الشهيد القائد سيدي الحسين بن بدرالدين الحوثي
العلَّامة/ سهل إبراهيم بن عقيل
قال الله تعالى ” مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِ شَيْءٍ ” تعريفاً لتقلب الأيام والحياة السياسية في المجتمع البشري كلل على تعاقب الزمان لمن ألقى السمع وهو شهيد.
” قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
ما كان لله يتم ،وما كان لغيره لا يتم..
كانت ثورة 2003م صرخة مدوية في أرجاء اليمن قام بها سيدي المرحوم المجاهد الأكبر (بدرالدين بن أميرالدين الحوثي) وولداه النجيبان (حسين بن بدرالدين) و(عبدالملك بن بدرالدين) وإخوانهما وأولاد أعمامها وأقاربهما من آل الحوثي، وكان سيدي المجاهد الأكبر الذي هو غرة اليمن في تاريخها الحديث الشهيد الحسين بن بدرالدين الحوثي هو الروح واللسان الناطق بقيام هذه الثورة المباركة والمسيرة القرآنية العظيمة التي تفاعلت في صرختها ذات الدرر الخمس التي أقامت الدنيا وأقعدتها : “الله أكبر.. الموت لأمريكا الموت لإسرائيل ..اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام” وتحركت أصداؤها في جميع أنحاء اليمن ، وتخطت الحدود إلى خارج الحدود الجغرافية السياسية لليمن ،فتنبه لذلك الاستعمار (الأنجلو صهيوني) وأحذيتهم كي يخمدوا” الصوت المزعج لهم ،والمؤثر على مصالحهم وقواعدهم في الجزيرة العربية بالأخص ،والعالم الإسلامي والعربي، مصححاً بذلك مسيرة الثورات العربية على نهج قويم يستطيع أن يقتلع هذا الداء العضال القائم بالاستعمار وأحذيته.
فقامت لإخمادها حروب ست ، انتهت بالعجز عن إخماد شعلة شملت الجزيرة العربية وغيرها ،وهنا نلفت النظر إلى أن هذه الصرخة التي أحدثها الشهيد القائد حسين بن بدرالدين الحوثي قد أحيت الموات في العالم العربي والإسلامي ، وأيقظت النائمين ، وأزعجت الأحذية والدول الاستعمارية ،لأنهم يعرفون أن هذه الصرخة هي التي ستقضي على وجودهم ومصالحهم ،ليس في الجزيرة العربية فقط ،بل في الشرق الأوسط ككل ودول العالم الثالث ،فتأهبوا لمحاربتها في عقر دارها لكنهم لم يستطيعوا أن ينالوا منها رغم أن هذه الثورة عند ما بدأت كانت على أيدي رجال قليلي العدد ولم تكن لديها الإمكانيات في العتاد والعدة ،وهي عبارة عن صرخة لكنها ليست كأي صرخة وليست كأي ثورة.. شيء عجيب بدأ من لا شيء متفاعلاً في أذهنة الجماهير كلها من سمعها ومن لم يسمعها.
وهنا نتعجب كيف أن هذه الصرخة التي انبثقت من (مران) القرية الصغيرة خرجت إلى هذا الفضاء الواسع وجاءت الدول “أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية” وأذنابها في المجتمع اليمني ،ممثلة بحكم المؤتمر والإصلاح لتقضي على هذه الروح الجديدة التي لم يعهدها العالم العربي أو الإسلامي ،وصعب عليهم ذلك ففكروا ملياً بهيكلة اليمن في جميع مقدراتها العسكرية والمدنية في جميع مرافقها التربوية وغيرها أمناً وجيشاً وما إلى ذلك حتى أصحبت اليمن بهذه الهيكلة ينظر إليها أنها تحت رقم (الصفر) بعدة أصفار.
وهنا ، بعد الحروب الست بدأت حرب سابعة مدوية في أنحاء اليمن ،جُيِّشَ لها بقية ما تبقى من الجيش اليمني وقادته العملاء في معركة (عمران) الشهيرة التي كان قائداها (علي محسن الأحمر وما يسمى بالقشيبي).
هنا ننظر إلى ترسيخ وتعميق العقيدة والإيمان بالمسيرة في نفوس أهل صعدة أولاً وما جاورها من القبائل ،ونفوس اليمنيين المؤمنين بها كوسيلة للخلاص من العبودية والتبعية والإذلال المخزي الذي تجرعه الشعب اليمني طيلة عقود وعقود ،حتى أصبحنا لا نُعرف حتى على الخريطة السياسية بين العالم.
