لا أحد فوق القانون!! 

حملت كلمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في مأدبة الإفطار التي أقامها لعدد من رموز الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر رسالة واضحة تذكر الجميع بدورهم تجاه العديد من القضايا الوطنية والاستراتيجية التي لا ينبغي التساهل فيها أو التغافل عنها بأي حال من الأحوال لارتباطها بحاضر ومستقبل الوطن وأمنه واستقراره وتقدمه وتطوره ونهضته وازدهار نهجه الديمقراطي وتطلعات أبنائه في الحياة المدنية المتحضرة. ومن تلك القضايا التي لفت الانتباه إليها فخامة الأخ الرئيس احترام النظام والقانون باعتبار أن ذلك يشكل المرتكز الحقيقي للدولة اليمنية الحديثة القادرة على الاضطلاع بواجباتها ومسؤولياتها إزاء مواطنيها وتلبية احتياجاتهم من المشاريع الإنمائية والخدمية ومعالجة قضاياهم¡ واستيعاب كل ما يتطلعون إليه في خططها وبرامجها. ولأجل هذه الأهداف فقد جرى بناء مؤسسات الدولة بمختلف مكوناتها التشريعية والتنفيذية والشوروية والقضائية عبر جهود مضاعفة استغرقت الكثير من الوقت والكثير من الإمكانيات والكثير من الطاقات والقدرات لما من شأنه بلوغ هذه الغاية¡ التي صارت اليوم شاهدا◌ٍ حيا◌ٍ على نجاح تلك الجهود التي بذلت في سبيل إنجاز البنيان المؤسسي للدولة اليمنية¡ والتي يحتكم فيها جميع أبنائها للنظام والقانون والذي صار يمثل العقد الاجتماعي الناظم للعلاقات والسلوكيات والتصرفات دون أي تمييز لمواطن على آخر¡ كبيرا◌ٍ كان أو صغيرا◌ٍ¡ غنيا◌ٍ أو فقيرا◌ٍ¡ فلاحا◌ٍ أو وجاهة اجتماعية. وبصرف النظر عن أي تجاوزات تحدث هنا أو هناك¡ فإنه ومتى ما حرص الجميع على الانتصار لروح النظام والقانون فإن تلك التجاوزات لابد وأن تتلاشى وتختفي نهائيا◌ٍ برسوخ الوعي في الواقع الاجتماعي لأن المشكلة لا تكمن هنا ولكن في العقليات الجامدة التي ما زالت حتى اليوم تتشبث بثقافة ما قبل الدولة¡ وتحلم بإعادة إنتاج تلك الثقافة المتخلفة وتكريسها كبديل عن مؤسسات الدولة والنظام والقانون وقيم الديمقراطية ومفاهيم المجتمع المدني وثقافة العصر¡ وهي عقليات ترى في كل تطور يحدث أنه يأتي على حساب مصالحها الذاتية الضيقة ونفوذها المصطنع ومفاهيمها البالية ولذلك فقد ظلت مثل هذه العقليات تسخر كل جهودها في مواجهة أي إجراء تتخذه الدولة من أجل فرض هيبة النظام والقانون¡ وتعزيز مساراتهما في حياة المجتمع. والأكثر من ذلك أن تلك العقليات هي من تحاول اعتساف الحقائق¡ إما من خلال ربط بعض التصرفات والممارسات المقيتة والمخزية بثقافة القبيلة أو أنها جزء من تقاليد وعادات المجتمع دون إدراك من هؤلاء أنهم بهذا الربط يسيئون إساءة بالغة لقيم هذا الشعب وثقافته الأصيلة وأعرافه الحضارية التي توارثها جيلا◌ٍ بعد جيل. فهل حمل السلاح والتمنطق به في الأزقة والشوارع من العادات الحميدة التي تستحق تمجيدها¿ وهل الاختطافات والثارات من السلوكيات التي يمكن لأحد◌ُ أن يعتز بها¿ وهل من المنطق أن ينبري البعض للدفاع عن مثل هذه الممارسات المتخلفة التي يجرمها النظام والقانون أو أن تكون هذه الممارسات محل مساومة من أجل الابتزاز والإبقاء على مرتكبيها بعيدا◌ٍ عن يد العدالة والقانون¡ فالواقع أن من يدافعون عن مثل هذه التصرفات الحمقاء إنما هم الذين يدافعون عن مصالحهم الأنانية الضيقة التي لا تتحقق إلا في ظل مناخات الفوضى والتخلف والعصبيات المقيتة. والسؤال: أين دور منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والعلماء والمثقفين والوجاهات المستنيرة من هذه الأصوات النشاز التي تحاول توريث الوطن مشروعها المتخلف والتدميري بإعادة إنتاج ثقافة الماضي الإمامي الكهنوتي الذي قبره شعبنا وثار عليه بانتصار ثورته ونظامه الجمهوري وقيام دولة المؤسسات¡ حيث وقد آن الأوان لكي تقوم كل الفعاليات الوطنية بدورها في التصدي لثقافة التخلف ومن يدعون إليها ويسعون إلى إعادتنا إلى الأزمنة المظلمة وعصور الجهالة¡ بعد أن وجدوا أنفسهم عاجزين عن التكيف مع حقائق العصر والتسليم بمعطيات الحاضر ومسارات التطور التي شيدت عبر مؤسسات الدولة التي يريدون استبدالها بثقافة التخلف دون إدراك أن هذه المؤسسات لم تنشأ عبثا◌ٍ وإنما لترعى مصالح الناس وشؤونهم¡ وسواء أعجبهم ذلك أو لم يعجبهم فلا أحد يمكن أن يكون فوق النظام والقانون مهما كان¡ وعليهم أن يحترموا مؤسسات الدولة بعيدا◌ٍ عن التنطع والعنتريات الفارغة فعجلة الزمن لن تعود إلى الوراء ومهما حاول أولئك المتقوقعون في سراديب الماضي إعاقة مسارات التحديث والتطور فإن القافلة ستمضي نحو الأمام ولن يوقفها أبدا◌ٍ نعيق الغربان

قد يعجبك ايضا