من بعد صلاة الفجر إلى الثانية بعد الظهر فوق "الملحّة" أُبرّدُ وأرص

زهور: اللحوح مهنة شاقة وشغل الحجر والطين أهون

 

 

تراجع دخل والدي حد الصفر لتوقف صرف الرواتب ما دفعني لبيع اللحوح

كفاح المرأة اليمنية يستمر بل ويزيد يوما بعد يوم، بل وتحمل معه إعالة أسرِتها وأطفالها من أجل لقمة عيشهم، حيث يعانون من الحصار وتدهور الوضع الاقتصادي وانقطاع الرواتب بعد إعلان دول التحالف شن حرب عسكرية واقتصادية على اليمن.
(زهور. ص. ق) واحدة من جموع النسوة اللاتي خرجن للعمل.. شابة كان لديها طموح يناطح السحاب وأماني خُضر يورق منها الفكر في مشوار إكمال تعليمها وصناعة مستقبلها وخدمة وطنها، إلا أن الرياح أتت بما لم تشته أحلامها فأخرجتها من المدرسة إلى أكاديمية التعب والبحث عن لقمة العيش في زمن المتاعب والمواجع؛ زمن العدوان والحصار.
زهور وبطبق من «اللحوح» وكفاح يومي على أحد أرصفة شوارع العاصمة صنعاء، تصارع الفقر والجوع وقساوة الحياة وظروف الشارع بتفوق، وإزاء ذلك لا نملك إلاّ أن ننحني لها إكبارا وإجلالاً.. لها خمس من الأخوات و3 من الإخوة القصَّر.. وهي تكافح لأجلهم.. عقب إلحاح شديد وعلى السريع قبلت أن تجيب على بعض أسئلة الصحيفة.. فإلى التفاصيل:
الثورة / يحيى محمد

هل اخترت مهنة اللحوح، لأنها مربحة؟
– لا.. لا.. في الحقيقة تكاليف الشغلة كبيرة وخاصة مشكلة الوقود، حطب والا غاز كله غالي نار.. ومع ذلك الله لا يترك أحداً يطلبه.
أصعب قرار اتخذته قبل عملك في بيع اللحوح؟
– يوم قررت أن أتوقف عن الدراسة.
ما هو شعورك الآن؟
– حين أرى زميلة من زميلاتي اللاتي كنّ معي في الفصل تمر من
أمامي انزعج بشدة.
هل أنت زعلانة على خروجك من المدرسة؟
– نعم كنت أحلم أن أدرس في الجامعة وأتخرج طبيبة، لكن عندما كبرت شعرت أني تحملت مسؤولية كبيرة ومقدسة.. أقف إلى جانب والدي وأساعده في توفير مصاريف وتكاليف تربية إخواني وأخواتي.
وما هي الظروف التي أجبرتك على العمل؟
– “والدي موظف، ومنذ أن أوقف العدوان صرف المرتبات تغيرت حياتنا 180 درجة إلى الأسوأ.. فدخل الوالد تراجع إلى حد الصفر.. ومفيش معه مصدر غير راتبه.. ومكانه يواصل عمله ويمشِّي حاله بالقليل مما تيسر.. مصاريفنا تتراكم مع إيجار البيت.. كل هذا جعلني أقرر أن أعد اللحوح وأبيعه كي أخفف ولوجزءاً يسيراً من معاناة والدي”.
كيف تقضين يومك؟
– ” خلق الإنسان في كبد”؛ الحياة كلها تعب.. كد وعمل مفيش راحة فيها لأحد.. غني أو فقير، كل واحد معه هموم على قدر ماله وصحته”.
كيف تجدين حالك مع رمضان؟
– الحمد لله في البدء والمنتهى.. ولن أكذبك إن قلت ما حد قد تمنى أن تكون ليلة العيد هي أول ليلة من رمضان إلاّ أنا، نعم أفرح برمضان ولكني أبذل جهداً كبيراً في عملي، فهو موسم “الشفوت”، والسوق يكون طلبه زايد عن الأيام العادية، لكنه تعب يهون ولا أرى والدي وهو يتألم حينما يقدر على تلبية متطلبات البيت ومصاريف إخواني.. وهي فرصة نجمع فيها ما تيسر من مصاريف الشهر والعيد.
ما طبيعة هذا التعب.. صفيه لنا؟
– في الليل أقوم بتصفية المعجن، ومن ثم العجين.. ومن بعد صلاة الفجر إلى الساعة 2 بعد الظهر فوق الملحة ألح وأبرّد وأرصّ وأجهز نفسي، بعدها أخرج أبيع إلى ما قبل المغرب.. أعطش قووووي.. هذا هو التعب أما العمل فهو شرف.. والله العظيم شغل عمارة كاملة حجر وطين ولا الشغل في اللحوح تعب يا لطيف؛ تجهيزه مع النار، وبيعه مع حر الشمس، وسفاهة بعض المشترين هي الأشد ألماً.
ما هي المكونات التي تدخل في العجينة التي تصنع منها فطيرة اللحوح؟
– يتكون اللحوم من دقيق مخلوط إضافة إلى المادة الأساسية الذرة؛ بيضاء أو حمراء أو نوع من أنواع الذرة مع قليل من الدقيق، والبعض يضفن الدخن أو الذرة الشامية، ونضيف قليلاً من الخميرة أو عجين من حق الليلة الماضية وتسمى “تشريبة”، والتشربية إذا خُمّرت بشكل صحيح تكون أحسن من الخميرة المصنوعة وبديلة لها، واللحوح يكون أذوق من إضافة الخميرة.
ماذا عن المقادير؟
– المقادير وموازنتها يبقى سراً لكل صانعة؛ كل امرأة يختلف لحوحها عن الأخرى بحسب الممارسة والخبرة في طريقة الإعداد وكذلك النظافة.
ماذا لو توفرت لك فرصة العودة إلى المدرسة؟
– ممكن أعود لكن مش زي ما كان لأن البنات اللي في سني قد تخرجين، وعاد أجي مع بنات أصغر مني وهذا محرج.. وبعدين لما خرجت من المدرسة درست تحفيظ قرآن واقرأ في كل مجالات المعرفة وأمنيتي أن أعوض ما فقدته في إخوتي الصغار.
ما الذي تنصحين به أختك المرأة؟
– نصيحتي إلى أختي المرأة أن تكون ملتزمة متواضعة تراعي حق الله في لبسها وتصرفاتها كلها، وأن تساهم مع أهلها ووطنها في مواجهة تحديات العدوان والحصار، فهذا الزمان الذي لا بد أن تكون فيه المرأة مثابرة وقوية.
هل لديك رسالة تحبين أن نوصلها عبر الصحيفة؟
– تخفيض الأسعار، غلاء زيادة على اللزوم والرجاء من السيد حفظه الله والرئيس والحكومة أن يراعونا في هذا الغلاء.

قد يعجبك ايضا