إعداد / رضي القعود
في السابق كنا ننتظر المسلسلات الرمضانية بفارغ الصبر وذلك لكونها تحتوي على حلقات ومشاهد تاريخية تتكلم عن الحضارة الإسلامية وعن قادتها العظام ودورهم في الفتوحات الإسلامية … اليوم ومن خلال القنوات السعودية والخليجية لا نجد سوى عروض لمشاهد هابطة تدعو إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي .
فها هي قناة ال ( إم بي سي ) السعودية التي تبث من الإمارات تعرض مسلسل بعنوان ( مخرج 7 ) للمخرج أوس الشرقي .
حيث ظهر الممثلان ناصر القصبي، وراشد الشمراني، وهما يروجان بشكل واضح للتطبيع.
إذ قال الشمراني إنه ينوي توسيع أعماله التجارية والتعاون مع إسرائيليين، ليرد القصبي بأن الإسرائيليين أعداء.
وعلق الشمراني بعبارات تطبيعية، رددتها منذ مدة الحسابات السعودية الموالية للحكومة، التي تعرف بـ”الذباب الإلكتروني”.
وقال: “العدو الحقيقي هو اللي يسبك وينكر تضحياتك ووقفتك معه ويسبك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين”.
وأضاف: “قصدي دخلنا حروب علشان فلسطين، قطعنا النفط علشان فلسطين، ويوم صارت سلطة ندفع رواتب نحن أحق بها، وهم ما يصدقون فرصة هالكبر يهاجمون السعودية”.
وأثار هذا المشهد سخطا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أكد ناشطون أن عرضه يأتي في سياق محاولة سلخ المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام عن القضية الفلسطينية.
وأبدى ناشطون رفضهم لبث مثل هذه المشاهد التي تصوّر الاحتلال الإسرائيلي بأنه دولة سلام، يمكن إقامة علاقات معها.
أما مسلسل أم هارون الذي تقوم بدور البطولة فيه الممثلة الكويتية حياة الفهد والذي حظي بإنتاج سعودي ضخم فقد لبس قناعاً إنسانياً لكن جوفه يغلي بحفاوة الترحيب والتعايش مع الإسرائيليين ، فالمسلسل الذي يعرض على قناة الـ mbc يروي قصة امرأة يهودية عاشت في أربعينيات القرن الماضي واشتمل على مغالطات تاريخية جسيمة فقد تضمن عبارة ( لقد أقيمت دولة إسرائيل عند انتهاء الانتداب البريطاني على أراضي إسرائيلية ) وبالتالي ينفي كلياً الوجود الفلسطيني وحقه في أرضه ، كما استخدمت اللغة العبرية في المسلسل بحجة كتابة شخصية أم هارون لمذكراتها ، وهو يمثل تطبيعاً ثقافياً كان لا يتسطيع الاحتلال الإسرائيلي أن يراه حتى في منامه لكن الخليج الجديد بقيادة بن سلمان جاء محققاً للأحلام الإسرائيلية لينال رضى سيد البيت الأبيض دونالد ترامب فيحمي له عرشه .
أما “آفيخاي أدرعي” الناطق باسم جيش الاحتلال فكان أول المعجبين بهذه المسلسلات الخليجية بل إنه استهجن الحملة التي قامت ضد مسلسل “أم هارون” وذهب بعيدا حيث دافع عن الفنانة الكويتية حياة الفهد ، فقد غرد عبر تويتر قائلا:
“كالعادة تعرضت الفنانة القديرة حياة الفهد لانتقادات أصحاب نظرية المؤامرة وغيرهم من المفسدين، الذين ينظرون إلى كلمة تطبيع كشتيمة، ويفضلون المسلسلات العنصرية التي تروج الأكاذيب المعادية للسامية التي عادة تعرض في شهر رمضان” على حد تعبيره.
وبالتالي فنحن أمام إسفاف واستخفاف بالعقل العربي لتغييب الحقائق التاريخية عن عقول أجيال الحاضر ، فهو خطر حقيقي لابد وأن تثور من أجله الأقلام الحرة والمناصرون للقضية الفلسطينية، فالأفكار المسمومة التي يحاول البعض زرعها في العقل العربي لن تثمر إلا علقماً لأن المناعة الشعبية العربية ضد التطبيع ما تزال قوية ومثل هذه الأعمال الدرامية ستكون موجة صيف عابرة إذا ما لفظتها الشعوب واتحدت ضدها الأقلام وانتفضت من أجلها الكرامة العربية .
وفي تصريح لجريدة “الميادين” اللبنانية، يقول عبد الباري عطوان إن “دول الخليج وتحديداً السعودية هي أول من سيتضرر من المسلسلات التي تروج للتطبيع”، لافتاً إلى أنها “ليست المرة الأولى التي يتم الإساءة فيها للشعب الفلسطيني من قبل المطبعين في دول الخليج”.
وتابع: “هناك شخصيات مطبعة في دول الخليج تتصرف بطريقة صبيانية”، مشيراً إلى أن “الأمة محصنة من الثقافة الاستسلامية التي يروَّج لها عبر المسلسلات التلفزيونية”.
يرى مراقبون أن إعلام آل سعود تجاوز موضوع التطبيع، بل صار إعلاماً موجهاً بشكل مباشر لاستعداء الشعب الفلسطيني والترويج لفكرة أنهم أعداء حقيقيون، بينما الصهاينة هم شماعة، ولا يوجد عداء حقيقي معهم، بل حتى أدخلوا الأطفال في مشروعهم كإشارة رمزية إلى الأجيال القادمة، وهنا يكمن الخطر الكبير تربية أجيال على هذه الأفكار وتصوير الشباب الذي لديهم انتماء إلى قضايا الأمة شخصيات ساذجة وسخيفة.
ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية، أصبح التطبيع مع “إسرائيل” يستند إلى خطط سياسية وإعلامية مدروسة، وقطعت الرياض شوطاً كبيراً في تهيئة الأجواء العربية للتعايش مع مرحلة جديدة عنوانها الأبرز سيكون “التطبيع الكامل مع إسرائيل”.
وتوحي كل المؤشرات بازدهار العلاقات بين الاحتلال والسعودية؛ فالخطوات التي تتخذها حكومة الرياض بدعم واضح من ولي العهد محمد بن سلمان، تذهب في هذا المنحى.
مراقبون: إنها ليست المرة الأولى التي يسيئ فيها إعلام آل سعود إلى الشعب الفلسطيني