يمتلك اليمن الحبيب عدداً من المبدعين والمبتكرين في داخل البلد وخارجه يكافحون من أجل رفع اسم بلدهم عالياً، فيقدمون أفكاراً تذهل الجميع، ولكن هذه الأفكار وتلك الإبداعات تظل في أغلب الأحيان حبراً على ورق أو في أحسن الأحوال شهادة تقدير وبراءة اختراع تحفظ الحق الفكري ولا تدعمه ليرى النور كمنتوج يتم استخدامه والاستفادة منه.
في هذا اللقاء استضفنا المهندس صالح عصبة أحد الباحثين والمصممين في مجال الطاقة البديلة والنظيفة والذي صمم عدة نماذج في هذا المجال وشارك ببعضها في عدة معارض وفعاليات وطينة، ليحدثنا عن أهم أعماله فإلى التفاصيل:
الثورة / هاشم السريحي
هل يمكنك إعطاء القارئ الكريم نبذة عن اختراعاتك؟
– قبل أن أجيب على سؤالك اسمح لي أن أوضح لك وللقارئ الكريم أنه في الوقت الحاضر لم يعد هناك شيء اسمه اختراع في الغالب؛ بل ابتكار طريقة جديدة داخل منتج تم اختراعه في السابق، أو الربط بين عدة أفكار مختلفة في فكرة واحدة، أو الجمع بينهم، أو عمل إبداعي جديد يتميز عن غيره بعناصر جديدة، أو عمل استباقي جديد لم يسبق لأحد أن عمله في فكرته أولاً و في مجاله ثانياً؛ والذي من خلاله سوف يخلق شيئاً جديداً وخدمة جديدة غير معروفة سابقاً يستفيد الناس منها حالياً ومستقبلاً. وفي هذا الحالة يسمى اختراع جديد كالاستمطار الصناعي الأيوني الذي يبعث أيونات على السحب التي تكونت (بمشيئة الله) في محيطه فتسقط الأمطار.
أعود إلى سؤالك: كما أسلفت في البداية هناك عدة أعمال عملتها وصممتها منها:
العدسة المائية المعلقة التي شاركت بها في المعرض الأول للطاقة الشمسية بكلية الزراعة بجامعة صنعاء في العام 2016م وبعض من وحدات الطاقة الشمسية كسخانات تدفئة المسابح بأنواع عدة.
كما شاركت أيضاً في المعرض الثالث للاختراعات بكلية الهندسة بجامعة صنعاء في العام 2017م بعدة أعمال إبداعية جديدة منها آلة تدوير نفايا البلاستيك التي تقوم بمعالجة وتدوير مخلفات البلاستيك وإعادتها إلى خامتها الأولى.
كما شاركت في المعرض بسخان مياه شمسي متعدد الأغراض كان فيه حلول لمشكلة السخانات الشمسية التقليدية الموجودة حالياً, يمتاز هذا السخان عن غيره بتصميمه الفريد وخفة وزنه وحجمه الصغير الذي لا يحتاج إلى مساحة كبيرة؛ حيث أن وحدة جامع حرارة الشمس و خزان المياه دمجا في وحدة واحدة, وواحدة من مميزاته عدم تأثر درجة حرارة المياه الساخنة بالمياه الباردة الداخلة إليه عند سحب المياه الساخنة منه ليلاً, أي أنه يعطي المستخدم كامل المياه الساخنة المخزنة بداخله 100 % وهذه الميزة التي فيه تجعل أفراد الأسرة يستخدمون كمية المياه الساخنة التي بداخله كاملة لعدة فترات أثناء الليل وفي البرد القارس دون أن تنخفض درجة حرارة المياه الساخنة الموجودة فيه بعكس السخانات الشمسية التقليدية التي ينخفض فيها نسبة درجة حرارة المياه الساخنة بداخله من أول سحبه للمياه. هذا السخان الجديد ممكن أن ينتج في عدة أحجام من 50 إلى 300 لتر.
يستخدم هذا السخان الجديد على نطاق واسع في عدة مجالات كمزود للمياه الساخنة لاستخدامها مباشرة أو تخزينها وتحويلها إلى طاقة حرارية للتدفئة والتبريد. ويستخدم هذه السخان في الأماكن التالية: المنازل, المباني, النوادي الصحية, الفنادق, المستشفيات, المسابح ,المطاعم, المصانع و المزارع ومزارع الدواجن الخ..
وماذا عن تربين الرياح الذي حصلت من خلاله على براءة اختراع من وزارة الصناعة والتجارة؟
– قمت بتصميم تربين الرياح هذا (تربين رياح وجاذبية متعدد المولدات) الذي يمتاز عن غيره بتصميمه الفريد حيث أنه وحدة هجينة يستعمل مصدر قوة الرياح ووزن كتلة الجاذبية الأرضية لتوليد طاقة كهربائية مضاعفة. وهذا المصدر من الطاقة لم يعمل أو يستخدم من قبل وهي وزن كتلة الجاذبية الأرضية.
