نصر جديد على طريق تحرير اليمن من قوات العدوان والغزو والارتزاق

الجوف محافظة أخرى تتحرر بالكامل بعد عقود من الهيمنة والنفوذ السعودي

متحدث القوات المسلحة: تم تحرير الجوف كاملة ولم يبق سوى جيــوب في مديريــة خب والشــعف وصحــراء الحـــزم
العميد سريع: اغتنام كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة ودحــر ألوية وكتـــائب ما يسمـــى »المنطقة العسكـرية السـادسة«
سقوط أكثر من 1200 ما بين قتيل وجريح وأسير من قوات العدوان ومرتزقته بينهم قيادات وسعوديون
العملية انتصار وطني كبير يتجاوز دحر لمرتزقة العدوان إلى تحرير الجوف من هيمنة النفوذ السعودي لعقود طويلة
عملية« فَأمْكَنَ مِنْهُم » استمرت 5 أيام من المواجهات العنيفة وجاءت ردا على تصعيد العدو في المحافظة

أنجز أبطال الجيش واللجان الشعبية، بعون الله وفضله، انتصارا عسكريا كبيرا ونوعيا، بعملية عسكرية واسعة، سمّتها القوات المسلحة «فأمكن منهم»، وتوجت بتحرير محافظة الجوف بالكامل ودحر قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ومرتزقته منها وإنهاء عقود طويلة من هيمنة النفوذ السعودي في المحافظة والتهميش والحرمان وطمر الثروات، وآثار الحضارة اليمنية.
وتأتي عملية «فأمكن منهم» امتدادا لعمليات «نصر من الله» و«البنيان المرصوص»، بالتزامن مع إشعال أبطال الجيش واللجان الشعبية جبهات عدة في كل الاتجاهات على طريق تحرير جميع الأراضي اليمنية من قوات العدوان والغزو والاحتلال ومرتزقتهم وانتزاع الاستقلال الكامل، وبعد أقل من 20 يوما على تجديد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي وعده بأن «اليمن لن يكون إلا بلدا مستقلا مهما كانت التضحيات».

الثورة / إبراهيم يحيى

تفاصيل مدهشة
متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، كشف في مؤتمر صحافي عقده أمس الأربعاء في العاصمة صنعاء، عن تفاصيل ومشاهد مدهشة للعملية العسكرية النوعية والواسعة «فأمكن منهم». وأفاد أن «العملية استمرت 5 أيام من المواجهات العنيفة، جاءت ردا على تصعيد العدو في محافظة الجوف، وشملت تلقين العدو ضربات موجعة في عمقه».
وأعلن العميد يحيى سريع، «نجاح عملية فأمكن منهم بفضل الله التي تكللت بتحرير محافظة الجوف وعززت الموقف العسكري لقواتنا ولشعبنا وقيادتنا». مؤكدا أن «العملية العسكرية الواسعة فأمكن منهم أدت إلى تأمين كافة المديريات المأهولة بالسكان في محافظة الجوف وتطبيع الأوضاع في مدينة الحزم عقب تحريرها».

مسرح العملية
على صعيد بيان مسرح العملية ومعاركها، قال متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره الصحافي المعزز بعرض مصور لمشاهد فيديو توثيق العملية، أن «مسرح العمليات شمل كافة المحور الجنوبي لمحافظة الجوف وفيها مديريات الحزم والمصلوب والغيل والخلق والمتون إضافة إلى العقبة في خب والشعف».
وأضاف: «المناطق الغربية للمحافظة كانت قاعدة الانطلاق لقواتنا لتحرير ما تبقى من المحافظة لا سيما المناطق المأهولة بالسكان وتحديداً جنوب ووسط المحافظة». منوها بأن «العدو السعودي دفع بالمئات من المرتزقة إلى المعركة معظمهم كانوا في نجران وجيزان وعسير».

الدفاع الجوي
العميد يحيى سريع، لفت إلى استماتة طيران تحالف العدوان في محاولات أسناد وإنقاذ قواته ومرتزقته في مختلف جبهات محافظة الجوف، وتكثيف تحليق طيرانه الحربي والتجسسي وغاراته. كاشفا عن احصائية عدد غارات طيران التحالف خلال عملية «فأمكن منهم»، وقال: «وشن طيران العدوان أكثر من 250 غارة».
في المقابل، أكد متحدث القوات المسلحة، تنامي مشاركة وحدة الدفاع الجوي ومنظوماتها المطورة محليا في تحييد طيران التحالف، وقال: «الدفاع الجوي شارك في العملية بفاعلية وتمكن من تنفيذ 10 عمليات تصدٍ ناجحة لطيران العدوان أجبره على مغادرة الأجواء، إضافة إلى عملية إسقاط ناجحة لطائرة حربية معادية».

وحدات الجيش
وأوضح فاعلية وحدات الجيش، وقال: «وحدتا الهندسة وضد الدروع نجحت في تنفيذ كافة المهام خلال العملية بالتعامل مع آليات ومدرعات العدو على طول مسرح العمليات». مضيفا: «وحدة المدفعية دكت تحصينات العدو وتجمعاته خلال العملية فيما كان المجاهدون الأبطال يواجهون قوات العدو بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة».
متحدث القوات المسلحة، أوضح أن «شاركت القوة الصاروخية في عملية فأمكن منهم بـ 6 عمليات استخدمت فيها صواريخ نكال وقاصم وبدر الباليستية». مضيفا: «كما نفذ سلاح الجو المسير 54 عملية خلال عملية فأمكن منهم، منها 33 عملية استهدفت عدة أهداف عسكرية واقتصادية سعودية، كبدت العدو خسائر كبيرة عسكرية واقتصادية».

مشاركة القبائل
ولم يفت متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، الإشارة والإشادة بدور قبائل الجوف، وقال: «شارك وساهم في نجاح العملية العسكرية أحرار وشرفاء قبائل الجوف منهم المشايخ والشخصيات بمواقفهم المشرفة والمشاركة الميدانية للمئات من أبناء القبائل».
مضيفا: «موقف القبائل ليس غريباً على قبائل لها تاريخ عريق في مقارعة العدوان الأجنبي والغزاة ولها مبادئ وقيم ترفض الارتزاق ولا تقبل بالخونة والعملاء». وتابع: «نحيي باعتزاز الموقف المسؤول لقبائل الجوف ودورها في دحر قوى العدوان والغزو ورفضها للمرتزقة والعملاء والخونة».
وفي حين وجه تحية عامة بقوله: «نحيي كافة أحرار شعبنا الذين يقفون اليوم في صف واحد مع مجاهدي الجيش واللجان ويقدمون كافة وسائل الدعم لاستمرار الصمود الوطني»، خص المشاركين في العملية، قائلا: «كل التحية للمشاركين في عملية فأمكن منهم من منتسبي قواتنا المسلحة والمتطوعين وقبائل الجوف ولكل المجاهدين الأبطال في كافة الجبهات».

محاذير وطنية
كما أبرز متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، التزام العملية محاذيرا وطنية، وقال: «حرصنا على مراعاة المناطق المأهولة بالسكان أثناء تنفيذ المهام العملياتية وبما يسهم في الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين جميعًا، وملتزمون في حفظ الأمن والاستقرار بمدينة الحزم حتى تسليمها للجهات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية».
وأضاف: «وضعنا المناطق الأثرية التاريخية في الاعتبار أثناء تنفيذ العملية وسنظل ملتزمين في الحفاظ على تلك المواقع حتى استلامها من قبل الجهات المختصة». منوها بأن:
«المواقع الأثرية والتاريخية تعرضت للتدمير الممنهج من قبل العدوان ومرتزقته خلال السنوات الماضية وبإمكان الوسائل الإعلامية زيارة تلك المواقع».

خسائر العدو
في المقابل، كشف متحدث القوات المسلحة عن تفاصيل دحر عملية «فأمكن منهم» ما يسمى «المنطقة العسكرية السادسة» لتحالف العدوان ومرتزقته في محافظة الجوف. وقال: «قوات العدو في محافظة الجوف كانت تتكون من منطقة عسكرية كاملة تدعى بالسادسة إضافة إلى 6 ألوية و3 كتائب للمرتزقة السلفيين ومجاميع شرطة».
مُضيفا في بيان خسائر تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ومرتزقته: «أدت العملية إلى تكبيد قوات العدو خسائر فادحة حيث قدرت الخسائر البشرية حتى اللحظة بأكثر من 1200 مرتزق ما بين قتيل ومصاب وأسير». وأردف: «سقط في قبضة الجيش واللجان الشعبية خلال عملية «فأمكن منهم» أسرى سعوديون».

ألوية عسكرية
ورغم حشد تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي 14 لواء عسكريا وكتائب المنطقة السادسة ومحور الجوف، إلا أنها سقطت أمام استبسال وبطولات الجيش واللجان الشعبية والشرفاء من قبائل المحافظة الأحرار، واضطر الناجون من منتسبيها للفرار مخلفين وراءهم كميات كبيرة من الآليات والمعدات العسكرية والأسلحة الحديثة المتنوعة والذخائر.
حشد تحالف العدوان في جبهات الجوف: لواءً سعودياً يدير عمليات المنطقة السادسة كاملة من المجمع الحكومي في الحزم، بقيادة اللواء الركن عبدالحميد المزيني، قائد تحالف العدوان في مارب، واللواء 101 مشاة، اللواء 155 مشاة، اللواء 122 مشاة، اللواء 127 مشاة، اللواء 22 مشاة، اللواء التاسع مشاة، اللواء 161 مشاة، اللواء 89 مشاة، اللواء 147 مشاة.
يُضاف إلى هذه القوات العسكرية لتحالف العدوان ومرتزقته التي حشدها إلى محافظة الجوف، وفقا لبياناتهم، لواء معين، لواء الحسم، اللواء الأول حرس حدود، اللواء التاسع حرس حدود بين الجوف وصعدة. وجميعها لم تستطع الصمود أمام عزيمة وبسالة إقدام وتضحيات أبطال الجيش واللجان الشعبية، وإيمانهم بعدالة قضيتهم.

العمق السعودي
لكن خسائر العدو لم تتوقف عند هذا الحد، وفق ما كشفه متحدث القوات المسلحة، قائلا: «تلقى العدو السعودي ضربات موجعة رداً على تصعيده العسكري البري والجوي في معركة تحرير الجوف». كاشفا عن مشاركة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير بعدد 60 عملية، استهدفت 39 منها العمق السعودي.
وأضاف: «شاركت القوة الصاروخية بست عمليات استخدمت صواريخ نكال وقاصم وبدر الباليستية، ونفذ سلاح الجو المسير 54 عملية خلال العملية العسكرية فأمكن منهم، منها 33 عملية استهدفت عدة أهداف عسكرية واقتصادية سعودية». مؤكدا أن «العدو تكبد خسائر كبيرة في العتاد والأرواح إضافة لخسائر اقتصادية جراء استهداف منشآت حيوية لها علاقة بصناعة النفط والغاز».
متحدث القوات المسلحة، تابع قائلا: «لن يستطيع العدو التكتم أكثر عن عمليات سلاح الجو المسير وعن تداعياتها المباشرة وغير المباشرة». التي تعهد بكشفها قائلا: «سنكشف في الوقت المناسب تفاصيل العمليات التي استهدفت العمق السعودي والأضرار التي لحقت بالمنشآت العسكرية منها والاقتصادية». لافتا إلى أن ما تم استهدافه في العملية «كانت ضمن بنك الأهداف لقواتنا التي سبق وأن أشرنا إلى عددها في مؤتمرات صحفية سابقة».

حقوق الأسرى
إلى ذلك، كشف متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع عن تسليم العديد من المرتزقة أنفسهم لقوات الجيش واللجان الشعبية. وقال: «وجدنا المئات من المرتزقة يلجأون إلى الفرار ضمن تفاعلهم الإيجابي مع خطوات قواتنا المسلحة في التعامل معهم للنجاة من الموت المحقق».
وأضاف: «عدد من قادة المرتزقة الميدانيين أفصحوا عن رغبتهم في ترك المواجهات خلال العملية والانسحاب ولهذا ساهمت قواتنا في تحقيق ذلك». مردفا: « متحدث القوات المسلحة: مستمرون في تنفيذ التوجيهات القاضية بمنح المرتزقة الفرصة الكاملة للنجاة وسنعمل كل ما بوسعنا من أجل الحفاظ على أنفسهم ودمائهم».
العميد يحيى سريع، أكد التزام قوات الجيش واللجان الشعبية بحفظ كامل حقوق الأسرى، وقال: «ملتزمون في تنفيذ التوجيهات المتعلقة بالأسرى وبما يمليه علينا واجبنا الديني لا سيما تجاه إخواننا من المرتزقة اليمنيين». وأضاف: «توجيهات من رئيس هيئة الأركان اللواء الركن محمد الغماري بالسماح للأسرى اليمنيين بالكشف عن مصيرهم لأسرهم من خلال التواصل بأهلهم وذويهم».
وشدد متحدث القوات المسلحة، على حرص الجيش واللجان الشعبية على الدماء اليمنية، بما فيها دماء من يقاتلون في صفوف تحالف العدوان، وقال: «حريصون على دماء المرتزقة اليمنيين وعليهم كذلك أن يكونوا أكثر حرصًا على دمائهم بترك القتال في صفوف الغزاة والمحتلين والعملاء والخونة».

أبعاد العملية
تتكسب عملية «فأمكن منهم» أبعاداً عسكرية وسياسية واقتصادية عدة، أشار متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، إلى أبرزها، وقال: «بتحرير محافظة الجوف نكون قد أكدنا قدرتنا على فرض معادلات جديدة في واقع جغرافي مختلف وفي أكثر من جبهة وخلال فترة قياسية»
وأضاف: «قواتنا تنفذ بكفاءة عالية كافة المهام العملياتية بعد أن تمكنت بعون الله من الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم ضمن الاستراتيجية العسكرية الشاملة». مؤكدا أن «النجاحات المستمرة ترجمة فعلية لما أشار اليه السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي بشأن ما تحققه قواتنا من إنجازات على كافة الأصعدة».

رقعة الانتصار
في هذا، تأتي عملية «فأمكن منهم»، بعد أقل من شهر على عملية «البنيان المرصوص» التي استطاعت القوات المسلحة فيها التصدي لتصعيد قوات العدوان ومرتزقتهم وتجاوز الدفاع إلى الهجوم، وتحرير مساحة 2500 كيلو متر مربع، تشمل مديرية نهم بالكامل في محافظة صنعاء، وأجزاء واسعة وهامة من محافظتي مارب والجوف.
ولا تقل عملية «فأمكن منهم» إنجازاً بجميع المعطيات العسكرية والجغرافية والجيوسياسية والجيوستراتيجية، عن عملية «البنيان المرصوص» وقبلها عملية «نصر من الله» الكبرى في المحور الشمالي، والتي حررت مناطق في صعدة ونجران بمساحة 350 كم2. علاوة على عدد الألوية التي سقطت في العمليتين بكامل عتادها ومنتسبيها.
على أن هذه الانتصارات المتلاحقة للجيش واللجان الشعبية في زمن قياسي، وبجانب كونها تعكس الإرادة السياسية والثورية والعسكرية لتحرير اليمن كاملا من قوات العدوان والغزو والارتزاق، تظهر حجم الهزيمة التي يكابر تحالف العدوان في إنكارها، رغم اقراره بها في قرارة نفسه وردود فعله.
تتجلى هذه الهزيمة المتحققة لتحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني في العجز عن إحراز أي نصر عسكري حقيقي، وبعدما كانت جحافل قواته ومرتزقته على بعد كيلومترات محدودة من العاصمة صنعاء صارت اليوم على بعد مئات الكيلومترات منها وأقرب إلى العمق السعودي من صنعاء.

دلالات فارقة
يؤكد هذا الإنجاز العسكري والانتصار المتنامي في ظل فارق العتاد والعديد الشاسع بما لا يقاس بين قوات الجيش واللجان الشعبية وقوات وأموال نحو 17 دولة، بينها الأغنى عالميا والأعتى تسليحا والأقوى تفوقا تقنيا وتكنولوجيا؛ يؤكد التمكين الإلهي لأهل الحق ووعده بنصرهم.
الأمر الذي يجسد الإيمان بقوة الله والثقة في قدرته عز وجل واليقين في نصره المظلومين والمستضعفين وأهل الحق المؤمنين به، وليس أدنى مظاهر هذا الإيمان أسماء العمليات العسكرية للجيش واللجان الشعبية، واستقاؤها جميعها من كلام الله في كتابه العزيز القرآن الكريم.
في حين تعكس أسماء عمليات قوات تحالف العدوان والغزو والاحتلال «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» و«الرمح الذهبي» و«السهم الذهبي» و«السيف الحاسم» وغيرها، حالة الارتهان لقدرة واهواء المخلوق وعقيدة الاستكبار وطباع التجبر والغرور، والإيمان بالمال المكتسب بالظلم والطغيان.

متغيرات كبرى
بالوصول إلى المتغيرات الميدانية، تغيرت خارطة السيطرة، وتمكنت القوات المسلحة، في عملية «فأمكن منهم» من تحرير مديريات: خب الشعف (32,510 كم)، الحزم (1600 كم2)، باستثناء أجزاء من صحرائهما، برط العنان (1,586 كم2)، المصلوب (359.70 كم2)، الغيل (151.20 كم2)، الخلق (92 كم2)، وأجزاء كانت تحت سيطرة المرتزقة في كل من مديريات برط رجوزة (998.80 كم2)، وبرط العنان (1,586 كم2)، والمتون (417.80 كم2) تحررت بالكامل بعدما كان المرتزقة يسيطرون على 70%.
استطاعت عملية «فأمكن منهم» تحرير ما يقارب 35 ألفاً و924 كيلو متراً مربعاً من مساحة ست مديريات في محافظة الجوف ونصف مساحة مديرية سابعة استطاع العدو غزوها واحتلالها بمعاونة معسكرات تابعة لتجمع الإصلاح (الإخوان) منذ ما قبل العدوان، هي مديريات: خب والشعف، الحزم، المتون، المصلوب، الغيل، الخلق، ونصف مديرية برط العنان. وجزءا في شمال مديرية الزاهر، جبهة سلسة جبال حام الممتدة من الحزم مرورا بالمتون.
تُضاف هذه المديريات التي جرى تحريرها بالكامل في عملية «فأمكن منهم»، إلى (3571 كم2) إجمالي مساحة 5 مديريات ونصف مديرية برط العنان، بقيت حرة وعجزت قوات العدو عن غزوها. وهي مديريات المطمة (738.70 كم) والزاهر (135.70 كم2) والحميدات (512.30 كم2)، وبرط رجوزة (998.80 كم2) وبرط المراشي التي تسمى أيضاً برط خراب المراشي (392.30 كم2).
وبهذا الانتصار فقد باتت محافظة الجوف محررة بالكامل، عدا أجزاء محدودة من صحاري مديرتي الحزم وخب الشعف اللتين تمثلان 82% من مساحة محافظة الجوف، وتؤكد المصادر العسكرية، أنها باتت محاصرة من القوات المسلحة، وفي طريقها للتحرير باعتبارها منطقة صحراوية منبسطة، ولا تمثل تهديدا عسكريا، كما هي الحال مع جغرافية باقي المديريات المحررة.

عمق حضاري
تعتبر محافظة الجوف من أهم موطن الحضارة اليمنية، قامت فيها حضارة معين اليمنية القديمة التي قامت قبل الميلاد بنحو 1500 عام على اقل تقدير وفق نتائج عمل البعثات الآثرية العلمية واكتشافاتها حتى الآن، وتُصنف لذلك «من أغنى المناطق التاريخية بالكنوز الأثرية، وعُرفت في اليمن القديم بجوف المعينين»، الذين أسسوا فيها إحدى أهم الممالك اليمنية القديمة والأشهر بروابطها التجارية مع العالم، وشيدوا معابدهم ومساكنهم حتى ضمت إلى مملكة سبأ في النصف الثاني قبل الميلاد.
وتضم المحافظة رغم ما طالها من تدمير ونهب ممنهج لآثارها من السعودية، معالم أثرية وتاريخية عدة، أبرزها في مديرية الحزم: «مدينة قرناو عاصمة مملكة معين، أسوار وأبواب المدينة، مدينة خربة أل علي، مدينة كمنهو (خربة كمنة)، معبد النصيب، مدينة نشن (خربة السوداء)، معبد عُثتر (بنات عاد)، مدينة نشق (خربة البيضاء)، قرية السلمات، جبل اللوذ، منطقة المساجد، منطقة القارة، ومن أبرز المواقع الاثرية والتاريخية في مديرية برط العنان يأتي جبل برط بحصونه وأطلال وخرائب القلاع.
وتضم مديريتا خب والشعف والمطمة، مواقع أثرية وتاريخية عدة، أبرزها: وادي الشظيف، قبيلة أمير، مدينة حنان، معبد يغرو، نقوش الاعتراف، وتعرضت على مدى عقود لعمليات استكشاف وتنقيب عشوائي ممول من السعودية، دمت كثيرا من المواقع ونهبت آلاف القطع الأثرية اليمنية المعينية والسبئية والحميرية، التي شيدت لها المملكة متحفا للتراث الوطني ونسبت معظم القطع الأثرية إلى ما سمته «خربة سعود» كما لو أن سعود رمز حضاري ضارب في عمق التاريخ وعاصر ملوك اليمن وتبابعته.!

أهمية استراتيجية
تكتسب محافظة الجوف علاوة على كونها أرضاً يمنية يجب تحريرها من أي غزو أو احتلال أجنبي والدفاع عنها، أهمية استراتيجية ترجع إلى عوامل جغرافية وأخرى جيولوجية، فهي تقع على حدود مع السعودية بنحو 20% من طول الحدود البرية معها، ما يكسبها حساسية بالغة، دفعت الرياض إلى ممارسة سياسة التوسع في أراضيها والاستقطاع المستمر منها عبر سياسة نشر نقاط أمنية ثم تحويلها إلى معسكرات، ضمن نهج «الابتلاع الاخطبوطي» القائمة عليه المملكة، منذ نشأتها بحد السيف والنهب.
كما أن الجوف من الناحية الجغرافية، رابع أكبر محافظات اليمن، تقع على مساحة إجمالية تبلغ 39495 كم مربعاً، شمال شرق العاصمة صنعاء وتبعد عنها مسافة (170 كم)، وترتبط بخمس محافظات يمنية، فتحدها من الشمال محافظة صعدة، ومن الشرق صحراء الربع الخالي التي تستحوذ عليها السعودية ومحافظة حضرموت، ومن الغرب محافظتا عمران وصعدة، ومن الجنوب محافظتا مأرب وصنعاء. ما يجعل تحرير المحافظة أحد مسامير دك مخطط تقسيم اليمن، وصمام أمان وحدة كيانه ونسيجه.
وهذا يعني بتقدير المراقبين السياسيين، ومنهم زيد الغراسي «تأمين العاصمة صنعاء بشكل أكبر من جهة شمال شرق العاصمة، وإفشال مخطط العدوان الساعي لفتح جبهة في عمران وحرف سفيان انطلاقا من الجوف، وإسقاط مشروع تقسيم اليمن الذي كان يسعى لتحقيقه الأمريكيون تحت مسمى الأقاليم، كما أن عمقا جديدا من الأراضي السعودية أصبح تحت رحمة الجيش واللجان الشعبية». علاوة على أن استعادة الجوف معنويا «ستزيد من حالة الإحباط واليأس لدول العدوان ومرتزقتهم وسينعكس ذلك انهيارا لهم في بقية الجبهات».
في هذا السياق، يشير الغراسي إلى أن تحرير محافظة الجوف بالكامل يعني «الوصول إلى مشارف مدينة مأرب يمثل تهديد وجودي للعدوان الذي يعتبر بقاؤها تحت سيطرته مسألة حياة أو موت لضرورة استمرار مشاريعه التأمرية على البلد، وهذا ما ظهر في استنفار العالم ومجلس الأمن ووصول قوات أمريكية وسعودية وزيارة مارتن غريفيث إلى مارب بعد استعادة الجيش واللجان الشعبية للجوف». الأمر الذي تؤكده معطيات الميدان وساحات الجبهات وتواصل إحراز انتصارات وتقدم بات يطوق عاصمة مارب.

ثروات كامنة
يُضاف إلى ما سلف من عوامل الأهمية الاستراتيجية الفارقة لتحرير محافظة الجوف، تحرير ثروات المحافظة الكامنة فيها والمتجاوزة مساحة أراضيها الزراعية، إلى الثروات النفطية والغازية وفرص الانتفاع منها، بعد عقود من إهمالها وتعطيلها المفروض من السعودية عبر حظر نشاط شركات التنقيب والاستخراج الأجنبية في المحافظة، ومساومتها بعروض بديلة في المملكة، ولهدف ابقاء محافظة الجوف بدائية محرومة من عوامل التطور والخدمات الحضرية وتبعا ابقاء سكانها فقراء محرومين وبدائيين يسهل ترويضهم وإخضاعهم بأدوات نفوذ في السلطة المحلية والإغراءات المالية.
ووفقا لدراسات اقتصادية روسية وأمريكية منشورة، فإن «محافظة الجوف تمتلك مخزونا كبيرا من النفط الاستراتيجي»، وتحرير المحافظة من قوات تحالف العدوان ومرتزقته ومن أدوات النفوذ والهيمنة السعودية، يعني بنظر المراقبين «القضاء على أطماع السعودية التاريخية في نهب نفط الجوف، وضربة للمشروع الامريكي الذي سعى لتجميد استخراج النفط من المحافظة بتواطؤ من عفاش منذ عشرات السنوات» وفق الكاتب السياسي زيد الغراسي، وأخرين، يرون أن السعودية فقدت جيبا يؤمن حدودها وجوفا نفطيا.

أصداء سياسية
حظي تحرير الجوف بأصداء سياسية وشعبية واسعة، ما تزال متواصلة، وقد بارك عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي النصر الجديد لقوات الجيش واللجان الشعبية، مع بدء أولى ثمار العملية وتحرير مركز المحافظة مدينة الحزم في الثالث من مارس الجاري، وقال: «نبارك للشعب اليمني الصامد دحر الغزاة ومرتزقتهم من الجوف». مضيفا: «كما نبارك للقوات المسلحة والأمن واللجان ما تحقق على أيديهم من انتصارات. ونبارك لأبناء ومشائخ وشخصيات وقيادات محافظة الجوف على الإنجاز الذي شاركوا بتحقيقه».
محمد علي الحوثي، تابع في تغريدة على حسابه في «تويتر» نشرها مع بواكير الانتصارات المحققة لعملية «فأمكن منهم» بتحرير المركز الإداري لمحافظة الجوف وأهم معاقل قيادة تحالف العدوان وتجمع الإصلاح (الإخوان)، مدينة الحزم، قائلا: « ‏كل ما تحقق بفضل الله ونعمته، وبالشكر العملي في مواجهة العدوان وغزوه». بالتزامن مع إقرار مسؤولين في حكومة مرتزقة الرياض بالهزيمة في الجوف، وسط احتدام تبادل الاتهامات بين فصائل مرتزقة تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي بالتسبب في وقوع هذه الهزيمة أو «الانتكاسة» حسب وصفهم.
من جهته، أكد ناطق «أنصار الله» ورئيس الوفد الوطني في مفاوضات السلام محمد عبد السلام: أن «تحرير كل شبر محتل وتطهير الأرض اليمنية من المحتلين والعملاء إرادة جماهير شعبنا اليمني، وعملية تأمين حزم الجوف مثالٌ على ذلك» معبرا عن «شكر الله سبحانه وتعالى على توفيقه العظيم وتسديده في عملية فأمكن منهم» ومباركا للشعب اليمني نجاح هذه العملية المباركة.
وتابع عبد السلام، قائلا: إن «جماهير شعبنا اليمني بعد عملية تأمين حزم الجوف أشد حزما وعزما على مواصلة استكمال تحرير باقي المناطق اليمنية المحتلة». مضيفا: «بالثقة بوعد الله لعباده المؤمنين فلن يقف أحد أمام الإيمان الواعي وإرادة التحرر لشعبنا اليمني وإصراره على استعادة الدولة اليمنية كامل السيادة والاستقلال».

استمرار التحرير
الأمر الذي أكده متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره الصحافي، قائلا: «نؤكد إرادتنا الصادقة للمضي قُدمًا في امتلاك أسباب القوة للدفاع عن شعبنا وحماية بلدنا، وعازمون على أداء واجبنا الديني والوطني لتحرير كافة أراضي الجمهورية حتى تحقيق الاستقلال الكامل ودحر العدوان الخارجي ورفع الحصار».
العميد يحيى سريع، أكد أيضاً التزام القوات المسلحة بتوجيهات السيد القائد، وقال: «ملتزمون بما ورد في خطاب السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة جمعة رجب ولدينا الثقة الكاملة بنصر الله وتأييده وعونه». مضيفا: «اليمن القادم هو يمن الحرية والاستقلال يمن العدالة والكرامة، ونؤكد تأييدنا المطلق لكافة الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة».

جبهات مشتعلة
عزم القوات المسلحة على تحرير كامل اليمن، تؤكده المعطيات الميدانية ومجريات المعارك في مختلف جبهات الداخل وجبهات ما وراء الحدود، إذ تتواصل الانتصارات المتحققة في تحرير محافظة مارب، باتجاه تطويق قوات الجيش واللجان الشعبية عاصمة المحافظة، واقتران اقتحامها بقرار سياسي من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، وتوخيهما حقن الدماء وفرص بسلام.
وبالمثل، جبهات الدفاع على امتداد الساحل الغربي، تزداد قوة وثباتا في الدفاع عن سيادة البلاد، والتصدي لمحاولات قوات الغزو والاحتلال ومرتزقتهم إحراز أي تقدم، وكسر زحوفهم، مع الالتزام باتفاق ستوكهولم المبرم في مملكة السويد، لإعطاء الجهود والمساعي الأممية لإحلال السلام فرصة أكبر، رغم خروق قوى العدوان المستمرة للاتفاق.
بالتزامن تشهد جبهات البيضاء وغيرها، تحقيق انتصارات كبيرة لقوات الجيش واللجان الشعبية في تحرير المناطق الخاضعة لاحتلال قوات تحالف العدوان والغزو السعودي الإماراتي الأمريكي، وتكبيدهم خسائر إضافية، مادية وبشرية، في العتاد والعديد، وإحباط مخططاتهم بكل ما سخرت لها من إمكانات عسكرية وتقنية ومالية غير محصورة.

درب الاستقلال
وبجانب انعكاسات الانتصارات العسكرية المتلاحقة على قوات العدوان والغزو والاحتلال، في شحذ معنويات اليمنيين وتعزيز ثباتهم وصمودهم في التحدي والتصدي، دعا متحدث القوات المسلحة إلى الاستمرار في رفد جبهات الدفاع. وقال: «نهيب بكافة شرفاء وأحرار بلدنا العزيز في مختلف المناطق إلى المشاركة الفعلية بمعركة التحرر والاستقلال».
في المقابل جدد متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، مخاطبة المغرر بهم والمخدوعين والمتورطين ممن يقاتلون في صفوف تحالف العدوان، وقال: «نؤكد دعوتنا المستمرة لمن تبقى من الخونة والعملاء من مرتزقة العدوان إلى تغيير مواقفهم المخزية والانتقال إلى الصف الوطني». في الدفاع عن سيادة الوطن ووحدته واستقلال قراره وكرامة شعبه.

المرتزقة الأجانب
في السياق، أعلن متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع عن أولوية خاصة للقبض على المرتزقة الأجانب لتحالف العدوان في اليمن، على نحو يحيلهم على صيد يدر عائدا ماديا لمن يصطادهم، وقال: «إلقاء القبض على قادة المرتزقة أو على أي جندي أو ضابط من جنسيات أجنبية أصبح ضمن أولوياتنا خلال المرحلة القادمة».
وأضاف: «كل من يساهم في القبض على أي قائد من قادة المرتزقة المحليين أو الأجانب بغض النظر عن درجته سيحظى بالرعاية والاهتمام إضافة إلى مقابل مادي كبير». مردفا: «العرض يشمل بالدرجة الأولى المرتزقة كفرصة ثمينة أمامهم للحصول على مقابل مادي يساوي ما كانوا سيحصلون عليه من العدوان خلال عدة سنوات قادمة». مردفا: «كل من يلقي القبض على أي أجنبي يشارك في صفوف العدوان أو أي قائد من المرتزقة ويسلمه لقواتنا سيجد ما وعدنا به فور تنفيذ المهمة».

 

عملية “فأمكن منهم” المعلومات والتفاصيل الكاملة

قد يعجبك ايضا