السعودية تسعى لتسليم القدس إلى الصهاينة وتقدم مبادرة إلى الأردن

عواصم/وكالات
يكشف التقرير الأخير الذي بثته صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل يومين، والمتعلق برغبة في منح السعودية موطئ قدم في القدس المحتلة، عن حجم الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها مملكة الأردن، وسط تلويح الأخيرة بقرب صدام معلن مرتقب مع تل أبيب.
وبنظر ساسة أردنيين، فإن ما نشرته الصحيفة -إضافة للكثير من الأخبار التي أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية خلال الفترة الأخيرة- يأتي في سياق المماحكات الإسرائيلية التي تستهدف المملكة.
وكانت “إسرائيل اليوم” تحدثت عن لقاءات سرية أجريت بين تل أبيب والرياض منذ ديسمبر الماضي، لمنح السعودية موطئ قدم في إدارة دائرة الأوقاف بالمسجد الأقصى المبارك.
وثمة من يرى أن هذه الخطوة تهدف إلى ابتزاز ملك الأردن شخصيا باعتباره صاحب الوصاية الشرعية على المقدسات الإسلامية بالمدينة المقدسة المحتلة، وذلك ردا على رفضه المتكرر للأفكار الإسرائيلية المتعلقة بضم الغور، وتحذيره من أن مثل هذه الخطوة ستقود إلى صدام كبير بين عمان وتل أبيب.
وتقول مصادر أردنية إن المحادثات الإسرائيلية السعودية ليست بالتطور الجديد، إذ إن العامين الماضيين شهدا محادثات مماثلة بين تل أبيب والرياض، بهدف إشراك ولي العهد محمد بن سلمان بالوصاية على المقدسات.
وبينما الصحيفة تنقل عن مصدر سعودي قوله إن موقف عمّان قد تغير بسبب ازدياد النفوذ التركي بالمسجد الأقصى، يقول مصدر أردني رفيع للجزيرة نت إنه لا يوجد أي تغيير على تركيبة مجلس أوقاف القدس الذي يشكل بقرار من مجلس الوزراء الأردني.
ونفى المصدر وجود أي حديث عن تغييرات تتعلق ببنية المجلس الذي يُشكَّل لمدة سنتين تنتهي بداية العام القادم.
وشدد سياسي أردني بارز ومقرب من دوائر صنع القرار على أن عمّان تنظر إلى وصاية الملك عبد الله على المقدسات باعتبارها مسألة لا يمكن المساس بها.
وأكد أن الملك قد يلجأ في حال الضم أو مشاركته بالوصاية على المقدسات إلى سحب السفير من تل أبيب وطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وربما اللجوء إلى تجميد اتفاقية السلام.
كما لم يستبعد المصدر اللجوء إلى ورقة الغاز، في إشارة إلى اتفاقية استيراد الغاز المسال من إسرائيل الموقعة بين الطرفين وبلغت قيمتها 15 مليار دولار، والتي جوبهت برفض شعبي عارم في الأردن.
الملك عبد الله حذر من صدام مع إسرائيل في حال أقدمت على ضم أراض بالضفة وغور الأردن
وزير الخارجية السابق مروان المعشر تحدث للجزيرة نت عن استياء إسرائيلي كبير تجاه الموقف الأردني من مسألة الضم، وهو الأمر الذي يفسر من وجهة نظره ما أسماها محاولة “التنكيد” على المملكة من خلال الحملة التي تستهدفها عبر بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ورأى المعشر أن العبث بالوصاية الهاشمية على المقدسات يعني بالمحصلة العبث باتفاقية السلام الموقعة بين عمّان وتل أبيب.
وأشار إلى أن الزعم بأن الأردن أبدى مرونة لتغيير الوضع القائم بالقدس “نوع من الكذب” وأنه في حال أقدمت إسرائيل على الضم فإن ذلك يتطلب مراجعة جذرية لاتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية.
من جهته، قال ممدوح العبادي نائب رئيس الوزراء الأردني السابق للجزيرة نت “ما أوردته صحيفة إسرائيل اليوم أمر جلل إن كان صحيحا”.
لكنه أردف بأنه “يجب ألا تُستقى المعلومات من الصحافة الإسرائيلية”.
وأضاف “الحديث عن خوف أردني مستمد من دور تركي في القدس غير صحيح، فتركيا داعمة وبقوة للوصاية الهاشمية على المقدسات، وتعلم جيدا أن الأردن الذي يشرف على الأقصى منذ أكثر من مئة عام هو الأقدر على القيام بهذا الدور”.
وتابع “نحن أمام تحد ثنائي.. الوصاية الهاشمية وضم الغور، لذلك فإن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، والصدام بين عمان وتل أبيب يمكن أن يذهب باتجاهات عدة، بدءا من إغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب، مرورا بإلغاء اتفاقية الغاز والتنسيق الأمني على الحدود وانتهاء بإلغاء اتفاقية السلام”.
محللون يتوقعون أن يعيد الأردن النظر باتفاقاته مع إسرائيل في حال تنفيذها ضم الأغوار.
معاهدة السلام باقية
لكن الكاتب والمحلل السياسي حسن البراري يختلف مع العبادي، ويرى أن عمان لن تقدم على إلغاء معاهدة السلام وتجميد اتفاقية الغاز في حال أقدم نتنياهو على الضم، لكنها ستكثف جهدها الدبلوماسي لا سيما أوروبيا، لثني إسرائيل عن ذلك.
واعتبر أن الأردن يتعرض لضغط مزدوج من قبل إسرائيل والسعودية، ليس هذه الأيام فقط وإنما منذ فترة طويلة.
ورأى البراري أن إسرائيل تريد أن تكافئ السعودية على دعمها لها في صفقة القرن، من خلال إيجاد موطئ قدم لولي العهد في القدس على حساب الملك.
وأكد الكاتب أن عمان اليوم تعاقب على موقفها من رفضها لضم الغور.
وذهب البراري إلى أبعد من ذلك عندما قال إن النظرية الإسرائيلية القديمة التي كان ترى في أمن المملكة الهاشمية خطا أحمر تغيرت كثيرا.
وخلص إلى القول إن مستقبل المملكة الأردنية لم يعد مهما بالنسبة لإسرائيل في ظل وجود حلفاء آخرين مثل السعودية والإمارات.

قد يعجبك ايضا