كم وكم وكم، ولكنها جعجعة لا تحمل طحناً
العلامة/ سهل إبراهيم بن عقيل
يقول المثل العربي (إني أسمع جعجعة ولا أرى طحناً)..
هكذا هي القضية الفلسطينية من قبل سنة 1917م ومن بعدها التي و قع فيها (وعد بلفور) الشهير، بإيجاد الوطن المناسب لليهود، وكان أولاً في أفريقيا ورفضت الحاخامتية اليهودية أن يكون في أفريقيا، لأنه – ولاشك – لن يؤدي الدور المطلوب في إخضاع العالم العربي والإسلامي سواءً من الناحية الجغرافية الاستراتيجية العسكرية أو الاقتصادية والسياسية وهذا لن يعطي الزخم المطلوب لإنفاذه على مستوى التحقيق المؤكد لحفظ المصالح الاستعمارية في هذه المنطقة والعالم الإسلامي.
وعليه فقد تم الاختيار – على حسب زعمهم واطلاعهم على الكتب السماوية السالفة ومنها التوراة والإنجيل والقرآن – على أن الأرض المقدسة التي وهبها الله لبني إسرائيل لبناء هيكل سليمان هي فلسطين.. وبني الهيكل وهدم الهيكل عدة مرات، ولا زال ذلك عبر التاريخ الروماني وغيره وما أعقبه عبر التاريخ القديم للأمم ، وكان آخرها تهديم الهيكل على أيدي الملك الفارسي (بختنصر).
وهنا لا زال بنو إسرائيل في التشرذم والتشرد في كل أنحاء العالم زرافات فردية وجماعية، حتى أصبحوا في أرض الشتات لا يجمعهم جامع، وبدأ التسلل إلى (أرض الميعاد) – في الفترة الأخيرة منذ سنة 1917م إلى سنة 1948 – في الظهور شيئاً فشيئاً بشراء الأراضي واغتصابها من أهلها وبشتى السبل، حتى أعلن (بن جوريون) دولة – إسرائيل، في حرب جمعت دويلات عربية مناصرة أصلاً قبل قيام إسرائيل – للحلفاء ضد النازية الألمانية (المحور).
وهكذا هي المؤامرات التي يدبرها العقل الشرير لإنجاح المقاصد. وهذا لا يكون إلا برجال لهم التفكير الواسع على أساس الواقع في الماضي والحاضر، وعلى أساس إيجاد هذا الواقع في المستقبل في بناء محكم، يعتمد أصلاً على العمالة والغباء لحكام الشعوب العربية.
وهنا نقول : إن الواقع قد حصل بمفرداته وتَجَمُّعِهِ على أساس الإخلاص والعمالة والرذالة والخيانة للأمة العربية والإسلامية والعالم الثالث، في بناء الهيكل الثالث لإسرائيل وهدم المسجد الأقصى ليقوم مقامه، وذلك لحفظ المصالح الاستعمارية في هذه المنطقة ليس على أيدي الماسونية الصهيونية العالمية فقط، وإنما أيضاً على أيدي الأحذية المهترئة لهذه القوى الصهيونية في العالم العربي والإسلامي، وقد أخبرنا بذلك قبل وقوعه سيد الكائنات وخاتم الرسل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بأنه سيكون لليهود دولة، وسيتغلبون على بقية ما بقي من المؤمنين الصادقين وسيكون لهم نفوذ عظيم حتى يأتي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهنا أخبرنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بأنه لن يبقى شجر ولا حجر إلا وينطقه الله بفصيح العبارة: (إن ورائي يهودياً فاقتله يا مسلم)، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من قرب قيام الساعة نجده الآن يقع يوماً بعد يوم جهاراً نهاراً لمن يفتش كتب التاريخ وكتب الحديث المسند الصحيح على لسان من (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى).
وهنا نعود إلى التنبؤات الإسرائيلية في كتبهم وهو كتاب (التلمود) الذي هو شرح لما يزعم أنه التوراة ككتب التفسير القرآني الذي بين أيدينا الآن والتي منها ما هو صحيح وما هو موضوع حسب رؤية المفسرين في الفهم والاستنباط، وفوق كل ذي علم عليم.
