في الذكرى الثلاثين لتحقيق الوحدة اليمنية:
❞«الثورة» أعدت مقاربة سياسية وتاريخية للوحدة اليمنية كمنجز وطني وإعادة الاعتبار لنضالات الحركة الوطنية اليمنية مع التذكير بمحطات الوحدة وكل ما أحيطت بها من دسائس ومؤامرات قبل وبعد تحقيقها :
اغتيال السعودية للرئيس الحمدي أخَّر تحقيق الوحدة الوطنية
ثقافة الضم والإلحاق أفقدت الوحدة ألقها
الشهيد حسين بدر الدين الحوثي أول من أدان حرب صيف 94م
بعض القوى المتنفذة أفرغت الوحدة اليمنية من مضمونها
القوى التي تآمرت على الوحدة الوطنية باعت وطنها للعدوان السعودي الاماراتي
الوحدة اليمنية قدر شعبنا ولا مستقبل لمشاريع الارتداد
البيض وصالح والاشتباك بالأيدي بحضور سنان أبو لحوم
كان يمكن معالجة آثار حرب صيف 94م بمصالحة وطنية
مثَّل قيام الوحدة اليمنية في 22من مايو 90م منجزاً تاريخياً تحقق بفضل نضالات الحركة الوطنية اليمنية في شمال اليمن وفي جنوبه وكان بمثابة إعادة اعتبار لتضحيات كل المناضلين اليمنيين وللدماء الزكية التي روت تربة اليمن الطهور في معارك التحرر الوطني في ثورة 26من سبتمبر وثورة 14من أكتوبر المجيدتين.
فلقد ظلت الوحدة اليمنية هاجساً في نفوس اليمنيين الذين عاشوا التشطير لكن إرادة الشعب اليمني كانت أكبر من كل العوائق التي اعترضت طريق تحقيق حلم اليمنيين واليمنيات الأزلي المتمثل بالوحدة اليمنية.
الثورة / خاص
نعم ثمة قيادات سياسية في الشطرين وقعت على الوحدة إلا أن الوحدة مثلت إرادة شعب ولحظة فارقة في زمن يعيش الوطن العربي الصراعات والانقسامات كبر فيها الوطن، لكن المولود الوحدوي لم يكن طريقة مفروشاً بالورود، فقد أحاطت به المؤامرات والدسائس من اللحظات الأولى لإعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية مثلت تجاوزاً لاتفاقيات الوحدة وإساءة لنضالات الحركة الوطنية اليمنية وحوّلت وحدة الوطن اليمني إلى فيد و مزيد من النهب للمال العام و الفساد ونسف قيم الوحدة والتعايش وصناعة تحالفات قبلية دينية عسكرية أفرغت الوحدة اليمنية من مضمونها وسلبت الوحدة ألقها وتوجت ذلك بشن حرب ظالمة على الجنوب في العام 94م وإقصاء الشريك في تحقيق الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني وتعديل الدستور ونهب مؤسسات الدولة وتوزيع أراضي الجنوب على الفاسدين وإقصاء العسكريين والمدنيين من أبناء الجنوب من الوظائف العسكرية والمدنية.
