لا تلوح في الأفق أية بوادر تدل على أن أحزاب اللقاء المشترك وتحديداٍ قياداتها قد تعلمت أو استفادت من الدروس أو التجارب التي مرت بها أو أن لديها الاستعداد لإصلاح نفسها والتطبع مع القواعد الناظمة لمسارات العمل الديمقراطي السياسي والحزبي لممارسة دورها وفق معطيات الدستور والقوانين النافذة بعيداٍ عن افتعال واختلاق الأزمات والتهييج وإشعال الحرائق والإضرار بمصالح الوطن والمواطنين وإقامة التحالفات المشبوهة مع العناصر الخارجة على النظام والقانون والمخربين والقتلة والإرهابيين والانفصاليين.. فقد برهنت كل الوقائع أن القائمين على هذه الأحزاب يمارسون العمل السياسي بعقليات طفولية ومتحجرة ومغامرة لا تميز بين المقدس والمدنس وبين الحق والباطل ولا تفرق بين الصواب والخطأ ولا حتى بين مصالح الوطن والمصالح الأنانية لشخوصها.
وبفعل النزعات التدميرية التي استحكمت على عقول هؤلاء الذين تحولوا إلى خناجر مسمومة في خاصرة الوطن نجدهم وكلما أطفأ الله نار فتنة سعوا إلى إشعال فتنة أخرى كما لو أنهم صاروا لا يهنأون العيش إلا في ظل الحرائق والكوارث والفوضى وأعمال التخريب وسفك الدماء والأجواء الملبدة بالتوترات والصراعات والأحقاد والبغضاء والاحتقانات ومناخات العنف والقلاقل.
والشاهد على ذلك أنه وبمجرد أن صمتت المدافع وتوقف نزيف الدم في محافظة صعدة وحرف سفيان وأخمدت الفتنة ورفرفت رايات السلام والاستقرار وشعر القائمون على أحزاب “المشترك” بالسقوط المدوي لحلفائهم من العناصر التخريبية والانفصالية في عدد من مديريات بعض المحافظات الجنوبية والشرقية وانهياراتهم المتلاحقة بفضل الإجراءات التي اتخذتها السلطة المحلية والأجهزة الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة وكذا نجاح الضربات الاستباقية التي تلقتها العناصر الإرهابية في تنظيم “القاعدة” لم يتمالك هؤلاء أنفسهم وجن جنونهم بعد أن وجدوا أن الأوراق التي ظلوا يراهنون عليها تتساقط كأوراق الخريف.
وتحت تأثير هذه الصدمات المريرة لجأ هؤلاء إلى التصعيد الأهوج لخلق الفوضى ومناخات التأزيم من خلال الاعتصامات للتعبير عن خيبتهم وفشلهم الذريع إلا أن ما لم يأخذوه بالحسبان أن تأتي تلك الاعتصامات على ذلك النحو الهزيل والبائس الذي كشف عن ضآلتهم وإفلاس طروحاتهم وهشاشة وزنهم وعزوف الناس عنهم ونفورهم منهم ومن أحزابهم التي لم يطلهم من ورائها سوى الأذى والأزمات والمآسي والآلام والكوارث!!.
وفي هذا درس جديد لتلك الأحزاب والقائمين عليها الذين لم يقدموا شيئاٍ نافعاٍ لهذا الوطن باستثناء أنهم سخروا كل جهودهم وكرسوا طاقاتهم في تقديم المعلومات الخاطئة والمضللة عن وطنهم للخارج في محاولة بائسة للاستقواء به على هذا الوطن الذي يدعون الانتماء إليه ليصل الحال بهؤلاء المقامرين وتجار الأزمات وصغار العقول إلى مطالبة الدول المانحة بوقف مساعداتها لليمن ومسيرته التنموية ظناٍ أنهم بذلك سينتقمون من الحزب الحاكم وحكومته مع أن الحقيقة أنهم بهذا الفعل الشنيع والخسيس إنما ينتقمون من الشعب اليمني بأكمله بوصفه المستفيد من المشاريع التنموية والخدمية التي تمول من تلك المساعدات!!.
