مثلث الأرضية الأولى لبناء الكيان الأمريكي

العنصرية المقيتة مبدأ أساسي في الديمقراطية الأمريكية “الكاذبة”

 

جريمة مقتل جورج فلوريد أعادت قضية العنصرية إلى الواجهة كثفافة متأصلة في الفكر الافريقي

الثورة / محمد عبدالسلام
تعتبر العنصرية الأمريكية المقيتة ألعن وأخبث ما توصلت له العقلية اليهودية التي أنتجت هذا السيناريوا ,وزرعته داخل الأوساط الأمريكية، و خارجها وهذا نموذج بسيط لما تنتجه تلك السياسة ومبدأ أساسي في الحكم “الديموقراطي الأمريكي ” المُدعية للحرية الكاذبة في أوساط الشعوب في كافة أنحاء العالم ، حيث أن العنصريّة موجودة في الولايات المتّحدة منذ الحقبة الاستعمارية، فقد أُعطي الأمريكيّون البيض امتيازاة وحقوقاً انحصرت عليهم فقط دوناً عن كلّ الأعراق الأخرى، فقد مُنح الأمريكيون الأوروبيّون (خاصّة البروتستانت الأنجلوسكسونيون البيض الأغنياء) امتيازات حصريّة في مسائل التّعليم والهجرة وحقوق التّصويت والمواطنة وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائيّة طوال التّاريخ الأمريكي، ومع ذلك، فكثيراً ما عانى المهاجرون من غير البروتستانت الذين هاجروا من أوروبا، وخاصة الأيرلنديين والبولنديين والإيطاليّين من حالة إقصاء الأجانب وغيرها من أشكال التمييز في المجتمع الأمريكي وذلك حتّى أواخر القرنِ التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بالإضافةِ إلى ذلك واجهت مجموعات أميركيّة من الشرق الأوسط مثل اليهود والعرب تمييزًا مستمرّاً في الولايات المتحدة.
مقتل جورج فلويد أعاد العنصرية
لقد أعاد مقتل المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد في مدينة مينيابوليس الأمريكية بتاريخ 25 مايو إلى الواجهة قضية العنصرية في الولايات المتحدة، وأضحت جملته “لا أستطيع أن أتنفس” وهو يواجه سكرات الموت، معبِّرة عن واقع العنصرية المقيت الذي ما يزال يجثم على صدر الولايات المتحدة، أو ما أسماه محامي الضحية بجائحة العنصرية..
كان قانون التصويتVoting act الذي تم تبنيه سنة 1965م قد ألغى التمييز العنصري بعد سلسلة من الاحتجاجات في ولايات الجنوب بلغت أوجها بتجمع جماهيري كبير في واشنطن وخطاب الزعيم الأسود مارتن لوثر كينغ الشهير “لديَّ حلم”.
ولم تعد “لا أستطيع أن أتنفس” مجرد صيحة أطلقها أحد المواطنين الأمريكيين السود الذي تعرض للقتل مؤخراً، بل أصبحت شعاراً لجائحة العنصرية التي تجتاح أمريكا وتعبَّر عن الطبيعة التمييزية والاقصائية التي يتعرض لها الآخرون.
كذبة قانون تجريم العنصرية
رغم تبني القانون الذي يُجرّم التمييز العنصري ظل السود في الولايات المتحدة في وضع اجتماعي متدنٍ بالنظر إلى أوضاعهم الاجتماعية في أسفل الهرم وضعف التأهيل، يعيشون في أحياء هامشية، في مبانٍ مهترئة وأوضاع اجتماعية هشة تعاني من ضعف الخدمات الاجتماعية، وتفشي الجريمة، وتحلل الأسرة، وشيوع المخدرات..
ففي عام 1998م خمسة ملايين و900 ألف شخص وتعني هذه الأرقام أن 3 % من الأمريكيين مع نهاية عام 1998 م إما يكونوا داخل السجن وإما خارج القضبان كل ذلك بسبب النظام العنصري الذي عمل على غرس ثقافة الجريمة والسجون والتي انتقلت بداعي الثقافة العنصرية التوراتية الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى المدارس حيث شاعت ظاهرة إطلاق النار على المدرسين والمدرسات وعلى التلامذ بشكل لافت لم يشهد له مثيلاً.
ويسقط سنوياً قتلى بالرصاص ما يقارب 45 ألف شخص داخل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب العنصرية وحرب الشوارع وهذا يكشف مرض النظام العنصري الأمريكي والعنصرية المتفشية داخله والتباينات الاجتماعية الواضحة ويدل على إفلاس النظام التربوي والمخدرات قوة اللويبات المدمرة داخل المجتمعات الأمريكية والتي زرعها النظام ويحاول تصديرها إلى دول العالم .
العنف المسلح في الولايات المتحدة يسفر عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى سنوياً، ففي عام 2013م، تم تسجيل 73.505 إصابة غير مميتة بأسلحة نارية ( 23.2 لكل 100,000 مواطن أمريكي)، و 33.636 حالة وفاة بطلق نارى (10.6 لكل و100,000 مواطن أمريكي).. هذه الوفيات عبارة عن 11.208 جريمة قتل، و21.175 حالة انتحار، و 505 وفيات ناجمة عن إطلاق الأعيرة النارية دون قصد، 281 حالة وفاة ناتجة عن استخدام الأسلحة لضرب هدف غير محدد، ومن إجمالي عدد الوفيات في الولايات المتحدة في عام 2013م، والبالغ 2.596.993 ، كانت نسبة 1.3? مرتبطة .
