الدكتور/ سامي الحمادي لـ ( الثورة):

نقص السمع قد يكون العرض الوحيد الدال على التهاب الأذن الوسطى عند الطفل
لقاء/ محمد أحمد الدبعي

, إحساس الطفل المصاب بالتهاب الأذن الوسطى في بداية العلاج بثقل وانتفاخ الأذن شعور طبيعي لا يدعو للقلق.

التهاب الأذن الوسطى من الأمراض التي تستلزم عدم إبطاء في معالجتها أو توانُ وإلا فضعف السمع هي من نتائجه وفي حالات قد لا يجدي العلاج نفعاٍ دون تدخل جراحي وهذا المرض شائع بين الأطفال الرضع لاسيما مع الأجواء الباردة وتقلباتها هذه الأيام وقد يبدو مشكلة طفيفة عادية على خلاف الحالات الشديدة الحادة المثيرة لقلق وطمئنينة الكثير من الآباء والأمهات.
وهي المشكلة التي سنقف على تفاصيلها مع الدكتور/ سامي حميد الحمادي- استشاري أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة وفيما يلي نص اللقاء:
مركز الصدارة
¶ التهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال لا يعيرها الكثير من الآباء والأمهات اهتماماٍ كافياٍ بعلاجها.. ما الملامح الحقيقية لهذا المرض¿ وما علاماته¿
– التهاب الأذن الوسطى ثاني الأمراض مرتبة من تلك التي تصيب الأطفال بعد الرشح العادي وأكثر حالاته لديهم تحدث بعد الرشح العادي. حيث يشكو الطفل فجأة من ألم شديد في الأذن ويصاب الطفل الرضيع بارتفاع في درجة الحرارة وبكاء شديد خاصة في الليل ويعاني صعوبة في الرضاعة وهيجان وأحياناٍ يبدو الالتهاب مصحوباٍ بسيلان من خلال خروج سائل أصفر أو سائل دموي من الأذن.
وعلى الأم أو الأب أو أحد أفراد الأسرة إذا لاحظ هذه الأعراض على الطفل بعد الرشح وجوب مراجعة طبيب الأطفال.
بإمكان حدوث التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال بشكل طبيعي بمعدل مرة كل سنة وأكثر هذه الحالات تشفى دون مشاكل. أما إذا تكرر الالتهاب ولم يعالج بشكل جيد فقد يسبب نقصاٍ للسمع ومشاكل أخرى لدى الطفل.
إن المعدل الطبيعي لإصابة الطفل بالتهاب الأذن الوسطى يصل إلى مرتين أو أكثر قليلاٍ كل فصل شتاء. ولو تكرر أكثر من ذلك وجب عرضه على الطبيب ليصف له علاجاٍ وقائياٍ وكذا لتفاوت واختلاف حالات الالتهاب وما يتطلبه من علاج .
وكلما تقدم الطفل بالعمر كلما تراجع حدوث التهاب الأذن لديه º وقليلاٍ ما يلاحظ التهاب الأذن عند الأطفال بعد عمر الأربع سنوات وكل التهاب أذن متكرر لا يعالج بشكل جيد يؤدي إلى حدوث نقص خفيف إلى متوسط في السمع ويجب أن يجري تخطيط السمع لكل طفل يحدث لديه التهاب في الأذن الوسطى لأكثر من ستة أسابيع وأيضاٍ لكل طفل يستمر وجود السائل في أذنه لأكثر من ثلاثة أشهر.
وحتى نفهم حقيقة هذا المرض لنتعرف أولاٍ عن مكونات الأذن وآلية حدوث التهاب الأذن الوسطى. حيث تتكون الأذن عند الإنسان أساساٍ من أقسامُ ثلاثة هي الأذن الخارجية والوسطى والداخلية.
وهناك ما يسمى (نفير أوستاش) الذي يصل ما بين الأذن الوسطى والبلعوم الأنفي وهو عبارة عن قناة ضيقة وقصيرة عند الأطفال وعلى إثر الرشح أو التهاب البلعوم أو بسبب وجود حساسية تنفسية عند الطفل يصاب(نفير أوستاش) بالانسداد مما يسبب تراكم السائل في الأذن الوسطى مشكلة ٍ وسطاٍ مناسباٍ لنمو الجراثيم. وبالتالي إمكانية حدوث التهاب الأذن الوسطى الحاد.
