شُلَّت أيديهم

 

د. ناصر بن يحيى العرجلي

دخلت على تاريخنا ذات ليلةٍ
فرائحة التاريخ مسكُ وعنبرُ
وكنتَ فكانت في الحقول سنابلُ
وكانت عصافيرُ وكانت صنوبرُ
هذه الأبيات التي كتبها نزار قباني في سبعينيات القرن الماضي ضمن قصيدة يرثي فيها الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر تحاكي اليوم حال اليمنيين وهم يحيون الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس المهيب البطل صالح علي الصماد الذي سالت دماؤه الزكية يوم التاسع عشر من أبريل من العام 2018م اثر غارات وحشية غادرة لطيران الحقد والإرهاب السعودي الأمريكي بمدينة الحديدة في واحدة من كبريات جرائم الاغتيال السياسي في العصر الحديث.
ارتقى هذا القائد العظيم شهيدا عند ربه لكنه ترك رغم عمره القصير على راس هرم السلطة مآثر عظيمة وأعمالا خالدة ستظل خالدة في قلوب وأبناء الشعب اليمني جيلا بعد جيل .
لقد مر الشهيد الصماد على نفوس اليمنيين مرور نسائم السحر وكان عهده ميمونا وحافلا بالخير والعطاء رغم ما أحاط بتلك المرحلة من عظيم التحديات والخطوب بفعل العدوان والحصار وتداعياتهما الكارثية على كل مناحي الحياة .
في عهد حكمه الذي كان شبيها إلى حد كبير بما كان عليه حال اليمن أبان عصر الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي حيث كان الرخاء والازدهار والتأسيس العملي للدولة الحديثة قبل أن تعصف بذلك الحلم اليماني الجميل أعاصير الجهل والتخلف والإجرام وهو نفس السيناريو الذي تكرر مع الشهيد الصماد الذي كان بنشاطه الدؤوب ورؤيته الثاقبة يجسد نبض كل يمني حر وشريف فرأيناه يتقدم المجاهدين في ميادين الوغى ووتعودت الجماهير على مشاهدته في كل محافل الحرب والسلام بطلا مغوارا لا يهاب الموت في سبيل الله والوطن ولاتزال كلماته الشهيرة تجلجل في الآفاق وفي وجدان كل يمني «مسح الغبار عن نعال المجاهدين هو اشرف من كل مناصب الدنيا».
إنه الشهيد صالح الصماد الذي ضرب أروع النماذج والأمثلة في القيادة المثالية التي تحتاجها شعوب الأمة العربية والإسلامية التي تتعرض لأعتى المؤامرات والمخططات لنسف تاريخها ومقدساتها ولكن بأيدي أبنائها من الخونة والعملاء ممن باتوا في مواقع القيادة في تلك البلدان للأسف الشديد.
إنه الصماد ذلك الرئيس الذي لم يمتلك حتى منزلا له ولأولاده ولم يجن من رئاسته المال والجاه والنفوذ وإنما ارتضى حب الجماهير نصيبا لهذه القيادة التي كانت محل تقدير وأعجاب الأعداء قبل الأصدقاء وها هي سيرته العطرة تلهج بها الألسنة وتسعد بها القلوب.
انه الرئيس الشهيد الذي وضع الأسس المتينة لبناء دولة قوية مهابة الجانب من لأشيء وفي مرحلة وظروف هي الأكثر تعقيدا في هذا الزمان وها هي اليمن اليوم تجني ثمار تلك الأسس وتصبح دولة لايستهان بها في مجال التصنيع الحربي وتقنيات الردع والرد على تمادي وجرائم العدوان.
سيتذكر التاريخ رؤيته العظيمة ومشروعه الحي «يد تحمي ويد تبني » والذي اصبح وسيظل عنوانا للأداء الوطني الخلاق والبذل والفداء في سبيل بناء نهضة اليمن والذود عن حياضه.
لن نستطيع مهما حاولنا جاهدين أن نعطي هذا القائد العظيم شيئا من حقه وما يستحق من الثناء والإطراء لكن يكفي القول بانه سيبقى حيا وخالدا في وجدان وضمير كل يمني من خلال إنجازاته النموذجية ورؤاه الحكيمة ومشاريعه النابضة بالحياة وتبًت أيادي القتلة الجبناء وشًلًت أياديهم الغادرة.

* عضو مجلس الشورى-رئيس حزب اليمن الحر

قد يعجبك ايضا