5000 معاد هي مساحته الزراعية.. ومن أبين باكورته: 70 % من زراعة القطن تتركز في سهل تهامة
نسبة إحلال زراعة التبغ في تهامة بدلاً عن القطن بلغت 55%
شهدت زراعة القطن تدهوراً متزايدا جراء العدوان الذي رفع أسعار المحروقات والبذور والأسمدة
تعتبر اليمن ضمن 7 دول عربية منتجة لمحصول الذهب الأبيض، إلا أن هذا محصول واجه صعوبات مختلفة رغم المحاولات المتواصلة لإنعاش زراعته في اليمن؛ إذ يعد القطن أحد أهم خمسة محاصيل زراعية في اليمن تتم زراعتها منذ فترة من الزمن، وحظي باهتمام واسع من قبل الحكومة اليمنية كونه محصولاً نقدياً تصديرياً يرفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة.
الثورة / يحيى محمد الربيعي
ناقشت اللجنة الفنية المشتركة لمحصول القطن في اجتماعها أمس بصنعاء برئاسة وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور، الجوانب المتعلقة بتحسين وتطوير زراعة وإنتاجية محصول القطن.
وأكدت اللجنة أهمية الوصول إلى إنتاج القطن كمحصول استراتيجي يمكن الاستفادة من القيمة المضافة لهذا المحصول وعائداته النقدية وتوفير المواد الخام لمصنع الغزل والنسيج.
وتدارس الاجتماع إمكانية إيجاد آلية لدعم المزارعين ببذور القطن على أن يتم التعاقد معهم لشراء إنتاجيتهم من هذا المحصول وبأسعار مناسبة، إلى جانب تدخلات الدولة في مجال توفير المبيدات لغرض مكافحة الآفات وتوفير البذور للمزارعين مجاناً بما يشجعهم على التوسع في زراعة القطن.
ووافق الاجتماع على دراسة مشروع استراتيجية لتطوير زراعة القطن، وتم التأكيد على أهمية تعزيز جوانب التعاون والتنسيق وتكثيف الجهود سعيا لتحسين إنتاجية القطن وتعزيز الجوانب الإرشادية والتوعية في هذا المجال.
وأوصت اللجنة الفنية المشتركة بالتركيز على مختلف التفاصيل المتعلقة بزراعة وإنتاجية القطن ودعم وتشجيع زراعته من خلال توفير البذور واعتماد أسعار مناسبة عند شراء المحصول من المزارعين وفقا للسعر العالمي.
وتتركز زراعة القطن في الحديدة حالياً في ثلاث مناطق تشمل سهل تهامة (حيس، زبيد) والمنطقة الوسطى ( المراوعة، اللاوية، المنصورية، الدريهمي، العُرشي) والمنطقة الشمالية وصولاً إلى وادي مور.
وتحتل محافظة الحديدة المرتبة الأولى من حيث الإنتاج تليها محافظة أبين ثم محافظة لحج بحسب الإحصائية الرسمية.
بدأت زراعة القطن في اليمن في العام 1948م في دلتا أبين ودلتا أحور بمحافظة أبين، الموطن الأول لزراعة القطن اليمني، وبدأ تصديره في الموسم الزراعي 1949 – 1950م إلى الأسواق العالمية.. حيث أسس أول محلج للقطن على مستوى الجزيرة والخليج العربي في العام 1951م في اليمن، ومنذ الموسم الأول صُدِّر القطن اليمني المسمى قطن “كودع” تحت العلامة التجارية قطن أبين، حيث أنشئت لجنة خاصة أُطلق عليها “أبين بورد” وهي لجنة زراعية شكلت منظمة زراعية متكاملة عبر استصلاح الأراضي والري وتقديم الخدمات الزراعية والأبحاث الزراعية وغيرها، وأسست اللجنة الزراعية في أبين أول مركز أبحاث زراعي على مستوى الجزيرة والخليج وأطلق عليه مركز أبحاث الكود الذي تم تأسيسه في العام 1955م.