وكتاب (التلمود) هنا يقول: (إن الغوشيم أو الجوشيم) الذين خلقهم الله لخدمة بني إسرائيل المصطفين ممن خلق الله من البشر وهم (عروبان جوشيم حفاة الأقدام) سيجتمعون حين يأتي أصحاب الشتات من كل أنحاء العالم إلى البقعة المقدسة، وكما في سورة الإسراء في القرآن الكريم أنهم سيهدمون الهيكل الثالث وكما أنبأنا النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم سلفاً أنه لن يبقى شجر ولا حجر إلا ويقول : (يا مسلم خلفي يهودي فاقتله، إلا شجر الغرقد).
وهذا بحث تاريخي يجب أن ينعقد حوله علماء ومفكرون سواء في الديانات أو في التحليل التاريخي لسير خطى البشرية أجيالاً بعد أجيال حتى ظهور القرن الحادي والعشرين.
وإن القدس هي القبلة الأولى، وقد صارت لهذا البحث هي التي تجمع المسلمين والأحرار في كل انحاء العالم لوجود زحف ماسوني صهيوني يسيطر الآن على العالم بكل مقدراته وأفكاره سواء من الناحية المادية أو الوجدانية وإن القصور في الفهم يجعل القلم يقف عند هذه النقطة.
وهذا هو يوم القدس العالمي
إن الزمن يمر والأحداث تتسارع في العالم وخاصة أحداث العالم الإسلامي والعربي الممزق والذي يحكمه كثير من العملاء من يخونون شعوبهم ويهدمون مقدراتها، وقد أصبح ذلك ظاهراً في الأحداث بالنسبة للشرق الأوسط وغيره من البلدان الواقعة خارج هذه الخريطة وخاصة ما يحدث في فلسطين تقريباً منذ أحداث 1948م وما قبلها وما بعدها وعند قيام الثورة المباركة للإمام (الخميني) قدَّس الله ثراه سنة 1979، سنَّ سنَّة حسنة لإيقاظ الأمة العربية والإسلامية من سباتها، للحفاظ على كرامتها ودينها وتراثها وهي آخر جمعة في كل سنة من رمضان المبارك، تذكرة لنصرة الإسلام والمسلمين في بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة.
وعليه فقد صارت هذه السنة الحسنة تقلق اليهود وأعوانهم وأحذيتهم في العالم العربي والإسلامي وغيره، وفي كل يوم نرى كيف يتبارى الزعماء الخائنون لأمتهم وتاريخهم ووطنهم في تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني الأبي، وقتله، وهو الذي رفض أن يخضع كما خضعوا، وأن يتخلى عن ترابه وكرامته وعن دماء شهدائه كما فعل الآخرون الذين ظلوا يتاجرون بهذه القضية في كل المحافل الدولية، حتى أتت الثورة المباركة للإمام (الخميني) قدَّس الله ثراه فكشفت أقنعتهم، وأصبحوا أمام شعوبهم عرايا، بل كل يوم يرتمون في أحضان الإمبريالية الصهيونية، ويمكنونها من رقاب هذه الأمة ومقدراتها.
ونحن نرى – في كل يوم يمر – الأثر العميق للمقاومة الفلسطينية والتآمر المضاد لهذه المقاومة في كل من سوريا البطلة والعراق وغيرهما الخريطة العربية والإسلامية، ونحن الآن في العقد الثاني من القرن (21) الذي أطل على العالم بالتقنيات المتقدمة في كل المجالات، والتي سيستفيد منها الأحرار في الدفاع عن كرامتهم ودينهم وأوطانهم.
إن المعسكر المعادي لهذا الزحف ينحسر الآن، بعد امتداده عبر ما يزيد عن قرن ونيف.. ولا بد قريباً أن يمتلك المستضعفون في الأرض تراب أوطانهم ومقدراتهم وإعلاء راية هذا الدين الحنيف، على الأسس العلمية المنطقية، تجمعهم شهادة أن (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقبلة يتجهون إليها خمس مرات كل يوم، وكتاب يتصفحونه ويعملون به جمع كل الرسالات ونور يهدي به الله من اختاره من عباده.
ونحن نُحيّي كل الشرفاء في العالم العربي والإسلامي وخاصة (أنصار الله) وأحرار (سوريا) وأحرار (فلسطين) وأحرار الجزيرة العربية ككل في إحياء مناسبة (يوم القدس العالمي) وفي لمَّ الشمل وتفعيل الإرادة لإنقاذ أمتهم وأوطانهم.
مفتي محافظة تعز