكذلك الدولة بإيجاد حلول عاجلة وفورية تترجم على أرض الواقع وتوقف الانتهاكات التي تشهدها مقابر اليمن بشكل عام.
ليست العاصمة وحدها
وأكد مدير عام أوقاف محافظة صنعاء أن مقابر العاصمة ليست وحدها من تتعرض للاعتداء بل مقابر اليمن بشكل عام.. إذ تعرضت مقابر محافظة صنعاء خلال الفترة (20002009)م لـ(800) اعتداء تنوعت ما بين بناء وتحويل بعضها مزارع وطرق مشاة أو للسيارات.. مشيرا إلى أن مكتب الأوقاف يقوم بتحرير دعوة قضائية وجنائية للنيابات المختصة والقضاء ويتم الفصل في بعضها وحفظ بعضها من قبل بعض الجهات الضبطية التي لا تراعي حال الأوقاف حيث يطلبون منا وثائق وقف أرض المقبرة إلا أن مكتب الأوقاف لا يملك هذه الوثائق لمعظم المقابر بسبب انعدام أو ضعف الوعي الثقافي لدى المواطنين الذين يقومون بوقف الأراضي للمقابر خاصة في المناطق الريفية والقروية كما يقول صالح خميس.

قد يعجبك ايضا