استطلاع/ معاذ القرشي –
, مواطنون: غياب الولاء الوطني أنتج جماعات تتشيع للحاكم وتشجع الظلم
استطلاع/ معاذ القرشي
ظلت الدولة اليمنية منذ تأسيسها مطوقة بمبدأ شراء الولاءات لدرجة شعورها بالألم من ولاء البعض لها والذي كان الولاء بالنسبة لهم شعاراٍ ظل يردد في كثير من المراحل وفي ظل انتشار مبدأ شراء الولاءات غاب الولاء للوطن بمعناه الناصع وهذا الوضع أنتج جماعات لا تعمل وليس لها وظيفة إلا التغني بالولاء للدولة والذي يعني استمرار الوقوف في صف الدولة طالما استمرت تأتي بالمقابل من الأموال والهبات والتسهيلات وفي أحيان كثيرة ارتكب هؤلاء أفعالا وممارسات مثلت خروجا عن لب الولاء للدولة الذي يعني أن تكون مواطنا صالحا وتحول مبدأ شراء الولاءات إلى سلعة لها مواسمها ووسائلها من ولائم حزبية واستحقاقات انتخابية وتغني بالأشخاص والمنجزات التي لم تنعكس إيجابا على حياة الناس فى الواقع.
وفي غياب الثقافة الحقيقية التي يعنيها الولاء الوطني وجد وضعا صعبا ونتائج كارثية أصاب البنية المجتمعية بالعديد من الجماعات التي لا تقف إلى جوار الدولة وإنما تقف مع مصالحها الذي كان شعار الولاء للدولة المقايض الأسرع لتحقيق كل طموحاتها “الثورة” ورغبة في توعية المجتمع بمخاطر شراء الولاءات وما أوجده في الماضي وماهي المعالجات وكيف يمكن أن نصنع المواطن الصالح الذي يعمل ويبدع ويقدم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية كان هذا التحقيق الذي نقلنا من خلاله وجهات نظر مختلفة وإلى الحصيلة:
في البداية تحدث الأستاذ حاتم علي كاتب مهتم بالقضايا التربوية حيث اوضح أن شراء الولاءات غاص في عمق الحياة عبر تاريخنا السياسي اليمني وظل من أولويات من يتولون قيادة الدولة والحكومة دون النظر إلى ما يتطلبه الوطن من احتياجات أساسية.
وأضاف حاتم: إن هناك اعتياداٍ من قبل كل من توالوا على حكم اليمن على رفد الدولة بالكثير من بائعين الولاء وهذا أوجد واقعا مهزوزا غير قادر على التخلص من إرث الماضي لدرجة أن ولاء البعض للدولة استخدم بالفعل للتكسب وعمل على تعطيل الحياة السياسية لليمنيين. وقال حاتم: في هذه الفترة ضعف دور كثير من الجهات الانتهازية والأصولية وذاق المواطن اليمني لأول مرة المعنى الحقيقي للولاء الوطني دون مقابل لكن هذه المرحلة لم تدم طويلا فسرعان ما تحالفت القوى التقليدية ومن راهن على إضعاف الدولة وعادت هذه القوى مرة أخرى للممارسة شراء الولاءات وبشكل أكبر.
وأشار حاتم إلى أن القضاء على شراء الولاءات يرتبط بقدرة الدولة على فرض هيبة الدولة بالفعل وليس بالقول من خلال تصحيح مسار الدولة المدنية ومثل هذه الخطوات العملية يجب أن يقوم بها أناس يقدسون القانون في عقولهم ونفوسهم قبل أن يفرض على الناس وأردف حاتم: نحن بحاجة إلى من يمارس دورا فاعلا من أجل الخروج من كثير من إرث الماضي بكل ما فيه من أخطاء ويمكن أن أقو ل أن الشعب اليمني في هذه المرحلة شب عن الطوق ولديه استعداد أن يصنع وضعا جديدا لحياته معطياتها أن كل مواطن له من الحقوق وفق ما عليه من الواجبات عندها فقط نستطيع أن نقضي على شراء الولاءات.