وعليه فإذا كان أولئك الذين لا يفقهون شيئاٍ في شؤون السياسة والحياة قد أرادوا بذلك التصرف الأهوج الانتقام من هذا الشعب لأنه لم يمنحهم ثقته في الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية وكيف لذلك أن يتم وهو الذي يعرف حقيقتهم وقد جربهم بالأمس القريب والبعيد فلم يحصد من ورائهم سوى الخيبات والمآسي ولهذا فإنهم بهذه المواقف المقامرة أقدموا على إحراق آخر أوراقهم ليضاعفوا من عزلتهم وابتعاد الناس عنهم بعد أن تعززت القناعة لديهم من أنهم غير جديرين بثقة الشعب بهم.. إذ كيف يمكن أن يثق هذا الشعب بأحزاب كل ما يهم القائمون عليها هو القفز إلى كراسي السلطة بأي ثمن كان وأي وسيلة كانت ولو كان الثمن إحراق هذا الوطن وتدميره بمن فيه¿!!.
والمضحك المبكي معاٍ بأن هؤلاء لا يخجلون وهم يتحدثون عن الفساد فيما هم الغارقون في مستنقعات الفساد حتى آذانهم وملفاتهم حبلى بالفساد أكان ذلك قبل الوحدة أو أثناء مشاركة بعضهم في الحكومات الائتلافية بعد الوحدة فكما مارسوا نهب مؤسسات الدولة والسطو على الأراضي مروراٍ بإقامة الشركات الوهمية ومصادرة أموال المساهمين فيها وانتهاءٍ بالفيد المنظم أثناء حرب صيف العام 1994م فقد ظل فسادهم في كل حين ووقت يزكم الأنوف فعندما دخلوا السلطة إنما كان هدفهم الأول خدمة مصالحهم الأنانية وليس خدمة الناس حيث كان كل منهم يضع رجلاٍ في السلطة ورجلاٍ في المعارضة لذر الرماد على العيون وإخفاء فسادهم ونهبهم للمال العام إلا أنهم وبمجرد خروجهم من السلطة إلى صفوف المعارضة تقمصوا زوراٍ وبهتاناٍ رداء النزاهة وهم أبعد ما يكونون عن قيم النزاهة والصلاح!!.
ويخطئ هؤلاء ألف مرة إذا ما اعتقدوا أن الشعب لا يعرف حقيقتهم وسجلهم الحافل بالفساد والمتخم بالخطايا ويخطئون أكثر إذا ما توهموا أنهم بخطاب الزيف والافتراءات والأكاذيب سيتمكنون من إلغاء ذاكرة هذا الشعب ومحو ما تحفظه من صورة قاتمة عنهم وما تسببوا فيه من جروح عميقة وندوب غائرة وكوارث مريرة بحق هذا الوطن الذي مازالوا يحيكون له الدسائس والمؤامرات ويثيرون فيه الفتن والأزمات عبر استغلالهم الانتهازي للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير بهدف استنزاف قواه وقدراته المتواضعة.
ولا ندري كيف لفاسد أن يصبح زاهداٍ¿!!.. وكيف لمن يتحالف مع قْطاع الطرق والقتلة والمخربين واللصوص والإرهابيين أن يغدو مصلحاٍ أو وطنياٍ غيوراٍ¿! وكيف لمن يذبح الديمقراطية من الوريد إلى الوريد بتسميم الضمائر وإفساد العقول وزرع بذور الفتن أن يتباكى على الحريات وهو الذي لا يؤمن أن الديمقراطية هي رديفة الأمن والاستقرار والمسؤولية وليست مدخلاٍ للفوضى أو معولاٍ للهدم¿!!.. وكيف لمن يحاول أن يْنصب نفسه وصياٍ على الوطن وأبناء شعبه وهو الذي لا يمتلك الإرادة للوصاية على نفسه¿!!.. فليستح هؤلاء المغامرون والمقامرون وليتواروا خجلاٍ من صفحاتهم السوداء .. وصدق القائل: “إن لم تستح فاصنع ما شئت”.
Next Post