كلية بلقيس أضخم خزان استراتيجي لليمن ..يروي تجربتها العريقة الأستاذ فضل ردمان


> طلاب بلقيس قادوا مسيرة راجلة من الشيخ عثمان إلى كريتر لإسقاط المجلس التشريعي

> الكويت قدمت ميزانية لبلقيس بعد الاستقلال..والعراق ساهم بالمناهج والمدرسين والإسمنت
> كلية بلقيس دعمت ثورتي سبتمبر وأكتوبر بالمال والرجال..وخريجوها يسهمون في بناء اليمن

> 24جماعة ثقافية ورياضية و”4 أسر تاريخية” لتعزيز حرية الإبداع وروح الانتماء لليمن

حاولنا في حلقة الأمس إلقاء بعض الأضواء الكاشفة على صفحات زاهية من تجربة كلية بلقيس في عدن ..وذلك من خلال حوارنا مع الأخ الأستاذ فضل ردمان محمد المدير الإداري المالي الأسبق للكلية والذي كشف العديد من الحقائق المرتبطة بأضخم صرح علمي وتربوي ووطني رأى النور يوم 16أكتوبر 1961م.. ومن هو صاحب فكرة “بلقيس” وأسماء المساهمين والمتبرعين لتأسيسها وأنصارها وأساتذتها ونظامها ومناهجها ومراحلها ..وكيف أصبحت الكلية في زمن قياسي أهم قلعة تقدمية للعلم والمعرفة فتحت أبوابها لأطفال وفتيان وفتيات اليمن حتى تردد عليها نحو عشرة الآف طالب وطالبة في غضون ثماني سنوات من عمرها.
وفي هذا الجزء الثاني من الحوار نترك الأستاذ فضل ردمان يكمل السباحة في بحر” بلقيس” ويرسم لوحة بديعة لكيفية تعزيز روح الانتماء لأسرة بلقيس الكبيرة ودورها الوطني في دعم ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين بالمال والرجال معددا ما قدمته الكلية من مخرجات للمجتمع اليمني.. أبرز مظاهرها مئات الكوادر البشرية المتخرجة من أرقى الجامعات والمعاهد العربية والأجنبية.وعندما نقترب من خاتمة الحوار نجد الأستاذ فضل يضعنا في أتون أفعال التيارات السياسية الجارفة التي أدت إلى وضع نهاية محزنة لمشهد جميل بدأ قبل 52عاماٍ .. واليكم المحصلة:

روح الانتماء
* ..كيف ربطت الكلية العملية التربوية والتعليمية بحاجات المجتمع وغرس الوعي الوطني لدى طلابها وطالبتها ¿
– في واقع الأمر كانت بلقيس عبارة عن مؤسسة ضخمة جدا للتعليم ونشر المعارف بين أبنائها من خلال تلقيهم لمناهج دراسية متطورة ومتقدمة مع اهتمام كبير في ممارسة مختلف الأنشطة المدرسية داخل الكلية وجعلها جزءاٍ مكملاٍ للمقررات بهدف اكتشاف مهارات الطلبة والطالبات و تنميتها وصقلها ومن ثم غرس قيم التعاون والمحبة والاحترام والاعتماد على الذات والتنافس الشريف وتعزيز روح الإنتماء..وقد تم ربط تلك الأنشطة بالحياة العملية خارج الكلية ولهذا الغرض كانت في بلقيس نحو ( 24 ) فرقة أو جماعة ثقافية ومسرحية وموسيقية وصحافة مدرسية واجتماعية وفنون تشكيلية وكشفية ورحلات دورية للتعرف على البيئة والمعالم التاريخية والاقتصادية في عدن والمناطق المجاورة لها .ومن مظاهر الأنشطة الأخرى التي كانت قيام لجان من الطلاب والطالبات تخصصت بإجراء بحوث على جميع المؤسسات والهيئات الاجتماعية والتعليمية وقد وثقت بالصور والإحصائيات وكان يتم مراجعتها من قبل عميد الكلية ونائبه.. وتميزت بلقيس دون غيرها بتأسيس أربع أسر أعضاؤها من كل فصل يمارسون شتى الفعاليات الرياضية والشبابية . ( يقصد بالأسر الأربع..”السبئية” بلونها الأصفر وترمز إلى الحضارة الأم سبأ و”اليزنية” بلونها الأحمر وتجسد أسطورة البطل اليمني سيف بن ذي يزن و”الخالدية” بلونها الأخضر وتذكر برجال الفتوحات الإسلامية ومنهم خالد أبن الوليد في الشام والجزيرة العربية أما الأسرة الرابعة فتمثلت بــ “الطارقية”..بلونها الأسود وترمز إلى فترة الفاتح طارق بن زياد في غرب وشرق أفريقيا ) .