من جهتة قال المحامي سلطان الملح: إن السؤال عما يحدثه شراء الولاءات من ضعف للدولة يجعلني أتساءل أين الدولة أصلا حتى نخاف على ضعفها كون الدولة لها أركان مهمة لقيامها وهي ركن الشعب والإقليم والنظام يفرض هيبة الدولة هذا النظام بالمعنى الذي يفرض هيبة الدولة غير موجود لهذا ساد في غياب هيبة الدولة بدلا من المؤسسات سلطة الأفراد سواء كانوا داخل النظام السياسي أو خارجه مشيرا إلى أن غياب النظام يتيح الفرصة لتعدد الولاءات وليس بالضرورة أن تشتري الدولة ولاء البعض رغم أن شراء الولاءات ظل ديدن الدولة اليمنية في الماضي فبعض الولاء كان ينطلق من التعصب الأعمى.
وقال الملح: إن الطريق الوحيد للقضاء على شراء الولاءات يكون في إيجاد نظام سياسي قادر على فرض هيبة الدولة وعلى الجميع دون استثناء مؤكدا على أن استمرار المظالم في بعض المناطق وعجز الدولة على رفعها يجعل الأفراد يرتمون في أحضان من يصنعون معاناتهم لهذا لا نستغرب أن يكون الولاء للقبيلة والمنطقة أقوى من الانتماء للدولة وهذا يحتاج إلى معالجات شاملة وإرادة سياسية واعية بما رافق مسيرة اليمنيين من انتكاسة لمشروع الدولة الحديثة نتيجة لضعف الدولة.
عمران الأصبحي –محاسب في القطاع الخاص- قال: نحن اليمنيين للأسف ضحايا تعدد الولاءات التي تنوعت بين الولاء للقبيلة والولاء للشيخ والولاء للمنطقة والولاء للأسرة وكل أنوع الولاء التي ذكرنا كانت للأسف بديلا عن الولاء للوطن بمعنى الولاء الذي يخلق مواطنا يقدس الواجب ويضحي من أجل المجموع عندها نكون قد وضعنا إقدامنا على بداية الطريق نحو الخلاص من أسر الولاءات الضيقة التي أعاقت سير اليمنيين نحو التطور.
ويشاركه في هذا هاني ياسين طه ويضيف: إن الوطن بحاجة ماسة إلى إرساء ثقافة جديدة متحررة من عباية الماضي وهذه الثقافة تقوم على استخدام الطرق العلمية في حل مشاكل اليمنيين وإدارة البلد وفق قوانين وأنظمة يتقيد بها الجميع وهذا وحده كفيل للقضاء على مختلف الولاءات التي كانت بديلا للولاء الصادق للوطن.
بينما يرى الدكتور حسين مطهر –الأستاذ بجامعة صنعاء- أن أي حاكم أو مجموعة تحكم لا يمكن أن تحكم دون أن يكون معها مجموعة من الموالين الأقوياء للوقوف ضد المعارضين ومن أجل استمرار الموالين في الوقوف مع الحاكم ضد معارضيه استمر الحاكم في منحهم الكثير من العطايا والمناصب والأموال وتحول هؤلاء إلى جماعات لا عمل لها إلا الوقوف إلى جانب الحاكم في وقت الحاجة لهم وتحول الولاء إلى ولاء نفعي له مقابل.
وأضاف الدكتور مطهر: إن اليمنيين يعانون أيضا من ولاء بعض الجماعات للخارج أكثر من ولائها لوطنها حتى أصبح الولاء للخارج البوابة لتكبيل إرادة الدولة في الداخل وأكثر ما نخشاه أن يتحول الولاء للخارج إلى عامل لمزيد من الصراع في الداخل في المستقبل. مشيرا إلى أن الخلاص من الولاءات الضيقة مرهون بوجود الدولة القوية بالقانون والنظام الذي يطبق على الجميع ومهمة الدولة في هذا الوقت غرس الولاء للوطن في القلوب بعيدا عن الولاءات الضيقة التي كانت عبارة عن ذبح لكل قيم الولاء من خلال إرساء ثقافة وطنية بديلة ترسخ حضور القانون والنظام في حياة الناس وهو المخرج الوحيد لتجاوز كثير من إرث الماضي ومن هذا الإرث الثقيل شراء الولاءات.