وكثيراٍ ما يستمر وجود السائل في الأذن بعد زوال الالتهاب الحاد º وهنا يتحول التهاب الأذن الوسطى الحاد إلى التهاب مصلي وهي حالة أكثر صعوبة في العلاج من التهاب الأذن الحاد.
وأكثر حالات التهاب الأذن الحاد تزول لوحدها خلال ثلاثة أشهر دون علاج. أما إذا استمر وجود السائل لأكثر من ثلاثة أشهر فيجب أن يعالج .
أنواعه وصوره
¶ هل هناك أنواع محددة لالتهاب الأذن الوسطى¿ وما مدى خطورتها¿
* التهاب الأذن الوسطى على أنواع ثلاثة:
1- التهاب الأذن الوسطى المائي الحاد .
2- التهاب الأذن الوسطى الصديدي الحاد .
3- التهاب الأذن الوسطى المزمن .
ولتوضيح ُأكثر يحدث الالتهاب المائي الحاد نتيجة الإصابة بالزكام وتكراره وعدم معالجته بصورة جيدة º علاوة على وجود عامل الحساسية في الغشاء المخاطي المبطن للأذن الوسطى. وهو ليس ميكروبياٍ وإنما نتاج مضاعفات مرضية معها يشعر المريض بألم في أذنه مع تكون سائل أبيض يخرج من فتحة الأذن الخارجية إلا أن فقدان السمع في هذا النوع مؤقت. كما يظل يشكو بسببه المريض من صداع دائم وحمى بين تارة وأخرى ومن إحساسُ بوجود ضغط في الأذن الوسطى جراء تجمع السائل في قناتها.
ولغرض التخفيف من هذا الضغط وتخيفف الصداع والألم الشديد لا بد من إحداث فتحة صغيرة في طبلة الأذن لإخراج الإفرازات المائية أو السائلة.
أما النوع الصديدي الحاد لالتهاب الأذن الوسطى فهو شديد الخطورaة إذا لم يعالج بدقة كونه قد يسبب التهابات صديدية داخل الجمجمة.
وهو مرض ميكروبي تسببه ميكروبات(المكورات) لاسيما المكورات الرئوية (نيموكوكس) والمكورات العنقودية (ستافيلوكوكس) ويكون إفراز الأذن صدديداٍ وفي بعض الأحيان ذا رائحة كريهة .
ومرد هذا النوع من الالتهابات عائد إلى الإصابة المتكررة بأيُ من الالتهابات التنفسية من مثل(التهاب القصبات الحاد – التهاب البلعوم الحاد – التهاب الحنجرة الحاد – التهاب اللوزتين الحاد- التهاب الرئتين الحاد).
والمشكلة فيه أنه يؤدي إلى عدم السمع وفقدانه بشكل دائم لذلك فإن سرعة المعالجة وسرعة مراجعة الطبيب الاختصاصي كفيل بمنع تدهور الحالة.
نأتي إلى النوع الثالث وهو التهاب الأذن الوسطى المزمن الذي يعد أخطر الأنواع التي ذكرت.وأما أسبابه فهي عائده إلى:
– عدم معالجة حالة التهاب الأذن الوسطى الحاد بصورة علمية صحيحة .
– وجود غدة جلدية داخل الأذن وقد تتقيح مسببة ٍالتهاب وتقيح الأذن الوسطى وخروج مواد قيحية ذات رائحة كريهة مثيرة .
أضف إلى أن من الممكن حصول هذا التهاب دون أي التهاب سابق لكنه أمر نادر.
ويؤدي التهاب الأذن الوسطى إلى:
– فقدان السمع بصورة دائمة .
– التهاب الأذن الداخلية .
– التهاب عظم الجمجمة .
– خراج في الجمجمة.