«الثورة» وبمناسبة الذكرى الثلاثين لتحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية ورغم الظروف الغاية في التعقيد حيث يشهد اليمن عدوانا سعوديا اماراتيا غادراً وجباناً من نفس الدول التي شكلت عائقا أمام إنجاز الوحدة اليمنية في الماضي وتآمرت عليها بعد تحقيقها تتذكر الوحدة اليمنية وتحتفي بها من خلال الحديث عن كل ما أحاط بالوحدة اليمنية قبل تحقيقها وبعد ذلك وما تعرضت له من مؤامرات بعضها لا تزال قائمة حتى اللحظة في مشاريع الارتداد عنها وهي مراجعة سياسية تاريخية ينشرها الإعلام الرسمي لأول مرة، فقد كانت وسائل الاعلام تحتفي بالوحدة بنشر صور من وقعوا عليها مصحوبة بالأغاني الوطنية فقط لكننا على ثقة بأنه مهما اشتدت رياح المؤامرات ضد اليمن ووحدته الوطنية إلا أن اليمنيين سينتصرون على تلك المؤامرات وسيظل مكسب الوحدة الخالدة محروساً بإرادة الشعب وبتضحيات الأحرار اليمنيين في كل المحافظات اليمنية.. فإلى الحصيلة :-
الوحدة اليمنية ونضالات الحركة الوطنية اليمنية
واحدية الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر المجيدتين لم تكن مجرد شعار يردد بل حقيقة ماثلة معززة بالمعطيات والبراهين على الأرض، مناضلون فقد شارك مناضلون كثر من أبناء جنوب الوطن في معارك ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومنهم المناضل راجح بن غالب لبوزة وعلي احمد ناصر عنتر وعمر الجاوي وغيرهم من المناضلين وبعد نجاح ثورة سبتمبر في شمال اليمن مثلت تعز القاعدة التي انطلقت منها نضالات أبناء الشمال والجنوب في ثورة أكتوبر المجيدة، فلقد كان تحقيق الوحدة اليمنية هدفاً من أهداف ثورة سبتمبر الستة، تلك الأهداف التي لا تزال في ترويسة صحيفة «الثورة» منذ تأسيسها في تعز بعد انتصار ثورة سبتمبر .
وفي جنوب اليمن كانت الوحدة اليمنية هدف المناضلين بل ان علم دولة الجنوب بعد الاستقلال من بريطانيا في 67م هو نفس علم الجمهورية اليمنية الحالي، وبعد سيطرة الحزب الاشتراكي اليمني على السلطة كانت الوحدة اليمنية هدف النظام الماركسي الحاكم حيث كان الشعار يقول «لنناضل من أجل يمن ديمقراطي موحد» إضافة إلى أن مؤلفات ومذكرات وإبداعات العديد من المناضلين ومن الكتاب والأدباء والمثقفين من رجالات الحركة الوطنية في الشمال والجنوب كلها قد أكدت على ضرورة استعادة الوحدة الوطنية الحلم الأزلي لليمنيين واليمنيات في أشد مراحل الانقسام والتشطير.
فواقع التشطير هو الاستثناء، أما وحدة الأرض والانسان فهي الأصل وهي حقيقة تاريخية اثبتها التاريخ والجغرافيا فرغم الكثير من المستعمرين الذين سيطروا على اليمن من الاحباش وحتى الاحتلال العثماني لليمن في عصره الأول و الثاني والاحتلال البريطاني على جنوب اليمن ثم وصول نظامين مختلفي الايديولوجية في الشطرين، إلا أن الوحدة ظلت على الدوام هدفا وطنياً يجب تحقيقه مهما كلف ذلك من ثمن.
المؤامرات السعودية على الوحدة الوطنية
لم تكن السعودية بمعزل عن ما يحدث في اليمن سواء قبل تحقيق الوحدة او بعد تحقيقها بدءاً بدعمها للملكيين ضد ثورة 26من سبتمبر لإسقاط صنعاء ثم سيطرتها على القرار السيادي اليمني، فهي من انتجت النظام الحاكم في شمال اليمن في السنوات التي أعقبت ثورة سبتمبر حيث اصطدمت جهود كل الوطنيين في الشطرين لتحقيق الوحدة اليمنية بدور السعودية وسيطرتها على القرار السياسي اليمني والذي كان هذا الدور يمنع ويرفض رفضا مطلقا التقارب مع نظام الحكم في جنوب اليمن بذريعة « أنتشار الشيوعية» وخشية من التوجهات القومية المناهضة للنظام الملكي الرجعي في السعودية، فقد كان كل رجالات النظام الحاكم في الجنوب من أعضاء اتحاد القوميين العرب وبعد نشأة الحزب الاشتراكي اليمني اشتد رفض السعودية حتى لمجرد فكرة التقارب أو حتى اللقاء العابر بين الشطرين خاصة وهذا الحزب- كما تدعي- حليف للاتحاد السوفيتي في هذه المنطقة الحساسة من العالم .
