الشعار موقف قوي من أعداء الله وتحرك ضروري في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي
فيما كان هناك من يسخر من شعار(الصرخة) كان الأمريكي يحاول نزع عوامل القوة من المجتمع اليمني
من الجامع الكبير في صنعاء انطلقت المرحلة الثانية للإعلام بالصرخة.. يقول المجاهد طه السفياني وكان رفيقا ملازما للشهيد القائد ومشاركا في مرحلة التحديات ومعركة الدفاع الأولى في الحرب الظالمة والغشومة على مران بمحافظة صعدة:
أداء الصرخة في الجامع الكبير كانت بتوجيهات من السيد حسين رضوان الله عليه ولقد سأله احد الشباب حينها لماذا اخترت الجامع الكبير بصنعاء يا سيد حسين فكانت إجابته المعركة الآن تدور بيننا وبين أمريكا وإسرائيل في الصرح الشماسي للجامع الكبير ولم نكن نتوقع إن المعركة هي الجامع الكبير وقد رأيتم بأنفسكم كيف كان المخطط يدار على الجامع الكبير حين وجه وزير الأوقاف لتدريس الفكر الوهابي في الجامع الكبير بصنعاء.. فعرفنا إنها ساحة معركة.”
“كان الكثير يتوجه من صعدة وحجة وسفيان ونشور ومن كل المناطق التي قد التحق بعض شبابها بالمسيرة القرآنية حسب توجيه الشهيد القائد فكانوا يرددونها ومن ثم يقادون إلى السجون والمعتقلات مباشرة.”
ويحكي الكثير كيف إن الأمن كان يعتقل أولئك الشباب من ساحة الجامع.. وبالتزامن “ووضعت الرئاسة الأجهزة الأمنية والعسكرية في حالة التأهب والاستنفار, لمواجهة الصرخة ومحاولة وأدها في مرحلتها الثانية –المرحلة الأولى كانت في صعدة-, وسيطرت أجهزة الأمن القومي والسياسي على ساحة الجامع لكبير بصنعاء, وجعلت منه مسرحا لأجهزتها القمعية, ومقرًا دائماً لعناصرها, لتبوء مرة أخرى كل تلك المحاولات بالفشل الذريع, ويستمرّ المجاهدون بالتوافد على الجامع الكبير كل يوم جمعة من كل أسبوع رغم الاعتقالات والاعتداءات المستمرة, إلّا أن المجاهدين لم يزدادوا من كل ذلك إلاّ قوة وصلابة, وعزما لا يلين, مرت عدة أشهر وكان عدد المعتقلين على ذمة الشعار يزداد يوما بعد آخر, مما اضطر السلطات لتوزيع المجاهدين على سجون الأمن السياسي بالمحافظات, ليصل عدد المكبرين إلى قرابة الألف, وبدأت بعض الصحف المحلية والإقليمية والدولية, تتناول أخبار المعتقلين كل أسبوع وتنشر أسماءهم على صدر صفحاتها..”
كان الشباب حسب المجاهد طه السفياني وهو واحد ممن تعرضوا للسجن “يخرج من بين أطفاله وزوجته ويتوجه إلى الجامع وهو على يقين انه سيقاد إلى السجن، كانت لديهم ثقة في الله كبيرة وكثير منهم من تعرضوا بعد أداء الصرخة في الجامع الكبير إلى الضرب والإهانة من قبل المصلين وعلى مرأى ومسمع الجميع وكأنه احد اللصوص ومجرم.. فوجههم السيد حسين بأن لا يردوا حتى بكلمة واحدة فكانوا يقادون إلى المعتقلات والسجون وهم حاملون قضية ومبدأ لن تهزهم العواصف.”
من أول صرخة
تحت عنوان “ مع الشعار.. من أول صرخة” كتب فاضل الشرقي صاحب كتاب “ قراءةٌ نقديةٌ في كتاب: “قراءةٌ في المشروعِ القُـرْآنيِّ للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي”:
(أقول لكم أيُّها الإخوة: اصرخوا ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: {الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام} أليست هذه الصرخة ممكنة لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده, بل وفي أماكن أخرى, وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى: {الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام} هذه الصرخة أليست سهلة كل واحد بإمكانه أن يعملها وأن يقولها؟ إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم. لنقل لأنفسنا عندما نقول ماذا نعمل؟ هكذا إعمل وهو اضعف الإيمان أن نعمل هكذا, في اجتماعاتنا، بعد صلاة الجمعة، وستعرفون أنها صرخة مؤثرة، كيف سينطلق المنافقون هنا وهناك والمرجفون هنا وهناك ليخوّفونكم, يتساءلون: ماذا؟ ما هذا؟).
هكذا ظهر السيد/ حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) في محاضرة الصرخة في وجه المستكبرين, وهو يتلو هذا المقطع على حشد كبير من المؤمنين المجاهدين, ثم رفع السيد يده الطاهرة الشريفة وردد هذا الشعار ورددته الجموع المحتشدة بعده, وقد كانت هذه أول انطلاقة لترديد هذا الشعار في قاعة مدرسة الإمام الهادي عليه السلام في مران – صعدة – بتاريخ 17/ 1/ 2002م كما هو موضح في محاضرة (الصرخة في وجه المستكبرين).
إذاً كانت هذه هي البداية الأولى لترديد الشعار (الصرخة في وجه المستكبرين), وقد مر عليه إلى الآن عقد كامل من الزمن, كله محفوف بالصراعات الدامية والحروب والاعتقالات, تضحية في سبيل الشعار, وموقفاً في زمن بلا مواقف يسوده الخنوع والصمت والرهبة والرغبة لغير الله سبحانه وتعالى، وفي مسيرة الشعار ثمة ما يجب التنبه له والتوقف عنده، سيرة عطرة سجلها أنصار الله منذ الانطلاقة الأولى للشعار نقف فيها مع أهم المحطات ونعرّج على أبرزها، إلا أنه يجب التنبيه أولاً إلى أن الشعار كموقف وسلاح برز من بين ثقافة عالية تشبعت بروح القرآن الكريم وانبلج من بين ثناياه المقدسة, إذ لم يكن منفصلاً أبداً عن هذه الثقافة القرآنية، التي جاءت في سلسلة طويلة من الدروس والمحاضرات للسيد/ حسين بدر الدين الحوثي تحت عنوان (دروس من هدي القرآن الكريم).
من خولان ابن عامر
على هذا كانت البداية مع السيد القائد المؤسس نفسه كما يظهر في محاضرة (الصرخة في وجه المستكبرين), وقد أكد السيد مراراً وتكراراً على أنّ الشعار موقف قوي من أعداء الله, وتحرك ضروري في مواجهة المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة كونه أفضل عمل يرضي الله في هذه المرحلة, وفعلا لبنى من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه دعوة السيد هذه, وبدأ الشعار يردّد في كل محاضرة وكل اجتماع, وقد ظهر الشعار في مقاطع متعددة من كل محاضرات السيد ودرسه، وفي البداية كانت محاضرات السيد متوفرة على أشرطت الكاسيت الصوتية ويسمع دويّ الشعار يردّد أثناء الدروس والمحاضرات, وانتشرت الصرخة (الشعار) أولًاً في مناطق بلاد (خولان ابن عامر) وبالذات في منطقة (مران) وأخذ يتوسع تدريجياً ولقي ترحيباً حاراً في أكثر من مكان ومنطقة.
أساليب ووسائل متعددة
تطورت أساليب رفع الشعار ونشره بين الفينة والأخرى, ففي البداية كان يردّد في الاجتماعات العامة والمحاضرات في المدارس والمساجد, ثم وجه السيد بطباعة المحاضرات وسرعة توزيعها مقروءة في شكل ملازم كما هي عليه اليوم, كما وجه بترديد الشعار في كل اجتماع وبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع, وانتشر الشعار إنتشار النار في الهشيم, وحرص السيد على إرسال المبلغين والمنذرين إلى كل منطقة وقرية لتبصير الناس بأهمية الشعار وفحواه, وتعميم ثقافته الثقافة القرآنية (الملازم والدروس) إلى كل مكان ممكن, وتحرك الشباب وبذلوا قصارى جهودهم في سبيل ذلك ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد, عندما احتدم الخلاف وبلغ أشده بين المعارض والمنكر له, وبين المحب والموالي للشعار طبعاً وبدأ الشعار يردد بعد خطبتي الجمعة من كل أسبوع في أكثر من منطقة, وكان أبناء مناطق وقرى خولان ابن عامر ممن حازوا فضيلة السبق وتفانوا في سبيل ذلك, حصلت معارضة شديدة من قبل المجتمع وأجهزة الدولة وموظفيها نظراً لسطحية الناس وضعف وعيهم وإدراكهم لأهمية هكذا مواقف باعتبارها غريبة عليهم وجديدة, أصر أنصار الشعار أو المكبرون كما كانوا يسمونهم على موقفهم وظهروا أقوياء المنطق والحجة والبرهان بما أعيا كل بيان ومنطق, عندها وجه السيد بطباعة الشعار في ملصقات ورقية صغيرة الحجم ومتوسطة وكبيرة ولافتات قماشية كتب عليها الشعار بالنمط الذي أختاره السيد وحدده كما هو عليه اليوم.
عندها طُبع الشعار وانتشر بشكل غير مسبوق, وتهافت عليه الناس يلصقونه في براقع جنابيهم وعلى أسلحتهم وسياراتهم, وجدران منازلهم ومساجدهم ومقتنياتهم الشخصية حيث حذر السيد من وضع هذه الملصقات على حق الغير والأماكن الخاصة إحتراما للنهج السلمي وحرية التعبير عن الرأي واحترام الآخرين، وتنوعت الوسائل والأساليب وفق نمط محدد وموحد, وطبع الشعار على الفنائل الجسمية الداخلية والولاعات, والأقلام والميداليات, وجداول حصص مدرسية ودفاتر, كانت تطبعها مكتبة الوحدة في حينه وتبيعها لمن يجب اقتناؤها فقط, دون أن يفرض على أحد, ثم تطور العمل وارتقى بأسلوب سريع وحكيم, ووجه السيد بكتابة عبارات الشعار الخمس على الجدران والخطوط والأحجار والجبال وفي كل مكان ما أمكن ذلك على أن يترافق معه توعية قرآنية ونشر الدروس والمحاضرات (الملازم) على كل الناس وكل فئات وطبقات المجتمع دون تمييز بين سنة وشيعة وموظفين ومسؤولين في كل قطاعات الدولة, وضباط ومثقفين وعلماء وسياسيين….الخ وأحرز نمواً مطرداً وتقدماً ملحوظاً, مع توسع ترديد الشعار في المساجد بعد صلاة الجمعة وفي الاجتماعات, عندها قررت السلطة الدخول في المواجهة المباشرة لتقيد حركة الشعار وتحد من نفوذه.
الصرخة في وجه الظالم
يسرد الكاتب فاضل الشرقي حدثا قويا للصرخة عام، كان ذلك عام 2003م.. يقول:
حينها ومع اقتراب موعد الحج, قرر الرئيس السابق (صالح) أن يحج إلى صعدة أولاً, ثم يتوجه بعدها إلى بيت الله العتيق عبر منفذ البقع الحدودي, مصطحبًا معه الشيخ عبدالله ابن حسين الأحمر, وعبدالكريم الإرياني, وعبد المجيد الزنداني, وتعمد النزول في يوم الجمعة وقرر الصلاة في جامع الإمام الهادي لفرض هيبته وجبروته لعل ذلك يحول بين المكبرين ورفع الشعار في حظرته, وفي تلك الأثناء ساد لغط واسع بين صفوف المواطنين متسائلين ماذا سيصنع المكبرون هذه المرة.
يواصل الشرقي: علم الجميع بخبر صلاة (صالح) في جامع الإمام الهادي واحتشد الآلاف لأداء الصلاة ومراقبة الموقف, ولم يكن أحد أسرع إلى الجامع من المكبرين وشهد الجامع أكبر عدد في حينه من أصحاب الصرخة, وما أن أكمل الخطيب خطبته حتى دوت صرخة مجلجلة كادت أن تطير بلب صالح, كنت أنا في الصفوف الأمامية الأولى, ورأيت صالح وقد انتفض من مكانه خائفاً فزعا وأحاطت به حراسته من كل مكان, وما إن سلّم الإمام حتى ولى هارباً دون أن يحسن السلام من البوابة الخاصة, وانتصر الشعار على الطاغوت في حضرته وأمام ناظريه وتناقل الناس خبر الصرخة باندهاش وإعجاب بقوة المكبرين وصلابتهم.
ويضيف: ذهب صالح للغداء في منزل الشيخ/ فارس مناع, وتوجه بعدها للقاء السلطة المحلية ومسؤولي المحافظة, والمشائخ والشخصيات الاجتماعية, وناقش معهم موضوع الشعار وضرورة القضاء عليه وإسكات الصرخة, فقرر الجميع حينها أن الموضوع ليس أكثر من تحدٍ ومغامرة وعناد, وأنه لو يطلق سراح المعتقلين ويكف عن حملة الاعتقالات لتوقف الشعار تلقائياً, فقرر (صالح) إطلاق سراح المعتقلين وإيقاف الاعتقالات, وتوجه محافظ المحافظة ومدير الأمن السياسي, وبعض المشائخ والمسؤولين للقاء المساجين وإطلاق سراحهم, مقابل تعهدات خطية بعدم العودة إلى ترديد الشعار مرةً أخرى, ولكن المكبرين واجهوهم بالرفض الشديد وتفضيل البقاء في السجن على التعهد, حينها لم يجدوا بداً من إطلاق سراحهم بدون قيد أو شرط, وخرج المساجين أشد قوة, وصلابةً من ذي قبل, وباءت كل جهود المنع بالخيبة والخسران. حينها كان الشعار قد بدأ يردده الطلاب في المدارس, وانتقلت الحرب إلى ساحة التربية والتعليم, وفُصل الطلاب من المدارس, وأُوقفت مرتبات المدرسين للضغط عليهم, كل ذلك حصل ولكن دون جدوى, ومع هذه كله كانت توجيهات السيد ودروسه تواكب الحدث لحظة بلحظة مما يزيد في تبصرة الناس وتوعيتهم ومواجهة كل المؤامرات والمخططات والضغوطات بنفس قرآني وأسلوب محمدي, وعلت راية الشعار وقبضات المجاهدين الأبرار, ودوت صرخاتهم في كل مكان.
حدث ذلك قبل أن يتردّد الشعار في الجامع الكبير بصنعاء حيث السفارة الأمريكية والتمثيل الدبلوماسي العالمي.
في المرحلة الأولى للصرخة
في تلك المرحلة أيضا كثفت عبر محافظ صعدة وقتها يحيى علي العمري, وجهاز الأمن السياسي من النشاط المعادي للشعار وأعلنت حالة الاستنفار, ووجهت حتى المكاتب المدنية والخدمية للتحرك ضد الشعار, وانتشرت فرق مكثفة في محافظة صعدة لطمس ومسح عبارات الشعار في كل شوارع المحافظة, وطلاؤها بالمعجون البلاستيكي والبوية بما فيها الله أكبر النصر للإسلام, جاء ذلك بعد زيارة قام بها السفير الأمريكي (آدمند هول) لمحافظة صعدة، وأبدى غضبه واستياءه من توسع حركة الشعار المناهض لسياسة بلده العدوانية، فحصل عكس النتيجة المرجوة حيث استاء الناس من هذا التصرف الأرعن, وكسب الشعار الكثير من المؤيدين والأنصار, وأعاد المجاهدون كتابة العبارات بشكل أوسع مما كان عليه, وظهر أعداء الشعار عاجزين في هذا الميدان، مرت هذه الأحداث بالتزامن مع العدوان العسكري الأمريكي على الشعب العراقي في العام2003م, وخرجت المظاهرات والمسيرات الشعبية المنددة بالعدوان في كل المحافظات اليمنية, وقد ظهر الشعار يتقدم هذه الجموع ويرفرف فوق الساحات ويعلوا في كل المظاهرات في كل مدن اليمن, وكسب الشعار شرعية أقوى وبرز الموقف الوحيد والتحرك الأمثل في الاتجاه الصحيح, وفي المقابل توسع الشعار وتمدد إلى أغلب المساجد في محافظة صعدة, وكان جامع الإمام الهادي(ع) محط رحال المكبرين هذه المرة, إضافة إلى بعض المساجد داخل المدينة القديمة, وما أن يكمل الخطيب خطبتي الجمعة حتى تصدح الحناجر وتعلوا قبضات الأباة بالصرخة مرددين الشعار (الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام), وكانت هذه قفزة نوعية للشعار وشجاعة عالية في أداء الواجب الديني, حينها تلقت قيادة المحافظة التوجيهات العلياء بالحسم السريع, وإحكام القبضة الأمنية والعسكرية والبوليسية على جامع الإمام الهادي (ع) بالمحافظة, وصدرت التوجيهات باعتقال كل من يردد الشعار أو يحمله ويناصره, وتوجهت قوة أمنية مدعومة بعناصر الأمن السياسي لتفتيش كل المصلين أثناء دخولهم الجامع واعتقال من يشتبه فيه ومن يردد الصرخة, وفعلا حصلت الاعتقالات إلى سجن الأمن السياسي في كل جمعة, إلا أن ذلك لم يكن خياراً مجدياً وناجحاً مع من يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله, ممن لا يخافون في الله لومة لائم, واستمر المجاهدون في ترديد الشعار كل جمعة والتدفق إلى جامع الهادي من كل حدب وصوب فيما الاعتقالات مستمرة, حتى أكتظ سجن الأمن السياسي بجموع المكبرين, رغم الاعتداء الفظيع الذي كان يمارس بحقهم داخل الجامع في بيت الله وسط جموع المصلين, وداخل أقبية الأمن السياسي حتى أصيب بعضهم من شدة التعذيب بالمرض والشلل.
وعلت رايته
واجه الشهيد القائد العديد من المشاكل بسبب الشعار وما تضمنته الملازم من أراء نقدية للتراث الزيدي.. لخصها إبراهيم محمد المتوكل.. وحسن زيد في مشكلتين:
والمشكلة الأولى: التي ووجه بها أن الكثير من الناس لم يتقبلوا رفع الشعار عقب الجمعة في الجوامع وبالذات مع اتجاه الدولة المعادي له منذ البداية، فقد تم اعتقال العديد ممن كانوا يرددون الشعار حتى وصل العدد الى 800 معتقل قبل الحرب الأولى عام 2004م) من رافعي الشعار في الجامع الكبير بصنعاء فقط، منهم من بقي أسير السجون لسنوات، ومنهم من أفرج عنه بعد فترة طويلة، ومنهم من لاقى أشد أنواع التعذيب، وقد كانوا في الغالب يرفضون الالتزام بعدم ترديد الشعار في مقابل الخروج من المعتقل ويطلبون أمراً من (سيدي حسين).
ترديد كلمة سيدي حسين والصلابة التي أظهرها المعتقلون على غير عادة المعتقلين في الأمن السياسي أقلقت السلطة.
المشكلة الثانية : تمثلت في بعض الآراء التي أفصح عنها حسين في محاضراته والتي لم يقبلها بها العديد من الزيدية والمتعلقة بتقييمه النقدي لبعض مفردات التراث الزيدي المدون في كتب أصول الفقه والدين وفي الإفراط في اعتبار التراث هو الدين والانصراف عن القرآن الكريم، ورغم أن تلك القضايا لم تكن المحور الرئيسي لمحاضرات حسين إلا أن الأنظار كانت غالباً تتوجه إليها، بسبب الطابع النقدي لأغلبية العلماء خاصة عندما يتعلق الموضوع بقضايا فكرية، وبأسباب أخرى ربما كانت الدولة المحرك الرئيسي لها.. هذه المشكلة دفعت بعض العلماء إلى استنكار تلك الأفكار التي كان يطرحها السيد حسين خاصة المتعلقة بأصول الفقه وأصول الدين، فأصدروا بيان استنكار لتلك الأفكار بعد تحرك من بعض أجهزة الدولة، بالاستعانة بالسذخ من العلماء الذين باتت المداراة سمتهم وسمتهم ويعيشون على فضلات موائد السلطة من خلال علاقتهم بمن أطلق أتباع حسين فيما بعد عليهم بزيدية اللجنة الدائمة.
وقد وعدوا بأن البيان سيكون المخرج الوحيد من ضربة عسكرية محتملة على حسين الحوثي وعلى الزيدية، لكن استغل هذا البيان أسوأ استغلال، وكان فتيل إشعال الحملة العسكرية التي أرسلتها الدولة على السيد حسين بن بدر الدين الحوثي وأنصاره، حيث افتعلت الدولة مشكلة أرسلت على إثرها مباشرة جيشاً مدججا بأعتى الأسلحة ومدرعاً بغطاء جوي وصواريخ ومدرعات ودبابات، ولم يسمع المواطنون خبر التمرد الذي أعلنته الدولة إلا وفرق الجيش في محافظة صعدة تضرب المواطنين بعنف منقطع النظير، وبدأت الصحف الرسمية تتكلم عن حوثي متمرد خارج على النظام ومزعزع للأمن والاستقرار يدعي الإمامة ومرة المهدية وتارة النبوة، ضال ناشر للضلالات في نفس الوقت الذي كان جيشها الذي مواقعه حماية الحدود والجزر والمياه اليمنية يضرب أبناء صعدة في عنف منقطع النظير.
ولكن عندما كان جنود الأمن يلقون القبض عليهم في الجامع الكبير لم تصدر عنهم أي مقاومة، فقد كانت أعمالهم كلها سلمية، ورغم ذلك لاقوا الاعتقال والمطاردة التي لا تتوافق مع أبسط حقوقهم الإنسانية، بل كانوا يلاقون أشد صور الامتهان عندما كان الجنود وبعض المخبرين وبعض الناس العاديين يقومون بضربهم وصفعهم على وجوههم بالأيدي وبعض الأحيان بالأحذية، ورغم ذلك لم يكونوا يبدون أي مقاومة حتى اتهمهم بعض الناس بالجبن!
“واليوم ها هو قد تحقق ما كان يدعو إليه السيد ويؤكد عليه, وها هو الشعار يدوي في كل أرجاء اليمن، وأصبح ظاهرا معروفا مشهورا على مستوى العالم كله, وعلت رايته في كل مكان, وفعلا حصل أن صرخ به أناس في مناطق عدة كما قال السيد ذات يوم.”