عبدالسلام ورسائل الفرصة الأخيرة
عبدالفتاح علي البنوس
جاءت تصريحات رئيس الوفد الوطني الأستاذ محمد عبدالسلام لصحيفة 26سبتمبر المتعلقة بالحصار المفروض على السفن المحملة بالمشتقات النفطية وملف المرتبات والدور السلبي للأمم المتحدة والمبعوث الأممي البريطاني مارتن غريفيث لتضع النقاط على الحروف وتسمي الأشياء بمسمياتها ، حيث مثلت هذه الصريحات رسالة تحذير شديدة موجهة مفادها : لقد صبرنا وتحملنا ما فيه الكفاية ، وإذا لم تتغير مواقف الأمم المتحدة ومبعوثها والأطر والمنظمات التابعة لها ، فإن الأمر سيترك للقوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية للمضي قدما في معركة التحرير ، وعدم الالتفات نحو خزعبلات المفاوضات والتفاهمات والمشاورات واللقاءات والحوارات ، فلم تعد تجدي نفعا، ولا يمكن أن تصب في خدمة اليمن واليمنيين على الإطلاق ، في ظل الانحياز الفاضح للأمم المتحدة وللمبعوث الأممي.
رئيس الوفد الوطني تطرق في مقابلته لكافة القضايا والملفات المتعلقة بالأزمة اليمنية ، وتناولها بشفافية وجرأة ووضوح متجاوزا اللغة الدبلوماسية التي أدرك بأنها لا تجدي نفعا مع الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن ، حيث أشار إلى أن المبادرات التي قدمتها بلادنا تشجع قوى العدوان والأمم المتحدة للذهاب نحو التوصل إلى حلول توافقية تسهم في الوصول إلى سلام جاد ودائم في اليمن ، ولكن هذه المبادرات بما فيها من تنازلات تم التعامل معها بحالة من اللامبالاة والتجاهل من قبل قوى العدوان والأمم المتحدة ، وهو ما جعل الأوضاع تراوح مكانها وتذهب نحو المزيد من التأزيم ، نتيجة التصعيد المتواصل لقوى العدوان وتشديد الحصار المفروض على المشتقات النفطية وتنصل حكومة الفنادق عن تعهداتها المتعلقة بصرف كافة مرتبات موظفي الدولة.
رئيس الوفد الوطني وجه رسالة مباشرة وقوية للمبعوث الأممي ، قائلا ( لا نطلب المستحيل من المبعوث الأممي لكن إذا استمر بتصرفاته فأيامه تطوى) معتبرا اتهاماته لصنعاء بتأخير صرف المرتبات افتراء زائف ، يجعل منه مشاركا بالحصار على اليمن ، مؤكدا على أن ( الأمم المتحدة منذ إنشائها لم تخرج عن العباءة الأمريكية والبريطانية ) وعلى غريفيث أن يعي ويستوعب مضامين هذه الرسائل الهامة التي وجهها الأستاذ محمد عبدالسلام المجردة من المزايدة والاستهلاك الإعلامي ، والتي تلامس جوهر الأزمة وتضع الحلول والمعالجات لها كفرصة أخيرة للأمم المتحدة وللمبعوث الأممي الذي دأب على الكذب والافتراء على القوى الوطنية ، والتزلف والنفاق مع قوى العدوان ومرتزقتهم.
الكرة اليوم في ملعب البريطاني غريفيث ، وهو من بيديه تحديد مصيره وكتابة نهاية مهمته الأممية في اليمن ، هو من سيختار النهاية التي يختتم بها تاريخه ، النهاية التي ستكون في متناول كتاب التاريخ ، فبإمكانه دخول التاريخ من أوسع أبوابه بتبنيه سياسة الحياد والتعامل بشفافية ومصداقية مع الأزمة اليمنية بكل ملفاتها ، هو من يستطيع تفكيك العقد التي تحيط بها ، إن هو احترم نفسه وسعى لكي ينهي مسيرته بعمل يخلده للتاريخ ، دون الحاجة للانبطاح للسعودية والخضوع للإملاءات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية التي تزيد الأزمة اليمنية تعقيدا وتأزيما.
بالمختصر المفيد القيادة الثورية والسياسية حريصة كل الحرص على السلام ، ومن أجل ذلك قدمت العديد من المبادرات لإظهار حسن النوايا والتأكيد على حرصها على ايقاف العدوان ورفع الحصار وانهاء معاناة الشعب اليمني ، وحال تعنت ورفض قوى العدوان ومرتزقتهم وتواطؤ الأمم المتحدة وانحيازها الفاضح دون أن تبصر النور ، وبذلك نكون قد استنفذنا كافة الخيارات السلمية ، ولم يعد من خيار لنا غير المواجهة بغية انتزاع قرار ايقاف العدوان ورفع الحصار وصرف المرتبات وانهاء الاحتلال انتزاعا بقوة السلاح ، انطلاقا من المقولة الإمريكية التي تقول (إذا أردت السلام فاحمل السلاح ).
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.