الحمدي- سالمين والوحدة الوطنية
كان وصول الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي إلى سدة الحكم السلطة بعد الانقلاب الأبيض على الرئيس القاضي عبدالرحمن الارياني في شمال اليمن إيذانا بمرحلة مختلفة في شكل نظام الحكم في شمال اليمن وجوهر الاختلاف قدرة الرئيس الحمدي وبما امتاز به من وطنية وصدق الانتماء لليمن ورفض التبعية للخارج وما يتمتع به من روح العمل والإنجاز، فقد استطاع أن يوقف الطاعة العمياء للسعودية، ظهر ذلك في اكثر من ملف حساس بالنسبة للسعودية، أهمها ملف الوحدة اليمنية بين الشطرين، حيث دشن الحمدي أولى الخطوات للتواصل مع النظام الحاكم في جنوب اليمن وتحديدا التواصل بالرئيس سالم ربيع علي (سالمين ) لمناقشة قضية إعادة وحدة اليمن والذي توِّج بلقاء قعطبة التاريخي بين الزعيمين وما نتج عنه من الاتفاق على الاستمرار في الخطوات الوحدوية.
توقف جهود الوحدة بين الشطرين
أيقنت السعودية التي خسرت بوصول الرئيس الحمدي إلى السلطة في شمال اليمن الحليف الاستراتيجي الذي يطيع أوامرها، بأن الحمدي لن يكون عجينة طرية كباقي الرؤساء الذين حكموا اليمن، تشكله كما تشاء، مستغلة علاقتها الواسعة بمشائخ القبائل أبرزهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر فقد كان الرئيس الحمدي صاحب قرار مستقل لا يهادن ولا يجامل في استقلال القرار اليمني فقد نقلت عن الحمدي الكثير من التصريحات التي تتعلق بملفات تثير غضب السعودية ابرزها إعادة الوحدة اليمنية بين الشرطين وكذلك تصريحات الرجل حول امن البحر الأحمر والقرن الافريقي لهذا كان قرار اغتيال الحمدي بتلك الطريقة البشعة التي أظهرت درجة رعب السعودية وأدواتها في الداخل من الرئيس الحمدي، إذ كان مرتباً له قبل مغادرة الرئيس الحمدي صنعاء إلى عدن لإعلان الوحدة اليمنية.
اغتيال الحمدي وسيطرة السعودية على القرار اليمني
مثَّل اغتيال الحمدي طعنة غادرة لشعبنا اليمني كما أن الاغتيال أدى إلى توقف جهود إعادة تحقيق الوحدة الوطنية بين الشطرين، حيث لحق اغتيال الحمدي اعتيال سالمين على أيدي رفاقه ذوي التوجه الماركسي المعارض لسالمين المتأثر بالتجربة الصينية والذي استطاع حسبما جاء في كتابات وتصريحات بعض المناضلين أن يخلق انفتاحاً مع بعض دول الخليج، نستطيع القول إن اغتيال الحمدي وسالمين مثَّل خسارة فادحة على اليمن وشكل غياباً لصوت العقل فكلاهما كان نموذجاً في نظافة اليد وحب الوطن والحرص على بناء يمن قوي موحد ومزدهر.
عقب اغتيال الحمدي عملت السعودي على لجم أدواتها في النظام الحديد، إذ دعمت ميزانيات الحكومة وزادت العطايا لمراكز النفوذ من المشائخ والقيادات العسكرية مقابل أن يظل نظام الحكم تابعاً مسلوب الإرادة مفرطاً بالسيادة الوطنية، بحسب ضابط سابق في جهاز الأمن السياسي والذي قال بعد اغتيال الرئيس الحمدي «لم تكن هناك ورقة تخرج أو امر يصدر من رئاسة الجمهورية في صنعاء إلا ويمر قبل حتى إعلان صدوره رسميا على السفارة السعودية في صنعاء مع إرسال صورة منه لوزارة الخارجية السعودية في الرياض» بل جاء في بعض الكتابات الصحفية التي نشرتها بعض الصحف الحزبية والمستقلة قبل سنوات «إن السعودية كانت تحدد من يجب أن يتولى منصب رئيس الحكومة والوزراء فيها ومن الوزير الذي يجب أن يغادر ومن المسؤول الذي يجب أن يقال من منصبه.
هذا الانبطاح للسعودية فوَّت كثيراً من الفرص لتحقيق الوحدة اليمنية وحرم الشعب اليمني كثيراً من الفرص الاقتصادية أهمها استخراج النفط.
الوحدة اليمنية في 22مايو 90
تكللت لقاءات قيادتي الشطرين لمناقشة خطوات تحقيق الوحدة اليمنية في القاهرة وطرابلس والكويت بإعلان الوحدة اليمنية في 22من مايو 90 وما مثَّله ذلك من انتصار للإرادة الشعبية اليمنية، فقد كبر الوطن ورفعت براميل التشطير واستطاع اليمنيون الانتقال بين الشطرين بكل يسر وسهولة، وكانت الوحدة اليمنية بحق هي الشمعة الوحيدة المضاءة في ليل العرب المظلم في ذلك التاريخ لولا تعرضها للمؤامرات من قبل بعض أطرافها .
التآمر على المنجز الوحدوي
ربما عجزت السعودية أو لم تخدمها الظروف في22من مايو 90م لإيقاف عجلة الوحدة اليمنية نتيجة السيل الهادر الذي تفجَّر معبِّرا عن إرادة الشعب اليمني المطالب بالوحدة والمحتفل بتحقيقها لكن السعودية وعبر أدواتها في الداخل اليمني لم تدخِّر وقتا وجهدا لتفريغ وحدة الوطن من مضمونها الذي تحققت من أجله وهو وجود يمن قوي ومزدهر وديمقراطي.
فقد ساهمت السعودية وشجِّعت ودعمت التحالف بين صالح والقوى العقائدية والقبلية المنضوية تحت لافتة التجمع اليمني للإصلاح ذي التوجه الديني والذي تأسس في العام 90م بعد السماح بالتعددية الحزبية والسياسية لمواجهة شريك الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني وما قدمه حيدر أبو بكر العطاس في ذلك الوقت من برنامج اقتصادي للإصلاح المالي والإداري والذي اعتبره نظام صالح وحلفاؤه في الإصلاح معركة مبكرة ضدهم.
وكان الرد على تلك المعركة هو تكفير قيادات الحزب الاشتراكي اليمني عبر منابر المساجد في صنعاء وعبر العديد من الصحف التابعة للحزب ابرزها صحيفة الصحوة من جانب، ومن جانب آخر اغتيال كوادر وأعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، حيث كانت تسجل تلك الاغتيالات ضد مجهول ابرزها اغتيال حسن الحريبي ومحاولة اغتيال عمر الجاوي ومحاولة اغتيال عبد الواسع سلام وزير العدل في حكومة الوحدة واغتيال ماجد مرشد سيف مستشار وزير الدفاع ومقتل لينا مصطفى عبدالخالق واغتيال اكثر من 130 من أعضاء وكوادر الحزب الاشتراكي اليمني في صنعاء ومهاجمة منزل رئيس مجلس النواب حينها الدكتور ياسين سعيد نعمان بقذائف الـ»آربي جي».
لقد وجد شركاء الوحدة من القيادات المتواجدة في صنعاء من أبناء المحافظات الجنوبية انفسهم امام ثقافة وممارسات تسيء للوحدة الوطنية يمارسها حليفهم صالح وحلفاؤه في الإصلاح تقوم على الضم والالحاق رغم ما كان يردد في الظاهر من شعارات الشراكة الوطنية.
جاء في مذكرات الشيخ سنان أبو لحوم اليمن (حقائق ووثائق عشتها) « إن صالح كان يستفز نائبه علي سالم البيض في اكثر من موقف لدرجة انه في مرة من المرات وصل ياسر عرفات إلى مطار صنعاء وعلم البيض بذلك فطلب من صالح انتظاره ليخرجا لاستقبال ياسر عرفات في موكب واحد، فرد صالح بالموافقة لكنه خرج لوحده لاستقبال ياسر عرفات تاركا البيض ولحقه البيض بعد ذلك إلى المطار، وبعد انتهاء استقبال الضيف دخل الاثنان في شجار وصل إلى حد الاشتباك بالأيدي ولم يتوقفا إلا حياء من الشيخ سنان أبو لحوم الذي قال: ((قلت لصالح بعد أن استمعت للبيض بحضور صالح انت غلطان ).