وتتركز زراعة القطن في خمس محافظات رئيسية هي الحديدة و لحج و الجوف ومحافظة مأرب، وتحتل زراعته مساحات شاسعة في سهل تهامة وخاصة وادي رماع ووادي زبيد، وقد زادت المساحة المزروعة في وادي زبيد من 502 هكتار في عام 1985 م إلى 2834 هكتاراً في عام 1988م، وبدأت المراحل المزدهرة التي مرت بها زراعة القطن في الثمانينيات وحتى منتصف التسعينات حيث كان يزرع 50000 معاد، وكانت المنطقة الزراعية الجنوبية الممتدة من بيت_الفقيه وحتى حدود البرح تشكل 70 % من زراعة القطن في سهل تهامة، عقب ذلك شهد المحصول تدهورا شديدا نتج عن إغلاق شركة القطن التي كانت تشرف على ثلاث مناطق وهي الحديدة – لحج – أبين.
محاصيل نقدية
اقتصادياً يعتبر القطن من المحاصيل النقدية التي تدر على المزارع الدخل كما ترفد الاقتصاد الوطني وتنمي الكثير من الصناعات القطنية المحلية في اليمن وهو من أهم المحاصيل في مناطق الري بمياه السيول وخصوصا المناطق الساحلية، وفيما سبق كانت الحكومة تتبنى دعم وتشجيع مزارعي القطن عبر القروض والحوافر وتوفير البذور المحسنة وإقامة حملات مكافحة آفات القطن عبر شركة القطن التي أغلقت تماماً، ثم شهدت زراعته تدهوراً متزايدا خلال أعوام العدوان نظرا للتكاليف العالية لإنتاجه التي نتجت من ارتفاع أسعار المحروقات والبذور والأسمدة والتي بدت ظالمة جدا مقارنة بأسعار بيعه الزهيدة.
زراعة القطن تحتاج إلى دراسة مستفيضة للوضع ومعرفة الأسباب والمشاكل وإيجاد الحلول المناسبة للمزارعين وإعادة الحياة لحقول تهامة في إطار برنامج تنموي متعدد التدخلات يهدف إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الأكثر فقرا، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية في تحقيق التنمية الذاتية، ومنها توفير السماد والبذور للمزارعين وتعليمهم أساليب تقنية في الزراعة.
زراعة المحصول الاقتصادي في أبين، والتي تعد من أهم المحافظات اليمنية المنتجة للقطن طويل التيلة يذهب جزء من الإنتاج لمصنعي الغزل والنسيج في صنعاء وعدن، فيما تصدر الكميات المتبقية إلى الخارج.
وبحسب تقارير زراعية، فإن أعلی معدل لإنتاج اليمن من محصول القطن كان في العام 2003م، حيث بلغ 29 ألفاً و91 طناً، والمساحة المزروعة منه 28 ألفاً و287 هكتاراً، لكنه تراجع ليصل في العام 2010م إلى 25 ألفاً و154 طناً بفعل تناقص المساحة المزروعة منه في نفس العام إلى 19 ألفاً و964 هكتاراً، ورغم تركز زراعة القطن في سهل تهامة مدينة الحديدة ودلتا أبين ودلتا أحور بأبين ودلتا تبن بلحج، إلا أن تلك المناطق شهدت خلال السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في زراعة وإنتاج القطن.