في انتفاضة الزحف
* عودة إلى مذكرات الأستاذ الحبيشي.. فنجده يشير إلى أن كلية بلقيس كانت موئلا رفيعا للوطنيين الذين أسهموا بشكل فاعل ومؤثر في مسار ثورتي سبتمبر وأكتوبر..ما أبرز مظاهر المشاركة غير المعروفة لكثيرين ¿
– من مفخرة “بلقيس” أنها خاضت أكثر من معركة في وقت واحد.. فإلى جانب رسالتها التربوية والتعليمية..لعبت دورها الوطني بكل مسؤولية..وكانت جزءاٍ مهماِ من نضال وتراث الشعب اليمني في سبيل رفع شأنه واستعادة كرامته وحريته واستقلاله ووحدته. ولو عدنا لنستعرض أسماء المؤسسين وأبناء الكلية وأعضاء هيئتها التعليمية وأنصارها الذين سبق وان أشرت لهم في الإجابة السابقة سنجد أننا نقف في هذه اللحظة إجلالاٍ وتقديراٍ أمام قامات وهامات وطلائع الحركة الوطنية منذ ظهورها في عدن في أربعينيات القرن المنصرم..فهؤلاء الرواد حملوا مشاعل الحرية والتنوير وساهموا بكتاباتهم وصحفهم وتواصلهم في تعريف العالم بالقضية اليمنية ثم قادوا التحولات الوطنية عام 1962م ولعل أبرز مظاهر الدعم لثورتي سبتمبر وأكتوبر سبق ذلك قبل قيامهما..فعندما دعا المؤتمر العمالي بقيادة الأستاذ عبد الله عبد المجيد الاصنج إلى “انتفاضة الزحف المقدس” يومي 23 و 24 سبتمبر 1962م خرج طلبة كلية بلقيس في مسيرة ضخمة جابت مدينة الشيخ عثمان ثم توجه الطلبة الكبار مشيا على الأقدام إلى مدينة كريتر وانضموا إلى الجماهير الغاضبة التي تحدت الإجراءات الأمنية وزحفت على المجلس التشريعي الواقع نهاية ” شارع أروى” وهي تهتف بسياسة التفرقة العنصرية بين اليمنيين حيث أسقطت بالفعل المشروع الذي حرم أبناء الشمال من خوض الانتخابات ..وقد أصيب العديد من طلبة بلقيس كغيرهم من جماهير الشعب بجروح جراء استخدام سلطات الاحتلال البريطاني العنف والرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع.
دعم سبتمبر وأكتوبر
* ويضيف فضل ردمان مستطرداٍ :
– وكان رجال كلية بلقيس من أساتذة وطلاب أول من لبوا نداء “ثورة سبتمبر” حين استجابت عمادة الكلية برئاسة المستشار حسين الحبيشي لطلب حكومة الثورة في صنعاء لرفدها بعدد من الوزراء سواء من هيئة التدريس في الكلية أو من أنصارهاولم يتأخر الرد..فكان أول من غادر عدن الأستاذ علي أحمد الأحمدي الذي أصبح أول وزير للإعلام والإرشاد القومي في أول حكومة للثورة..والأستاذ أحمد حسين المروني الذي عمل في إذاعة صنعاء ثم وزيراٍ للإعلام والتربية والأستاذ قاسم غالب الذي تقلد منصب وزير التربية والتعليم ونائب لوزير الأوقاف.. والأستاذ محمد انعم غالب تولى حقيبة التربية والتعليم والأستاذ محمد عبدالعزيز سلام عين وزيراٍ للخارجية والأستاذ عبد العزيز عبدالغني كان وزيراٍ للصحة وآخرون.. علاوة على هذا كان الأستاذ الحبيشي خلال الأعوام الأولى لثورة سبتمبر يذهب إلى صنعاء بدعوة من المشير عبد الله السلال رئيس الجمهورية وإخوانه آنذاك لمساعدتهم في وضع القوانين واللوائح وبعد أن ترك الكلية في1968م أصبح الحبيشي المستشار القانوني في صنعاء.
