بصوت منخفض: عودة كورونا
عبدالملك سام
سيداتي سادتي ، أرجوكم لا تتركوا مقاعدكم .. أنا أعلم أن موضوع كورونا بات سخيفا وسمجا ، خاصة بعدما شعر أولئك الذين سخروا من الوباء منذ البداية بنشوة النصر ، فهم يرددون على مسامعنا في كل وقت دون كلل : “ألم نخبركم منذ البداية ؟” ، ولكن لي تعقيب بسيط، فأرجو أن تجلسوا لنتحدث قليلا ..
الوباء لم ينتشر كثيرا ، فالحمد لله على هذا اللطف بشعبنا المسكين ، كما لا ننسى الجهد الكبير الذي بذلته وزارة الصحة ووسائل الإعلام في ظل ظروف بالغة السوء ، كما لا ننسى أيضا سعي جارة السوء لنشر الوباء بأية وسيلة في بلادنا، هذا كله تجاوزناه بفضل الله ..
تعالوا لنجري جردا سريعا لما تسبب به الوباء ، والملاحظة الأولى التي لا يمكن أن تفوتنا هي اختفاء معظم ذلك الصف الأبيض الطيب من صفوف المساجد ، وأنا أعني هنا كبار السن ، وبعيدا عن الأسباب هل هو كورونا أم الرعب الذي سببه كورونا على كبار السن المرضى، المهم أنهم رحلوا رحمهم الله .. أما الأثر الثاني فهو زيادة الوعي الصحي واختفاء عادات سيئة في مجتمعنا كالأحضان والتزاحم وإهمال النظافة ، فقد اكتشفنا أننا كنا لا مبالين بأشياء مهمة سواء لتفادي كورونا أو غيره من الأمراض .
الأطباء ومالكو الصيدليات أكثر الناس حظا ، بينما كان أصحاب المطاعم ومحلات الكماليات الأكثر تبرما .. هناك الذين اغتنموا الفرصة كالعزاب الذين تزوجوا بعد أن تخلصوا من التعقيدات الاجتماعية المكلفة ، وأيضا اللحادون الذين انتعشت تجارتهم لفترة ، وعشنا فترة كان الجو فيها نقيا بسبب قلة تحرك السيارات وبقاء الناس في منازلهم ، وعلى ذكر البقاء في المنزل فقد تعرف أرباب الأسر على عائلاتهم أكثر واكتشفوا أشياء لم يكونوا يعرفونها عن أفراد أسرهم.
مؤخرا ، تم فك القيود “تدريجيا” ، وتدريجيا عندنا تعني كثيرا جدا .. وهذا أمر مقلق، فكما نرى فقد اصبح الناس لا يلتزمون بأي شيء ، بل ان الكثير من المتحمسين يؤكدون أن ما حدث كذبة كبيرة ولا وجود لشيء اسمه كورونا ، متناسين أن هناك وفيات حصلت فعلا بسبب هذا المرض اللعين الذي يؤكد معظم الخبراء أنه وباء مصنع، وهذا الكلام ليس من عندي ، والجميع يعرف .
اليوم يعود الوباء للانتشار في دول عدة وبعضها قريب منا كالسعودية وإيران، وهناك تحذيرات من موجة ثانية وأعنف ، ونحن نقترب شيئا فشيئا من فصل الخريف ويليه الشتاء ، وهناك تحذيرات من ظهور كورونا مطور … إلى آخر هذا الكلام المزعج الذي ما عدنا نريد أن نسمعه، لكن ما يجب أن نفهمه هو أنه يجب أن نستمر في ممارسة العادات الصحية حتى نضمن الوصول إلى بر الأمان بشكل تام ، كما يجب على حكومتنا التفكير في كل ما جرى والاستعداد لأسوأ الاحتمالات خاصة تلك المرتبطة بنوايا جارة السوء تجاه اليمن .
أنا لا أريد أن أكون متشائما ، ولكنه كلام من باب الحرص على سلامتكم ، وما أراه هو أن تلك العادات الجيدة التي اكتسبناها في الفترة الماضية كالنظافة ورعاية الأسرة يجب أن تستمر ، وهو أمر لا أظن أنه يزعج أحداً، كما أننا يجب أن نتحلى بالوعي والتفكير الإيجابي الذي جنبنا الكثير من الكوارث.. هذا ما كنت أود قوله، ودمتم بود .