بعد 5 أعوام من العدوان الإجرامي على اليمن جرت تغيرات عديدة، أبرزها تآكل التحالف المعادي الدولي والمحلي لصالح تماسك الجبهة الوطنية الداخلية، فقد حمل التحالف العدواني الدولي والمحلي بذور تفككه منذ البداية؛ فلم يكن منسجماً ولا متوافقا حول قضية عادلة تسموا عليها ما دونها من نزعات ومصالح خاصة.
الثورة / إسكندر المريسي
شكَّل العدوان الذي تقوده مملكة آل سعود على اليمن احد اهم الموارد الاقتصادية بالنسبة للدول المصنعة للسلاح في العالم جراء الزيادة الكبيرة التي شهدتها واردات الأسلحة خلال السنوات الخمس الماضية ، حيث تم إبرام العديد من الصفقات بمليارات الدولارات وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى كأكبر مستورد للأسلحة في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من النداءات المتواصلة من قبل منظمات حقوقية ودول عدة لفرض حظر على بيع الأسلحة للنظام السعودي جراء الجرائم التي ترتكبها بحق الإنسانية في اليمن إلا أن مليارات الدولارات مقابل صفقات الأسلحة مع المملكة حالت دون تنفيذ الحظر .
من أين تحصل السعودية على الأسلحة؟
غالبا ما يتم إبرام صفقات الأسلحة بتكتم شديد أو بحد ادنى من العلانية واحتلت أمريكا وروسيا وفرنسا والمانيا والصين المراكز الخمسة لأكبر مصدري السلاح في العالم واستأثرت السعودية بنحو ثلث صادرات العالم من الأسلحة وفق تقرير لمعهد سيبيري لأبحاث السلام .
أمريكا اكبر المصدرين والسعودية اكبر المستوردين
اكد معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبيري) أن الولايات المتحدة حافظت على موقعها كأكبر بائع للأسلحة في العالم ، حيث صدرت اكثر من ثلث إجمالي الأسلحة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية في حين تصدرت السعودية قائمة المستوردين عالميا.
وذكر المعهد – الذي يتخذ من السويد مقرا له – في احدث مراجعة لعمليات نقل الأسلحة عالميا أن حجم عمليات نقل الأسلحة على مستوى العالم ارتفع بنسبة 6 % تقريبا خلال الفترة ما بين عامي ٢٠١٥و ٢٠١٩م مقارنة بالفترة ما بين ٢٠١٠و ٢٠١٤م .
وحسب تقرير المعهد ، فإن الولايات المتحدة استحوذت على 36 % من مبيعات الأسلحة خلال هذه الفترة حيث صدرت أسلحة إلى ٩٦ دولة وظلت السعودية اكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال هذه الفترة بنسبة 12 % من إجمالي واردات الأسلحة العالمية كما حصلت السعودية وحدها على خمس مبيعات الولايات المتحدة مما يجعلها السوق الأكثر أهمية .
من جانب آخر كشفت إحصاءات جديدة أن المملكة المتحدة أصدرت تراخيص لبيع أسلحة بقيمة ٦.٣ مليار دولار للقوات التي تقودها السعودية في اليمن منذ بدء الحرب الدموية في عام ٢٠١٥م ويأتي هذا في الوقت الذي شهد توجيه دعوة إلى الحكومة السعودية لحضور معرض أسلحة سيقام في لندن مع أن احدى المحاكم قضت بأن بيع الأسلحة لاستخدامها في الحرب غير قانوني .
وتجدر الإشارة إلى أن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية وحدها بلغت ٦.٤ مليار دولار منها أسلحة بقيمة ٧٣٠ مليون دولار منذ بداية العام الماضي .
كما تسعى السعودية بشكل دائم إلى تطوير ترسانة أسلحتها حيث وقعت في الآونة الخيرة الكثير من العقود لشراء المعدات العسكرية حيث أشار تقرير سنوي فرنسي حكومي نشر عام ٢٠١٨م إلى أن مبيعات فرنسا من السلاح للسعودية ارتفعت بنسبة ٥٠٪ وان المبيعات الإجمالية من الأسلحة الفرنسية ارتفعت بنسبة ٣٠٪ إلى 9.1مليار يورو في ٢٠١٨م.
الحكومة الألمانية قالت إنها باعت معدات عسكرية بقيمة نحو ٤٠٠ مليون يورو للتحالف الذي تقودة السعودية في اليمن ورغم أن الاتفاقية التي تنظم عمل الائتلاف الحكومي في المانيا تنص على وقف جزئي لصادرات الأسلحة للتحالف إلا أن الحكومة الألمانية باعت خلال هذه الفترة أسلحة للبلدان المشاركة في تحالف العدوان على اليمن من خلال تصاريح فردية حسبما جاء في رد الحكومة على طلب احاطه لحزب الخضر .
من اكبر الموردين ؟
عموما لا توجد دولة تكاد تقترب من مستوى واردات الولايات المتحدة من الأسلحة الكبرى إلى السعودية ، على سبيل المثال مثلت أمريكا على مدار الأعوام الخمسة الماضية ٦١٪ من حجم صفقات الأسلحة الكبرى مع السعوديين وحلت المملكة المتحدة في المركز الثاني بفارق كبير بحصة بلغت ٢٣٪ فيما حلت فرنسا في المركز الثالث بنسبة ٤٪.
“المال أولاً”
دونالد ترامب ردَّد هذه العبارة في خطاباته واعلنها صراحة “يشترون الكثير منا ، اشتروا بقيمة ٤٥٠ مليار دولار ، لدينا أشخاص يريدون مقاطعة السعودية ! هم اشتروا منا بقيمة ٤٥٠ مليار دولار ، وانا لا أريد خسارتهم وخسارة أموالهم وعسكريا نحن ندعم استقرارهم “.
وتحدث الرئيس الأمريكي عن الحماية التي توفرها الولايات المتحدة للسعودية وقال إن دولا مثل السعودية غنية جدا وليس لديها شيء سوى المال ، فأعتقد أن بإمكانهم دفع المال مقابل الدفاع عنهم .
الامارات تعقد صفقات بمليارات الدولارات لتحقيق الطموحات
تسعى الامارات لامتلاك احدث الأسلحة في ظل التطورات الراهنة في المنطقة حيث أدى ذلك إلى زيادة في الانفاق العسكري بنسبة ٣٠٪ .
تلك الصفقات العسكرية انعكست في زيادة الانفاق العسكري الإماراتي والذي ارتفع من ١٧.٥ مليار دولار في عام ٢٠١٠م حسب تقديرات معهد سيبيري ليصل إلى ٣٠ مليار دولار في عام ٢٠١٨م وفقا لتقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن .
وفي مايو من العام الماضي حصلت الامارات على موافقة البنتاجون على شراء 453 صاروخ باتريوت بتكلفة بلغت ٢.٧٢٨ مليار دولار ويعد من احدث الصواريخ الدفاعية تطورا وكانت أول دولة شرق أوسطية تتعاقد لشراء مثل هذا النوع من الصواريخ الدفاعية.
وفي ديسمبر عام ٢٠١٦م تعاقدت الامارات على شراء منظومتين من منظومة ثاد للدفاع الصاروخي بمبلغ يقدر بـ ٥.٣ مليار دولار وهو أول عقد خارج أمريكا تبرمه شركة ( لوكهيد مارتن) المنتجة لنظام ثاد الذي يعد اقوى نظام دفاع صاروخي على مستوى العالم .
وعلى مستوى سلاح الجو حرصت أبو ظبي خلال العقد الأخير على تطوير قدراتها الصاروخية كي تتمكن من أداء المهام الموكلة إليها في المحيط الاقليمي ، سواء في اليمن أو في سياق حملة التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش .
كما حازت الامارات على طائرات متطورة مثل طائرة الإنذار المبكر (ساب ٣٤٠) وطائرة النقل العملاقة (سي ١٧) وطائرة التزود بالوقود في الجو وطائرة التدريب المتقدم (بي سي -٢١) .
وفي عام ٢٠١٨م حصلت الامارات من أمريكا على نظام (مود-٥) وهو نظام عسكري لمراقبه الحركة الجوية يستخدمة الجيش الأمريكي وحلفاؤه للتعرف على طائرات ومركبات بعضهم البعض .
السعي لبناء قوة بحرية
مع حرصها على تأسيس وجود دائم لها في بحر العرب والقرن الأفريقي تعاقدت الامارات مع شركة أبوظبي لبناء السفن لتشييد ٦ فرقاطات (كور فتيات) يبلغ طول الواحدة منها ٦٢مترا كذلك تعاقدت الامارات مع شركة إيطالية لشراء ٣ سفن حربية بقيمة ٣٠٠ مليون يورو وتختص بتنفيذ الدوريات البحرية وعمليات المراقبة والأنشطة المضادة للغواصات .
الامارات احتلت المركز السابع عالميا ضمن قائمة الدول الأكثر استيراداً للأسلحة خلال الفترة من عام ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨م وفق التقرير السنوي لتجارة الأسلحة العالمية الصادر عن معهد سيبيري في مارس ٢٠١٩م، حيث استوردت الامارات خلال تلك الفترة ٦٤٪ من أسلحتها من أمريكا و١٠ ٪ من فرنسا و٧.٨٪ من تركيا .
ويرى مراقبون أن زيادة الانفاق العسكري والتوسع في عقد صفقات شراء أسلحة يأتي في اطار التحول إلى قوة مهيمنة اقليميا تبسط نفوذها في المنطقة الممتدة من الخليج العربي إلى سواحل البحر الأحمر وتخوم القرن الافريقي .
ويرى مراقبون أن هناك الكثير والكثير من الصفقات التي أبرمتها الولايات المتحدة مع السعودية منها ما كان رسميا وعلى مرأى ومسمع العالم والمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنها ما كان غير رسمي وأصبحت واشنطن إحدى البؤر الكبرى والهمجية التي يتزود منها التحالف الغاشم الأسلحة لقتل اليمنيين وتدمير بنيتهم التحتية دون منازع أو جدال باعتراف ضمني أو علني، كما يؤكد مراقبون أن البيانات التجارية تظهر بصمة الولايات المتحدة في الحرب على اليمن على نحو اقل من الحقيقة إلى حد كبير ، لأن المبيعات التجارية نادرا ما تجري مناقشتها مقارنة بالصفقات البراقة مثل صفقات الطائرات المقاتلة .
ويقول خبراء : إن التحالف الذي يقاتل في اليمن وتقوده السعودية ويضم الامارات ما كان ليكون قادرا إلى حد كبير على شن حربه دون حصوله على الأسلحة الأمريكية .