القابلية للإصابة
¶ ما تفسيرك لقابلية الأطفال للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى أكثر من الكبار¿
– تمهد عدة عوامل لالتهاب الأذن الوسطى عند الأطفال أهمها:
– العمر: فالأطفال الصغار خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر أكثر عرضة لالتهاب الأذن الوسطى كون (نفير أوستاش) لديهم قصير أو يتخذ شكلاٍ مستقيماٍ.
وْكلما كان التهاب الأذن عند الطفل للمرة الأولى في عمر أصغر كان احتمال تكرار الالتهاب أكبر.
– الجنس: يشيع هذا الالتهاب بين الذكور أكثر من الأناث لسبب غير معروف .
– العامل الوراثي: التهاب الأذن عند بعض العائلات أكثر من غيرها. فمثلاٍ إذا كان الأب قد أصيب في صغره بالتهاب متكرر فمن المتوقع أن يصاب ابنه أو ابنته أيضاٍ.
– التدخين: حدوث التهاب الأذن الوسطى شائع لدى الأطفال عندما يكون أحد الوالدين أو كلاهما مدخناٍ.
– الإرضاع بالزجاجة: فالطفل الذي يرضع حليباٍ بالزجاجة يصاب بالتهاب الأذن الوسطى أكثر من الطفل الذي يرضع من ثدي الأم خاصة ٍإذا كان ْيعطى زجاجة الحليب وهو مستلق على ظهره.
وهنا أنصح الأم التي ترضع طفلها بالزجاجة أن تبقي رأس الطفل عند مستوى أعلى من مستوى المعدة لأن هذه الوضعية تخفف من احتمال انسداد(نفير أوستاش).
الأمر الآخر يمكن التخفيف من احتمال تكرار التهاب الأذن عند الأطفال من خلال إرضاعهم رضاعة طبيعية بدلاٍ من الرضاعة بالزجاجة. إذ أن الإرضاع الطبيعي يخفف من احتمال تكرار الرشح. وأشدد على ألا يْرضع الطفل بالزجاجة وهو مستلقُ على ظهره دون رفع رأسه إلى مستوى أعلى من مستوى المعدة وألا ْيترك عرضة لدخان السجائر.
أعراض الالتهاب
¶ كيف هي أعراض التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال¿ وما أوجه الاختلاف في الإصابة بين الأطفال¿
– غالباٍ ما يكون الألم هو العرض الأول في التهاب الأذن عند الأطفال الكبار أما الصغار منهم فيعبرون عن الألم بالبكاء والهياجان وقد يزداد ألم الأذن عند الرْضع أثناء الرضاعة بسبب تغير الضغط داخل الأذن ويمكن أن تخف شهية الطفل ويقل نومه لنفس السبب.
ويجب الإنتباه إلى أن أسباب كثيرة أخرى قد تسبب ألم الأذن مثل دمامل(صنافير) مجرى السمع والتهاب البلعوم وأثناء ظهور الأسنان وليس شد الأذن علامة على التهاب الأذن دوماٍ.
فيما تعتبر الحرارة من الأعراض المهمة في التهاب الأذن والتي قد تكون عالية لدرجة واضحة º ومن الأعراض الأقل مشاهدة السيلان.. يكون فيه خروج لسائل أصفر من الأذن أو مع الدم يلاحظ بعد فترة من الألم عند الطفل º وعادة يزول الألم عند خروج السائل والعرض الأخير الملاحظ في التهاب الأذن هو نقص السمع. حيث يلاحظ الأهل أن الطفل لديه نقص في السمع أثناء فترة التهاب الأذن وبعدها أيضاٍ لعدة أسابيع بسبب تجمع السوائل في الأذن الوسطى ثم يعود السمع طبيعياٍ بعد زوال السائل.
أيضاٍ يجب التنبه إلى أن نقص السمع قد يكون العرض الوحيد الدال على التهاب الأذن عند الطفل وهذا أمر هام جداٍ. الأمر الآخر الذي أنصح به هو ملاحظة الطفل بعد إصابته بالرشح ما إذا كان يطلب إلى من يتحدث إليه تكرار الكلام الموجه إليه أوتكرار ما يطلب منه.
