حاتم شراح
يترجل الفارس وهو في عنفوان الشباب وفي قمة العطاء ولولا ذلك المرض الذي لازمه لأكثر من عشر سنوات لأثرى المكتبة الشعرية بعشرات الدواوين ولكن هو الموت وكما قيل :
الموتُ نقاد على كفهِ
جواهر يختارُ منها الجِياد
وفعلا الشاعر الكبير فيصل البريهي من الشعراء القلائل الذين برعوا في القصيدة العمودية بنفس البراعة في القصيدة الشعبية ، وله قصيدة رائعة في المجلد السابع للأستاذ حسن عبدالله الشرفي ، كما أن له من الشعر الشعبي الديوان الرائع بروق الخريف الذي يعد من الدواوين التي تمثل الشعر الشعبي في أعظم تجلياته أما فيما يتعلق بالقصيدة العمودية فهو فارسها الذي لا يجارى ودواوينه من النضج بحيث تجد أنه من أساتذة القصيدة العمودية وهو من مدرسة الأستاذ حسن عبدالله الشرفي فيما يتعلق بتقنيات القصيد وممن تأثر بهم وسار على نهجهم كثير من الشعراء الشباب والذاكرة لا تسعفني أن أتذكر الجميع غير أن هناك من الشعراء من لا يوغل في القصيدة العمودية ، ومنهم من خط لنفسه طريقا مستقلا كما فعل الشاعر الكبير معاذ الجنيد الذي بدأ بالشعبي ثم تركه وانحاز للفصيح ، شأنه تماما كما فعل شاعرنا الراحل فيصل البريهي الذي رفد المكتبة الشعرية بأكثر من ثمانية دواوين شعرية تمثل المشهد الشعري اليمني خير تمثيل ، وهناك من المخطوط ما يزيد على أربعة دواوين ولو أتيح له أن يشارك في المسابقات لفاز بسهولة غير أنه في جائزة رئيس الجمهورية كان أحد المحكمين فيها ، وكان لرأيه ورؤيته الأثر البالغ الذي جعل الفائزين بالجائزة من القامات الشعرية المعترف لها بالتمكن وأصالة التجربة الشعرية، ولسنا بصدد تقييم المشهد الشعري فهناك الآن في الساحة من أثرى المشهد وهم كثر ومن مختلف الأجيال والقائمة لا يستطيع الإنسان حصرها لفرسان الزوامل التي أصبح لها زئير الأسود وليسوا في حاجة إلى تلميع ويكفيهم فخرا أن تصبح قصائدهم على كل لسان ، وسيكون لهم دراسات مستقلة يستحقونها ، ولكن ما كان لنا أن نفوت فرصة التأبين لشاعر خدم القصيدة العمودية وأبلى فيها بلاء حسنا دون التذكير به ، حيث وقد كان له إسهام في إذكاء روح القصيدة بمختلف مشاربها أضف إلى ذلك مشاركته في المنتديات الأدبية التي كان يقوم فيها بدور الناقد الذي لا تأخذه في سبيل الوصول بها إلى أفضل مكانة لومة لائم ،فقد كان جريئا في أن يقول كلمته دون تزلف إلى أحد وها هو يرحل وقد ترك إرثا شعريا يجعله خالدا بيننا وإن غادرنا بجسمه فدواوينه : “أسرار الرماد ” ، و “روائح الصمت” ، و” بسمة في شفاة الفجر” و”انتحار الزمن ” ، و”بروق الخريف ” ، و”عزف على أوتار الجراح ” ، ” و” للربيع طقوس أخرى ” ، و” مقام في رحاب الحب ” هذه الدواوين تمثل الشاعر فيصل البريهي الذي غادرنا مبكرا غير أن ما تركه من أعمال تعتبر أكبر عزاء كون أعماله رأت النور في حياته وهنا لابد من العناية والاهتمام بالشعراء الذين تقبع أعمالهم في صفحات الدفاتر أو داخل ذواكر التلفونات ولم تتح لهم فرصة النشر فالموت يغيب الشاعر ولن تبقى إلا أعماله فرحمة الله عليه ونسأل من الله أن يلهم أهله الصبر ويكتب لهم الأجر.