الأمريكيون السود
منذ فترة الحقبة الاستعمارية والحرب الأهلية الأمريكية، والعنصرية في الولايات المتحدة ضد السود متجذرة في مؤسسات الدولة التي تحرص على التدنى الدائم لأوضاعهم، ورغم النضال الكبير من القس الراحل مارتن لوثر كينج، ووصول مواطن أمريكي أسود وهو “باراك أوباما” ليكون الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن كل استطلاعات الرأى تبين تغلغل العنصرية داخل المجتمع الأمريكي ضد السود، وتبدو الأحداث الأخيرة بعد وفاة جورج فلويد دليلا على استمرار العنصرية ضد المواطنين السود.
الهنود الحمر
على مدى التاريخ الأمريكي، تمت ممارسة العنف الممنهج ضد المواطنين الأصليين في أمريكا “الهنود الحمر” واتهمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري بجنيف في يونيو 2010م، حكومة الولايات المتحدة باضطهاد السكان الأصليين لأمريكا، وأنها فشلت في تطبيق القوانين الدولية لمنع التمييز العرقي، وأن المؤسسات الأمريكية تشهد تفرقة قوية ضد النافاجو بما يشمل العدالة الجنائية، داعية الحكومة الأمريكية لوقف هذا الاضطهاد بشكل فوري.
وفى عام 2005م شكت ممثلة نافاجو في مهرجان حضارات وثقافات شعوب الصحارى، “ماكس فيليبس” من تجارب اليورانيوم التي تجريها الحكومة الأمريكية بالقرب من مناطق وجود النافاجو دون رعاية لحقهم في صحة جيدة ومعيشة أفضل، بينما اضطر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لإجراء تسوية كبرى مع النافاجو في 2014م، إذ دفع مبلغاً يقدر بـ554 مليون دولار لإسقاط دعوى قضائية رفعتها قبيلة الهنود الحمر ضد الحكومة الفيدرالية لإساءتها إدارة موارد القبيلة ما نتج عن ذلك زيادة في تلوث البيئة وارتفاع نسب الإصابات بالسرطان نتيجة عدم وضع إطار صحى لحماية مواطنين المنطقة من آثار استخراج اليورانيوم.
معاداة الإيرلنديين
المعادية للايرلنديين جذورها تعود إلى العصور الوسطى واستمرت في العصر الحديث وعصر التنوير ويتضح ذلك أيضا في الهجرة الإيرلندية إلى بريطانيا العظمى وأمريكا الشمالية واستراليا و نيوزيلندا وجنوب أفريقيا، حتى أنه في منتصف القرن التاسع عشر، أضرمت النار في الكنائس الإيرلندية والكاثوليكية ومنازل المهاجرين الايرلنديين في الولايات المتحدة الأمريكية حتى تحولت إلى ركام ورماد، حيث تعرض المهاجرون القادمون من أوروبا الشرقية والوسطى إلى الشيطنة واعتبروا مجرد “كسالى وسكيرين”.
غنيت العديد من الأغاني الايرلندية بعد عام 1860م بشعارات (نينا)، حيث كانوا يهتفون المساعدة مطلوبة – لا حاجة لنا بالايرلنديين، كان الاختلاف بين لا توجد حاجة للايرلنديين أو (نينا) إذ كانت أغنية “لا توجد حاجة للايرلنديين” لعام 1862م مستوحاة من شعارات (نينا) في لندن، حيث قام الأمريكيون الإيرلنديون لاحقا بتبني القصائد والأغاني لتعكس التمييز الذى شعروا به في أمريكا.
العنصرية ضد المسلمين
المسلمون أيضا يعانون كأقلية العنصرية الممنهجة التي تصل إلى حد العنف في بعض الأمور من جانب المتطرفين، في الولايات المتحدة الأمريكية، وقال ما يزيد عن ثمانية من كل 10 أمريكيين إنهم يعتقدون أن المسلمين يواجهون على الأقل بعض التمييز في المجتمع الأمريكي، متجاوزين الفئات الكبرى الأخرى، حسب استطلاع للرأي أجراه مركز Pew الأمريكي للأبحاث، بخصوص العنصرية في أمريكا يوم الإثنين 15 أبريل 2019م.
وحسب شبكة CNN الأمريكية، فإن حوالي 82 % من المشاركين، قالوا إن المسلمين يواجهون تمييزاً، مقارنة بقولهم الأمر نفسه عن مجموعات أخرى مثل الهسبان أو المثليين والمثليّات، وقالت نسبة أقل قليلاً بلغت 80 % إنهم يعتقدون أن أصحاب البشرة السمراء يواجهون على الأقل بعض التمييز.
وتضاعفت نسبة حوادث التمييز ضد المسلمين في المطارات الأمريكية في عام 2002م، فقد كانت تمثل في عام 2000م نسبة 2 % فقط من إجمالي حوادث التمييز، ثم قفزت في عام 2001م، لتصل إلى 26 %، أما في عام 2002 فقد مثلت نسبة 14 % من إجمالي حوادث التمييز التي تعرض لها المسلمون في أمريكا خلال ذلك العام وهي نسبة لاتزال مرتفعة.

قد يعجبك ايضا