الاتكالية لا تبني وطنا◌ٍ!! 

الحقيقة أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير دون توفر وعي لدى الجميع بأن الديمقراطية الناضجة والسليمة التي تعكس المزايا والخصائص الإيجابية للتعددية السياسية والتنوع الفكري والثقافي لابد وأن تقترن باحترام الجميع للدستور والنظام والقانون والالتزام بهذه القواعد قولا◌ٍ وعملا◌ٍ وممارسة وسلوكا◌ٍ باعتبار أن الديمقراطية لا تنمو ولا تتطور إلا في مناخ تكون فيه السلطة والمجتمع شركاء في تعزيز أمن واستقرار الوطن وتحمل مسؤولية البناء التنموي والاقتصادي وإنجاز أهداف النهوض الاجتماعي وتكريس المفاهيم الدستورية وقواعد النظام والقانون في الحياة العامة وذلك من خلال تمثل كل فرد في المجتمع لمسؤولياته وواجباته نحو وطنه¡ بعيدا◌ٍ عن الاتكالية واللامبالاة والسلبية التي تدفع بالبعض إلى الركون على دور الدولة وأجهزتها في كل شيء¡ فيما يبقى هؤلاء مجرد متفرجين أو منتقدين أو متصيدين للأخطاء!!. والأمر الأكيد أنه يستحيل أن تعمل أجهزة الدولة والحكومة بمفردها¡ فهي من يقع عليها حفظ الأمن والاستقرار وإنجاز مشاريع البنية التحتية من طرق واتصالات وشبكات مياه وصرف صحي وكهرباء وتشييد المدارس والكليات والجامعات والمعاهد الفنية والمنشآت الصحية من مستشفيات ومستوصفات وغيرها من متطلبات الحياة العصرية فيما يظل الكثير من أبناء المجتمع متقوقعين في سلبياتهم واتكاليتهم وتقاعسهم غير عابئين بدورهم في الحفاظ على تلك المنجزات والمشاريع التي أنشئت من أجل خدمتهم وخدمة أبنائهم. وتبلغ هذه السلبية مداها حينما نجد من يعمد إلى تدمير كابلات الكهرباء وقطع الطرق وإعاقة حركة السير وممارسة أعمال التخريب للمرافق العامة والاقتصادية على مرأى ومسمع المجتمع¡ فلا نرى من يتصدى لمنع مثل هذه الأعمال ولا حتى يستنكرها أو يستهجنها¡ رغم الأضرار البالغة لهذه الأعمال التي تنعكس على الجميع¡ وكأن المطلوب من الدولة أن تضع حراسة على كل برج للكهرباء وحراسة على كل كيلو متر من الطرقات¡ وحراسة على طول أنابيب النفط والغاز وحراسة على كل مرفق عام أو خاص¡ رغم صعوبة ذلك على الإطلاق¡ فضلا◌ٍ عن أن أمرا◌ٍ كهذا لايحدث في أي بلد من بلدان العالم. والسؤال هنا: أين دور النخب السياسية والحزبية¿!! وأين دور منظمات المجتمع المدني¿!.. وأين دور الاتحادات والنقابات الجماهيرية¿!!.. وأين دور العلماء والوعاظ¿!! وأين دور المثقفين والمفكرين¿!! .. وأين دور المجالس المحلية¿!!.. وأين دور الوجاهات والشخصيات الاجتماعية¿!.. وأين دور أرباب الأقلام من تلك الممارسات العبثية والعدمية التي تضر بمصالح المجتمع وتتسبب في تشتيت جهود الدولة¿!!. لماذا يصمت كل هؤلاء وهم المعنيون مع أجهزة الدولة بردع كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن وإنجازاته ومكتسباته¿!!.. ولماذا صار الكثير من هؤلاء يتنصلون عن واجبهم الوطني والديني في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح واستنكار الخطأ¡ رغم علمهم أن “الساكت عن الحق شيطان أخرس” وأن المستهدف بمثل تلك الأعمال التخريبية والعبثية هم كل أبناء المجتمع وليس طرفا◌ٍ بعينه¿!!. وكما رأينا كيف أثر تخريب كابلات الكهرباء بعد استهدافها من قبل عناصر تخريبية في مارب على قطاعات واسعة من المواطنين. ولماذا يتصور البعض أن واجبه فقط هو انتقاد أداء الأجهزة الحكومية والتربص لأخطائها¿!!.. ولماذا يعتقد البعض الآخر أن وظيفته تتركز في تجيير كل الأخطاء على الحكومة¿!!.. ولماذا يظن آخرون أن دورهم ينتهي عند تيئيس الشباب وإفقادهم الأمل في الحاضر والمستقبل وتحويلهم إلى أدوات محبطة ومكسورة الجناح وهي حالة تستثمرها عناصر التطرف والإرهاب بإغواء بعض هؤلاء الشباب ودفعهم إلى محرقة الهلاك والموت. وبكل تأكيد فإن مثل هذه التساؤلات¡ تدعونا إلى إعادة النظر في هذه السلبية والاتكالية التي أفرزت مشهدا◌ٍ مقلقا◌ٍ ومتناقضا◌ٍ جعل الكثير منا يفقد الإحساس بمسؤولياته نحو نفسه وأهله ومجتمعه ووطنه.. وهل بمثل هذه السلبية يمكن أن نبني وطنا◌ٍ وأن نتغلب على تحدياتنا وأن نتجاوز ونتخطى ما يعترض طريقنا من مشكلات¡ وفي مقدمتها معضلتا الفقر والبطالة¿!!.. ومتى نعي معنى المواطنة والشراكة الوطنية¿!!. ومتى نجعل الوطن أولا◌ٍ وفوق كل الاعتبارات والانتماءات وكل المصالح والأهواء والأنانيات¿!

قد يعجبك ايضا