* ثم يقول :
– ومن الحقائق الأخرى أن كلية بلقيس كانت في بداية عهدها بوابة الشمال إلى العالم الخارجي لطلب المنح الدراسية للشباب في الجامعات الفرنسية والبريطانيةولا أنسى في هذا الصدد الإشارة إلى دور الأستاذ المناضل عبد الله عبد المجيد الأصنج الذي كان رئيسا للمؤتمر العمالي في عدن وله علاقات مع كثير من الدول فقد خص كلية بلقيس بعدد من المنح الدراسية لطلابها أو لغيرهم من الطلاب القادمين من شمال الوطن في ذلك الوقت..ولم تقتصر مساهمة بلقيس في دعم ثورة سبتمبر بالوزراء والمنح الدراسية..بل تجاوزت ذلك إلى قيام عمادة الكلية بحشد الدعم المادي وجمع التبرعات من التجار في عدن..والمشاركة في عملية إرسال قوافل المتطوعين من الشباب إلى صنعاء للالتحاق بالحرس الوطني.. وكثيرون من طلاب بلقيس الكبار تركوا مقاعد الدراسة وذهبوا إلى صنعاء منهم من أصبح ضابطا في الجيش..وآخرون عادوا إلى الكلية بعد حل الحرس الوطني ..كما أن طلاب وأساتذة بلقيس كانوا على الدوام في الصفوف الأولى للمسيرات والمظاهرات المؤيدة لثورة سبتمبر والمنددة بسياسة الاستعمار والرجعية العدائية للنظام الجمهوري..وذات المواقف الوطنية جسدتها أسرة بلقيس الكبيرة مع ثورة 14 أكتوبر.. فما إن أعلن عن اندلاع شرارة الكفاح المسلح من ردفان عقب استشهاد الشيخ راجح لبوزة..حتى بدأ التفاعل مع حدث كهذا.. تجلى ذلك في البداية من انخراط عدد من أعضاء هيئة التدريس بالعمل التنظيمي للجبهة القومية أبرزهم الأستاذ عبد الفتاح إسماعيل الذي عمل مدرساٍ متطوعاٍ دون أجر وكان وزير الثقافة وشؤون الوحدة في حكومة الاستقلال وفي فترة لاحقة شغل الأستاذ عبد الله عبد الرزاق باذيب منصب وزارة الثقافة والتربية والتعليم وتولى الأستاذ حسن أحمد السلامي وزارة التربية والتعليم..ونظراٍ لظروف العمل السري..فقد اتضح أن عدداٍ من أعضاء هيئة التدريس والطلاب الكبار كانوا قد انخرطوا في صفوف الجبهتين القومية والتحرير والاتحاد العام لطلبة اليمن.. ومشاركة الطلاب والطالبات بالمظاهرات ضد الاستعمار خارج أسوار الكلية وكذا طبع المنشورات الثورية داخلها .
الجيل الذهبي
* هل لديك تفاصيل أكثر عن مخرجات الكلية للمجتمع ¿
– الحديث عن هذا الموضوع يطول ويتشعب..وباختصار يمكنني القول أن مخرجات كلية بلقيس كان هدفها في الأول والأخير مواجهة حاجات المجتمع والمشاركة في تغيير الواقع وصنع الحياة على أرض اليمن من أقصى مكان في المهرة إلى آخر نقطة في صعدة..والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة من ساحات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. ولو أخذنا مثلاٍ الدفع الأولى التي أنهت دراستها الإعدادية والثانوية في كلية بلقيس تخرجت بتفوق من أرقى الجامعات والمعاهد العربية والأوروبية والأمريكية والصينية خلال عقد السبعينيات وستجد معظمهم من حملات الشهادات العليا من البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.. وقد أصبحوا من كبار الأطباء والمهندسين ورجال الاقتصاد والقانون والتعليم والتاريخ والأدب والصحافة والإعلام والفنون والعلوم السياسية والعسكرية ينتشرون في كل مؤسسة ووزارة وهيئة.. زراعية.. اقتصادية.. صناعية.. جامعية.. نفطية.. كهرباء ومياه وسواها من المجالات في شتى الميادين والحقول والتخصصات حتى السياسية وهنا ك وزراء وسفراء وأساتذة جامعات وشعراء مرموقين ورؤساء مؤسسات ومستشارين ووكلاء ورؤساء أحزاب ..ونظرا لكثرتهم سوف أورد أسماءهم في كتابي عن التعليم وتجربتي في كلية بلقيس في عدن والمدرسة الأهلية في صنعاء إن شاء لله قريباٍ.
