في رحاب شهيد القرآن
عبدالفتاح علي البنوس
لم يكن غالبية اليمنيين على معرفة بمضامين ومكنونات مشروع المسيرة القرآنية الذي يحمله الشهيد المؤسس السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، وكاتب الصدور كان ضمن هذه الغالبية، قسونا كثيرا على هذا المشروع ومؤسسه وتحاملنا على أنصاره، وسرنا خلف أطروحات النظام السابق، وتماشينا مع ما كان يطرحه ويروج له من أكاذيب، إلى أن تجلت الحقيقة، وجاءت الأحداث العاصفة بالساحة السياسية، الأحداث التي أزالت اللبس والغموض، وفضحت زيف وخداع النظام، وأظهرت حقده وإجرامه الذي تجسد في الحروب الست التي شنها ضد الشهيد المؤسس وأنصار الله في صعدة، وما صاحبها من قتل للأنفس ونهب للممتلكات العامة والخاصة وتدمير وتخريب للمنشآت والمنازل والمزارع.
هذه الحروب الظالمة المستبدة الإجرامية وما رافقها من اعتقالات تعسفية وتقييد للحريات العامة والخاصة والسعي لوهبنة ودعشنة محافظة صعدة خاصة واليمن عامة، في مواجهة المسيرة القرآنية وأنصار الله، ومواجهة شعار البراءة الذي أزعج البيت الأبيض وتل أبيب ودفعهما لإصدار التوجيهات للنظام الحاكم في اليمن لشن الحروب العدوانية على محافظة صعدة، من أجل إسكات (المكبرين) والقضاء عليهم ومنعهم من ترديد الشعار في مساجد صعدة والجامع الكبير بصنعاء، حيث عمل النظام على اختلاق المبررات والأكاذيب لشن حروبه على الشهيد المؤسس وأتباعه في مران، بعد أن أدرك بأن مبرر شعار “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، لن يكون في مصلحته، ولن يجد القبول لدى الشارع اليمني، الذي يمقت السياسة الأمريكية ويعادي الكيان الإسرائيلي واللوبي اليهودي، ويرفض مشاريعهما الاستعمارية الإجرامية، فساقوا مبررات كاذبة، حيث قالوا بأنه ادعى الإمامة، وبأنه أعلن التمرد على الدولة، وأنه يقوم بجمع الزكاة والضرائب وموارد الدولة في مران، وأنه رفع شعار حزب الله، وصور الإمام الخميني، وغيرها من المبررات التي ساقها النظام لتبرير عدوانه .
ينبطحون للأمريكي والإسرائيلي ويجاهرون لهما بالولاء والطاعة، ويتقربون إليهما، ويتوددون لهما، ويعتبرون رفع صور الإمام الخميني وأعلام حزب الله خيانة وطنية وقومية!! هذه المبررات السخيفة دفعت النظام السابق – بدعم سعودي – إلى إعلان الحرب على صعدة واستهداف الشهيد المؤسس الذي ارتقى شهيدا بعد أن حاصره البغاة في جرف سلمان وخرج إليهم جريحا حفاظا على سلامة أفراد أسرته ورفاقه، حيث باغته البغاة برصاصاتهم الغادرة على جسده الطاهر ليرتقي شهيدا، ملتحقا بجده المصطفى والإمام علي والحسن والحسين وبأعلام الهدى الذي فازوا بوسام الشهادة في سبيل الله، ولم يكتف النظام حينها بقتل الشهيد المؤسس رضوان الله عليه، فذهب إلى إخفاء جثته ودفنها في مكان مهجور داخل ساحة السجن المركزي بصنعاء، ظنا منه بأنه سيميت ذكره وسيمحو أثره، ويحجب فكره وثقافته ومنهجه ومشروعه القرآني المحمدي، ولكن مشيئة الله كانت الغالبة، حيث اضطر نظام المبادرة الخليجية للكشف عن مكان دفن جثة الشهيد المؤسس، وبعد التأكد من هوية الجثة، شهدت محافظة صعدة أكبر جنازة عرفها اليمن في 6يونيو 2013م حيث شاركت الجموع الغفيرة من مختلف المحافظات في وداع الشهيد المؤسس رضوان الله عليه .
واليوم ونحن نعيش في رحاب ذكرى الشهيد القائد نقف وقفة إجلال مع صاحب هذه الشخصية الفذة، والعقلية النيرة، الشخصية التي أدرك اليهود قيمتها ومكانتها وما تحمله من فكر وثقافة ومنهجية قرآنية نورانية، وشعروا بخطورتها عليهم وعلى مشاريعهم الاستيطانية الإجرامية العدوانية، ومن أجل ذلك سعوا من أجل الخلاص منها، والقضاء عليها، من خلال أدواتهم وأذرعهم في صنعاء والرياض، أرادوا وأد المسيرة القرآنية في مهدها باستهداف الشهيد القائد، ولكنهم بقتله، حولوا دمه الطاهر إلى طوفان هادر يجرف عروشهم ويزلزل أركانهم، وها هي المسيرة القرآنية تحت قيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، تشع أنوارها وتعلن حضورها على مستوى العالم، مبددة دياجير الظلم و الكهنوت والإجرام والتسلط والاستبداد والاستعباد، على خطى الشهيد المؤسس، وفي رحاب ثقافته المحمدية ومنهجه القرآني ومساره الثوري المناهض للظلم والتسلط والجور والفساد والوصاية والعمالة والخيانة والارتزاق .
بالمختصر المفيد، إنها مشيئة الله التي اقتضت لهذه المسيرة القرآنية كل هذا التمكين والانتشار في مختلف الأرجاء تخليدا لمؤسسها الشهيد القائد رضوان الله عليه، الذي جاد بروحه الطاهرة من أجل الوصول إلى اللحظة الفارقة التي ينتشر فيها هدي الله، ويتثقف الناس بثقافة القرآن التي تنير لهم دروبهم وتبصرهم بما لهم وعليهم، وبما يدور حولهم، رحم الله الشهيد المؤسس وطيَّب الله ثراه ولا نامت أعين القتلة الجبناء .
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .