أمريكا تواصل السقوط
عصام حسين المطري
الاحتجاجات الشعبية والجماهيرية الأمريكية الصاخبة دليل دامغ على سقوط الولايات المتحدة التي تتزعم العالم الإنساني وتنادي لحقوق الإنسانية في المساواة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية وهي ذاتها التي تناهض تمتع الأفارقة الأمريكان بأي حقوق تذكر، فزمان العبودية والرق ولىَّ إلى غير رجعة إلا في أمريكا حيث يجعلون من الأفريقي الأمريكي عبداً وخادماً عند الأمريكي الأبيض هذا فضلاً عن حرمان السود من التعليم وتهميش دورهم في الحياة العامة، وإزهاق أرواحهم ومصادرة ممتلكاتهم.
إن عنصرية الأمريكان تجاه تلك الشريحة من السود التي يخيم عليها الجهل تسلك منحى فظيعاً من خلال ممارسة سلوكيات محظورة قانوناً وعرفاً وهو ما يضعنا أمام منعطف خطير ويذهب لب العقول، ويدفع باتجاه الحيرة والقلق إزاء تلك التصرفات الرعناء، والممارسات الخرقاء التي تقوم بها تلك الطبقة الدنيئة من البشر في الدولة المتقدمة تذمراً وسخطاً من منظومة الانتقاصات التي حرمت الأفارقة الأمريكان العديد من الحقوق الإنسانية الملحّة في سبيل الانتصار للإنسانية الحقة ما يدفع باتجاه رفض الانتقاص لأي شريحة في أي مجتمع إنساني وآدمي ، والإفادة المثلى من هذه الحالة العويصة.
فاندماج الأفارقة الأمريكان للعنف والممارسات الهوجاء مؤشر حقيقي على أفول شمس أمريكا ذلك لأن أمريكا مع تقدمها وعظمتها لم تفلح في إرغام السود على انتهاج السلم والسلام واحترام كافة النظم والقوانين في الحياة المدنية الحديثة وهي التي تتزعم العالم الإنساني وتحذو حذو إرساء مداميك العدالة والسلام والمساواة العالمية كما تزعم، فما أحوج القائمين على شؤون البيت الأبيض إلى وقفة صادقة مع أنفسهم ويمضون في تدارس هذه الهزيمة النكراء والسقوط الفعلي المروع لأمريكا وهي التي تدغدغ عواطف العالم الإنساني بإمكان المساواة والسلام والعدالة الاجتماعية بعد أن قوضت من الداخل وانبرى شعبها المقاوم للظلم إلى إسقاطها لقاء عنصريتها ومضيها وراء المجد الكاذب الخادع الذي يعني السراب الحقيقي بعينه.
ولعل الحضارة العربية والإسلامية هي وحدها التي تفردت بإسعاد الإنسانية جمعاء فأرست مداميك المساواة والعدالة الاجتماعية والسلم والسلام والحرية والشورى، وسجل التاريخ الإنساني لهذه الحضارة سبقاً وتفرداً في تأكيد المساواة والعدالة والتعايش السلمي الآمن، فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول قولته الماجدة لوالي مصر: ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) وأمر بأن يقتص ابن المسيحي من ابن الأكرمين عمرو بن العاص والي مصر، كما أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر براتب شهري للمسيحي الكهل الذي راه عمر وهو يتضور جوعاً فقال له: ( والله ما أنصفناك إذ أكلنا شبيبتك وتركناك كهلا لا تملك شيئاً) وميزان التفاضل في الإسلام هو التقوى قال سبحانه (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ).