عائلة في خريطة الوطن 

الدكتورة رؤوفة حسن


الدكتورة/ رؤوفة حسن

د/ رؤوفة حسن  
يقترب عيد التئام الوطن أي عيد الوحدة من أبوابنا وحان التفكير في الكيفية التي سنتعامل بها معه هذه المرة. أسرتي قررت في ما بينها أن تحتفل بيوم الوحدة على طريقتها. سوف نقوم بتوثيق مصور لنمو أفراد هذه الأسرة من مجرد اربع أخوات واثنين من الإخوة في بيت واحد إلى ستة بيوت مع أزواج وزوجات وأطفال.
صارت العائلة ممتدة وصار يوم الخميس في الغالب هو يوم اللقاء المشترك ليجتمع الصغار مع بعضهم والمراهقون يجدون جوانب مشتركة يتبادلون الاخبار عنها ونحن الكبار نناقش شؤوننا وشؤونهم. وقررنا أن نستعيد يوم 22 مايو خبراتنا وتجاربنا الشخصية والعائلية على مدى عشرين عاما.
ماحدث لنا يشبه في بعض جوانبه ما حدث لآخرين من أمثالنا. الأفراح والأتراح التي مرت بنا هي أيضا انعكاس لما كان يحدث من حولنا.  نحن عائلة في خريطة هذا الوطن لو قام كل الآخرين بتجربة تشبهنا في بيوتهم ونظروا لأنفسهم خلال عشرين عاما سوف ينظرون بذلك إلى وطنهم في المرآة دون أن يفصلوا أنفسهم عن موقع المسؤولية ولا عن موقع التأثر والتأثير.
احتفالات رسمية:
يوم عيد المرأة كتب كثير من الصحفيين عن عدم الاهتمام بالنساء في الريف وعن عدم وصول الاحتفال إلى كل النساء. ويوم عيد الأم شعر الناس بأن الاحتفال صار عرفا قائما في بعض بيوت المدن وفي كل مدارس اليمن وصار اقرب إلى حياة الأمهات في كل مكان.
ولكن احتفالات أخرى بيوم العمال أو يوم الثورة يتحول اليوم المحتفى به إلى يوم تعنى به الأجهزة الحكومية كل طبق هواه وظروفه. الأمر الذي يجعل الاحتفال بعيدا عن الغالبية من الناس ومنفصلا عن مسيرة حياتهم.
عندما كنت طالبة في بلاد لها تاريخ ثورة أثرت على كل ثورات الأرض بعدها وجدت الناس يحتفلون ويعزمون بعضهم البعض على اشكال مختلفة من الأفراح الصغيرة كل على طريقته وإمكانياته.
وكانت الاحتفالات الرسمية تقوم بدورها بغض النظر عن متابعة الناس لها من عدمها. وفي كل قرية صغيرة مهما صغرت وبعدت عن موقع المركز كان الناس أيضا يحتفلون بطريقتهم. فالاحتفال بثابت من الثوابت لم يكن آنيا ولا موسميا ولا مرهونا بوجود شخصية حكومية زائرة.
هكذا ينمو الاطفال على فكرة تؤصل عندهم قيما مشتركة وتجعلهم يعيشون في عالم طفولتهم ناعمين بسلامة المسار وآمان التوجه. وهذا هو جوهر الثقافة الوطنية المغروسة في القلوب اليانعة والمستمرة حتى النضوج.
الاحتفالات الرسمية جزء من المسؤولية الحكومية قد يمارس على نحو يتحول فيه إلى روتين فاقد للمعنى وغير ذي أهمية ومدعاة للبحث عن قنوات مشاهدة تلفزيونية مغايرة أو الاستعانة بالبعد عن وسائل الاعلام الحكومية بالصبر والسلوان.
لكن تأصيل السلوك الاحتفالي بالثوابت في الخلية الصغيرة وفي النادي وفي المسجد وفي مكان اللقاء بالقرناء والأصحاب وفي المدرسة وفي الشارع وفي الحزب وفي الجمعية وفي الجامعة يوجد حالة من التجانس والتلاحم كما تحققه الأعياد الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى).
قد نقول آنستنا ياعيد منشدين مع الفنان المرحوم على الآنسي أغنيته الخالدة أو نردد مع جيوبنا الفارغة عيد بأية حال جئت ياعيد. مهما فعلنا فإننا نجد طريقة لنجعل الصغار يفرحون ويشعرون بمعنى العيد وتنعكس قهقهاتهم وفرحهم على وجوهنا فتنشرح أنفسنا ونندمج معهم في الاحتفاء الجميل.
الوقت أزف:
قد يقول البعض أن يوم 22 مايو لا يزال بعيدا وليس من الضروري أن نستعد له على المستوى الفردي والعائلي من اليوم. وأقول أبدا فالوقت يسرقنا والبدء بالتفكير من الآن ضرورة. فالأمر ليس تفكيرا في الاحتفال بل هو تفكير في تأمل الأحوال أين كانت وأين أصبحت وأين موقع كل منا من الإعراب.
وقد يقول البعض الآخر أن مانفعله على المستوى الشخصي لن ينعكس على أحد وأقول أنا أن ما نفعله على المستوى الشخصي هو مفردة من مفردات التكوين الكلي للوطن. لذا أحلم أن يسأل التلفزيون الأشخاص العاديين كيف احتفلوا على المستوى الشخصي بهذا اليوم وكيف مثل على المستوى الشخصي مرور عشرين عاما ومجموع الإجابات والاستجابات الشخصية هي كل الشخوص الذين يمثلون وتتمثل فيهم ظروف المعيشة منذ قيام الوحدة وحتى عيدها العشرين .
raufah@hotmail.com

قد يعجبك ايضا