الزمن الجميل
يعود الزمن الذهبي لزراعة القطن في اليمن إلى عهد الرئيس الراحل إبراهيم محمد الحمدي الذي أولى زراعة القطن اهتمامه وسارع في تحديث المصنع وإدخال آلات حديثة عام 1975م، حيث زود المصنع في عهد الرئيس الحمدي بـ 115 نول نسيج روسي حديث، منها 95 نولاً طاقتها الإنتاجية مضاعفة، وتشجيع زراعة القطن وتحفيز العاملين في مجال القطن في الحديدة وصنعاء من خلال بناء مدينتين سكنيتين لعمال القطن الأولى في مدينة الحديدة وكانت المرحلة الأولى وتم إنشاؤها وتم الانتهاء من تشييدها باغتياله والأخرى كانت في منطقة ظهر حمير بالعاصمة ووئد حلم عمال المصنع في صنعاء بالاغتيال الآثم.
في عهد الرئيس الحمدي كانت عائدات القطن والغزل والنسيج تغطي 36 % من الموازنة العامة للدولة حيث وضع في أول خطة خمسيه في تاريخ اليمن دراسات لـ ” ٥٦ مشروعا” في العاصمة صنعاء على رأسها مصنع الزيوت النباتية من بذرة القطن والسمسم صنعاء واستغلال الطاقة العاطلة بمصنع بأجل للغزل والنسيج ، ووحدات صغيرة للنسيج الميكانيكي، وإنتاج الألبسة الجاهزة (السجاد الصوفي) وإرشاد وإنتاج السجاد الريفي معملاً لصناعة اللباد، ووحدة غسيل الصوف ووحدات لصناعة التطريز ولإنتاج طرابيل السيارات.
الأبيض المطلي بالسواد
بسبب توقف مصنع الغزل والنسيج في العاصمة صنعاء تراجعت الأراضي المزروعة بالقطن في تهامة بنسبة تفوق الـ 80 %، فقبل إغلاق مصنع الغزل والنسيج بصنعاء كانت مؤسسة القطن في الحديدة تقدم الدعم للمزارعين من بذور ومال وديزل قبل بدء الموسم ورش منتجاتهم ومكافحة الآفات الزراعية مقابل التزامهم بسداد ماعليهم أثناء الحصاد، ومنذ أن توقفت ماكينة إنتاج مصنع الغزل والنسيج بصنعاء عام 2004م تراجع الدعم تدريجياً وصولاً إلى بيع مؤسسة القطن لبنك اليمن والكويت، كما توقفت محالج الإنتاج.
حيث تدهورت زراعة القطن في تهامة وتوقفت وزارة الزراعة عن تقديم البذور المحسنة للمزارعين وتوقيف تقديم القروض البيضاء ووقف دعم الديزل لمزارعي القطن على ذمة المحصول، والتلاعب بحملات الرش، فبدلاً من ثلاث مرات تتم مرة واحدة وبعد ثلاثة أشهر، بعد أن تفتك الآفات بالمحاصيل، ويتحمل المزارع نفقات السيارة، وعدم شراء المحصول من المزارعين والجمعيات، مما أتاح الفرصة لتجار السوق السوداء الاستحواذ على السوق.
وترتب على ذلك حرمان عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة والمعدمة لمصدر رزقها، حيث أنهم يعملون في زراعة وجني القطن، وتوقف المئات من المزارع وإغلاقها بعد إنفاق المزارعين لكل مدخراتهم وإحلال زراعة(التبغ) في وادي تهامة بنسبة 90 % بدل القطن.
وهكذا تم القضاء على الذهب الأبيض في تهامة الخضراء ابتداءً من تراجع إنتاجة في وادي زبيد ومن ثم وادي سهام الذي انتهت فيه زراعة القطن تماماً وتوجه الناس لزراعة التنباك “التبغ” بالإضافة إلى وادي سردود ووادي مور.
القطن، ذلك المصدر الغذائي والعلفي، يمثل اليوم ما بين 50 – 30 % من الألياف المستخدمة في الصناعات النسيجية في العالم، وعلى هذا، فهو يمثل قيمة اقتصادية كبيرة، إذ يبلغ الإنتاج العالمي من القطن قرابة 20 مليون طن سنوياً، ويزرع في المناطق المدارية الدافئة في حوالي 90 دولة حول العالم.