بغداد/ وكالات
في اليوم الذي قدم فيه رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي استقالته إلى البرلمان في 30 نوفمبر 2019م، وصوَّت البرلمان في اليوم التالي على قبول استقالته، ربما لم يعتقد أحد –آنذاك- أن المشهد السياسي العراقي سيعيش فراغاً في السلطة أكثر من خمسة أشهر دون تكليف رئيس جديد للحكومة، وحتى في مرحلة ما كانت الظروف في الساحة السياسية العراقية تُنبئ بأنه بعد فشل محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة قد يتم تكليف السيد عادل عبد المهدي مرة أخرى لرئاسة الوزراء.
ومع ذلك، عندما تم تكليف مصطفى الكاظمي- الصحفي السابق ورئيس الاستخبارات والأمن العراقي- رسمياً من قبل الرئيس العراقي برهم صالح في 9 أبريل 2020م لتشكيل حكومة جديدة كان هناك بعض الأمل في عبور أزمة تكليف بديل لعبد المهدي، ونجح الكاظمي- الذي كان لديه حتى 8 مايو لتشكيل الحكومة لنيل ثقة البرلمان- في كسب ثقة النواب في 6 مايو 2020م.
ففي كتاب رسمي إلى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في 6 مايو 2020م، قدّم مصطفى الكاظمي- المكلف بتشكيل الحكومة الاتحادية العراقية- أسماء الوزراء المقترحين لمختلف الوزارات مُرفقة بسيرهم الذاتية، باستثناء وزارتي الخارجية والنفط، وضمت قائمة الكاظمي 12 وزارة للشيعة، بما في ذلك المالية والداخلية والنفط، وست وزارات للسُنَّة أهمها وزارة الدفاع العراقية، وثلاث وزارات للكُرد هي “وزارة الخارجية والعدل والإعمار والإسكان والبلديات العامة”، كما كان نصيب المكون المسيحي وزارة واحدة هي وزارة الهجرة والمهجرين.
وفي جلسة منح الثقة صوَّت أعضاء البرلمان على منح الثقة لبرنامج الحكومة الجديدة إضافة إلى منح الثقة لـ 15 وزيرا رشحهم رئيس الوزراء، وبهذا أصبحت حكومة الكاظمي رسمية وأدت مراسم التكليف وتأدية القسم، كما فشل مرشحو وزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة والهجرة في نيل ثقة النواب، كما تم تأجيل التصويت على مناصب مرشحي وزارة النفط والخارجية كما كان متوقعا.
ومما لا شك فيه أن أهم قضية في تشكيلة حكومة الكاظمي هي أن وزارة المالية- باعتبارها واحدة من الوزارات الخمس الرئيسية في الحكومة- أخذت من المكون الكردي مقابل منحهم وزارة الخارجية، وتكمن أهمية هذه القضية في حقيقة أن فؤاد حسين- عضو مجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي- كان وزيرا لوزارة المالية في حكومة عادل عبد المهدي، لكن أداءه كان موضع انتقاد شديد من قبل القوى السياسية الشيعية في بغداد.
وتعتقد القوى السياسية الشيعية- أن فؤاد حسين- على الرغم من الأوامر الصادرة من مجلس الوزراء- سلّم حصة ميزانية حكومة إقليم كردستان بشكل تلقائي دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد، الأمر الذي زاد من عدم الرضا بشكل كبير عن وجود كردي في المنصب، وفي النهاية أدت الظروف إلى قناعة مفادها أن وزارة المالية باتت خطا أحمرا للأكراد، وفي أعقاب هذه القضايا يبدو أن الكاظمي قد استبدل حصة الأكراد بوزارة الخارجية بدلا عن وزارة المالية من أجل إنهاء القضايا المتعلقة بوزارة المالية.
بعد التصويت على منح الثقة لـ 15 من أعضاء الكابينة الذين رشحهم الكاظمي وكسب حكومة الكاظمي الجديدة الشرعية من البرلمان العراقي، يبدو أن المهام القادمة ستكون أصعب من مهمة تشكيل الحكومة، ورغم أن الكاظمي قال أثناء الجلسة البرلمانية إن حكومته لن تكون حكومة حل، ولا حكومة أزمات، ولكن يبدو أنه سيكون رئيس حكومة انتقالية حتى موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة.
في الواقع يعتقد العديد من المراقبين السياسيين أنه ينبغي اعتبار الكاظمي رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية، أي الانتقال من الأزمة إلى الاستقرار، ومن المرجح إجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال العام المقبل، ومن غير الواضح ما إذا كان الكاظمي سيواصل الرئاسة في منطقة الخضراء بعد الانتخابات المبكرة، وهو ما سيعتمد على أدائه السياسي خلال الفترة المقبلة، ومع ذلك يمكن تقييم أهم مهمة للكاظمي في الحكومة الجديدة تتمثل في استعادة الاستقرار، والتحضير لانتخابات مبكرة، وحل النزاعات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية، وإرضاء القوى السياسية المختلفة.