وتغلب الشعب المشبَّع بعقيدة المسيرة والدرر الخمس في معركة عمران ،والتي تلتها بسهولة معركة صنعاء وسقوطها في 21 سبتمبر 2014م ،واستسلم بقية العملاء وبدأوا بحركات جديدة هي في صلب (التاريخ الثلاثي لليمن) والتي لم يسبق لها مثيل من الثورات في العالم العربي والإسلامي.
وهنا نقول: إنه بعد سقوط صنعاء قام العدوان في مارس 2015م بضربات، ظناً منه أن اليمن لن تتحملها، وستسقط الثورة لا محالة تحت أقدام العملاء، لكن الظن خاب، وكان ظناً مؤكداً من حيث المنطق والقدرات التي ذكرناها آنفاً أنها تحت الصفر بدرجات.
والغريب أن اليمن ثبتت أربعين يوماً تتلقى ضربات يعجز عن تحملها أقوى الجيوش دون أن تطلق رصاصة واحدة في مقابل هذا الاعتداء الغاشم، وكان ذلك شاهداً على المعتدين وعملائهم في الداخل وهم كُثر، ولديهم الإمكانيات المادية التي لا حصر لها مقارنة بالإمكانيات المادية المنعدمة تقريباً للطرف المقاوم.
وهنا نرى مشيئة الله وقدرته وتأييده للمستضعفين في الاستحقاق لوعده الذي لا يُخلف (وَكَانَ حَقاً عَليْنَا نَصُرُ الْمُؤْمِنِيْنَ)، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِتْ أَقْدَامَكُمْ) وتحرك العملاء بقضهم وقضيضهم وأطروحاتهم وأحزابهم، فيما يسمونه (الحمار/ الحوار الوطني)، وانتقاصاً من هذه الثورة سَمَّوْها بــ(الحركة الحوثية)، ظناً منهم أن هذه التسمية ستغطي على هذه الحركة، وتكون إسفيناً يفسد مراميها، ولم يعلموا أنها الثورة الشعبية اليمنية التي ستغير الواقع على خريطة الجزيرة العربية أولاً، وعلى ما يجاورها والشرق الأوسط والعالم الثالث، بل وحتى أوروبا وأمريكا اللاتينية وغيرها.
وهنا ننظر إلى اليمن أنها أصبحت (قِبْلةً) من بعد الأربعين يوماً وما خلفها من الأيام، إذ لم يكن متوقعاً صمود هذه الثورة لإمكانياتها المنعدمة تسليحاً واقتصاداً.
واسْتُعْمِرَ من أرض اليمن ما يزيد على (85%) من المساحة، وهي التي تضم الموارد الاقتصادية الهامة، وأوكل ذلك إلى ما يسمى (الشنعية) حقيقة، وما يسميه العملاء (الشرعية).
وعملت الدول الاستعمارية العظمى على إدخال (الشنعية) في الأمم المتحدة، والاعتراف بها دولياً تنكيلاً بالشعب اليمني وثورته (الشرعية)، وهيهات، هيهات، فإن الصرخة هي روح الإسلام، تحيي الموتى، وتُمِيْتُ الأراذل والمستعمرين في جميع أنحاء العالم، وإن الفضل كل الفضل في تصحيح الثورات هي (الصرخة) التي أصبحت دَمَاً يتغلغل في عروق الأحرار تجسيداً لقيام الثورات حتى في أوروبا وآسيا، والعالم الثالث، ونرى الاضطرابات في (فرنسا، وبلجيكا، وهولندا) وغيرها علاوة على أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، وفي داخل الجزيرة العربية، حتى أصبحت نَفَسَاً وحُلْمَاً مُتَجسداً باقتلاع الخبثاء والأنجاس الذين يحكمون جغرافية الجزيرة العربية، واقتلاع الابتزاز المالي والعقائدي لهذه الجزيرة بالتضليل والتجديف، وقد عجزت هذه العوامل عن إخماد أنوار المسيرة القرآنية، وعلينا أن ننتظر في القريب العاجل تغيير الخريطة السياسية على مستوى الجزيرة أولاً، وغيرها في العالم الثالث وما جاورها، وهذا سيكون شاء من شاء، وأبى من أبى، وكان الفضل الأكبر في هذا كله وفي الذي سيقع في القريب العاجل للمتقدم بنفخ الصور الشهيد البطل سيدي حسين بدرالدين الحوثي الذي خَلَّدَ لليمن تاريخاً جديداً لم يسبق لأحدٍ قبله، وأصبحت اليمن قِبْلَةً للعالم العربي والإسلامي.