وما تزال الأقنعة تتساقط
عبدالفتاح علي البنوس
مع الوطن لا حياد ، فالحياد هنا جريمة كبرى ، لا تقل عن العمالة والخيانة والارتزاق ، ومن يقول بخلاف ذلك يغالط نفسه ، و يحاول أن يبرر لأفعاله الشينة ، وسقوطه الذريع في وحل العمالة والخيانة ، وكم شاهدنا نماذج كثيرة من أدعياء الحياد الذين ظلت مواقفهم متسمة بالسلبية المفرطة وهم يتعاطون مع ملف العدوان والحصار على وطنهم وشعبهم ، وليتهم اكتفوا بحيادهم المزعوم ، بل ذهبوا إلى الغمز واللمز والتعريض والتصريح بالتماهي مع قوى العدوان وتبني مواقفهم ووجهات نظرهم والتماهي معهم في كثير من النقاط والملفات .
وما بين الفينة والأخرى تتبدى الكثير من الأسماء التي كنا نحسبها من ( المحايدة ) حسب زعمها ، وكنا ننظر إلى سلبيتها المغلفة بالحياد المزعوم نظرة ازدراء ، مع تفضيل نسبي على أولئك الذين اعلنوا ارتهانهم لقوى العدان وباتوا من الجنود المجندين لخدمته ، وتنفيذ أجندته وأهدافه الخبيثة والشيطانية ، ولكنهم سرعان ما انقلبوا على أعقابهم ، وتخلوا عن حيادهم المزعوم ، وأظهروا قبحهم ، وعمالتهم وارتهانهم لقوى العدوان ، وعبادتهم للريال السعودي والدرهم الإماراتي ، الذي باعوا من أجله وطنهم وشعبهم ، وتاجروا بكل القيم والمبادئ التي ظلوا يتشدقون ويتغنون بها ، وسقط معهم حيادهم المزعوم الذي اتضح أنه مجرد ديكور ظلوا يتخفون خلفه ، إلى حين صدور أوامر من قبل أسيادهم السعوديين والإماراتيين بالتحرك ، والتفعيل والخروج من وضع الصامت إلى وضع الرنين مع الاهتزاز ، حينها فقط تسقط الأقنعة الزائفة التي كانوا يرتدونها وتظهر وجوههم الحقيقية ونواياهم الشريرة ، وأهدافهم الخبيثة ، ودائما ما يبحث هؤلاء المرتزقة الجدد عن شماعة يحاولون من خلالها تعليق ظهورهم على حقيقتهم ، ومن المضحك أن غالبية الشماعات التي يعلِّق عليها المرتزقة الجدد عمالتهم وخيانتهم لوطنهم تتعلق بتوظيف بعض القضايا وتحميلها أبعادا مناطقية وطائفية ومذهبية والتخندق خلفها ولعب دور البطولة والزعامة ، فنجدهم يعلنون النكف ويحشدون الحشود لإشعال الحرائق وإذكاء الفتن والأزمات بدعم وإسناد من قوى العدوان .
وهم من ظلوا يلزمون الصمت ويتفرجون على جرائم العدوان في حق النساء والأطفال على مدى خمس سنوات، ولم نسمع لهم ولو مجرد الهمس للتعبير عن إدانتهم واستنكارهم لهذه الجرائم والمذابح التي يندى لها جبين الإنسانية، هذه النماذج وإن حاولت التدليس والتلبيس على الناس والتغرير عليهم بتصنع المواقف ، وادعاء الوطنية والغيرة على الأرض والعرض ، فلن تنطلي هذه المواقف المتصنعة ، والمدفوعة الثمن، والمؤدلجة ، فضمائرهم ميتة ، ولا يمكن أن تصحو لأنهم تجردوا من كل القيم والأخلاق والمبادئ .
بالمختصر المفيد: الوطنية ليست مجرد شعارات زائفة، وأعلام مرفرفة على أسطح المنازل والمؤسسات ، ولا أناشيد وطنية يُتغنى بها ، الوطنية قيم ومبادئ تتجسد على أرض الواقع ، وأصحاب المواقف الثابتة الراسخة هم من يحترمون ويحافظون على مكانتهم في أوساط المجتمع ، أما المذبذبون أصحاب الأقنعة المزيفة فسرعان ما يتساقطون الواحد تلو الآخر .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وعملاً متقبلاً وإفطاراً شهياً.. وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.