وقد يتضح هذا كثيراٍ في المدرسة عندما لا يستوعب الدروس وشروح معلمه كما يجب وايأ كانت الوسيلة لاكتشاف الأب أو الأم لضعف سمع الطفل.. يجب على الوالدين مراجعة طبيب الأطفال أو الطبيب المختص في الفم والأنف والحنجرة لأن نقص السمع عند الطفل يؤدي إلى صعوبة في التعلم وتأخر في الدراسة .
الالتزام بالعلاج
¶ ماذا عن علاج التهاب الأذن الوسطى ¿ وما يترتب على إهماله أو الانقطاع عنه ¿
– يجب مراجعة طبيب الأطفال عند ملاحظة أي من أعراض التهاب الأذن عند الطفل وغالباٍ ما يحتاج الأمر تناول الطفل المضادات الحيوية بوصفه من الطبيب المختص وعلى الآباء والأمهات الإلتزام بمواعيد إعطاء الطفل الدواء الكامل طوال المدة المقررة لتناوله ذلك أن إيقاف الدواء بشكل مبكر سيؤدي إلى تدهور الحالة من جديد.
وأن يشعر الطفل في بداية العلاج بثقل وانتفاخ في الأذن أمر طبيعي يدعو للقلق ويجب أن يلاحظ تحسنه من الداء أما إذا لم يلاحظ هذا التحسن فعندها يجب مراجعة الطبيب.وما من ضرورة لعزل الطفل المريض أما تخفيف الحرارة فيمكن تخفيفها باللجوء إلى دواء خافض للحرارة بإعطاء (السيتامول) ولا تعْطى (الإسبرين) كذلك يفيد إعطاء الطفل المريض علكة خالية من السكر. فهي تساعد على (فتح نفير او ستاش) وأفضل دواء حتى الآن هو (الأموكسيسيللين )ويجب أن يعطى لمدة عشرة أيام وهناك أيضاٍ أدوية حديثة أخرى تعطى لفترات أقصر .إن الحالات غير المعالجة قليلة الحدوث ولكنها خطيرة.
على كل حال يجب علاج كل حالات التهاب الأذن عند الأطفال وأهم الحالات لالتهاب الأذن الداخلية أو ما يسمى(التهاب الدهليز). حيث تؤدي إلى حدوث الدوار وعدم التوازان. كذلك حالات (التهاب الخشاء) وهو العظم الذي يقع خلف الأذن لما فيه من خطورةتوجب العلاج.
لعل أهم ما يمكن أن ينجم عن عدم علاج التهاب الأذن حدوث(التهاب السحايا) لدى الطفل بل ويترتب على هذا التهاون أيضاٍ تسمك في طبلة الأذن وضعف السمع وشلل العصب الوجهي .
< إذا كان هناك ضرورة للتدخل الجراحي.. فمتى يكون ذلك¿
– قد يتطلب وضع الالتهاب الحاصل في الأذن الوسطى تدخلاٍ جراحياٍ لوضع أنابيب بالأذن من خلال عملية جراحية يسيرة في أذن الطفل تخترق طبلة الأذن وهي تجرى في حالات التهاب الأذن الوسطى المترافق مع وجود سائل في الأذن الوسطى واستمرار وجوده هذا السائل لأكثر من ثلاثة أشهر عند الطفل مع وجود ضعف في السمع والذي يعد أكثر عمل جراحي يجرى للأطفال على الإطلاق. حيث تخرج هذه الأنابيب لوحدها من الأذن بعد حوالي ستة أشهر إلى ثمانية عشر شهراٍ ويهدف وضع هذه الأنابيب تسريع زوال السائل من الأذن .
في الختام.. إن أول من يلاحظ نقص السمع عند الطفل هما الوالدان وإن عدم معالجة حالة ضعف السمع يؤثر سلباٍ على تعلم الطفل واستيعابه للدروس التي يتلقاها في المدرسة والأفضل عرضه على الطبيب المختص وأن يْجرى له تخطيط السمع مهما كان عمره صغيراٍ.

• المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا