زبيد.. بين إهمال الحكومات وعبث الأهالي

> وصل الحال في مدينة زبيد التاريخية حداٍ لا يمكن السكوت عنه أو غض الطرف عما يحصل من انتهاكات بحق التراث والقيمة الحضارية لهذه المدينة وكثرت خلال هذه الأحداث الاتهامات بين الجهات ذات العلاقة كل يرمي بالمسؤولية على غيره ولكن الحقيقة الواضحة للعيان هي استمرار أعمال العبث والتخريب بحق هذه المدينة العظيمة فكيف ينظر أهالي زبيد لمستقبل مدينتهم وهل هم فعلاٍ كما يقول الكثير من المختصين والمسؤلين لا يريدون أن تظل القيمة التاريخية لمدينتهم وبالتالي يمارسون العبث والتشوية ضاربين بعرض الحائط كل النداءات الدولية والتحذيرات التي تطلق للحفاظ على المدينة أين تكمن المشكلة من وجهة نظر المواطن في زبيد ومن يتحمل مسؤولية ما جرى ويجري في المدينة¿

يقول الأخ عبدالله محمد رسام: ليس المواطن في زبيد هو السبب فيما حصل للمدينة وإنما السياسة التي اتبعها المسؤولون سواءٍ في صنعاء أو الحديدة كانت سبب كل الكوارث في زبيد فالناس وبشكل بديهي بحاجة إلى التوسع.. طيب قالوا مدينة توسع جديدة خارج المدينة وإلى الآن خمس سنوات ولم يتم فيها شيء مجرد كلام مدينة التوسع الجديدة فيها أراضُ مملوكة للناس قالوا سيقوم بتعويضهم ولكن لم يتم شيء ماذا يعمل الناس¿ أين يذهبون¿ هل تظل الأسر تتكاثر وتكدس جميعها في تلك البيوت الصغيرة أم تتوسع في المنازل¿ وهذا ما يحن إليه المواطنون كل شخص يريد أن يزوج ابنه أين يذهب به ولا يوجد لديه الإمكانية لشراء قطعة أرض خارج المدينة والبناء عليها أو البناء بالنمط التقليدي القديم على البيت القديم في زبيد ولهذا نقول أن السياسة التي اتبعتها الحكومة على مدى السنوات الماضية وربما منذ دخول زبيد في قائمة التراث العالمي كانت مدمرة فرضت علينا نحن أبناء زبيد أن نمارس سلوكيات غير لائقة بحق مدينتنا فمنذ العام 1993م ماذا عملت الدولة للحفاظ على مدينة زبيد هل يوجد أثر لمشاريع نفذت منذ تلك الفترة¿! أتحدى من يقول أن الدولة عملت مشاريع حفاظية رغم الملايين التي تصرف باسم زبيد.

السوق القديم أطلال وخرائب.
وأكد رسام أن الدولة ساهمت بشكل واضح في تخريب زبيد مثلاٍ السوق القديم في المدينة كان إذا أراد شخص أن يفتح “دكانه” يخرج العسكر ويقبضون عليه ويزجونبه في السجن حيث وصلت توجيهات بهجر السوق القديم ونقله إلى سوق جديد خارج المدينة “السوق المركزي” وها هو السوق القديم أطلالاٍ وخرائب بفضل تلك السياسة الخاطئة التي مورست. الأدهى من ذلك أن بعض النافذين يقومون بشراء الدكاكين بأسعار زهيرة كونها لم تعد تستخدم ويقومون بتخريبها والبناء على أنقاضها بنايات بالأسمنت والخرسانة المسلحة على مرأى ومسمع من الجميع واستغرب رسام من كثرة الجمعيات والمراكز المعنية بالحفاظ على زبيد وكلها في المدينة وكذا الجمعيات التي تحد من الفقر ولكن لا نتيجة على أرض الواقع أبداٍ. ويقول الأخ محمد عبده حسن بغدادي: أنا مضطر إلى أن أبني بالطرق الحديثة بلكا واسمنت لأنها أرخص ولأنني لا أملك الإمكانيات التي تجعلني أعمل على البناء بالنمط التقليدي حتى عندما قالوا مدينة توسع جديدة خارج المدينة كل هذا الكلام كذب ولعب “هرج ومرج” فعندما يذهب أحدنا للبناء في مدينة التوسع الجديدة إما أن يقال له هذه الأرض مملوكة أو هذه الأرض حديقة أو هذه الأرض مدرسة أو مستشفى ويعود على الفور للبناء فوق بيته بالمدينة القديمة أو جوارها أين يذهب ولديه ملك وهو مضطر من سيجعله يحافظ على تاريخ منزله.
المسؤلون هم من دمروا زبيد
والتقينا أيضا الوالد محمد عبدالله العاشوري وسألناه عن رأيه فيمن يقول أن أبناء زبيد يقومون بتخريب مدينتهم حيث قال: هذا الكلام غير صحيح ومنافُ للحقيقة فالمسؤولون هم من دمروا زبيد لا يدركون سوى كلمة واحدة “ممنوع” ولكن حاجات الناس والنظر فيها وتوفير ما يحتاجون إليه من بدائل هذا لا يعرفونه. لكن ممنوع.. وعساكر تذهب وتروح لماذا وما هو الجرم أنك تريد أن توسع مسكنك أو تستبدل حمامك أو تبني جدارا بدلا عن ذلك الجدار الذي تهدم بفعل الأمطار أو السيول بينما المتنفذون وأصحاب المال من أبناء المدينة يبنون كما يشاؤون بل يعتدون على الشوارع والساحات العامة وتجد أجهزة الدولة التي تسلط على المسكين لا تحرك ساكنا ضدهم ونحن كأبناء زبيد نريد ونحب أن تظل مدينتنا تاريخية وتبقى رائعة من روائع التراث الإنساني ضمن قائمة التراث العالمي ولكن لنا كبشر حقوقا ضرورية وملحة وعلى الدولة واجبات لم تف بها فكيف نعمل¿ مثلا جدار أو سور المنزل تخرب بفعل الأمطار هل أتركه حتى تأتي الدولة لتبنيه لي وهذا مستبعد طبعا وأترك أهلي مكشوفين أم أبنيه بالياجور وبالتالي أحتاج إلى إمكانيات لا أستطيع توفيرها ماذا أعمل إذن أقوم بالبناء السهل بلك وخلاص وأستر أسرتي وإذا كانت الدولة تريد حفاظاٍ وهذا أيضا مستبعد فعليها أن تلبس ذلك السور من البلك بمادة الياجور.

البناء التقليدي مكلف جدا
وأكد العاشوري أن البناء بالطرق التقليدية مكلف جدا حيث يلزم لبناء أجزاء من سور يقدر بأربعة أمتار أو خمسة طولا وأربعة ارتفاع من شهرين إلى ثلاثة أشهر أجرة البناء ثلاثة آلاف ريال يوميا والعامل 1500 ولمدة شهرين كل يوم يعمل رصتين فقط بينما البلك قد يعملها بنصف يوم وخلاص حتى مادة الياجور غير متوفرة.. وأشار العاشوري إلى أنه كان يملك (دكاناٍ) في السوق القديم وكان يقتات منه بشكل يكفيه وأسرته ولكنهم أي الدولة وتحديداٍ المجلس المحلي قاموا بإغلاق المحلات في السوق القديم بالقوة ومنهم دكانه وأرغموه على الانتقال إلى السوق الجديد خارج المدينة. وعن ملكية السوق الجديد أو المركزي كما يحلو لسكان زبيد تسميته أجاب العاشوري يقال إنه يتبع التعاونيات ولا ندري أين تذهب الفلوس التي يتم تحصيلها في هذا السوق.
مظلوم من ينصفه
ومن بعيد جاء مواطن يصرخ بأنه وقع عليه ظلم ويسأل من ينصفه إنه المواطن سليمان محمد الزخلي يقول الزخلي: قاموا برصف الشارع الذي يوجد به بيتي ولكنهم وصولوا إلى مقابل منزلي وتوقفوا واستأنفوا العمل من بعد منزلي تاركين مقابل منزلي بدون رصف ولا حتى عملوا لمنزلي منفذا لتصريف مياه المجاري أو الأمطار والآن المياه كلها تعود إلى منزلي والآن منزلي أصبح مهددا بالسقوط بحجة أن سطح الأرض مقابل منزلي منخفض ولي جار لديه نفوذ ولديه مال منزله ملاصق لمنزلي تماما ولكن رصفوا الشارع المقابل لمنزله وأصلحوا له المجاري وتصريف المياه فلماذا لم يعملوا نفس الشيء معي لا أدري مع أننا في نفس مستوى الشارع ولهذا نقول إن المجلس المحلي والجهات الأخرى الرسمية تتعامل مع الناس وفق معايير خاصة هذا فقير هذا غني ومطلوب منك أيها الفقير وحدك تحافظ على مدينتك وتزدحم مع أسرتك في غرفة واحدة مهما كان حجم أسرتك ياريت والأمر على هذا النحو بل إذا لحق بك الضرر فيجب عليك السكوت والإذعان ما لم فمدير الأمن كفيل بحبسك وإسكاتك إرضاء لمن هم أغنى منك.
تصريف مياه الأمطار مشكلة
وهنا يؤكد المهندس صالح القباطي مهندس مشروع الرصف أن المواطن سليمان فعلا وقع عليه ظلم ومنزله متضرر جدا وليس السبب مشروع الرصف أو القائمين عليه بل السبب هو جاره الذي قام بسد المنافذ أمامه لتصريف المياه فقد جرت العادة منذ سنوات أن منزل سليمان تتصرف منه المياه إلى منزل جاره وكل المنازل في زبيد على هذا الشكل تصريف المياه فيها من منزل إلى آخر وهذا العرف معمول به بالمدينة ومنذ القدم وبالتالي يكون جاره هو من ظلمه وليس مشروع الرصف وتتحمل الجهات المختصة في المجلس المحلي وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية المسؤولية إذ كيف سمح لهذا الجار أن يسد المنافذ أمام جاره سليمان ونحن لا نستطيع أن نعمل له تصريف لأن المياه لا تعود إلى فوق فمنزله منخفض جدا عن الشارع. وأوضح القباطي أن هذه المشكلة لا يعاني منها سليمان بمفرده فهي مشكلة موجودة في كثير من المنازل في زبيد مما اضطر الناس إلى أن يقوموا بتصريف المياه إلى المجاري وهو ما سبب حدوث انهيارات لعدد من المنازل في شهر رمضان الماضي مثلا لم يتم رصف شارع رغم أنه ضمن مشروع الرصف في ساحة القلعة والسبب أن أحد المخالفين سد مخرج المياه وإذا تم مواصلة الرصف على هذا الشكل سوف يحصل ضرر على منازل عدد من المواطنين ولهذا تم توقيف الرصف.
من جانبه يقول مشرف الرصف عبدالله الدروبي إن مشروع الرصف جاء على مشاكل قائمة ويتم بقدر الإمكان إيجاد حلول فنية لها ولكن هناك مشاكل يستعصي حلها تماما خاصة فيما يتعلق بتصريف مياه الأمطار فقد كان العرف السائد منذ القدم أن هذا التصريف يتم من منزل إلى آخر ولكن إذا أردنا تصريف مياه الأمطار إلى الشوارع فهناك مشاكل كثيرة سوف تقع من ضمنها أن مستوى السطح غير متساوُ فهناك أماكن عالية وأخرى منخفضة أماكن عالية تحتاج إلى حفر ليتم مساواتها مع أماكن منخفضة قد يكون الحفر لمستويات عميقة جدا تتعلق فيها أساسات المنازل وبالتالي تتعرض المنازل للخطر وهذا ما لا يمكن أبدا القيام به لأن مهمة الرصف هو الحفاظ على المنازل وفعلا الوضع خطير في زبيد. ويأتي أحد أبناء زبيد وعلى الفور يقاطع مشرف الرصف وهو الوالد عدنان غالب ليقول أنا أيضا متضرر من الرصف فقد عمل القائمون على الرصف على تجميع التراب بأكوام هائلة جداٍ أمام منزلي وفي الأرضية التابعة لي وعندما أردت منهم قالوا لي سمح لنا فقط لفترة وجيزة ونحن سوف نأخذ هذا التراب إلى خارج المدينة ولكنهم أكملوا الرصف وغادروا حولنا المطالبة ولكن لم يسمعنا أحد أثناء الحاجة كانوا يتوسلون لي كي أسمح لهم بوضع التراب ووسطوا لكثيرين وتعهدوا بدفعه وبعد أن أكملوا حاجتهم لم يعودوا حتى ينصتوا لي والآن أنا وأبنائي نتحمل عناء نقل هذا التراب لنزيل الضرر عن منزلنا وإلا ستتسرب مياه الأمطار إلى المنزل ويومياٍ نأمل من ينصفنا¿ المهمشون مشكلة تضاف لزبيد
والتقينا أيضاٍ الأخ عبدالله محمد سيعد السولة رئيس جمعية تنمية المهمشين في زبيد والذي أكد أن المهمشين يمثلون أبرز المشاكل التي تعانيها المدينة فهم موجودون في منازل عشوائية داخل المدينة القديمة ومنذ سنوات طويلة ويتم الحديث عن حفاظ ومدينة توسع جديدة بمعزل عن المهمشين وما يحتاجون إليه كون منازلهم من أبرز التشوهات التي تعانيها المدينة وهم موجودون من أماكن حساسة من باب الشباريق حيث يتقبلون كل زوارالمدينة وأيضاٍ أمام باب النخل غرب المدينة وأمام باب القرطب جنوب المدينة القديمة وأعدادهم تتجاوز الـ«200» أسرة فلماذا لا يتم بناء منازل لهم أسوة لنظرائهم في صنعاء باب اليمن والذين بنيت لهم مساكن في سعوان مؤكداٍ أن جمعيته قدمت الكثير من المقترحات للسلطة المحلية والجهات المعنية بالتراث في زبيد ولكن لا أحد تفاعل مع الموضوع. لافتاٍ إلى أن الجمعية تهتم بالتعليم وتنمية الإنسان المهمش وذلك إدراكاٍ منها بأن الإنسان المهمش إذا تعلم ممكن يتغير والعكس صحيح. وطالب الدولة بضرورة إيجاد حلول عاجلة لإنقاذ المدينة يكون المهمشون جزءاٍ منها.

قد يعجبك ايضا