رسالة قبائل اليمن
مصباح الهمداني
لا يستطيع الغُزاة أن يركِعوا شعبًا، إلا إذا انتزعوا كرامته، وهذا ما فعَلته الإمارات، والسعودية، فبدأوا بنزع «الجنبية» وهي تمثل الرمز والهوية اليمنية، وحينما وجدوا بأن كبار المرتزقة، ينزعونها بلا تردد، وبلا تحفظ، وبلا تأتأة، مدَّد الغزاة ولم يبالوا، فامتدت أيديهم للطم هذا، وسجن ذاك، وامتهان عرض آخر، ووصل الأمر بحثالة الغزاة أن يأمروا مرتزقتهم باختطاف الأبرياء في الطرقات والبيوت، من الرجال والنساء، وبيعهم للسعودية، كما حدث للعلامة الديلمي وللدكتور المتوكل والحمزي وسميرة مارش؛ في حقارة ووضاعة لم تحدث في التاريخ.
وتمادى الغزاة إلى ما هو أبعد من ذلك، وهو إطلاق يد عبيدهم من دواعش الإصلاح، في ارتكاب جرائم العيب الأسود في قلب القبيلة وعُمقها وعُرفها، في عبيدة مارب؛ حيث القيَم والناموس، ونجدة المظلوم، وإغاثة الملهوف، ودفع الغاوي، وردع الظالم.
لقد أراد الغزاة أن يكسروا «خشم» عبيدة، ويدفنوا نخوتها وعزتها ومروتها تحت نعالهم، ولهذا كانت جريمة آل سبيعيان، بتلك الوحشية والقوة والظلم والجبروت، ووصل عبيد الغزاة في جريمتهم إلى طعن النساء وسحبهن، وضربهن، وسلبهن الحلي من بين أيديهن، وماتت الأم متأثرة بجراحها، وقبل هذا أحرقوا الجثث ومثلوا بها، ونهبوا البيوت ثم أحرقوها، وفعلوا ما لم تفعله إسرائيل.
وكان الغُزاة وما زالوا يتابعون أصداء القضية، ويعتبرونها آخر مسمار في نعش القبيلة اليمنية، فإن صمتت عبيدة، سيدوسون على الوجوه، ويتبولون على اللحى، ويهتكون عرض الحرائر في الطرقات، وما رجال وأطفال ونساء وبيوت آل سبيعيان، إلا «معقم» الباب. ولم نسمع لقبيلة عبيدة أي صوت أو صدى حتى اللحظة.
لكن القبائل في المناطق الحُرة؛ تعيش معنى الكرامة في أبهى صورها، وتلبس رداء العزة والنخوة في أرقى حُلتها، وكانت الجريمة بالنسبة لهم عيباً أسود، وخزياً وشناراً، وفضيحة وعاراً، ولا يقبلها عقل، ولا يجيزها عُرف، وهي تستدعي النكف، وردع الوباء، ولهذا تنادت القبائل الحرة من مذحج، وحمير، وبكيل، وحاشد، واجتمعت في الجوف، ودعا وجهاء ومشايخ اليمن إلى النكف القبلي، والنفير العام، باعتبار الجريمة عيبًا أسودً في حق قبائل مارب عامة وقبيلة عبيدة خاصة.
ووجهت قبائل اليمن رسالة إلى قبائل عبيدة، يطالبونهم فيها بما يحتم عليهم العرف القبلي والشرعي في ملاحقة الجناة وضبطهم وتقديمهم للعدالة، ويطالبونها، بفتح الحد والبلد لقبائل اليمن لتقوم بدورها في تأديب المجرمين ومَن وراءهم، وتنتظر قبائل اليمن الرد من عبيدة خلال ثلاثة أيام في حال عدم قدرتها عن القيام بواجبها العرفي والأخلاقي والشرعي والقبلي.
التحية لمشايخ ووجهاء اليمن وهم يتقاطرون لاستنكار الجريمة، ويقدمون النفس والمال والسلاح من أجل نصرة آل سبيعان، في مظلوميتهم التي يستنكرها كل حر في هذا العالم، وتلك الجريمة التي قطعت نسلهم ولم يبق منهم إلا الطفل عبد الله محسن آل سبيعيان، والذي نجا بأعجوبة.