اتقوا الله في الوطن!! 

بالرغم مما يطلقه بعض السياسيين والحزبيين من شعارات حول الوطن والوطنية وما يبديه هؤلاء من مخاوف على حاضر ومستقبل الوطن إلا أن المتابع المتمعن في تلك الشعارات والمصطلحات المفخخة سيجد أن من المفارقات العجيبة أن تصرفات وممارسات هؤلاء لا تطابق أقوالهم فهم يتحدثون عن الوطن ويعملون بكل السبل على تشويه صورته في وسائل الإعلام المحلية والخارجية ويثيرون مخاوف المستثمرين والأفواج السياحية من الوصول إليه وإذا ما تناولوا التحديات التي تواجه اليمن فإنهم يتبعون أسلوب التضخيم والتهويل والتضليل ظناٍ منهم أن إظهار وطنهم بتلك الصورة السلبية والسوداوية المشوهة سيقدمهم للآخرين كمصلحين ويكسبهم الحظوة والمزيد من الشهرة وأنهم بذلك سيضرون بالحكومة ويسيئون إليها فيما هم في الحقيقة يسيئون لوطنهم ومجتمعهم وأنفسهم!!.والمؤسف حقاٍ أن هذا الصنف من السياسيين والحزبيين قد انغمسوا في الأنانية والنرجسية حداٍ أصبحت معه علاقتهم بوطنهم محكومة بمبدأ النفعية تبدأ وتنتهي عند مصالحهم الذاتية والحزبية فإذا ما وجدوا أن هذه المصالح قد تأثرت كفروا بالوطن وانساقوا إلى التشهير به ونعته بأبشع الأوصاف وأغرقوا في محاولات إلحاق الأذى به والتحريض عليه وكأن هذا الوطن ليس وطنهم ولا صلة لهم به حتى أن من يسمعهم في بعض وسائل الإعلام والفضائيات لا يشعر أن هؤلاء يحملون هويته أو أنهم نشأوا وترعرعوا على أرضه وترابه وتربطهم به أدنى عاطفة حب أو غيرة فمفهوم الانتماء والولاء للوطن بالنسبة إليهم يختزل في منطق مجرد من أية دلالة قيمية أو وطنية فالوطنية تقوى وتضعف بمقدار ما يجنونه من الأرباح والمصالح الشخصية والحزبية حيث أنه ومتى ما تهيأت لهم مصالحهم الأنانية اعتدلوا في أقوالهم وأفعالهم وإذا ما فقدوا تلك المصالح أو جزءاٍ منها انقلبوا على أعقابهم وتحولوا إلى أبواق شامتة وألسنة حداد تنهش في جسد هذا الوطن لا يرعون فيه إلاٍ ولا ذمة حيث يقيسون ولاءهم وانتماءهم للوطن بمقياس الربح والخسارة والرؤية النفعية وماذا سيأخذون من الوطن لا كم سيعطونه أو سيقدمون في سبيله بل أن البعض من هؤلاء يختزلون الوطن في شخص أو مجموعة أشخاص يبغضونهم أو يكرهونهم وبقدر بغضهم أو كرههم لهؤلاء وما استوطن في قلوبهم من أحقاد أو ضغائن ضد هذا الشخص أو أولئك الأشخاص يكون تعاملهم مع الوطن وهذا هو الحمق والجهل بعينه!!
وغني عن القول أن مثل هؤلاء المحسوبين على هذا الوطن كسياسيين وحزبيين يمارسون السياسة والحزبية من منطلق المناكفة والمماحكة دون تمييز بين اختلافهم مع الحزب الحاكم وخلافهم مع الوطن فقدسية الوطن تتلاشى وتنتهي لديهم بمجرد تلاشي مصالحهم.. والأشد إيلاماٍ أن هؤلاء الذين يصمون آذاننا في الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى صاروا بهذا المسلك النفعي يشكلون ظاهرة صوتية لا تسيء فقط للوطن ومفهوم الولاء والانتماء وإنما تسيء للتاريخ النضالي لهذا الشعب وقوافل الشهداء الأبرار والمناضلين الشرفاء الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم الزكية من أجل عزة ورفعة هذا الوطن لإيمانهم بأن علاقة المرء بوطنه والدفاع عنه والتضحية والفداء من أجله لا تحكمه مصلحة ذاتية أو مكسب حزبي أو مردود مالي أو منصب سياسي أو جاه اجتماعي بل رابطة عضوية يستمد منها الإنسان عزته وكرامته وهويته ومصدر وجوده في الحياة وأن من يتخلى عن هذه الرابطة يكون قد تخلى عن كل تلك المعاني فلا كرامة ولا عزة ولا هوية ولا قيمة له.ومتى يفهم أولئك النفعيون والمصلحيون أن الوطن ليس بقرة حلوب نحلبها أو شركة خاصة نتقاسمها أو رصيداٍ بنكياٍ نتاجر به أو سلعة نبتاع ونشتري فيها ونزايد عليها في سوق النخاسة السياسية¿
ومتى يعي هؤلاء حقيقة أن الوطن هو الكيان الذي نحتمي به فهو الأرض التي ولدنا ونشأنا وترعرعنا على تربته وفيه نحيا ومن أجله نموت وأن الله استخلفنا على هذه الأرض لنعمرها ونبنيها ونشيد عليها مداميك الخير والنماء ونصونها بولائنا المطلق من أي تخريب أو استهداف¿!
ومتى يتعلم هؤلاء العاقون لوطنهم والجاحدون بنعمته وفضله عليهم من الآخرين الذين يحبون أوطانهم كما يحبون أمهاتهم إن لم يكن أكثر وأن طاعة الوطن واجبة كطاعة الأم كيفما كانت هذه الأم فقيرة أو غنية.. تتمتع برخاء أو تعاني الشدة.¿!
ومتى يتعلم هؤلاء أيضا أن من يسيء أو يتطاول على أمه لأنها لم تشبع رغباته ومطامعه وأهواءه لا يمكن أن يكون إنساناٍ أو يحمل ذرة من الإنسانية أو على صلة بأخلاق البشر.. وتلك ليست من سمات اليمنيين الذين يحبون وطنهم ويعتدون بالانتماء إليه ويعتزون بالولاء له ولديهم الاستعداد للتضحية من أجله بكل غال ونفيس وقد برهنوا ذلك وكانوا أوفى الأوفياء لوطنهم ويسوءهم اليوم أن تكون الإساءة لوطنهم من بعض أبنائه أو المحسوبين عليه الذين ابتلاهم الله بمرض الأنانية والنرجسية ومن عظم المصائب والكبائر للإنسان أن لا  يتقي الله في وطنه!!.

قد يعجبك ايضا