بلقيس بعد الاستقلال
* في 30نوفمبر 1967م تحقق الاستقلال الذي أحدث تحولات وتطورات جديدة مست مختلف مناحي الحياة بما في ذلك حقل التعليم..ولم تكن كلية بلقيس بعيدة عن التأثيرات..حدثنا عن أبرز مظاهرها وكما عشتها ¿
– بالطبع مثل إعلان استقلال الشطر الجنوبي من الوطن في ثلاثين نوفمبر من عام 1967م أعظم يوم في تاريخ اليمن.. فقد رأيت الفرحة طاغية على وجوه الكبار والصغار برحيل آخر جندي بريطاني من عدن وشارك أبناء بلقيس من أساتذة وإداريين وطلاب الاحتفالات الجماهيرية التي جرت في مدينة الشعب وكان اسمها قبل الاستقلال مدينة الاتحاد..يومها كان الشعب يرى في الاستقلال الوثبة الكبرى لقيام دولة الوحدة القوية وتحقيق مجتمع الرخاء والتقدم والازدهار وإحياء اللحمة الوطنية بعد الاقتتال بين الجبهتين القومية والتحرير في شوارع الشيخ عثمان والمنصورة ودار سعد وغيرها.. كان اليمنيون يتطلعون إلى وضع نهاية سريعة لكل ما أصاب المجتمع من آثار سلبية ومخلفات اجتماعية واقتصادية وسياسية ومظاهر الجهل والتخلف الناجمة عن 129عاماٍ من الاحتلال البريطاني.. لكن تلك الأحلام سرعان ما اصطدمت بانفراد الجبهة القومية في الحكم والتي بدأت عهدها كما هو معروف بفرض رؤيتها ونهجها على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها فبدت الأوضاع غير مستقرة..وساد شعور بين الناس بعدم الاطمئنان للتوجهات الجديدة..خاصة بعد انفجار الخلافات داخل قيادة الجبهة القومية حول مستقبل النظام الجديد.. وبحكم ارتباط الأستاذ حسين الحبيشي بعلاقة صداقة وزمالة مع الأستاذين فيصل عبد اللطيف الشعبي وعبد الفتاح إسماعيل..فقد سمعت منه انه التقاهما أكثر من مرة.. وكان يرى أن الحكم الجديد ينبغي أن يحافظ على الوحدة والنسيج الاجتماعي ومراعاة تطورات العصر وتلبية طموحات الشعب اليمني في الوحدة والاستقرار.. وأن ينهج النظام سياسة الاعتدال ويمد يده للتعاون مع كل الخصوم ودون إبعاد أو إقصاء لأحد..لأن حكومة الجبهة القومية تواجه تحديات مالية واقتصادية وليس بمقدورها على مواجهتها بمردها.. وكما عرفت من الأستاذ الحبيشي أن فيصل وعبد الفتاح كانا يتفهمان وجهة نظره إلاِ أن هناك أطرافا لم يرق لها ذلك واعتبرت أن كل شي ينبغي أن يخضع لتوجيهات ونهج الجبهة القومية الثورية..ولابد من إعادة البناء لكل ما كان قائماٍ أيام الاستعمار..ومن هنا بدأ الخلاف مع أقطاب الجبهة القومية..إلى حد أن الأستاذين الحبيشي ومحمد أنعم تعرضا للحجز في احد أقسام الشرطة في الشيخ عثمان وتم إطلاق سراحهما بتدخل من فيصل عبداللطيف وعبدالفتاح اسماعيل.
الهجرة إلى الشمال
* وفي أية ظروف ترك الأستاذ الحبيشي عدن وبلقيس ¿
– في بداية عام 1968 حدث تطور غير مسبوق في تاريخ بلقيس فقد قام بعض الأساتذة والطلاب المنتمين للجبهة القومية بإحداث فوضى حيث استولوا على إدارة الكلية..وفي تلك الأثناء قرر الأستاذ الحبيشي ترك عدن..وأتذكر أنني ذهبت بصحبة الأخ عبد الله احمد شهاب إلى الأستاذ فيصل عبد اللطيف للحصول على تصريح يسمح للعميد ومعه الأستاذ محمد انعم غالب بالسفر عن طريق مطار عدن إلى جيبوتي ومنها إلى صنعاء..وبالفعل كنت في وداعهما بمطار عدن كان ذلك عشية حركة 20 مارس 1968مضد الجناح اليساري في الجبهة القومية والذي أصيب فيه الأستاذ عبدالفتاح اسماعيل ثم حدوث تمرد في أبين بقيادة سالم ربيع علي وقام الجيش بملاحقة المعارضين للرئيس قحطان الشعبي.
* ماذا قال لك الأستاذ الحبيشي عند مغادرته ¿
* الحقيقة انه كان حزيناٍ لما يحدث في عدن وبلقيس أيضا.. قال لي.. يا فضل.. ما فيش فائدة من البقاء هنا الجماعة لا يريدون إلاِ قولهم وسيقودون البلد إلى كوارث..وأنت والأخوة في الكلية حاولوا إدارة شؤونها والمحافظة عليها بما تقدرون.. أما الأستاذ محمد أنعم فقد قال تعلقيه الساخر :”حِمِى وحكم عربي لا ينسجمان”.
* وماذا بعد ¿
– بعد سفر الأستاذ الحبيشي تعرضت للملاحقة من قبل الأمن في عدن لنحو ثلاثة أشهر..وانتهت تلك المضايقة بوقوف صديقين جارين لنا هما الأخ العميد محمد ناصر صالح الذي كان ضابطا بالجيش ومازال على قيد الحياة والأخ العميد صادق حيد المدير الحالي للأمن في محافظة عدن..وبالمناسبة كان الأستاذ عبد العزيز عبد الغني قد حاول إقناع قادة الجبهة القومية قبيل الاستقلال بقيام نظام وحدوي جديد يلم الجميع..لكنه تعرض لمضايقات فترك عدن في يونيو1967م..وقام بتهريبه إلى الشمال عن طريق معبق الأستاذ سعيد قائد أحمد الذي غادر هو الأخر عدن إلى تعز في يونيو 1968م.وهكذا ..ومع مرور كل عام كانت الحالة داخل بلقيس تتدهور إذ ساد مناخ سياسي يتسم بالترهيب والترغيب مما اضطر معظم الإداريين والتربويين في بلقيس لترك عدن إلى الشمال..منهم على محمد حيدر وعبد الرحيم الأهدال وعبد الجبار هائل عبد الولي وفارع عبده فارع العزعزي وعمر الدهبلي وعبد الودود سيف العريقي.. وآخرون لا أتذكرهم الآن.
* هل خلاف الأستاذ الحبيشي مع قادة من الجبهة القومية سببه تعاطف العميد مع جبهة التحرير كما قد يظن البعض ¿
– لا..لا.. الأستاذ الحبيشي ليس له أي انتماء سياسي لا لجبهة التحرير ولا لغيرها كان شخصية مستقلة برأيه ورجل ليبرالي هاجسه الأول والأخير هو تعليم أبناء اليمن ومستقبل الوطن ووحدته وإشاعة المحبة والتسامح والإخاء والتعاون والمساواة بين الجميع..كان يحب اليمن بدون حدود.. أتذكر عندما كنت أرافقه في بعض رحلاته الخارجية إلى بريطانيا ومصر والسعودية ما إن نصل عاصمة هذه الدولة أو تلك حتى يقول لي:”اذهب واحجز على أي طائرة للعودة إلى اليمن”..وكان المستشار الحبيشي مع الخلاف في الرأي الذي يبني اليمن وليس مع الصراعات التي تؤدي إلى التمزيق والانقسام داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد كما يحدث في أيامنا هذه مع الأسف .
تمرد في “بلقيس”
* وما حكاية الفوضى في الكلية التي ألمحت إليها ¿
– صمت برهة وقبل أن يرد وجدت الأستاذ فضل ردمان يطلعني على تقرير بخط الأستاذ نصر محمد أحمد العريقي الأمين العام للكلية..تضمن العديد من الحقائق حول ما آلت إليه الأوضاع في “بلقيس”..من تفاصيله : أن كلية بلقيس تعرضت في العام الدراسي1967- 1968م للتمرد والفوضى من قبل المدرسين في الكلية حيث استولوا على إدارة الكلية وطردوا الهيئة المشرفة عليها والعميد ونائبه..وتولى بعض المدرسين قيادة الكلية لذلك العام..إلاِ أنهم فشلوا في تسيير شؤونها حتى أنهم عجزوا عن توفير المرتبات للعاملين والمصروفات الأخرى للكلية ..مما جعل وزارة التربية والتعليم في عدن آنذاك أن تستدعي هيئة التربية والتعليم اليمنية المشرفة على بلقيس وتطلب منها العودة للكلية والقيام بمهام الإشراف عليها كما كانت سابقاٍ.
>>>>>>

قد يعجبك ايضا