يتأثر البعض مع الأسف الشديد بما تطرحه بعض وسائل الإعلام عبر تحليلاتها التي تبنى في الغالب على التخمينات والمعلومات الخاطئة والضمير المستتر والتسريبات المغرضة التي تهدف إلى التشويش وإحداث اللغط فضلاٍ عن عامل الإثارة الذي تلجأ إليه بعض وسائل الإعلام لجذب المزيد من المتابعين لها وهذه مسألة يعرفها الجميع وفي المقدمة منهم المشتغلون في وسائل الإعلام الذين يتفقون على أن وسائل الإعلام العربية منها أو الغربية تحكمها مدرستان تختلفان في رؤيتهما الأولى ترى أن الموضوعية والدقة في تقديم المعلومات هي السبيل الأمثل للوصول إلى الناس أما الثانية فإنها تنظر إلى أن المنافسة المحتدمة على الصعيد الإعلامي قد ضيقت عليها الخناق وهي بالتالي لا يمكن لها النفاذ إلى المتلقي إلا عبر أساليب الإثارة والتقارير التي تتغذى على الحدس والتكهنات بصرف النظر عن مدى مواءمتها لمفردات وقواعد التحليل السليم متكئة في ذلك على الاعتقاد بأن عملية الفرز بين الممكن وغير الممكن هي مسؤولية المتلقي وليست مسؤوليتها.
ولعل ذلك كان سبباٍِ مباشراٍ في تأثر البعض بما تداولته عدد من وسائل الإعلام التي لاشك وأنها تندرج في إطار القسم الثاني من ذلك التوصيف حيال ما يتصل بالحرب التي تخوضها الأجهزة الأمنية اليمنية ضد تنظيم القاعدة الإرهابي والدور الخارجي فيها وبفعل سوء الفهم تولدت لدى ذلك البعض مخاوف من أن تستغل أطراف دولية موضوع الإرهاب للمساس بسيادة اليمن مع أن مثل تلك الهواجس سواء كان الدافع إليها الغيرة على الوطن أو مقصداٍ آخر ليس لها ما يبررها على الإطلاق لاعتبارات عدة أهمها أن الدولة والقيادة السياسية سبق لها وأن أكدت بالوقائع القاطعة أنها أحرص من أي أحد على سيادة اليمن وأنها لا تحتاج إلى من ينبهها إلى مسألة كهذه هي في صلب مسؤولياتها وواجباتها والأمانة التي حملتها على عاتقها وقد برهنت على ذلك بالمواقف والأفعال وليس بالأقوال.
ومن الغريب والمريب أن يقع البعض في فخ التسريبات الإعلامية ويسقط ذلك على قناعاته وهو الذي لا يجهل أن اليمن قيادة وشعبنا يستحيل له أن يفرط بسيادته وبأي ذرة من ترابه الوطني أو أن يقبل بأي تواجد أجنبي على أرضه وأن أمرا كهذا محسوم تماماٍ ولا يقبل النقاش وآخر الشواهد على ذلك ما أكد عليه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي لقناة أبو ظبي الفضائية حين أشار إلى أن السيادة الوطنية خط أحمر ولن يسمح لأي كان بالنيل منها لا تحت يافطة مكافحة الإرهاب ولا تحت أي شعار آخر. مما يعني معه أن على أولئك الذين تتنازعهم المخاوف أن يطمئوا أن اليمن أقوى من أن يتطاول عليه طرف خارجي.
وكان الأجدى بمن اندفعوا لترديد ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تكهنات وأكاذيب أن يكرسوا جهدهم وقدراتهم للتحذير من ظاهرة الإرهاب وفكرها المتطرف وعناصرها الإجرامية ومشاريعها التدميرية التي تسعى إلى توريث الوطن الخراب والدمار وإشاعة الفوضى واستباحة دماء الأبرياء وأمن واستقرار المجتمع وسكينته العامة.
إذú لا يكاد يصدق الكثير من أبناء الوطن مثل ذلك التحفز في الحديث عن التدخل الخارجي في شئون اليمن وهو الشيء المحال فيما يتخلى من أرادوا أن يظهروا أنفسهم كغيورين عن واجباتهم في دعوة الناس إلى الوقوف صفاٍ واحداٍ إلى جانب الدولة والأجهزة الأمنية في التصدي لأعمال الإرهاب وتحالف الشر من تنظيم القاعدة وعناصر الفتنة والتخريب في محافظة صعدة والخارجين على الدستور والنظام والقانون مما يسمى بـ”الحراك” القاعدي الذين يجمعهم مخطط إجرامي واحد هو زعزعة أمن واستقرار اليمن والانزلاق به إلى متاهات التمرد والصراع وإحلال شريعة الغاب.
فلماذا لم ترتفع أصوات هؤلاء بالتنديد بالعمليات الإرهابية التي سبق وأن نفذتها عناصر الإجرام في تنظيم القاعدة أو كانت تخطط لتنفيذها لولا يقظة الأجهزة الأمنية التي باغتت القتلة الانتحاريين بعملياتها الاستباقية الناجحة التي أجهضت ذلك المخطط والذي لو قدر له أن يجد طريقه إلى التنفيذ لا يعلم إلا الله ما كان سيفضي إليه من شلالات الدماء والضحايا البشرية¿.
ولماذا لم ترتفع أصوات هؤلاء في مواجهة العصابة المارقة التي أشعلت الفتنة في محافظة صعدة وحرف سفيان الذين يعيثون في الأرض فساداٍ من خلال أعمال القتل والتقطع والخطف وانتهاك أعراض المواطنين وأموالهم وتشريدهم من قراهم إلى جانب تخريب المنشآت العامة والخاصة والعبث بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي¿.
ولماذا لم ترتفع أصوات هؤلاء للتنديد بمثيري الفتن بين أبناء الوطن الواحد ودعاة التمزق والتجزئة الذين يتآمرون على الوحدة تنفيذاٍ لأجندة خارجية حاقدة على اليمن ووحدته التي مثلت صمام أمان لأبناء شعبنا وإنجازاٍ وطنياٍ أخرج بلادنا من حقب الصراعات والتناحرات وكابوس التشطير وجراحاته وأحزانه¿.
فلو تركز جهد هؤلاء على تلك القضايا لقدموا بذلك منفعة لوطنهم ودينهم وشعبهم وأمتهم ولأسهموا في إعادة بعض تلك العناصر الضالة إلى الرشد والصواب وأخرجوهم من مستنقع الانحراف والضلال ولأصلحوا بذلك نفوس المغرر بهم الذين انساقوا بجهالة وراء تلك العصابات الإرهابية وتحالف الشر الذي لا يقيم وزناٍ لدين أو ضمير أو أخلاق أو مبدأ أو أي من القيم الإنسانية.
فلنتق الله في أنفسنا وشعبنا ولنستشعر أننا جميعا مسؤولون عن هذا الوطن
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا