الثورة / محمد الجبري
يعيش العالم أوقاتاً عصيبة ومرعبة جراء جائحة فيروس كورونا الذي أودى بحياة بمئات الآلاف وأصاب حتى قرابة نصف مليون شخص حتى اليوم.
وتعد إيطاليا الدولة الأولى في العالم من حيث الوفيات في ظل التفشي الرهيب للفيروس.
وأعلنت سلطات إقليم لومبارديا الإيطالية موافقة الحكومة في إشراك الجيش في الحد من انتشار فيروس كورونا الذي أصبح جائحة عالمية في إزهاق الأرواح البشرية وتوقف الحركة التجارية.
وأفاد أنتيليو فونتانا رئيس إقليم لومبارديا، في مؤتمر صحفي ، بأن طلب إشراك القوات المسلحة تمت الاستجابة إليه، وإنه سيجري نشر 114 جنديا في كل أراضي لومبارديا، إلا أن هذا العدد لا يزال قليلا ، رغم إشادته بالموقف ووصفه بالإيجابي”.
وكانت لومبارديا وجهت في وقت سابق إلى الحكومة الإيطالية بطلب إشراك الجيش لتشديد الإجراءات التي تم تطبيقها سابقا لمكافحة التفشي والتي تشمل وقف كل الحركة التجارية غير الحيوية وفرض الحظر على الفعاليات الجماعية، وسجلت إيطاليا 627 حالة وفاة في غضون 24 ساعة الماضية جراء فيروس كورونا، ما يمثل أثقل حصيلة خسائر بشرية منذ ظهور الوباء في أواخر العام 2019 بالصين، وكانت إيطاليا في طليعة الدول الأوروبية التي فرضت حجرا صحيا تاما، لكن حالات الإصابة ظلت في ارتفاع، وهو ما دفع الحكومة للتفكير في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، ويعتبر هذا عدداً قياسياً جديداً يرفع حصيلة الوفيات إلى أكثر من أربعة آلاف في هذا البلد الأكثر تضررا في العالم وسجلت في منطقة لومبارديا شمال البلاد 381 حالة وفاة إضافية و2549 وفاة إجمالا في كامل البلاد، تم إحصاء ستة آلاف إصابة جديدة، وهو عدد غير مسبوق.
وقال مسؤول الدفاع المدني أنجيلو بوريلي إنه تم نصب 679 خيمة حتى اليوم لاستعمالها كمراكز فرز أولي لتسهيل مهام الفرق الصحية التي تواجه صعوبات كبيرة مع عدد المرضى المتزايد.
وقامت عدة بلديات هناك باستخدام الطائرات المسيرة لمراقبة تطبيق القيود على التنقلات ورصد التجمعات المخالفة، ومن المنتظر أن يضاف 13 ألف شرطي إلى السبعة آلاف المنتشرين حاليا على طرقات المنطقة.
وبذلك، تصبح إيطاليا الدولة الأولى من حيث عدد الوفيات جراء كوفيد-19، وتأتي بعدها الصين (3245) وإيران (1284) وإسبانيا (767).
ويخضع أكثر من 900 مليون شخص حول العالم، من روما إلى نيويورك مرورا بباريس، لعزلة في بيوتهم في عطلة نهاية الأسبوع على أمل الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أسفر عن وفاة أكثر من أحد عشر ألف شخص ويهز الاقتصاد العالمي.
ففي الولايات المتحدة، قررت ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي وإلينوي وبنسلفانيا ونيفادا إيقاف الأنشطة غير الضرورية، رغم استبعاد الرئيس دونالد ترامب فرض حجر عام حاليا في كامل البلاد، ويشمل التوقف أكبر ثلاث مدن في البلاد، نيويورك ولوس أنجليس وشيكاغو، ويلتزم سكانها البالغ عددهم حوالي 100 مليون شخص منازلهم.
وبعد تسجيل 25 حالة في أستراليا مرتبطة بحفل زواج في جنوب سيدني، اتخذت السلطات إجراءات تضرب في الصميم قطاع تنظيم الزيجات المزدهر في البلاد ما أرغم عدة أشخاص على إلغاء حفلات زواجهم.
وأغلقت السلطات أيضا أمس السبت شاطئ بوندي الشهير في سيدني، الذي كان يشهد ازدحاما رغم منع التجمعات الكبيرة.
فالأسواق مكتظة هنا وشوارع خالية هناك: هل ينقسم العالم إلى قسمين، بين أناس جديين يلتزمون منازلهم من أجل الصالح العام وأنانيين لا يفكرون سوى في متعهم الخاصة؟
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن ووهان التي كانت بؤرة الوباء في الصين وحيث لم تسجل أي حالة إصابة جديدة من منشأ محلي منذ الخميس الماضي، تشكل “بارقة أمل” للعالم.
لكن مديرها حذر في الوقت نفسه الشباب الذين لا يبالون كثيرا بمخاطر الوباء، قائلا لهم “لست أشخاصا لا يقهرون”.
من جانب أخر تتفاقم خسائر الاقتصاد العالمي يوميا نتيجة تعليق الأنشطة، ولن يعوض توظيف كثيرين في المجموعات العملاقة للتوزيع وعلى رأسها وولمارت وأمازون في مواجهة غزو المستهلكين للمراكز التجارية، عن الوظائف التي ألغيت.
وكان أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية تعليق قواعد الانضباط الميزانية، في إجراء غير مسبوق سيسمح للدول الأعضاء بإنفاق الأموال اللازمة للحد من التباطؤ الاقتصادي.
وحذرت منظمة العمل الدولية من أن غياب رد منسق على المستوى الدولي يهدد عددا قد يصل إلى 25 مليون وظيفة.
في مواجهة هذا الوضع، يسود حذر كبير أسواق المال، فبعد أسوأ أسبوع شهدته منذ أزمة 2008، أغلقت البورصات الجمعة بنتائج متفاوتة إذ تراجعت سوق المال في وول ستريت بينما سجلت البورصات الأوروبية ارتفاعا.
ويخشى بعض الخبراء من أن تكون الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء أسوأ من أزمة الرهن العقاري التي حدثت في 2008، لاسيما إذا طال أمد عزل السكان.
وانضمت دول أخرى في نهاية الأسبوع إلى لائحة البلدان التي تفرض عزلا، حيث أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد فرض حجر صحي عام في البلاد يبدأ أمس الأحد كما اتخذت كولومبيا الإجراء نفسه اعتبارا من الثلاثاء المقبل.
وعززت بريطانيا بشكل كبير الجمعة ردها على الوباء وأمرت بإغلاق الحانات والمطاعم ودور السينما والصالات الرياضية.
فيما قامت سويسرا من جهتها بنشر إجراءاتها ومنعت كل تجمع لأكثر من خمسة أشخاص، لكنها استبعدت فرض عزل معتبرة أنها “سياسة استعراضية”.
إلا أن الكارثة تبقى في غامبيا حيث تبحث السلطات عن 14 شخصا فروا من فندق وضعوا فيه في الحجر.
في الأخير تظل الصعوبة قائمة في تطبيق الإجراءات الوقائية في أماكن بالغة الحساسية مثل الأحياء العشوائية في آسيا أو السجون المكتظة والمتهالكة في جميع أنحاء العالم،حيث لا يملك ثلاثة مليارات نسمة الحد الأدنى من وسائل مكافحة الفيروس مثل المياه الجارية والصابون حسب خبراء الأمم المتحدة الذين يخشون موت “ملايين”.
فعلى سبيل المثال في سان سلفادور يسود خوف من أن يفوق الوضع قدرات السلطات إلى درجة أنها “استبقت” الأمر حسب رئيس البلدية، وقامت بحفر 118 قبرا جاهزا للاستخدام.