الوحدة وخفافيش الظلام
ظل الإعلام الرسمي في الماضي يتغنى بالوحدة اليمنية كمنجز تاريخي تحقق للشعب اليمني وهي حقيقة تاريخية ويتغنى بالعديد من المشاريع التي دشنتها دولة الوحدة في قطاعات الطرق والاتصالات والجامعات والمستشفيات واستخراج النفط في شبوة والمسيلة لكن الممارسات كانت تسيء لهذا المنجز وتظهره فاقداً لمضمونه فقد مارس المؤتمر الشعبي العام ضد شريكة الحزب الاشتراكي اليمني الكثير من المؤامرات مستغلا كثيراً من الملفات العالقة مثل قضايا الهاربين من الجنوب بعد أحداث 13يناير أو ما يسمى ( الزمرة ) كما عمل المؤتمر الشعبي العام مع حليفه التجمع اليمني للإصلاح والفرقة الأولى مدرع على دعم وتسليح بعض المتطرفين في ما يسمى جيش عدن أبين الإسلامي ومنهم الإرهابي أبو حسن المحضار والذي قام بتنفيذ العديد من عمليات الاغتيال لأعضاء وكوادر الحزب الاشتراكي اليمني، وهذه المؤامرات أضرت بالوحدة كمنجز وطني وطعنتها من الخلف.
حرب صيف 94 الظالمة
أثبت واقع الحال بعد قيام الوحدة أن الجنوبيين كانوا وحدويين بصدق، فلم تكن لهم أي حسابات خاصة للوحدة أو أي مكاسب يريدون تحقيقها مقابل الوحدة، ورغم أن صالح طرح فكرة الوحدة الفيدرالية إلا أن الجنوبيين رفضوا هذه الفكرة وعلى رأسهم الأستاذ المناضل علي سالم البيض الذي تمسك بفكرة الوحدة الاندماجية بين الشطرين، ولا يمكن إنكار وجود بعض قيادات جنوبية في المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب التي تحفظت على الوحدة الاندماجية ومن هؤلاء حيدر أبو بكر العطاس أول رئيس وزراء للجمهورية اليمنية لكن إرادة الشعب اليمني كانت أقوى ووطنية الجنوبيون حسمت الخياريلصالح الوحدة الاندماجية .
حيث واجه أولئك الجنوبيون الأحرار تحالفاً يقوده صالح لم يعر أي اهتمام أو التزام باتفاقيات الوحدة وأفشل كل جهد لبناء دولة حديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون متشجعا بالقوة العسكرية والتحالفات التي نسجها مع الإصلاح ولهذا طالب الحزب الاشتراكي بإخراج المعسكرات من المدن وتنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري ومحاربة الفساد .
وكان الرد عليه بمزيد من الاغتيالات توِّجت بقرار الحرب من ميدان السبعين وما لحقته من مواجهات في محافظة عمران ورغم ان القوى السياسية اليمنية توصلت إلى وثيقة تمثل حلاً شاملاً لكل الملفات بين شركاء وحدة 22من مايو 90م تمثلت بوثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، ورغم توقيع الأطراف عليها إلا أن قرار الحرب الظالمة على الجنوب كان قد اتخذ وكان التوقيع من قبل صالح على وثيقة العهد والاتفاق مجرد ذر الرماد على العيون، فقد استمرت حرب صيف 94م حتى السيطرة على عدن في 7 /7 /1994م وما تبع ذلك من نهب لمؤسسات الدولة وتمكين القيادات القبلية والدينية والعسكرية في المؤتمر الشعبي العام والإصلاح من نهب أراضي الجنوب وما لحقه من تسريح آلاف الكوادر من الجيش والأمن ومؤسسات الدولة بذريعة الانتماء للحزب الاشتراكي اليمني.