ويشمل تربين الرياح هذا على ستة مولدات تعمل كلها سوياً في وحدة واحدة يدوران بدوّارين محوريين مع مجموعتين من الأنصال (شفرات المراوح) واللذين يدوران في اتجاه معاكس فيما بينهما. هذا العمل الجديد سُمي بـ (WT1G4) ويتضمن على ثلاثة ابتكارات جديدة بداخله في تصميم واحد, سميت بالنماذج التالية: (WG1) ,(WG4),(WT1G1) كل واحد من هذه النماذج مختلف عن الآخر. هذا التصميم الجديد (WT1G4) يمكن أن يُنتج بعدة أشكال وأحجام مختلفة من الكيلووات إلى الميغاوات ويستهدف هذا التصميم الجديد (WT1G4) إنتاج طاقة كهربائية فوق 18 ميغاوات.
تم منح تربين الرياح هذا براءة اختراع من مكتب الملكية الفكرية بوزارة الصناعة وتم تسجيله في موقع الأمم المتحدة للتبادل الإبداعي العالمي وهو موجود في الشبكة العنكبوتية تحت اسم:Wind & Gravity Multi-generators Turbine .
ما الذي يمكن أن يقدمه تربين الرياح هذا للمجتمع؟
– الفائدة من هذا المنتج الجديد كالتالي:
• توليد كهرباء مضاعفة بفضل قوة الرياح ووزن كتلة الجاذبية الأرضية.
• استغلال وزن كتلة الجاذبية الأرضية كمصدر تقني جديد لم يعمل من قبل في مضاعفة توليد الكهرباء تضاف إلى مصادر الطاقة الأخرى المعروفة.
• الحصول على طاقة إنتاجية عالية لستة مولدات بكلفة أقل بفضل تجميعها في وحدة واحدة بدلاً من ستة مولدات متفرقة على ست وحدات كل واحدة منفصلة عن الأخرى.
• الحصول على توفير مساحة أقل لتنصيب ستة مولدات في مكان واحد بفضل جمعها في وحدة واحدة بدلا من تنصيب ستة مولدات في ستة أماكن متفرقة.
• الحصول على صيانة لستة مولدات بكلفة أقل بفضل جمعها في وحدة واحدة.
وسوف يستفاد من هذا المنتج عند إنتاجه بالنسبة للأحجام الصغيرة: أصحاب المنازل, المباني, المصانع, المزارع, المستشفيات, الفنادق, السوبر ماركات و المولات الخ…
الأحجام الكبيرة: إنارة المجمعات السكنية والطرق, المدن, المنشآت والمصانع الكبيرة الخ…
ما هي الصعوبات التي تواجهك؟
– هناك عدة صعوبات تواجهنا ويتم التغلب عليها؛ لكن أهم تلك الصعوبات عدم توفر الدعم اللازم لمثل هذه الأعمال لعمل الأبحاث والتطوير والتصاميم النهاية لها إلى إيداعها وتسجيلها في مكتب الملكية الفكرية, كل تلك الأعمال المرجو دعمها نقوم بها بجهود ذاتية, وقد يتطلب العمل للبعض منها إلى عدة سنوات حتى نقوم بإنجازها, وهذا بحد ذاته متعب لنا من حيث الجهد والوقت والمال, ولو كان هناك برامج دعم لمثل هذه الأعمال لكان الأمر مختلفاً تماماً، ولأصبحت تلك الأعمال حقيقة ملموسة لدى المواطن في زمن قصير, فمثلاً الآن بعد أن تم تسجيل تربين الرياح وحصوله على براءة اختراع, نواجه مشكلة كيف نعمل له النموذج الأولي قبل الإنتاج, ولو كان هناك برامج دعم أو جهات داعمة لكنّا قد أنجزنا النموذج الأولي له مع عمل التجارب والحسابات البيانية التقنية الأولية له بطريقة علمية سليمة يفهمها المستثمرون والمصنعون في الداخل أو الخارج، ولأصبح الآن منتجاً جاهزاً ومطلوباً من قبل شركات عالمية مصنعة لمثل هذا, ويدرّ موارد مالية على البلاد حتى ولو نحن لم نقم بتصنيعه في الداخل، أهم شيء أن نعمل له النموذج الأولي الذي لن يكلفنا سوى 1 % مما سوف يدّره من موارد مالية على البلاد.
كلمة أخيرة تريد أن تقولها:
– تعتبر الطاقة البديلة النظيفة بكل أنواعها اليوم هي الشغل الشاغل والمطلب الأول لدول العالم التي سخرت كل إمكانيتها العلمية والمالية لتطويرها، والاستثمار فيها يعد من أولويات الدول الصناعية والدول النامية وحتى الدول الفقيرة على حد سواء؛ كون الطاقة البديلة أصبحت اليوم مطلب الجميع والشيء الجديد منها يعتبر اليوم أم الاختراعات وأهمها مقارنةً بالمجالات الأخرى كالغذاء والدواء والصحة والبنية التحتية الصناعية والخدمية بما فيها الإبداعات والاختراعات بأنواعها وأشكالها كل ذلك لن تقوم بدون الطاقة.
ولذا على الجهات المعنية أن تركز على إقامة برامج عدة, مثلاً في الجامعات والمراكز العلمية والمعاهد الفنية لدعم الأبحاث والتطوير في مجال الطاقة البديلة وغيرها وعلى وجه الخصوص الأعمال الإبداعية منها وصولاً إلى التصنيع أسوةً ببرنامج مسابقة رواد المشاريع الابتكارية التي تقيمه وزارة الصناعة والتجارة مشكورة سلفاً بإقامتها مثل هكذا مسابقات والتي تعتبر الخطوة الأولى والشمعة المضيئة في هذا الطريق, فطريق الألف ميل تبدأ بخطوة.