شعور شركاء الوحدة بالظلم والإجحاف
لقد جعلت حرب صيف 94م الجنوبيين يشعرون بالظلم والإجحاف، الأمر الذي دفعهم إلى تشكيل ما سمي وقتها بالحراك الجنوبي بسبب عدم اصغاء نظام صالح لدعوات المصالحة الوطنية ومعالجة أثار حرب صيف 94م، لكن نظام صالح كان مزهوا بالنصر مع انه في الحروب الداخلية والأهلية لا يوجد طرف منتصر، وهي المظلوميات التي ظلت مفتوحة دون معالجة بسبب قيادات اعتبرت الوحدة مكسباً شخصياً وفيداً للمال ونهباً للأراضي وشراء الولاءات وليست وحدة وطنية هدفها البناء والتعايش بين كل الأفكار في دولة ديمقراطية تحكم بالقانون وما لحق ذلك من خطوات الانفراد بإخراج شريك الوحدة من السلطة وتشكيل سلطة بين حلفاء الحرب مكونة من المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والانفراد بها ضد الإرادة الشعبية المتمثلة بتعديل دستور دولة الوحدة.
المصفقون للحرب
لقد صفق كثيرون لحرب صيف 94م الظالمة بسبب شراء الولاءات والتعتيم عما حصل ورمي كل ما حصل على الحزب الاشتراكي اليمني وعدم ذكر كل ممارسات شركاء الوحدة في المؤتمر والإصلاح ضد الوحدة الوطنية لكن مع ذلك كانت هناك أصوات رافضة لتلك الحرب الظالمة ومن هذه الأصوات صوت الشهيد حسين بدر الدين الحوثي- عضو مجلس النواب، والذي أعلنه صراحة دون حساب لردود الأفعال وهو موقف انطلق من رؤية عميقة وعقلانية غرضها أمن واستقرار اليمن إضافة إلى البيان المشترك الصادر من الشيخ مجاهد أبو شوارب والشيخ سنان أبو لحوم، وكما أنتج التحالف القبلي العسكري الديني حرب صيف 94م أنتج نفس التحالف حروب صعدة الظالمة التي سقط فيها الآلاف من الضحايا.
كما أن عدم مراجعة الأخطاء وغياب المصالحة الوطنية انتج مظلوميات تحولت إلى مشاريع ارتزاق في الوقت الراهن وعلى حساب اليمن وامنه واستقراره.
إن المؤامرات على المولود الوحدوي المتمثل بالوحدة اليمنية انتج شعوراً بالظلم من أبناء الجنوب كما قلنا سابقا وهم يشاهدون سيطرة القيادات القبلية والدينية والعسكرية على مؤسسات الدولة في عدن وباقي المحافظات الجنوبية وتوزيع الأراضي على مراكز النفوذ وبيع المؤسسات الناجحة المملوكة للدولة للقطاع الخاص وكل ذلك أوجد ملف مظلوميات حقوقية للناس من أبناء هذه المحافظات وهي مظلوميات حقة ومشروعة، لكن ما حصل أن هناك من كانت له غايات أخرى حيث تحولت تلك المظلوميات إلى مشاريع ارتداد على الوحدة تمت تغذيتها من قبل دول مثل السعودية والإمارات بالمال والتغطية الإعلامية، وهي نفس الدول التي دشنت عدوانها على اليمن تحت لافتة إعادة ما يسمى شرعية الرئيس الفار هادي وظهرت أطماعها الحقيقية في السيطرة على السواحل اليمنية والموانئ والسيطرة على الجزر اليمنية واهمها جزيرة سقطرى وتقاسم الدور فيما بينها في ظل انبطاح وخضوع من قبل المرتزقة وهم يشاهدون وطنهم يفتت تحت الاحتلال عاجزين حتى عن إعلان موقف من كل ما يحدث.
لكن منطق الأشياء يقول إن الوحدة قدر ومصير شعبنا اليمني وان المشاريع الصغيرة ستهزم وستظل اليمن في حدقات عيون الأحرار من أبناء اليمن في كل المحافظات اليمنية، وما حدثت من أخطاء أو تجاوزات يمكن حلها داخل البيت اليمني الواحد.